الأحد 12 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
80 عامًا ضجيج بلا طحن.. غزة تعلن نهاية الأمم المتحدة

80 عامًا ضجيج بلا طحن.. غزة تعلن نهاية الأمم المتحدة

«لا تساهم فى بناء السلام»، «تتمتع بقدرات هائلة لكنها لا تفعل شيئًا سوى كتابة كلمات بلا معنى»، «لا تنهى الحروب حول العالم».. هكذا سخر الرئيس الأمريكى ترامب من الأمم المتحدة، هاجمها بعنف وهو يلقى خطابه من على منبرها منذ أسابيع، قلل من شأنها ودورها، كان انفعال ترامب وهو يتحدث إلى رؤساء دول العالم بسبب اعتراف العديد من الدول التى كانت حليفة له بدولة فلسطين، وفى الواقع أن ما قاله ترامب حقيقى رغم أن غرضه سيئ وقصده شرير، فلم تنجح الأمم المتحدة التى بدأت عملها منذ 80 عامًا وبالتحديد فى 24 أكتوبر 1945 فى الاختبارات الجدية التى أنشئت من أجلها وهى العمل على إحلال السلام فى العالم ومنع الحروب والنزاعات، ويتجلى ذلك فى فشلها فى منع العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، وعجزها عن وقف الإبادة الجماعية التى يمارسها الجيش الإسرائيلى على الفلسطينيين، لقد قال ترامب ساخرًا من المنظمة الدولية «أنه نجح فيما فشلت فيه الأمم المتحدة وأنه أوقف سبع حروب وهو ما لم تقم به هذه الهيئة»، وأكد ذلك من خلال مبادرته لوقف الحرب فى غزة، التى كللت بالنجاح والوصول إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية من خلال المفوضات التى جرت فى شرم الشيخ الأيام القليلة الماضية.. ما يفعله ترامب يؤكد أنه يريد السيطرة على الأمم المتحدة وإذلالها إن لم تخضع لرغباته وإرادته، فلم تسدد أمريكا فى عهده حصتها المالية التى تصل إلى 22% من ميزانية الأمم المتحدة، وهو ما أصابها بتعثر مالى، وانسحبت من مؤسّسات عديدة تابعة للأمم المتحدة مثل الصحة العالمية واتفاقية المناخ واليونسكو ومجلس حقوق الإنسان، كما قللت مساهماتها فى عمليات السلام والإغاثة، وهو ما أثّر سلبًا على هذه النشاطات، فهل بعد 80 عامًا من العمل وصلت الأمم المتحدة إلى الشيخوخة ولم تعد قادرة على القيام بدورها؟ أم أنها انتهت بالفعل ومن الواجب إعلان وفاتها؟.. الواقع أنه لم يَعُد أحد يثق فى قدرة المنظمة الدولية على وقف الحروب أو منع الاعتداءات، وكل ما تملكه هو السماح للأعضاء بالكلام والصراخ دون ناتج حقيقى.. وهو ما يعنى أنها ضجيج بلا طحن، ولعل أهم عوامل ضعف الأمم المتحدة حق الفيتو الممنوح لخمس دول هى «أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين».. هذا الحق أصبح القيد الذى يكبل مجلس الأمن ويمنعه من اتخاذ أى قرار ضد الدول المعتدية، فرغم موافقة 14 دولة أعضاء فى المجلس منها أربع من الأعضاء الدائمين على وقف الحرب فى غزة وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية للمحاصرين هناك؛ فإن الفيتو الأمريكى منع اتخاذ قرار نافذ بحق إسرائيل، وهو نفس ما فعلته روسيا عندما استخدمت الفيتو ضد أى قرار يساند أوكرانيا فى حربها مع روسيا، أى أن مجلس الأمن الموكل إليه حفظ الأمن والسلام العالمى والذراع التنفيذية للأمم المتحدة أصبح رهين اتفاق الدول الخمس حتى يصدر منه قرار بعقاب أى دولة معتدية، وهو أمرٌ من الصعب حدوثه وبسببه يقف المجلس عاجزًا أمام الأزمات الكبرى.. لقد كانت هناك طوال السنوات السابقة دعوات لإصلاح الأمم المتحدة، التى تبدأ من تغيير قواعد العضوية والتصويت فى مجلس الأمن، والتى وضعها المنتصرون فى الحرب العالمية الثانية، وضمنوا من خلالها مقاعد دائمة فيه، وأعطوا أنفسَهم حق رفض أى قرار مَهما كانت عدالته وتوافقه مع ميثاق الأمم المتحدة، وارتفعت أصوات تطالب بتوسيع العضوية الدائمة فى المجلس وضم دول من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، ولكن لم يتم التوصل إلى توافق فى هذا الشأن، كما طالب البعض بوضع قيود على استخدام حق الفيتو، بحيث يحدد للعضو عدد مرات استخدامه سنويًا، أو عرض القرار الذى رُفض بسبب الفيتو على الجمعية العامة فإذا وافقت عليه 75% من الأعضاء أصبح واجب النفاذ، فمن غير المقبول أن تُجمع كل الدول أو غالبيتها العظمى على أمر ولا تستطيع تنفيذه بسبب اعتراض دولة واحدة، وهو ما حدث مؤخرًا عندما استخدمت واشنطن الفيتو فى رفض الموافقة على الاعتراف بدولة فلسطين، ووقْف الاعتداء الإسرائيلى على غزة، وهو ما فعلته مئات المرات من قبل ضد قرارات تدين الاعتداءات إلاسرائيلية على الفلسطينيين، مما يؤكد على العجز الذى أصاب الأمم المتحدة، فهى بالفعل لا تملك سُلطة أو قوة لوقف أى حرب، وأصبح دورها مقتصرًا على مطالبة الدول بالالتزام بميثاقها، وأصبحت المبادرات لوقف الحروب تُتخَذ خارجها ودون تدخُّل منها، مثلما فعل ترامب فى مبادرتها لوقف عدوان إسرائيل على غزة، ومع بلوغها سن الـ80 أصبح وضع المنظمة الدولية مؤسفًا ومؤلمًا، فهل يتم إصلاحها أم إعلان وفاتها؟ أم تظل على أجهزة التنفس الصناعى لا هى حية فترجَى ولا ميتة فتنسَى.