الخميس 16 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
لماذا قرر ترامب وقف الحرب على غزة؟

لماذا قرر ترامب وقف الحرب على غزة؟

لا تزال دولة الاحتلال تحاول استيعاب أسباب المبادرة المفاجئة التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على حكومة بنيامين نتنياهو، وقد التزم نتنياهو الصمت تارة ثم الإدلاء بتصريحات يحاول أن يدعى انتصارا ما فى مبادرة ترامب تارة أخرى.



وقد ذهب البعض فى دولة الاحتلال والشرق الأوسط وحتى فى الإعلام الدولى أن ترامب قد انحاز إلى السلام فى الشرق الأوسط من أجل الظفر بجائزة نوبل للسلام، وربما يكون هذا الهدف هو إحدى أسباب ترامب، ولكن الأسباب الرئيسية تحمل أبعادًا تخص السياسة الأمريكية الداخلية والدولية.

فمن ناحية السياسة الدولية، كانت استراتيجية ترامب فى ولايته الأولى هى الاعتراف بالأمر الواقع، وفى بداية ولايته الثانية كان ترامب يستمع إلى تل أبيب بأكثر مما يستمع إلى طرف آخر، فظن أن مخططات التهجير وريفيريا الشرق الأوسط واستحواذ الولايات المتحدة على قطاع غزة أمر سهل كما زين له رئيس حكومة الاحتلال، وأن الأمر ربما يلاقى بعض المقاومة الضعيفة من مصر والأردن.

ولكن ما جرى على أرض الواقع كان عكس ما ظنه ترامب، رسخت مصر ورسمت أمرا واقعا على مسرح الأحداث، تمثل فى رفض التهجير وبناء حائط صد من الدول العربية والإسلامية وحتى الدول الغربية الصديقة، وهنا أعطى ترامب ضوءه الأخضر لنتنياهو على أمل أن يرسم أمرا واقعا مضادا فى مهلة زمنية معينة.

ولكن إجبار مصر على الانصياع لصفقة التهجير قد فشل، ولم يعد هنالك هدف واحد يمكن لإسرائيل أن تقصفه فى غزة، كما تمت تصفية الجناح السياسى والعسكرى فى القطاع، وبالتالى فإن الحرب أصبحت بلا معنى، فإسرائيل وغير إسرائيل غير قادرين على إجبار مصر على فتح حدودها من أجل استقبال أو المساهمة فى تهجير الشعب الفلسطيني.

أما داخل الولايات المتحدة فالمشهد مشتعل بشدة، فالكتلة الشعبية التى تتألف من اليمين الأمريكى التى انتخبت ترامب، اختارته لأنه وعد الأمريكان بعدم الانخراط فى هذا النمط من الحروب المستمرة التى أدمنت الإدارات الأمريكية صناعتها وإدارتها والتورط بها، كما أن الناخب الأمريكى انتخب ترامب على وقع غضبه من سلبية جو بايدن أمام المذابح الإسرائيلية.

والحاصل أن عشرات المؤثرين النشطاء فى التدوين الصوتى أو منصات بودكاست والذين لعبوا دورا خطيرا فى إيصال ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى قد انقلبوا عليه بسبب إسرائيل، وبسبب الخطاب التوراتى الذى صدح به رجالات الحزب الجمهورى أمثال ماركو روبيو وتيد كروز، وعلى ضوء أن الإعلام البديل أو منصات التواصل الاجتماعى متحررة من اللوبى الصهيونى، فقد جرت مناقشات غير مسبوقة على الوعى الجمعى الأمريكى، عن أن الولايات المتحدة تخسر بدعم إسرائيل، وأن حكام أمريكا منحازون لإسرائيل بشكل مهين للولايات المتحدة، وأطلقوا على إسرائيل لقب الولاية الزرقاء، وتساءلوا لما يجب على كل رئيس أمريكى أن يذهب ويصلى صلاة اليهود عند ذلك الحائط، يقصد حائط البراق التى تدعى الأكاذيب الصهيونية أنه أثر يهودى اسمه حائط المبكي.

وأصبح هنالك رأى عام وليد ثائر ينهش شعبية ترامب وحزبه، يسأل ما هى فائدة الدعم الأمريكى للحرب الإسرائيلية فى غزة وإيران على الأمن القومى الأمريكى، هل استفاد الأمن الأمريكى من قصف إسرائيل للدوحة، هل استفادت أمريكا أمنيًا من قصف اليمن أم كان ذلك لصالح إسرائيل فحسب؟

وحينما صدح تشارلى كيرك بهذا الخطاب، اغتيل فى ظروف غامضة وأقيم له حفل عزاء فى أجواء بهيجة قلبت الرأى العام الأمريكى أكثر وأكثر عن الطغمة الحاكمة فى أمريكا.

هكذا كان ترامب فى واقع الأمر ينقذ أكبر تصدع وانشقاق جرى فى معسكره السياسى، فعاد إلى ترامب الولاية الأولى، يعترف بالأمر الواقع فى الشرق الأوسط، وينقذ رقبته من العقاب الانتخابى فى انتخابات التجديد النصفى الأمريكى نوفمبر 2026.