الخميس 6 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
100 سنة روزاليوسف

سنوات من الإبداع الفنى

أبناء (روزاليوسف).. نجوم السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون!

فيلم عدو المرأة
فيلم عدو المرأة

هنا جلسوا.. فوق تلك المقاعد، ووراء هذه المكاتب، وبين ذات الجدران وتحت ذاك السقف.. سقف هذا البيت.. بيت (روزاليوسف). هنا، ولدت الأفكار ومُسكت الأقلام من مواهب توالت عبر عشرة عقود.. هنا لم يكتبوا فقط موضوعات صحفية ومقالات تعبر عن الرأى والموقف، وتكشف تفاصيل الحدث، أو تبحث عما وراء الخبر.. ولكن الكثير من صناع وأبناء (روزاليوسف) كتبوا أيضا روائع إبداعية فى الأدب والشعر.. فى المسرح والسينما والدراما.. وحتى الأغانى.. وكيف لا يفعلون ذلك، وقد خرجت المجلة فى الأساس على يد أبهى فنانات عصرها.. وواحدة من أعظم العقول النسائية فى تاريخنا الحديث.



 

روزاليوسف..

الفنانة صاحبة المجلة كانت «روزاليوسف» أكبر فنانات المسرح المصرى والأعلى أجرا فى عصرها، لكنها، وفى عز مجدها، قررت أن تعتزل التمثيل وتتجه للصحافة لتنشئ مجلتها الخالدة.. تركت «روزاليوسف» المسرح قبل أن يتركها، وذلك وفقا لكلامها.. ولم تعد «روزا» إلى المسرح إلا لمناسبة وطنية حين احترقت قرية «محلة زيادة» فقررت مع رفاقها القدامى أن تقدم مسرحية (غادة الكاميليا) لليلتين تبرعا من أجل إعادة بناء القرية. 

 

محمد التابعي .. “حندس” يكتب مسرحية و4 أفلام

 

كان محمد التابعى من أوائل من استعانت بهم السيدة «فاطمة اليوسف» للعمل بالمجلة الناشئة عام 1925، اختارته ليكتب عن الفن.. فقالت: «كان الأستاذ التابعى يكتب عن المسرح فى الأهرام بتوقيع «حندس» بأسلوبه اللاذع فى الصحافة والحياة، ولا ينقطع عن التشنيع على الممثلين والممثلات وابتكار الأسماء الساخرة لهم، دون أن يكرهه أحد منهم بالرغم من كل شىء». ويقول «التابعى»: «توليت تحرير باب النقد المسرحى وكل ما له علاقة بالتمثيل»، ولكن من مواهب «التابعى» الدفينة – إلى حد ما – تأليفه لقصص الأعمال الفنية ومنها مسرحية (ثورة قرية) التى أخرجها «حسين كمال»، وقام ببطولتها «صلاح قابيل» و«عزت العلايلى» الذى أعد النص االمسرحى، وبالمناسبة شهدت هذه المسرحية الظهور الأول لـ«عادل إمام» كممثل، حيث قدم شخصية بائع متجول يظهر لمدة دقيقة ونصف وسط المجاميع ليقول جملة واحدة.. أما عن الأفلام التى كتب قصتها «أمير الصحافة» فهى أربعة أفلام. وقد ظهر اسمه كأول اسم على تتر فى فيلم (عندما نحب) وفى (عدو المرأة) نجد الأسماء تظهر على التترات بهذا الترتيب «نادية لطفى، رشدى أباظة، فى قصة محمد التابعى». أيضا كتب «التابعى» قصة فيلم (مصرى فى لبنان) والسيناريو والحوار لفيلم (صوت من الماضى).

 

إحسان عبد القدوس .. 107 اقتباسات لـ 83 عملاً أدبياً

 

بين عالمين عاش هذا الشاب الذى ورث جينات العبقرية من والديه، فـ«إحسان» ابن الفنانة والصحفية «روزاليوسف» والفنان «محمد عبدالقدوس» لم يمتلك فقط موهبة الكتابة الصحفية وإنما أيضا ورث القدرة على التعبير ووصف الصورة بشكل وضعه مع كبار الأدباء منذ سنوات شبابه.. «إحسان» كان يكتب التحقيقات والمقالات الصحفية فى السياسة كما يكتب قصص الحب والغرام فى الأدب، ودأب على كتابة باب (خواطر فنية) على صفحات المجلة طوال عمله بها.

