الأربعاء 24 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

خطاب الدوحة.. رسالة حاسمة لتل أبيب ونقطة تحول فى العلاقات المصرية-الإسرائيلية

القوة العربية المشتركة.. متى تتحقق؟

أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال القمة العربية الإسلامية فى الدوحة شكل نقطة تحول غير مسبوقة فى الخطابات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل عقب توقيع اتفاقية السلام فى 1979.. فقد حمل الخطاب الأخير للرئيس رسائل قوية ومباشرة لإسرائيل ولشعبها، وحذر من تداعيات السياسات الإسرائيلية على استقرار المنطقة ومستقبل عملية السلام، فيما استخدم لأول مرة كلمة «العدو» لوصف السياسات العدوانية التى تقوم بها حكومة بنيامين نتنياهو فى قطاع غزة وفى كل من سوريا ولبنان وضرباتها الأخيرة على قطر.



موقف ثابت 

أكد الدكتور إسماعيل تركى، أستاذ العلوم السياسية، أن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة جاءت قوية ومباشرة، لتؤكد على ثوابت السياسة المصرية فى دعم الحقوق الفلسطينية ورفض تصفية القضية. وشدد تركى على أن هذا الموقف يعكس إدراكًا دقيقًا للمخاطر الناجمة عن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وما يمثله من تهديد لأمن وسيادة مصر ودول المنطقة.

تحذير مباشر 

أشار «تركي» إلى أن الرئيس السيسى استخدم عبارات واضحة وحاسمة فى خطابه، خاصة عندما حذر من أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية يهدد مسار السلام فى المنطقة، ويعرض الاتفاقيات القائمة للخطر. واعتبر أن هذه إشارة واضحة إلى اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية، التى قد تواجه مخاطر حقيقية بسبب السياسات الإسرائيلية. وأوضح أن الموقف المصرى لا يعكس تحولًا استراتيجيًا، بل يؤكد على ثبات سياسة القاهرة الرافضة لخطط إسرائيل فى المنطقة.

نوّه «تركي» إلى حدة اللغة التى استخدمها الرئيس السيسى، معتبرًا أن القاهرة تخلت عن حذرها فى استخدام المصطلحات الدبلوماسية، وبدأت فى وصف إسرائيل بأنها «دولة عدو»، رغم وجود اتفاقية السلام. وأكد أن هذا التصعيد فى الخطاب نابع من إدراك مصر لحجم المخاطر والتهديدات الوجودية التى يشكلها التصعيد العسكرى فى غزة، مشيرًا إلى أن الخطاب تجاوز الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وخاطب الشعب الإسرائيلى مباشرة.

 

سيناريوهات مستقبلية

وفيما يخص نتائج القمة، أوضح «تركي» أن سرعة الدعوة وحجم الإدانة للعدوان الإسرائيلى كان غير مسبوق، وهو ما يمثل خطوة متقدمة يمكن البناء عليها لاتخاذ إجراءات تصعيدية ضد إسرائيل. وفى ظل استمرار الأوضاع المتوترة، رجح «تركي» وجود سيناريوهين محتملين:

الأول يتمثل فى سيناريو التصعيد المستمر، الذى ينذر باتساع نطاق الصراع، ما يؤدى إلى حالة من الجمود وعدم الاستقرار لفترة طويلة.

أما الثانى فهو سيناريو التهدئة، الذى يركز على الحلول الدبلوماسية، لكنه يعد السيناريو الأقل احتمالًا حاليًا، نظرًا لمواقف الحكومة الإسرائيلية المتشددة وغياب التدخل الدولى القوي.

عربدة إسرائيلية

أكد الدكتور محمد عبد العظيم الشيمى، أستاذ العلاقات الدولية، أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة، جاء معبرًا عن توجهات السياسة الخارجية المصرية، وواضعًا الخطوط الرئيسية التى تتعامل بها مصر مع قضايا الأمن القومى والإقليمي. واعتبر أن الخطاب كان واضحًا ومباشرًا فى نقاطه المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ورفض الدولة المصرية القاطع لمشروع التهجير.

شدد الشيمى على أن خطاب الرئيس السيسى يمثل رفعًا لمستوى التصعيد فى مواجهة ما وصفه بـ«العربدة الإسرائيلية». وأوضح أن مصر لديها رؤية واضحة لمواجهة التحديات المتزايدة، وأن الخطاب يؤكد على أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدى أمام استمرار العدوان الإسرائيلى الذى يهدد استقرار المنطقة بأكملها. كما حمل الخطاب رسالة مباشرة إلى القوى الدولية والإقليمية بضرورة التحرك الكامل لمواجهة هذه المخاطر وتداعياتها الوخيمة.

