الأربعاء 24 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

غزة تحت النار.. ومصر تتحرك لإنقاذ ما تبقى من الحياة

«دبلوماسية القاهرة المتقدمة» لتثبيت وقف النار وإنقاذ غزة

فى مشهد إقليمى تتسارع فيه التحولات وتتشابك فيه الحسابات، تثبت القاهرة مجددًا أنها رمانة الميزان وسيدة المبادرات الدبلوماسية فى المنطقة، من خلال تحركات حثيثة وواسعة النطاق تهدف إلى نزع فتيل التصعيد فى قطاع غزة ووقف آلة الحرب التى أرهقت المدنيين. وتأتى هذه الجهود فى إطار توجيهات واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لتكثيف الاتصالات وتفعيل الأدوار الدبلوماسية لاحتواء التوتر، والحفاظ على ما تبقى من إنسانية فى مواجهة مشروع التهجير وتغيير الواقع الديموغرافى فى القطاع المحاصر.



ففى لقاء لافت فى بروكسل، جمع بين وزير الخارجية المصرى الدكتور بدر عبدالعاطى والممثلة العليا للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبى كايا كالاس، أعاد الوزير التأكيد على الموقف المصرى الثابت من القضية الفلسطينية، رافضًا الاعتداءات الإسرائيلية، ومنددًا باستخدام الحصار والتجويع كسلاح، مطالبًا بنفاذ عاجل للمساعدات الإنسانية. كما أعلن عن نية القاهرة استضافة مؤتمر دولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، مع تأكيده على أهمية مشاركة أوروبية واسعة فى هذا الجهد.

فيما أبدت كايا كالاس، الممثلة العليا للشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبى، دعمها للمبادرة المصرية لعقد مؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة، مشيرة إلى أن:

«القاهرة تلعب دورًا محوريًا لا يمكن الاستغناء عنه، والاتحاد الأوروبى يتطلع للتعاون الوثيق معها فى هذه المرحلة الحساسة».

وفى موازاة التحرك الأوروبى، قاد عبدالعاطى سلسلة من الاتصالات المكثفة مع أطراف إقليمية ودولية، شملت نظيره الإيرانى عباس عراقجى، ومبعوث الرئيس الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، ونزع فتيل التصعيد بين إيران وإسرائيل، وتأكيد أن لا حلول عسكرية للصراعات الراهنة، بل سبيلها الوحيد هو العودة إلى طاولة السياسة.

وفى حديثه مع ويتكوف، شدد الوزير المصرى على ضرورة إدخال المساعدات دون عوائق، ورفض كل المقترحات الخاصة بإنشاء «مدينة خيام» فى جنوب القطاع، أو إحداث أى تغيير ديموغرافى، وهى أفكار وصفها الوزير بأنها مرفوضة جملة وتفصيلًا من قبل الدولة المصرية.

فيما قال ويتكوف: «إن مصر تظل شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة فى حفظ أمن واستقرار الشرق الأوسط، ونتابع جهودها بقيادة الرئيس السيسى باهتمام وتقدير كبيرين».

كما جاء الإعلان المصرى عن عقد اجتماع ثلاثى فى القاهرة، ضم مسئولين من مصر وقطر وإسرائيل، ليعكس الدور المحورى الذى تلعبه القاهرة كحلقة وصل بين الفاعلين الإقليميين، بهدف تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتثبيت الهدنة المنتظرة.

وفى خضم هذه التحركات المرتبطة بغزة، لم تغفل مصر عن قضايا أخرى لا تقل أهمية، فكان للوزير عبدالعاطى مواقف واضحة من تطورات ليبيا وسوريا والسودان والصومال، مؤكدًا على وحدة وسيادة هذه الدول، ورافضًا لأى تدخلات أجنبية، بما يعكس رؤية مصرية متكاملة قائمة على دعم الاستقرار ومكافحة الفوضى فى الإقليم.

وفى ظل هذه التحركات، لا يبدو أن أحدًا فى المنطقة يملك ما تملكه مصر من ثقل، وما تؤمن به من التزام أخلاقى وسياسى تجاه الشعب الفلسطينى وسائر الشعوب العربية التى تواجه الحروب والخراب. فبينما تتصارع القوى الكبرى على النفوذ والخرائط، تتحرك القاهرة بدبلوماسية صلبة، تراهن على التهدئة لا التورط، وعلى إنقاذ الإنسان لا تدميره، وعلى صناعة السلام لا استهلاك الوقت.

وبهذا المشهد، ترسم مصر ملامح دورها: لا تحكمه الرغبة فى الاستعراض، بل الإيمان بمسؤولية تاريخية لا تسقط بالتقادم، عنوانها الدائم: «فلسطين فى القلب، وغزة ليست وحدها».