الخميس 6 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بعد اتفاق السلام فى شرم الشيخ

رؤية استراتيجية لشرق أوسط جديد

بعد اتفاق السلام فى شرم الشيخ

الكلمة التى ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مراسم توقيع اتفاق السلام فى شرم الشيخ تتضح ملامح رؤية شاملة لمستقبل المنطقة.. رؤية تتجاوز حدود التهدئة العسكرية إلى مشروع حضارى متكامل لبناء شرق أوسط جديد.هذه الرؤية تنطلق من إدراك عميق بأن المنطقة أمام فرصة تاريخية أخيرة إما لفتح صفحة جديدة من السلام والتنمية أو لمواصلة الدوران فى دوامة الصراعات والانقسامات.



> من الشرق الممزق إلى الشرق المتكامل

تقوم الرؤية الجديدة على الانتقال من منطق الصراع إلى منطق التكامل الإقليمي، فبدلًا من أن تبقى حدود الدول خطوط تماس ملتهبة يجب أن تتحول إلى جسور تعاون اقتصادى وتنموى يتم بناء المدن فيها بالأمل لا أن يتم دفنها تحت الأنقاض.

إن «الشرق الأوسط الجديد» المقصود ليس مشروعًا سياسيًا مؤقتًا بل هو نموذج تنموى شامل يتأسس على استقرار طويل الأمد وشراكات عادلة بين شعوب المنطقة.

> الأمن الإقليمى من منظور شامل

المفهوم الجديد للأمن لا يقتصر على غياب السلاح بل يشمل بناء بيئة إنسانية واقتصادية تمنع عودة التطرف والعنف.

الأمن فى هذه الرؤية هو أمن الإنسان أولًا حيث تتحقق الحماية من الفقر والجهل تمامًا كما تتحقق الحماية من الإرهاب والعدوان، إن استقرار الشرق الأوسط لن يُصان إلا إذا أصبحت التنمية هى خط الدفاع الأول ضد الفوضى.

> شرق أوسط بلا دمار شامل

إحدى الركائز الأساسية فى الرؤية هى الدعوة إلى شرق أوسط خالٍ من جميع أسلحة الدمار الشامل،، هذه الدعوة تمثل إعادة طرح لمبدأ التوازن الأمنى المتكامل الذى يضمن المساواة بين جميع الأطراف ويمنع احتكار أى دولة لأدوات الردع النووى أو الكيميائى أو البيولوجى، فالسلام الحقيقى لا يقوم على الإرهاب والترويع بل على الثقة المتبادلة والمراقبة الجماعية.

> إعادة تعريف السلام

السلام المقصود هنا ليس «هدنة سياسية» طويلة الأمد بل مشروع تحول حضارى يفتح الطريق أمام تنمية اقتصادية واندماج إقليمي.

الاتفاق فى شرم الشيخ يمثل بداية مسار سياسى طويل هدفه النهائى هو تحقيق حل الدولتين على نحو عادل يضمن الحقوق ويؤسس لدولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل فى حدود آمنة ومعترف بها ولكن هذا الحل ليس غاية فى ذاته بل خطوة أولى نحو منظومة إقليمية أوسع عنوانها الاستقرار مقابل التنمية.

> البعد الدولى والمسئولية الجماعية:

الرؤية المطروحة تربط بين الجهود الإقليمية والدولية ضمن مفهوم الشراكة لا الوصاية، فالمطلوب اليوم هو تعاون عالمى لدعم الاستقرار لا إدارة الأزمات من الخارج.

إن الشرق الأوسط الجديد سيكون جزءًا من نظام دولى متوازن يقوم على احترام السيادة وتبادل المصالح لا على معادلات النفوذ التقليدية.

> الطريق إلى المستقبل

لكى تتحقق هذه الرؤية ينبغى العمل على ثلاثة محاور متوازية:-

- تنفيذ كامل لبنود اتفاق السلام بما يضمن استمرارية التهدئة وتهيئة البيئة السياسية للمرحلة التالية.

- إطلاق برنامج إقليمى لإعادة الإعمار والتنمية يعيد الثقة للشعوب ويخلق واقعًا جديدًا من الترابط الاقتصادي.

- بناء منظومة أمن جماعى عربية – دولية قادرة على حماية السلام ومنع عودة التوترات.

> أخيرًا:-

إن الشرق الأوسط الجديد الذى تفاءلنا به فى اتفاق شرم الشيخ ليس حلمًا سياسيًا بل خطة واقعية لإنقاذ المنطقة من الفوضى، شرق أوسط يعيش فيه الجميع فى حدود آمنة ويتمتع فيه الإنسان بحقوق مصانة وتستبدل فيه لغة الهيمنة بالسلاح بلغة البناء والتكامل، إنها الفرصة التاريخية الأخيرة لتتحول المنطقة من ساحة صراع إلى مساحة ازدهار ومن زمن الهدم إلى زمن البناء ومن أيام اليأس إلى سنوات الأمل والرجاء.