الخميس 6 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أكد أن البلدين تجمعهما سينما متقاربة.. لكن ينقصهما إنتاج مشترك

المخرج التونسى مختار العجيمى: تشرفت بتكريمى فى مصر

فى لحظة استثنائية من عمر السينما العربية، جاء تكريم المخرج التونسى الكبير «مختار العجيمى» فى الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائى الدولى ليحمل رمزية خاصة؛ فهو تكريم لمخرج ارتبط اسمه بذاكرة السينما التسجيلية والروائية فى تونس، وأحد مؤسسى عدد من المهرجانات التى صارت اليوم منابر بارزة للحوار الثقافى والإبداعى.



 

«العجيمى» الذى زار مصر للمرة الأولى قبل أكثر من خمسين عامًا باحثًا عن الحلم السينمائى، يعود إليها اليوم مكرَّمًا، حاملًا مسيرة طويلة من الأفلام والتجارب، مؤكدًا أن دعم الدورات الأولى للمهرجانات مسئولية أخلاقية على صناع السينما. فى هذا الحوار، يتحدث عن مشاعره تجاه التكريم، رؤيته لمهرجان بورسعيد، سر اختياره لفيلم (قصر الدهشة)، وإشكاليات الفيلم التسجيلى العربى.

 كيف استقبلت خبر تكريمك فى الدورة الأولى لمهرجان بورسعيد السينمائى الدولى؟

- بكل صراحة، كان الأمر مفاجئًا لى، كنت منشغلًا بإنهاء فيلمى الجديد قبل أسابيع قليلة من انطلاق المهرجان، وفوجئت برسالة إلكترونية من الناقد «أحمد حلبة»، وأيضًا من «أحمد عسر» رئيس المهرجان، يبلغاننى فيها بخبر اختيارى للتكريم.

 قد يتردد بعض المخرجين فى قبول تكريم من دورة أولى «تأسيسية»، لكننى بصفتى أحد من عملوا على تأسيس مهرجانات فى تونس أعرف تمامًا أن مساندة البدايات هى أهم ما يمكن أن يقدمه السينمائيون. 

وبالنسبة لى، كان شرفًا عظيمًا أن أحظى بتكريم فى مصر، البلد الذى حلمت منذ أكثر من خمسين عامًا بدراسة السينما فيه قبل أن أختار باريس، واليوم أعود لأُكرَّم فى مهرجان ناجح منذ خطواته الأولى، وفى قاعات عرض امتلأت بالجمهور.

 هل هذه هى زيارتك الأولى لمدينة بورسعيد؟

- نعم، هى أول زيارة.. زرت مصر سابقًا وأنا فى السادسة عشرة من عمرى، يومها هبطت إلى القاهرة وانبهرت بالحضارة المصرية وشعبها، صوّرت فى الإسكندرية والسويس من قبل أثناء عملى على فيلم وثائقى عن «بيرم التونسى»، كما زرت الأقصر، لكن بورسعيد لم تكن على قائمة زياراتى السابقة، هذه المرة، وأنا أشارك فى المهرجان، أشعر بسعادة كبيرة أن يكون تكريمى الأول فى هذه المدينة التاريخية.

المهرجان اختار تونس لتكون ضيف شرف الدورة الأولى.. كيف ترى هذه الخطوة؟

- أعتبرها لفتة مهمة جدًا، السينما التونسية لها تاريخ طويل ومشرف، وهى قريبة للغاية من السينما المصرية فى التعبير عن المجتمع والإنسان، فى تونس لدينا تظاهرات كبرى مثل أيام قرطاج السينمائية، وهذه المهرجانات ساهمت  فى تشكيل هويتنا السينمائية. لكن دعينى أقول: السينما المصرية تبقى الأهم والأكثر تميزًا بحكم تاريخها وصناعتها الكبيرة. ما نفتقده حقًا هو زيادة الإنتاجات المشتركة بين البلدين. 

التعاون العربى المشترك يسهل عملية الإنتاج ويزيد من حضور الأفلام عربيًا ودوليًا، العائق الوحيد كان ولا يزال اللهجة التونسية التى قد لا يفهمها الجمهور المصرى، لكن هناك جهود حالية لتبسيطها بالعودة إلى لهجة تونسية أقرب إلى العربية الفصحى دون إدخال لغات دخيلة.

