الخميس 1 يناير 2026
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تسريبات.. دعاوى قضائية.. تلوث بيئى.. واتفاقات

الـAI ونقطة تحول هذا العام

شهد  العام 2025 العديد من الأحداث التى وضعت الذكاء الاصطناعى فى المقدمة بعد أن انتقل هذا العام من مرحلة التجارب الملهمة والاختبارات الواعدة إلى واقع نتعامل معه يوميًا فى مجالات عدة. لكن أهم ما وصل إليه الذكاء الاصطناعى فى 2025 هو ظهور ما يُعرف بـ«AGENTIC AI» وهو مصطلح يشير إلى تخطى الذكاء الاصطناعى فكرة الاستجابة للأوامر على حسب المدخلات إلى مرحلة جديدة إذ أصبح بإمكانه التخطيط واتخاذ القرارات بشكل منفرد. هذا التقدم أو بالأحرى هذه الطفرة التى جعلت من تطبيقات الذكاء الاصطناعى بمثابة مساعد شخصى ذكى وسريع، كان لها العديد من السلبيات وهو ما نحاول رصده هنا.



 ثغرات الذكاء الاصطناعى.. كارثية

فى أبريل 2025 كشف تحقيق مستقل عن أكبر تسريب لبيانات مستخدمى منصة X (تويتر سابقًا)، وقد شمل التسريب معلومات تعريفية حساسة مثل أسماء المستخدمين وبريدهم الإلكترونى وربما بيانات تسجيل الدخول. وكان لاستخدام الـAI لتحسين الإعلانات وتدريب الخوارزميات وغيرهما أثر فى هذه الاختراقات التى استغل ثغرات الذكاء الاصطناعى. 

من ناحية أخرى، فى نوفمبر 2025 أثار تقرير أمنى واسع ضجّة كبيرة بعد اكتشاف ثغرة خطيرة فى تطبيق «واتساب» المملوك لشركة «ميتا»، سمحت للباحثين الأمنيين من (جامعة فيينا) بالنمسا بالوصول إلى أرقام وهويات نحو 3.5 مليار مستخدم. وقد أغلقت «ميتا» الثغرة فى أكتوبر 2025 بعد الإبلاغ عنها.

وعلى صعيد أوسع، تسببت عمليات تسريب كلمة المرور الجماعية فى أزمة أمنية ضخمة فى منتصف 2025، حيث كشفت تقارير تحليلية عن تسريب أكثر من 16 مليار كلمة مرور وبيانات تسجيل دخول على الإنترنت، شملت منصات كبرى مثل Google وFacebook وAppl وInstagram وSnapchat.

تجاوزت آثار التسريبات مسألة انتهاك الخصوصية إذ وصل الأمر إلى تهديدات حقيقية، مثل سرقة الهوية، الاحتيال المالى، واستهداف المستخدمين بحملات تصيُّد دقيقة تعتمد على بياناتهم المسربة. وفى دول عدة، أبلغ مستخدمون عن اختراق حساباتهم المصرفية أو استغلال بياناتهم فى عمليات ابتزاز رقمى. ويخشى أصحاب الشركات المالكة للتطبيقات وشركات الذكاء الاصطناعى من أن يؤدى تآكل الثقة الذى تُحدثه مثل هذه الاختراقات إلى إحجام المستخدمين عن استخدام تلك التطبيقات وهو ما يعنى خسارة مادية لهم. بينما تحركت الحكومات وفرضت غرامات أكبر وألزمت المنصات بتشديد شروط جمع البيانات.

 شركات الذكاء الاصطناعى

VS الناشرين 

شهد عام 2025 تصاعدًا غير مسبوق فى النزاعات القانونية بين ناشرى المحتوى والشركات التقنية العملاقة حول استخدام الذكاء الاصطناعى لمواد محمية بحقوق النشر دون إذن صريح من أصحاب الحقوق. دفعت هذه الخلافات العديد من المؤلفين، دور النشر، والأطراف الحقوقية إلى رفع دعاوى قضائية جماعية ضد شركات تكنولوجيا عملاقة.

 المدَّعون فى هذه القضايا اتهموا الشركات بأنها جمعت كمًا هائلًا من الكتب والمقالات والصور والأعمال الفنية المحمية بحقوق النشر واستخدمتها دون الحصول على تراخيص أو دفع تعويضات، وهو ما يُعد انتهاكًا مباشرًا لحقوق الملكية الفكرية، ويُشكّل تهديدًا لاقتصاد الإبداع الذى يعتمد على عائدات حقوق النشر لدفع أجور المؤلفين والفنانين.

أحدث هذه القضايا كان فى ديسمبر 2025، ضد شركة Adobe، حيث زعم المحامون أن منصة الشركة استخدمت أعمالًا تابعة لمئات من المؤلفين لتدريب نظامها AI دون إذن، مما يعرض منشئى المحتوى لخسائر فى الدخل بسبب استبدال عملهم ببديل ذكى يمكنه إعادة توليد أو تحويل نصوصهم. بينما واجهت شركة Anthropic دعاوى مماثلة تطالب بتعويضات عن استخدام بيانات من مصادر محمية. 

أما شركة «أبل» فتواجه أكثر من دعوى قضائية متصلة بحقوق النشر فى تدريب الذكاء الاصطناعى. ويُعد أبرزها اتهام عالمىّ الأعصاب «سوزانا مارتينيز» و«ستيفن ماكنيك» الشركة باستخدام آلاف الكتب المحمية بحقوق النشر من مصادر غير مرخّصة لتدريب نظام Apple Intelligence.