 

وقد أغدق «أديب السينما المصرية» على الشاشة بعشرات القصص، فنسبة الأعمال التى تحولت عن أعماله الأدبية تفوق الـ%80. وانتظار أعماله الجديدة لم يكن فقط من القراء ولكن أيضا من صناع السينما الذين كانوا يتلهفون على تلك الروايات لتحويلها فورا على الشاشة.. وخلال 49 عاما من 1949 وحتى 1998 كتب «إحسان عبدالقدوس» 83 رواية ومجموعة قصصية تم تحويل أغلبها لأعمال فنية وصلت إلى 57 فيلما طويلا، وفيلما روائيا قصيرا واحدا، 31 مسلسلاً تليفزيونيًا، 10 مسلسلات إذاعية، 6 سهرات تليفزيونية ومسرحيتين.. كما كتب «إحسان» مباشرة للشاشة قصص ثلاثة أفلام هى: (نساء بلا رجال، الله معنا ورمال من ذهب).. معظم قصص «إحسان» تم تحويلها أكثر من مرة فمثلا رواية (فى بيتنا رجل) تم تقديمها كفيلم ومسلسل إذاعى ومسرحية ومسلسلين فى عامى 1974 و1995.. أيضا تحولت (لا شىء يهم) إلى فيلم ومسلسل إذاعى ومسلسلين للتليفزيون فى عامى 1977 و1998.. هذا بالإضافة لعشرات الأعمال الأخرى التى ظهرت على شاشتى السينما والتليفزيون وعبر أثير الإذاعة أو على خشبة المسرح مثل (أنف وثلاث عيون، لا تطفئ الشمس، أين عمرى، شىء فى صدري).. وغيرها.

 

 

 

أحمد حمروش .. الضابط الذي عشق المسرح

أحد ضباط ثورة يوليو الأحرار، حيث كان مسئولاً عن الحركة فى مدينة الإسكندرية. وفى عام 1955 ترك «حمروش» القوات المسلحة لينتقل إلى الصحافة كاتبا بجريدة الجمهورية، كما عين مديرًا للمسرح القومى عام 1956 ومديرا لمؤسسة المسرح والموسيقى عام 1961، إلى أن تولى رئاسة تحرير مجلة (روزاليوسف) عام 1964 فترك المنصبين.. ولأنه يعشق الثقافة فقد كتب عمودا أسبوعيا على صفحات الفن بالمجلة، حمل عنوان (أفكار للثقافة). 

 

وفى وقت إدارته للمسرح القومى شهدت تلك الفترة رواجا غير مسبوق بفضل الكتاب المسرحيين والمبدعين الذين أسسوا مرحلة جادة وجديدة فى تاريخ المسرح المصرى، ويعتبر «حمروش» صاحب فضل كبير فى تألق المسرح القومى فى ذاك الحين، حيث خاطب الكتاب، وطلب منهم أن يكتبوا للمسرح، وتابعهم.. وأيضا بحث عن كتاب جدد ليجدد دماء الموضوعات والأفكار، ومن هؤلاء الكتاب الشباب، حينها، «سعد الدين وهبة» الذى طلب منه «حمروش» أن يجرب الكتابة للمسرح وبالفعل أثمرت التجربة عن ميلاد أولى مسرحيات «وهبة» وهى (المحروسة) ثم توالت إبداعاته.. أيضا استعاد «حمروش» الكاتب «نعمان عاشور» من القطاع الخاص الذى كان ضعيفا فى تلك الفترة، ليصبح للاثنان «وهبة وعاشور» مكانا مستمرا على خشبة المسرح القومى، كما دعم «حمروش» عشرات المبدعين منهم الكتاب «يوسف إدريس، ألفريد فرج، ولطفى الخولى»، والمخرجون «عبدالرحيم الزرقانى، سعد أردش، نبيل الألفى، وكرم مطاوع»، وتألق عمالقة التمثيل فى عهده كـ«سميحة أيوب، عبد الله غيث، حمدى غيث، وشفيق نور الدين». 

