
عبدالرحمن رشاد
صوت العرب ليست إذاعتكم 3/3
اشتد ساعد صلاح عبدالمقصود فى مبنى ماسبيرو بفعل عدة عوامل أولها وأهمها أن أبناء ماسبيرو منذ أن بدأ العمل فى هذا الصرح العظيم وهم يتقبلون أى وافد جديد عليهم من طرف الحاكم بترحاب وتعاون ومهنية ويقدمون أو يتسابقون فى تقديم أنفسهم ومهاراتهم لخدمة الدولة والإعلام عنها.
وفى حالة صلاح عبدالمقصود بدأت الحلقة حوله مكونة من زملاء دراسته، وقد شرع فى إعطائهم مناصب مهمة للغاية مثل قناة النيل للأخبار ورؤساء تحرير فى قطاع الأخبار المسموعة والمرئية والبرامج القومية فى صوت العرب، وكان مستشاره وخادمه يأخذ بيده على المؤيدين ليدفع بهم للخطوط الأمامية والمترددين أو المعارضين لإعاقتهم ثم التخلص منهم على المدى القريب أو البعيد.
كان هذا المستشار يعمل عند صلاح عبدالمقصود خادماً أميناً لدرجة أنه علم أن أحد زملاء الدراسة لصلاح ذ .أ مرشح ليتولى منصب رئيس صوت العرب فاستدعاه وأغلق باب مكتبه عليهما لأكثر من ساعتين يخططان لكيفية الاستيلاء على شبكة صوت العرب التى تتكون من ثلاث إذاعات هى صوت العرب الأم، وادى النيل وفلسطين.
كان هذا الزميل يدير التدريب بعد التراث وجاءت الفرصة كما كان يردد لينال الجائزة الكبرى.
الاستيلاء على صوت العرب يبدأ بالاحتفال بعيد ميلادها فى الرابع من يوليو فى حفل أقيم فى أحد فنادق القاهرة واختتم الحفل بهذا النقاش الفاضح لوزير الإعلام والبذيء عندما سألته زميلة صحفية عن الحرية فى عهد الجماعة الإرهابية فأجابها بإجابة تنم عن ضحالة فى التفكير وسوء أدب واستهتار بكل قيم العمل العام.
بعد الحفل اجتمع مع مستشاره الأمين وقال سوف نبدأ فى الإعداد لعيد الميلاد الستين حسب تعليمات الرئيس والبدء فى تكوين مجموعة عمل وأشار إليه على ألا يكون فيها رئيس صوت العرب الحالى الذى رفض الذهاب إلى الرئاسة كما فعل كل رؤساء القنوات والإذاعات للقاء المستشار الإعلامى للرئيس.
كان التخطيط أن يتم التخلص من رئيس صوت العرب بتعيينه مستشارا والإتيان بالزميل صديق عبدالمقصود رئيساً وذلك تمهيدًا لأن يتولى بعد ذلك رئاسة الإذاعة .. كل هذه القرارات تسير وفق مخطط أخونة الإذاعة وبات هذا المخطط شديد الوضوح فى إذاعة القرآن الكريم التى امتلأت بضيوفها من مشايخ الجماعة ووزرائها وعندما يعترض عليهم الزملاء يردد قائلاً: هى الإذاعة الأكثر انتشاراً وتأثيراً فى مصر.. أما صوت العرب فنريد لها أن تعود - كما كانت فى الستينيات ليس على طريقة عبدالناصر - وإنما بمنهج الجماعة - لنبدأ تكوين مجموعة عمل الاحتفالية من رواد صوت العرب الذين لا يزالون على قيد الحياة وبالفعل تم توجيه الدعوة للأساتذة الرواد وتقرر لقاء وزير الإعلام بهم فى قاعة الاجتماعات الملحقة بمكتبه فى الدور التاسع.
يبدو أن الزميل إبراهيم العراقى وكيل وزارة الإعلام وقتها لم يكن يعلم بمخطط المستشار وسيده الوزير بعدم دعوة رئيس صوت العرب فأرسل يدعوه ونائبه إلى الاجتماع.
فى يوم الاجتماع تعمد رئيس صوت العرب التأخير وجلس لتناول قدح القهوة مع العراقى حتى جاء من المراسم من يدعونا ويردد أن الوزير دخل إلى القاعة.
جلست فى نهاية صف المجتمعين وعندما رآنى لم يعلق إلا أنه بدأ بالترحيب بالأساتذة وأبلغهم تحيات الرئيس وأوامره باحتفال يليق بتاريخ صوت العرب وتأثيره فى المنطقة العربية والإسلامية. طلبت الكلمة والغريب أنه أعطاها لى قائلا السيد رئيس صوت العرب على ألا يطيل.. شكرته ثم قلت هذا الاجتماع «ماضوى» بامتياز فكل من هنا من الحاضرين من الماضى.. أين أبناء صوت العرب وقياداته الحالية العاملة التى تحمل المسئولية؟
ثانيًاً: لم إصراركم على الاحتفال بعيد ميلاد صوت العرب، وهى إذاعة قومية والتى أنشأها عبدالناصر فى الستينيات وما أدراك ما الستينيات.
تكهرب الجو وقفز من على مقعده وهو يقرع على المائدة ويصيح تفخخ الاجتماع.. ثم أسرع مغادراً وتبعه كل الحاضرين فيما عدا رئيس صوت العرب الذى غرق فى الضحك ومعه وكيل الوزارة وهرول الباقون وراءه ولم يحتفل أبداً بصوت العرب فقد جاءت 30 يونيو.