هذا بالإضافة إلى اتهام شركة OpenAI بانتهاك حقوق المؤلفين فى نصوص مولّدة من خلال ChatGPT. 

هذه النزاعات لم تكن مجرد خلافات قانونية تقنية، بل مثّلت اختبارًا حقيقيًا لحدود الإبداع الآلى مقابل حقوق المؤلفين البشريين. إذ يرى المؤلفون أن السماح للشركات باستخدام أعمالهم دون ترخيص يحوّلهم من «صانعى محتوى» إلى «مورد بيانات» غير معترف بحقوقه، بينما تدافع الشركات التقنية عن أن تدريب النماذج على مجموعات ضخمة من البيانات هو أساس تطور الذكاء الاصطناعى. 

 اتفاقات شركات الـAI مع مؤسسات كبرى ودور النشر

تصاعد الدعاوى القضائية من مؤلفين وناشرين وفنانين، إلى جانب تشديد القوانين فى الاتحاد الأوروبى وعدة دول، أجبر شركات الذكاء الاصطناعى على إعادة التفكير فى مصادر بياناتها. ولم يعد جمع المحتوى من الويب المفتوح خيارًا آمنًا، بل أصبح عبئًا قانونيًا وماليًا يهدد استمرارية النماذج نفسها. 

هذا التحول دفع الشركات إلى الاتجاه نحو ترخيص البيانات بشكل رسمى، أو عقد شراكات مدفوعة مع دور نشر ومنصات إعلامية، وهو ما أحدث تغييرًا جذريًا فى معادلة التكلفة التى بُنيت عليها الطفرة الأولى للذكاء الاصطناعى.

فقد أحدث هذا التحول زلزالًا داخل الصناعة؛ إذ ارتفعت تكلفة تطوير النماذج، وتراجع عدد اللاعبين القادرين على المنافسة، ما أدى إلى تركيز القوة فى أيدى شركات قليلة تمتلك رأس المال والقدرة على شراء البيانات عالية الجودة.

من أبرز ملامح هذا التحول لجوء شركات الذكاء الاصطناعى إلى اتفاقات ترخيص مدفوعة بدل الاعتماد على جمع المحتوى من الإنترنت دون إذن. 

وتعد أحدث هذه الاتفاقات هو الاتفاق بين شركة «ديزنى» وشركة «Open Ai» على ترخيص يمتد لمدة ثلاث سنوات، يتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة تضم أكثر من 200 شخصية من عوالم «ديزنى ومارفل وبيكسار وسلسلة ’حرب النجوم‘»، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى عبر منصة توليد الفيديو «Sora» التابعة لـ OpenAI، بالإضافة إلى تطبيق ChatGPT.

وبعد سنوات من النزاعات القانونية حول استخدام المحتوى فى تدريب نماذج AI، وافقت صحيفة The New York Times على ترخيص محتواها التحريرى لشركة Amazon لاستخدامه فى منصات الذكاء الاصطناعى. ويشمل الترخيص مواد مثل الأخبار، وصفحات NYT Cooking ومحتوى من The Athletic. وقد اعتبر محللون أن هذا الاتفاق يمثل «موجة جديدة» من الاتفاقات المشابهة بين الناشرين الرقميين وشركات الذكاء الاصطناعى، مؤكدين أن هذا الاتفاق سيعزز موقف «نيويورك تايمز» فى الدعويين اللتين رفعتهما ضد كل من «مايكروسوفت» و«OpenAI» لاستخدام مواد صحفية تخصها فى تطبيق «ChatGBT» دون إذن من الصحيفة.

هذه الصفقات وغيرها تمثل اتجاهًا جديدًا فى الصناعة نحو احترام حقوق النشر ودفع مقابل استخدام المحتوى فى تدريب أو تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعى.

 الـAI يُدمر البيئة.. ويسهم فى دعمها!!

أحد أبرز الجوانب التى أُثير حولها الجدل فى عام 2025 هو الأثر البيئى المتصاعد للذكاء الاصطناعى، خاصة مع التوسع الهائل فى تشغيل مراكز البيانات اللازمة لتدريب النماذج وتشغيلها. وقد أشارت تقارير بيئية إلى أن تدريب نموذج لغوى واحد متقدم قد يعادل انبعاثات كربونية توازى ما تنتجه مئات الرحلات الجوية، فضلًا عن الاستهلاك الكثيف للمياه المستخدمة فى تبريد الخوادم.

وفى المقابل، شهد عام 2025 محاولات جادة لتوظيف التقنية نفسها فى تقليل الأضرار البيئية باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعى لتحسين كفاءة شبكات الطاقة، التنبؤ بالكوارث الطبيعية، وترشيد استهلاك الموارد فى الزراعة والصناعة.

 إلا أن التناقض ظل قائمًا: فبينما يُروَّج للذكاء الاصطناعى كأداة لمكافحة التغير المناخى، فإن نموه غير المنضبط يهدد بإضافة عبء بيئى جديد.

وفى النهاية نؤكد أنه مثلما أحدث الذكاء الاصطناعى جدلًا فى بدايته يستمر هذا الجدل مع تواصل التقدم والابتكار وستظهر سلبيات جديدة وربما تختفى سلبيات قائمة.. لكن الجدل لن ينتهى.