 

ألف «حمروش» كتبا عن المسرح أهمها (عشر سنوات فى المسرح) و(المسرح من الكواليس).. كما كتب مسرحيتين هما (الأزمة) و(الصمت) ومجموعة قصصية بعنوان (كومبارس).. وقد صدر له 25 كتابا فى السياسة والفن والأدب.

 

 

 

 

عبد الرحمن الشرقاوي.. كلمات من نور

تولى الكاتب الكبير «عبدالرحمن الشرقاوى» رئاسة مجلس إدارة (روزاليوسف) فى الفترة من 1972 حتى 1977.. وقبل هذا المنصب وأثنائه وبعده كان صوت «عبدالرحمن الشرقاوى» الذى يصدح فى عالم السينما والمسرح، لا يختلف كثيرا عن صوته الصحفى.. كان مناضلا، ثوريا، منحازا لأبناء الأرض وأصحاب الحق..

 

أول تجربة فى السيناريو والحوار لـ«عبدالرحمن الشرقاوى» كانت مشاركته مع «يوسف السباعى، نجيب محفوظ، على الزرقانى ووجيه نجيب» فى كتابة فيلم (جميلة) إخراج «يوسف شاهين» عام 1957، كان النص مأخوذا عن مسرحية كتبها «الشرقاوى» بعنوان (مأساة جميلة) قدم من خلالها حياة المناضلة الجزائرية «جميلة بوحريد» التى قاومت الاحتلال الفرنسى للجزائر، ويكشف النص المسرحى والفيلم، مسيرتها النضالية والتعذيب الذى تعرضت له.

 

ويتواصل التعاون بين «الشرقاوى» والمخرج الواعد والمتميز فى تلك الفترة «يوسف شاهين» حيث يشرف «الشرقاوى» على حوار فيلم (رجل فى حياتي) عام 1961 ثم يشارك فى سيناريو وحوار (الناصر صلاح الدين) عام 1963 ثم يكتب الحوار لـ(فجر يوم جديد) عام 1965 ثم سيناريو (النيل والحياة) عام 1968. إلى أن يصلا معا لقمة هرم الإبداع الفنى برائعة (الأرض) عام 1970 المأخوذ من رواية لـ«الشرقاوى» كتبها عام 1954 تحكى عن الظلم الذى يتعرض له الفلاح المصرى من الإقطاع ولكن الحكاية أصبحت تقرأ من أبعاد جديدة مع مدار الأزمنة وكان خروجها على شاشة السينما بعد هزيمة يونيو بعامين بمثابة إشارة جعلت العيون تراها والعقول تقرأها كتمسك بالأرض التى لن نتخلى عنها ولن نتركها للأعداء حتى وإن «ارتوت بدمانا»..

 

 

 

وقد كتب «الشرقاوى» بعد رواية (الأرض) رواية (الفلاح) عام 1967 والتى تحولت إلى مسلسل فى العام التالى، 1968 ، وقام بإخراجها «إبراهيم الصحن».. أيضا كانت رواية (الشوارع الخلفية) التى كتبها «الشرقاوى» عام 1958 من أكثر النصوص الأدبية التى تحولت إلى الشاشة حيث اقتبست للسينما عام 1974 عن سيناريو وحوار كتبه «الشرقاوى» نفسه وأخرجه «كمال عطية» وقام ببطولته «نور الشريف»، كما تحولت الرواية إلى شاشة التليفزيون مرتين عامى 1979 و2011.

 

على الجانب الآخر ولأن «عبدالرحمن الشرقاوى» كان يعد من أصحاب الآراء الحرة التنويرية فيما يتعلق بالتاريخ الإسلامى.. فقد استعان به المخرج السورى العالمى «مصطفى العقاد» عام 1976 ليشارك فى كتابة االسيناريو والحوار للنسختين العربية والإنجليزية لفيلم (الرسالة) والذى يعد أضخم عمل تاريخى عن الإسلام.. 