قوة موحدة

وتوقع «الشيمي» سيناريوهين رئيسيين للمرحلة المقبلة:

الأول يتمثل فى استمرار العدوان ،من خلال مواصلة الاحتلال الإسرائيلى لأفعاله العدوانية دون وجود ردع حقيقى، ومحاولة التمدد لتحقيق ما يسميه «دولة إسرائيل الكبرى».

بينما الثانى يتمثل فى تبنى الرؤية المصرية من جانب دول المنطقة ، وتشكيل قوة موحدة لمواجهة العدوان، وهو ما شدد عليه الرئيس السيسى بوضوح خلال القمة.

وأضاف «الشيمي» أن هذا السيناريو الثانى هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار فى المنطقة، ومواجهة التهديدات الوجودية التى تفرضها السياسات الإسرائيلية المتطرفة.

خطاب جرىء

وصف الدكتور رامى عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، الخطاب المصرى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة بأنه «جرىء وحاد»، مشيرًا إلى أن جملة «عدم تكرار الانتهاكات الإسرائيلية» تضمنت دعوة ضمنية لوجود أداة ردع، تعيد إلى الأذهان فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة التى تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عام 2014.

أوضح «عاشور» أن البيان الختامى للقمة لن يسفر عن تحرك ملموس فى ظل الاكتفاء بـ»الشجب والإدانة والاستنكار»، بالإضافة إلى تباين مصالح الدول العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية. واستدل على ذلك بتوسيع إسرائيل لعمليتها العسكرية البرية فى غزة بعد ساعات قليلة من انعقاد القمة، مما يؤكد أنها لم تأخذ أيًا من قراراتها على محمل الجد.

إسرائيل الكبرى

وتوقع «عاشور» أن السيناريو الأسوأ الذى قد يحدث هو مشروع «إسرائيل الكبرى» الذى يهدف إلى محو فلسطين بالكامل من الخريطة، وتغيير خريطة الشرق الأوسط بأكملها. وفى نهاية المطاف، يبدو من توقعات المحللين السياسيين أن الأوضاع الإقليمية قد تستمر فى التوتر الشديد، فمشهد العدوان الإسرائيلى ليس حادثًا معزولًا، بل هو جزء من مرحلة جديدة يتسارع فيها الاحتلال الإسرائيلى لفرض واقع إقليمى جديد.

 أوضح الخبير العسكرى والاستراتيجى الدكتور سمير فرج، أن شكل وقوام «الناتو العربى» أو القوة العربية المشتركة فى حالة الموافقة عليها تشمل كل الأسلحة، ولها رئاسة أركان وقيادة وستتشكل وفقًا لحجم كل دولة، وإذا حدث أى عدوان تتحرك هذه القوات للدفاع عن الدولة، وتعد مصر أكبر جيش موجود بإمكانيتها وقدراتها وخلفيتها العسكرية، وعلى الأقل ستشارك بفرقة، ولا توجد دولة ستشارك بنفس القدر.

وحول توقيت انتشار كلمة الرئيس بشأن القوة العربية المشتركة صحيح جدًا، ومناسب وجاء بالتزامُن مع القمة العربية الإسلامية التى استضافتها دولة قطر يوم الاثنين الماضى.. مشيرًا إلى وجود اتفاقية دفاع مشترك ولم تُفَعَّل ولو مرة واحدة، ونتمنى الموافقة على تشكيل القوة العربية المشتركة؛ لأن العدوان الإسرائيلى على قطر كشف مدَى احتياجنا لهذه القوة، أمل مصر والعرب هو الوحدة وعدم الاعتماد على أى قوة أخرى.

أخيرًا المعركة اليوم ليست مقتصرة على قطاع غزة فقط، بل تشمل سيادة دول أخرى، وتحديات أمام مصداقية القانون الدولى، الذى أصبح مهتزًا بالفعل فى ظل تجاهل المجتمع الدولى للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة. فهل تنجح الدول العربية فى توحيد صفوفها والرد على هذا التهديد الوجودي؟ أم أن الوضع الراهن سيستمر، تاركًا المنطقة فى حالة من التوتر المستمر؟.