الثلاثاء 23 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

يونيو و يوليو ثورتان من أجل التـحرر و العدالة الاجتماعية

بعد أيام قليلة، تحل علينا الذكرى الـ73 لـثورة 23 يوليو 1952، والتى كانت نقطة تحول حاسمة فى تاريخ مصر الحديث.  هذه الثورة، التى بدأت كحركة لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، لم تكن تقتصر على تغيير نظام الحكم، بل تحولت لثورة شعبية، غيرت وجه مصر والعالم.



استطاعت 23 يوليو أن تحقق مكاسب لم تعرفها المحروسة على مدار تاريخها المديد، فلأول مرة تصبح الأرض المصرية ملكا للفلاحين وتصبح المصانع ملكا للعمال والمهندسين.

 

بجانب المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التى حققتها الثورة بقوانين الإصلاح الزراعى وتأميم الأصول المصرية، حققت ثورة 23 يوليو العديد من المكاسب الكبرى كالتحرر من الاستعمار، وإرساء دعائم الدولة الحديثة  وبعد أكثر من ستين عامًا، تجلت روح هذه الثورة العظيمة من جديد فى ثورة 30 يونيو 2013، فبعد أن قاد الجيش المصرى ثورة 23 يوليو لتحرير الشعب من الاستعمار والإقطاع، قاد الشعب المصرى ثورة 30 يونيو لتحرير البلاد من البلاد من جماعة إرهابية أرادت تفكيك الوطن من الداخل عن طريق تغيير هويته.

 الجوهر الوطنى 

أكد عدد من قادة الأحزاب السياسية والخبراء أن ثورتى 23 يوليو 1952 و30 يونيو 2013 تشتركان فى جوهرهما الوطنى الرافض للتبعية والخضوع، رغم اختلاف التحديات التى واجهتهما.

يرى النائب سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، أن هناك تشابهًا كبيرًا بين الثورتين، حيث «تعبران عن الروح المصرية التى طالما رفضت الخضوع والتبعية لأى قوة داخلية أو خارجية»، موضحًا أنهما انطلقتا «من رحم المعاناة ومن مواجهة تهديد وجودى للدولة المصرية».

وأشار عبدالعال إلى أن مصر قبل ثورة يوليو 1952 كانت ترزح تحت الاحتلال الإنجليزى وتعانى من فساد النظام الملكى الذى أدى إلى فقدان سيادتها الحقيقية. أما فى يونيو 2013، فقد واجهت مصر خطرًا داخليًا تمثل فى محاولة جماعة الإخوان الإرهابية «اختطاف الدولة وتغيير هويتها الوطنية وتحويل طبيعة النظام المدنى إلى كيان ظلامي».

وأضاف رئيس حزب التجمع إن الدافع فى كلتا الحالتين كان إنقاذ الوطن من السقوط. فكانت ثورة يوليو لتحرير مصر من السيطرة البريطانية، بينما جاءت ثورة يونيو لإنقاذ الدولة من هيمنة جماعة إرهابية سعت إلى تفكيك مؤسسات الدولة لصالح «حسابات استعمارية جديدة». وفى الحالتين، استعاد الشعب المصرى زمام المبادرة واسترد الدولة من أيدى قوى حاولت اختطافها.

العدالة الاجتماعية 

وأكد عبدالعال أن ثورة 23 يوليو وضعت مبادئ العدالة الاجتماعية، وقامت بتأميم قناة السويس وبناء السد العالى، وعززت الانتماء العربى والإفريقى لمصر، وهى «خطوات كبيرة نحو بناء دولة قوية ذات سيادة». وجاءت 30 يونيو لتكمل هذا المسار، ولكن «ضد عدو داخلى متمثل فى جماعة إرهابية حاولت تمزيق نسيج الوطن وتغيير هويته وفرض نموذج فكرى متطرف يتنافى مع قيم المصريين الراسخة فى التسامح والاعتدال». 

وقال: «ثورة يونيو أنقذت الهوية المصرية من محاولات التشويه والطمس وأعادت التأكيد على الطابع المدنى للدولة وعلى أن مصر ستظل دائمًا دولة لكل أبنائها لا لمستعمر ولا لجماعة أو فصيل بعينه».