 

ومع كل ما سبق تبقى (الحسين ثائرا)، هى أشهر مسرحيات «عبدالرحمن الشرقاوى»، لما قدمته من كلمات بقيت ترن فى الأذن لعقود.. «أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة دخول النار على كلمة وقضاء الله هو الكلمة.. الكلمة لو تعرف حرمة زاد مزخور.. الكلمة نور وبعض الكلمات قبور».. ذلك الديالوج الشهير كان فى نص تلك المسرحية التى منعت من العرض عام 1972 لتحفظ النظام السياسى وقتها والذى رأى فى مضمونها الثورى تحريضا للشعب للخروج على الرئيس «السادات».

 

 

 

فتحي غانم ..  روائي الصحافة وصحفي الرواية

حضور أعمال «فتحى غانم»، رئيس تحرير (روزاليوسف) فى الفترة من 1973 وحتى 1977، لم يكن يشبه أى حضور عادى. فهذا الصحفى المشاغب كان من أكثر الكتاب الذين «شرّحوا» عالم الصحافة فى الأدب، ثم على الشاشة بشكل ليس له مثيل.. كان دخول «فتحى غانم» للصحافة من بوابة الأدب والفن فالتحق بالعمل فى «روزليوسف» بعد أن أعجب الكاتب الكبير «أحمد بهاء الدين» بما نشره من قصص فى مجلة (فصول).

 

طرق «فتحى غانم» بوابة السينما فى فترة مبكرة عام 1956 من خلال مشاركته فى كتابة السيناريو والحوار لفيلم (صوت من الماضي) وكان ذلك مع «محمد التابعى» عن قصة لـ«يوسف عزالدين عيسى»..وفى عام 1962 شارك فى فيلم (رسالة من امرأة مجهولة) إخراج «صلاح أبو سيف.

 

وفى العام التالى 1963 بدأ أول اقتباس عن عمل أدبى كتبه «فتحى غانم» وهو (الرجل الذى فقد ظله) الذى تحول إلى مسرحية فى هذا العام وفى عام 1968 تحول إلى فيلم من إخراج «كمال الشيخ» ولاحقا فى عام 1981 تحول إلى مسلسل.. وفى عام 1965 خرج إلى الشاشة الاقتباس الثانى عن رواية (الجبل) فى فيلم من إخراج «خليل شوقى».. ونفس القصة تحولت إلى مسلسل عام 2006..

 

 

ويتواصل الاقتباس من أوراق «فتحى غانم» لتتحول قصص (قليل من الحب كثير من العنف) لواحد من روائع السينما عام 1995 من إخراج مشاغب سينمائى، خارج هو الآخر عن المألوف مثل «فتحى غانم» وهو المخرج الكبير «رأفت الميهى». وتتحول أيضا (حكاية تو) عام 1989 و(وزير فى الجبس) عن قصة (وأتت تجرجر أذيالها) عام 1993.. وصولا إلى (تلك الأيام) التى أخرجها «أحمد فتحى غانم» عام 2010.. أيضا ضمن السهرات التليفزيونية تؤخذ قصص «فتحى غانم» فى (الحياة على طريقة فلفل) عام 1987 و(وجهى القمر) عام 1996 والمأخوذة عن قصة (التؤام).. وفى الإذاعة تقدم قصة (الأبالسة).. فى حين تلتهم الدراما التليفزيونية قصة (من أين) لتحولها إلى مسلسل بعنوان (علياء والمدينة) وتأخذ أيضا رائعة (الأفيال) وكذلك (الزواج على طريقتي) و(بنت من شبرا).. وختاما يأتى الحديث عن أحد أبرع الأعمال الأدبية بل والتليفزيونية لاحقا، (زينب والعرش)، الرواية والمسلسل، والتى تطرح جرأة متناهية من كاتب يفند ويحلل وينتقد ويكشف كواليس وأسرار عالم الصحافة والصحفيين، الصالح منهم والطالح، ويكتب «غانم» بنفسه سيناريو المسلسل بمشاركة «صلاح حافظ» ليخرجه «يحيى العلمى» عام 1980 ويبقى مع مرور العقود أحد الجواهر اللامعة فى تاريخ التليفزيون المصرى.