 بصفتك ساهمت فى تأسيس عدد من المهرجانات فى تونس.. كيف تقيم مهرجان بورسعيد فى دورته الأولى؟

- فى الحقيقة لا أسميها الدورة الأولى، بل «الدورة الصفرية» أو التأسيسية.

 ذكرتنى كثيرًا بالبدايات التى عشتها فى مهرجان الحمامات السينمائى فى تونس، كل دورة أولى تواجه صعوبات كثيرة، لكن الأهم هو الاستمرارية. ما رأيته فى بورسعيد يبعث على التفاؤل: تنظيم جيد، اختيار أفلام مميزة من مختلف أنحاء العالم، حضور أسماء مؤثرة فى السينما، وتغطية إعلامية قوية.

 نعم هناك بعض الأخطاء، لكن من الطبيعى أن تحدث، ما يهم هو وجود حلم ورغبة فى التحدى، وهذا ما لمسته بوضوح فى أعين القائمين على المهرجان، علينا جميعًا أن ندعمهم لا أن نتصيد الهفوات.

 لماذا اخترت عرض فيلم (قصر الدهشة) فى المهرجان ليصاحب تكريمك؟

- الفيلم قريب إلى قلبى جدًا، وقد فوجئت بتجاوب الجمهور فى بورسعيد معه، عندما أنجزته كنت أنوى عرضه فى مصر من خلال مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وفعلًا أعجب به الناقد الكبير الراحل «يوسف شريف رزق الله» ومعه الناقدة «ماجدة واصف»، لكن ما حدث أن مهرجان قرطاج تم تقديم موعده فجأة، وكان لابد أن يُعرض الفيلم هناك أولًا لأنه من إنتاج وزارة الثقافة التونسية. ومنذ ذلك الوقت لم يحظَ بعرضه فى مصر حتى هذه المناسبة، لذلك كان مهمًا بالنسبة لى أن يلتقى أخيرًا مع الجمهور المصرى من خلال مهرجان بورسعيد.

 دراستك الأكاديمية كانت فى مجال السينما الروائية، لكن بداياتك كانت مع الفيلم التسجيلى.. لماذا هذا الاختيار؟

- السينما التسجيلية لها سحر خاص، ولا أستطيع الابتعاد عنها. 

أعمل على الوثائقى والروائى معًا، لكن هناك موضوعات لا تصلح إلا للفيلم التسجيلى، خصوصًا عندما أتناول رموز الفن والثقافة التونسية، فالأمانة تقتضى أن تكون فى قالب وثائقى، أما الفيلم الروائى فهو مغامرة كبيرة من حيث التحضير والميزانية، ولذلك لا يمكن إنتاجه بوتيرة سريعة.

 ما يعوق السينما التسجيلية هو غياب سوق حقيقية لها فى تونس.

 لكن غياب سوق الأفلام التسجيلية ليس فى تونس فقط، بل فى معظم أنحاء الوطن العربى.. ما الحل برأيك؟

- صحيح، هذه مشكلة عامة، فى رأيى الحل الوحيد أن تتبنى الدول إنشاء قناة تليفزيونية ثقافية متخصصة فى عرض هذه الأفلام، عندها فقط يمكن أن تصل للجمهور، ويبدأ الناس فى متابعة الأفلام التسجيلية بانتظام، دون منصة عرض جماهيرية ستظل هذه الأفلام محصورة فى نطاق المهرجانات وبعض المنصات المحدودة.

 بصفتك مخرجًا قديرًا تمتهن المهنة منذ عدة سنوات كيف ترى حال السينما العربية حاليًا؟ 

- ما نحتاج له بشكل كبير حاليًا هو عرض القضايا الإنسانية الموجعة التى يتعرض لها مجتمعنا العربى.. لكن السينما التجارية تنقسم لقسمين قسم ترفيهى تجارى وهو الذى يجنى الأموال ويمكن صناع السينما بشكل كبير من إنتاج أفلام أخرى واقعية وتحمل قضايا جادة.. فأنا أرى أن كلا منهما يكمل الآخر.. فالسينما صناعة انطلقت منذ البداية لتحقيق المكسب وليس الخسارة لكن لا يمكن إنكار دورها فى دعم الإنسانية والمجتمع.