وأوضح عبدالعال أن ثورة يوليو أنهت حكم أسرة محمد على الذى كان مرتبطًا بالمصالح الأجنبية، وأعادت مقدرات البلاد إلى يد الشعب لتعلن بوضوح أن ثروات مصر وخيراتها ملك لأبنائها وحدهم، وأن «القرار السياسى والاقتصادى يجب أن يصدر من إرادة وطنية خالصة» تأكيدًا على مبدأ «مصر لأبنائها المصريين». ومثلما أعلنت 30 يونيو رفض المصريين بمختلف فئاتهم محاولات الجماعة الإرهابية الاستيلاء على الدولة، وأعلن الشعب بصوت واحد أن «مصر للمصريين وأن هويتها المدنية المتسامحة هى خط أحمر لا يجوز تجاوزه، وأن القرار الوطنى سيبقى بيد أبنائها وحدهم».

وأكد عبدالعال أن هناك تشابهًا بين الثورتين؛ فخلال الاحتلال البريطانى كانت مصر دولة بلا سيادة حقيقية، وكان القرار السياسى والعسكرى والاقتصادى مرهونًا بالكامل لإرادة المحتل. وهو ما يتضح حينما سيطرت جماعة الإخوان على مؤسسات الدولة وحاولت «فرض أجندتها التنظيمية الخاصة على حساب المصلحة الوطنية، وتم اختطاف القرار الوطنى وتوجيهه لخدمة مشروع الجماعة لا لخدمة الشعب المصري».

وأكد رئيس حزب التجمع أن إرادة الشعب المصرى كانت ولا تزال أقوى من كل محاولات الإخضاع والتبعية، وأن المصريين فى كل مرة يثبتون أنهم «أصحاب القرار وأنهم الحصن المنيع فى وجه أى خطر يهدد هوية وطنهم واستقلاله».

مسار العدالة والاستقلال

بدوره، أكد ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، أن ثورة 30 يونيو 2013 جاءت «امتدادًا طبيعيًا لمسار ثورة 23 يوليو 1952» التى دشنت مشروع العدالة الاجتماعية واستقلال القرار الوطنى وبناء دولة حديثة تقوم على المؤسسات. مشيرًا إلى أن ما حدث فى يونيو كان «ضرورة وطنية لإنقاذ الدولة المصرية من محاولة اختطاف ممنهجة استهدفت هويتها واستقلالها».

وأوضح الشهابى أن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من «خطر داهم تمثل فى سعى جماعة لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا تعترف بمؤسساتها الحديثة إلى اختطاف القرار السياسى وتحويل مصر إلى مجرد ذراع لتنظيم دولى لا ينتمى إلى الجغرافيا المصرية ولا يعبر عن مصالح شعبها، بل كان يعمل على طمس الهوية الوطنية وخلخلة مؤسسات الدولة لصالح مشروع أيديولوجى خارجي».

وأكد الشهابى أن هناك تشابهًا كبيرًا بين ثورتى يوليو ويونيو،  فكلتاهما اندلع استجابة لإرادة شعبية حقيقية «ترفض الوصاية وتطالب باستقلال القرار الوطني». وقال: «فى يوليو 1952 واجهت مصر الاحتلال البريطانى الذى كان يتحكم فى مفاصل القرار السياسى والاقتصادى والعسكرى، بينما فى يونيو 2013 واجهت هيمنة تنظيم الإخوان، الذى سعى لفرض وصايته على الوطن ومصادرة قراره لصالح مشروع لا علاقة له بمصالح المصريين».

وأشار الشهابى إلى أن أهم مبادئ ثورة يوليو كانت العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الثورة حينها أعادت توزيع الثروة وقضت على الإقطاع وفتحت أبواب التعليم أمام أبناء الشعب، وأرست قيم الكرامة الإنسانية بوصفها حجر أساس فى بناء الدولة الوطنية الحديثة.

وأشار الشهابى إلى أن مبدأ «مصر للمصريين» لم يكن مجرد شعار فى ثورة يوليو، بل كان موقفًا واضحًا ضد الامتيازات الأجنبية والتدخلات الخارجية التى كانت تخترق الدولة المصرية، وجاء من جديد فى ثورة يونيو ولكن هذه المرة فى مواجهة قوى داخلية تعمل لحساب الخارج. مؤكدًا أن ثورتى يوليو ويونيو لا تمثلان حدثين متعارضين، بل هما «حلقتان متكاملتان فى سلسلة نضال الشعب المصرى من أجل الاستقلال والسيادة والدولة الوطنية».