 

صلاح حافظ .. الفن في حضرة مايسترو الصحافة

فى مقاله عن «صلاح حافظ» يقول الكاتب الكبير «عادل حمودة» : «ولد صلاح حافظ فى اليوم نفسه الذى صدر فيه العدد الأول من هذه المجلة.. (روزاليوسف).. ولد فى يوم 27 أكتوبر 1925.. صرخا معًا.. تنفسا فى لحظة واحدة.. وارتبط مصيره بمصيرها» ويكمل «هى بيته، ومحل ميلاده، ومدرسته التى تخرج فيها، ثم أصبح من أبرع وأشطر معلميها.. وعندما تولى رئاسة تحريرها - فى منتصف السبعينيات- رد إليها الجميل.. فقفز بتوزيعها، وسمعتها ونفوذها، وتأثيرها إلى القمة من جديد».

 

«صلاح حافظ» بدأ مشواره فى الكتابة من خلال تأليف القصص القصيرة والتى نشرها فى جريدة (المسائية) ومنها إلى جريدة (النداء) ثم مجلة (القصة) وصولا إلى (روزاليوسف) ليبتعد عن الأدب ويقترب من السياسة.. ويؤكد الكاتب الكبير «عادل حمودة» أيضا إن «صلاح حافظ» لم يكتب إبداعاته الأدبية، أو الفنية، إلا عندما كانت السياسة تفرض عليه الانفصال عن الصحافة، وتفرق بينهما.. ففى معتقل الواحات - حيث قضى 8 سنوات من 1954 إلى 1962 - كتب رواية (المتمردون)، ومسرحية (الخبر) ورواية (القطار)، وعشرات القصص القصيرة التى نشر بعضها فى مجموعتى (أيام القلق) و(الولد الذى جعلنا لا ندفع)..

 

 

 

وعندما انتزع من أحضان الصحافة لاحقا بعد أن قرر الرئيس «أنور السادات» منعه من الكتابة، كتب مجموعة جديدة من القصص القصيرة.. وأعد سيناريو وحوار المسلسل التليفزيونى (زينب والعرش) مع كاتب الرواية، صديقه «فتحى غانم».. شاشة السينما والدراما وميكرفون الإذاعة اقتنصت قبل مشاركته فى كتابة سيناريو (زينب والعرش) عدة أعمال من تأليفه لتتحول إلى صوت وصورة، أهمها رواية (المتمردون) التى تحولت إلى فيلم صار أحد علامات السينما المهمة خاصة وأنه من إخراج المتميز «توفيق صالح».. اتفق «حافظ» و«صالح» على إطلاق صرخة فى وجه النظام آنذاك – منتصف الستينيات – وقدما رواية ثم فيلما يحرضون فيهما على التمرد ورفض الواقع الذى صار إقطاعيا من جديد، يلفظ الفقراء ويميز أصحاب الثروة والسلطة.. بالطبع مُنع الفيلم واعترض عليه كلٌ من النظام والرقابة. وبعد سنين يصنف (المتمردون) كجرس إنذار ظهر قبل هزيمة يونيو بشهور قليلة.

 

وبعد سنوات قليلة من (المتمردون) يستمع جمهور الراديو لهذه الكلمات: «الناس معايا مسافرين من محطة لمحطة، يرمو الكذب فى محطة ويرمو الفقر فى محطة ويرمو الخوف فى محطة وفى آخر الرحلة يبقو ناس.. يبقوا ناس فى آخر الرحلة» هذه الكلمات التى تنطلق كالسهام تقولها سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامة» فى مقدمة المسلسل الإذاعى (الرحلة) الذى كتبه (صلاح حافظ) وقدمته الإذاعة عام 1970 وقدمه التليفزيون عام 1973.. وقد كان لـ«حافظ» ظهور إذاعى قبل (الرحلة) من خلال الإعداد الدرامى لرواية (الحب الضائع) التى كتبها «طه حسين»..أيضا كان له حضور سينمائي من خلال كتابته لسيناريو وحوار فيلم (السيرك).. كان الفن جزءا من عقل وقلب «صلاح حافظ» لكن يبدو وكما يرى كاتبنا الكبير «عادل حمودة» فإن الصحافة كانت «تغار» عليه فلا تترك له مجالا لغيرها.

