السبت 12 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مطالبات باستحداث آليات جديدة للحفاظ على حقوقهن

تشغيل القاصرات فى العمالة الزراعية يكشف ثغرات المنظومة الرقابية

عقب الحادث الأليم الذى شهده الطريق الإقليمى بمحافظة المنوفية، أصدرت منصة «كبسولة سلام» باكورة أعمالها من خلال ورقة بحثية بعنوان (المشاركة تبدأ من الحق فى الحياة: نحو بيئة آمنة للنساء العاملات فى مصر) التى أعدتها الباحثة مى عجلان المتخصصة فى شئون المرأة والسلام والأمن مسلطة الضوء على العلاقة بين السلامة الجسدية والبنية التحتية الآمنة من جهة، وقدرة النساء على المشاركة الاقتصادية والسياسية من جهة أخرى.



 

الورقة البحثية التى حصلت «روزاليوسف» على نسخة منها شددت على ضرورة الاهتمام بسلامة النساء العاملات تنفيذا لأهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021–2026) التى تضع الحق فى الحياة والسلامة الجسدية فى مقدمة الحقوق الواجبة التطبيق، لا سيما للفئات المهمشة والمعرضة للخطر، وعلى رأسهن النساء العاملات.

كما تستند الورقة إلى أهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التى تؤكد على ضرورة تأمين البنية الأساسية وتوفير بيئة آمنة للنساء كشرط للتمكين الحقيقى.

حقوق القاصرات

رصدت الورقة مشاكل متعلقة بتطبيق أهداف هذه الاستراتيجيات على أرض الواقع خاصة فيما يتعلق بالعمالة القاصرة فى بيئات عمل غير منظمة وبلا عقود أو حماية قانونية مع تهالك البنية التحتية وغياب معايير السلامة المرورية فى الطرق السريعة التى تُستخدم يوميًا فى نقل العمالة الفقيرة مع انعدام مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية للعاملات اليوميات، خاصة فى القطاع غير الرسمى.

وفى الوقت الذى ينص فيه قانون العمل المصرى صراحة على حظر تشغيل الأطفال (ذكورًا وإناثًا) قبل بلوغ سن الخامسة عشرة، مع السماح بتدريبهم فقط بدءًا من سن الرابعة عشرة، وبشروط تضمن عدم إعاقتهم عن مواصلة التعليم، إلا أن ما حدث مؤخرا لأهالى قرية السنابسة بمحافظة المنوفية يناقض ذلك، خاصة أن القوانين تؤكد على ضرورة منح أى عامل دون السادسة عشرة بطاقة عمل خاصة معتمدة من الجهة الإدارية المختصة، كما تضع لوائح صارمة بشأن تشغيل من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة، وتحظر تشغيلهم فى الأعمال الخطرة، مما يعكس خللًا جوهريًا فى تطبيق القانون.

ووفقًا للورقة، هذا الواقع يكشف عن ثغرات خطيرة فى منظومة الرقابة على سوق العمل، فقد تم تشغيل الفتيات خارج الأطر القانونية كـعمالة يومية، دون عقود موثقة أو تأمين اجتماعى أو صحى، وفى ظل غياب شبه كامل للتفتيش الدورى على المنشآت فى المناطق الصناعية والمزارع الاستثمارية، ما أدى إلى تفشى ظاهرة تشغيل القُصّر فى الظل.

كما كشف التقرير عن تفاقم الوضع نتيجة تساهل واضح من بعض أصحاب الأعمال فى التحقق من أعمار العاملات، حيث لم تُطلب بطاقات الهوية أو شهادات الميلاد من كافة العاملات، مما سهّل تشغيل فتيات صغيرات مقابل أجر زهيد، مؤكدا ضرورة حماية ورقابة وزارة العمل فى هذا الشأن.

طريق الموت

فيما لفت التقرير إلى خطورة سير الشاحنات على الطرق السريعة، موضحا مشاكل الطريق الإقليمى تحديدًا الذى يعانى من انعدام شبه كامل للرقابة المرورية الفعلية، حيث يمتد هذا الطريق عبر عدة محافظات من الدلتا والوجه البحرى، ويُعرف شعبيًا باسم طريق الموت، نظرًا لتكرار الحوادث المروعة بسبب ضعف الإضاءة، وغياب الإشارات التحذيرية، وانتشار السرعات الجنونية دون رادع، مما جعل منه بيئة خصبة للحوادث القاتلة.

استحداث آليات 

أوصت الورقة البحثية بضرورة تشديد العقوبات على تشغيل القُصّر وتعديل قانون العمل لتضمين عقوبات رادعة لأصحاب الأعمال الذين يُشغّلون أطفالًا دون السن القانونية أو يتسترون عليهم مع الإسراع فى إقرار لوائح العمالة غير المنتظمة ضمن قانون العمل الجديد.

واقترحت الورقة إصدار عقود عمل قصيرة الأجل واستحداث آلية لعقد عمل يومى أو موسمى موحد ومبسط تصدره وزارة العمل، يوقع عليه صاحب العمل مع العاملة اليومية حيث يكون هذا العقد بمثابة سند قانونى يضمن حقوق العاملة فيما يتعلق بأجرها، ساعات العمل، مواصلات آمنة، أو لتعويض الإصابة. 

كما شددت الورقة على ضرورة رقابة النقل البرى والسلامة المرورية، مع نصب أجهزة رادار وكاميرات مراقبة سرعة على الطريق الإقليمى وكل طرق نقل العمال بين المحافظات، وزيادة الدوريات المرورية فى أوقات الذروة (الفجر وبعد الظهر مع وقت نقل الورديات).

كما اقترحت الورقة إنشاء لجنة وطنية للمرأة والسلام والأمن وتنسيق تعاون بينها وبين المجلس القومى للمرأة من جهة، وبين اللجنة العليا لحقوق الإنسان من جهة أخرى، وذلك لمتابعة تنفيذ البنود المتعلقة بسلامة المرأة مما يضمن أن التقارير الدورية عن حقوق الإنسان تشمل مؤشرات مثل معدلات وفيات الإناث فى حوادث الطرق، وحوادث العنف أثناء التنقل، ونسبة النساء المشمولات فى التأمينات. 

فيما يجب العمل على إلزام أصحاب المصانع بتوفير المواصلات، عبر تعديل تشريعى أو قرار وزارى، يُفرض على المنشآت التى تقع خارج المناطق السكنية (كالمناطق الصناعية الصحراوية) توفير حافلات لنقل عمالها بسلام، خاصة العاملات. 

كما أوصت بإنشاء صندوق طوارئ لدعم أسر العاملات المتوفيات أو المصابات، يُخصص لصرف معاش أو مساعدة شهرية لأسر أى عاملة يومية تلقى حتفها أو تصاب بعجز أثناء سعيها لكسب الرزق، مع أهمية إدماج الناجيات وأسر المتوفيات فى برامج التمكين، والرعاية النفسية وإعادة التأهيل، من خلال تنظيم لقاءات توعوية تطمئن النساء العاملات بأن حقوقهن وسلامتهن ستؤمَّن، حتى لا تتولد قناعة سلبية بأن العمل خارج البيت يعنى الموت المحتم، وكذلك تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى، بهدف الانتقال من الدور الرمزى إلى دور الدفاع والمناصرة لتعديل السياسات لصالح العاملات غير المنتظمات.