 

إبراهيم عيسى : الفن يتحدث بأفكار صاحبه

 التحق «إبراهيم عيسى» بالعمل فى مجلة (روزاليوسف) منذ أن كان طالبا بالعام الأول لكلية الإعلام.. وارتبط «عيسى» بالمجلة ارتباطا وثيقا ليكتب فيها تحقيقات ومقالات فى أحد عصورها الذهبية وهو فترة الثمانينيات والتسعينيات، وفى ذات الوقت كان لـ«عيسى» ميول أدبية فكتب مؤلفاته فى القصص والرواية ولكن فيما يتعلق باهتماماته وأفكاره السياسية والمناهضة للتطرف الدينى والإرهاب ومن رواياته تم تحويل أول عمل سينمائى يحمل اسم «إبراهيم عيسى» وهو فيلم (مولانا) عام 2016 وبعده كتب «عيسى» مباشرة للشاشة أفلام: (الضيف، صاحب المقام والملحد) كما كتب للدراما التليفزيونية مسلسلات (فاتن أمل حربى، وحضرة العمدة). 

 

ناصر حسين .. مخرج المقاولات الذي أنقذ السينما

 امتلأت صفحات وسنوات (روزاليوسف) أيضا بصحفيين نشروا موضوعاتهم الصحفية بانتظام سواء كانت مقالات رأى أو تحقيقات وحوارات وفى ذات الوقت كان لهؤلاء الصحفيين حضور فى عالم الأدب والفن، هؤلاء الكتاب الذين لمعت أسماؤهم فى العقود الثلاث الأخيرة كان من أكثرهم تأثيرا كاتبا ومخرجا كتب لسنوات محررا وناقدا فنيا على صفحات (روزاليوسف)، هو «ناصر حسين»، والذى كان من أكثر المتهمين بإفساد السينما، لأن الأفلام التى أخرجها ووصل عددها إلى 49 فيلما فى 15 عاما أى بمعدل من ثلاثة لأربعة أفلام فى العام الواحد، كانت تعتبر أفلام «مقاولات» لأنها لا تعرض على شاشة السينما سوى أسبوع أو اثنين على الأكثر وأحيانا لا تعرض على الإطلاق وتعبأ فى شرائط «الفيديو كاسيت» لتباع فى الدول العربية.. وهو بالمناسبة أمر لا يختلف كثيرا عن الأفلام التى تصنع حاليا بهدف العرض على المنصات. وما فعله «ناصر حسين» فى تلك الفترة التى شهدت أزمة سينمائية كبرى لا يمكن تفسيره الآن بالإفساد بقدر ما ينظر إليه على أنه حقق استمرارية «للصناعة» نفسها، حتى وإن جاء ذلك على حساب الجودة الفنية أو الإبداعية.. «ناصر حسين» كان ظاهرة سينمائية لكنها خرجت عن سرب الإبداع على عكس أسلافه فى (روزاليوسف)..

 

 

 

أحدث مبدعات (روزا) ..

وتجدر الإشارة، وإلقاء التحية على روح واحدة من أجمل «بنات روزا»، «نادين شمس» تلك الفتاة التى دخلت المجلة وهى فى بداية حياتها، تأخذ خطواتها الأولى فى عالم الكتابة، فمارست الصحافة لفترة ثم تفرغت لكتابة السيناريو من خلال الانضمام لورش الكتابة التى كانت «نادين» من أوائل من اشتركوا بها مع رفيقتها «مريم نعوم»، كتبت «نادين» الفيلم الروائى الطويل (احنا اتقابلنا قبل كده) بالإضافة لفيلم قصير بعنوان (المائدة)، وشاركت فى كتابة مسلسلات (موجة حارة، بالشمع الأحمر وقانون المراغي).. رحلت «نادين» عن عالمنا عام 2014 وهى فى الـ42 من عمرها، وبعد رحيلها بخمس سنين، عرض فيلم (لما بنتولد) عن إحدى سيناريوهاتها.. «نادين» لم يمهلها القدر الفرصة لتترك أثرها بشكل كبير وكان الموت أسرع فى الوصول إليها من أن تصل أعمالها إلى الشاشة.