الإثنين 7 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

البيان شكل بطولة حقيقية استعادت بها مصر مكانتها

البابا تواضروس: 3 يوليو لحظة فارقة شهدت تحرير الوطن من خاطفيه

فى الثالث من يوليو عام 2013، شهدت مصر لحظة فارقة فى تاريخها الحديث، حينما خرج الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، ليلقى بيانًا تاريخيًا باسم القوات المسلحة، معلنًا الاستجابة لإرادة الشعب المصرى الذى خرج بالملايين مطالبًا بإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية.



جاء البيان بعد أيام من الاحتجاجات العارمة ونزول المصريين إلى الشوارع والميادين بأعداد غفيرة، ليضع خارطة طريق جديدة للمستقبل، استهدفت استعادة الدولة وإنقاذ مؤسساتها من الانهيار، وتصحيح مسار ثورة يناير، والانطلاق نحو بناء جمهورية جديدة تقوم على الاستقرار والتنمية.

وكانت هناك شخصيات محورية مع وزير للدفاع فى ذلك الوقت كانوا يمثلون أركان الدولة المصرية وبطبيعة كانت من بين هذه الشخصيات قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذى حفرت فى ذاكرته وقلبه أحداث هذا اليوم وتأثر به كثيرًا وسطره للتاريخ فى مذكراته والتى حملت عنوان: «سنوات من المحبة لله والوطن».

فقال البابا تواضروس عن أحداث هذا اليوم: «وجاء يوم الأربعاء الثالث من يوليو، وتحديدًا الثانية ظهرًا، ففوجئت بمكالمة من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، وطلبوا منى الحضور إلى اجتماع بعد ساعة بالقاهرة، ورددت معتـذرًا بتلقائية وأخبرتهـم بأننى فى كينج مريوط، ولم تمض سوى دقائق قليلة وأعادوا الاتصـال وأخبرونى بتجهيز طائرة هليكوبتر فى أقرب مطار لـى، وهو مطار برج العرب، وقالـوا لى: «مـن بـاب الطمأنينة وحتى لا تقلق، فضيلة الإمام موجود بالأقصر وأرسلنا له طائرة»، وبالفعل كنت فى مطار برج العرب فى الثانية والنصف ظهرًا، وكان فى استقبالى هناك رئيس المطار، الذى رحب بى واستقللت الطائرة الهليكوبتر بصحبة اثنين من الطيارين، وكانت المرة الأولى التى أركب فيها طائرة هليكوبتر، وفى أقل من خمس دقائق كانت الطائرة محلقة فى السماء، وهبطت فى مطار ألماظة، وأخذتنى سيارة من هناك إلى مبنى المخابرات، وبعد وصولى وصل فضيلة الإمام شيخ الأزهر، والكاتبة سكينة فؤاد، والدكتور محمد البرادعى، وممثل عن حزب النور، وممثلون عن الشباب، وكان عدد الحضور حوالى 20 شخصًا، ثم جاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، والفريق صدقى صبحى، وبعض القادة العسكريين، وقام الفريق أول عبدالفتاح السيسى بقيادة الجلسة، وبدأ يتحدث عـن معطيات ما يدور فى البلاد، والوضع الراهن، وسأل كل منا عن وجهة نظره، ومن بين الحضـور مـن قـال إن الحـل هـو انتخابات رئاسية مبكرة، وهنـاك مـن طلب منح مرسى سـنة أخـرى كفرصة أخيرة، ومنهـم من وجـه النظـر لحالة الغليـان فـى الشـارع، إلى أن وصلنا لصيغة توافقية، وقمنا بصياغـة البيـان الشهير».

وأضاف البابا تواضروس قائلًا: «وبعـد أن انتهينـا، كان الجميع فرحين وتبادلنا التهانى والأحضان، وجلسنا على مائدة واحـدة ونتابـع إذاعـة البيـان بالتليفزيون الرسمى، وكانت لحظات فارقة لا تُنسى، وبدأت أشـعـر بـأن الوطن يتعافى ويعود من خاطفيه، وكانت الطائرة بانتظارى لأعـود مـرة أخرى إلى برج العـرب، وأخذ الطيار يحلق بى مقتربًا من الملايين الذين ملأوا الشوارع والميادين فرحين بما حدث، فاللحظة فارقة، ويتذكر البابا تواضروس أحداث هذا اليوم ويصفها بأنها بطولة حقيقية تستعيد بها مصر مكانتها قائلًا: «ذهبت وأنا لا أعرف من سيحضر، ولا ما سيقال أو سيحدث، لقد أدار الرئيس السيسى الجلسة بديمقراطية، وأعطى الفرصة لكل شخص للتعبير عن رأيه».

وأوضح أن «ما حدث خلال الأيام الثلاثة السابقة كان واضحًا للجميع؛ لكن الرئيس السيسى رتبه فى نقاط، وبدأ فى استطلاع الآراء حتى توصلنا إلى إعداد بيان 3 يوليو».

وأكد أن رأيه كان «رأى الوطن وسلامته، وعودة مصر إلى مصر التى عرفناها، مصر الجيران والأخوة والزملاء، كانت لحظة فارقة جدًا».

وعن كلمته التى ألقاها فى هذا اليوم يقول البابا تواضروس الثانى: «كلمتى فى بيان 3 يوليو لم يتم إعدادها من قبل، وقررت حينها ارتجال الكلمة؛ وقلت ما معناه أن علم مصر يجمعنا، فاللون الأبيض يشمل سكان البحر الأبيض المتوسط، واللون الأحمر يشمل البحر الأحمر، واللون الأسود يشمل نهر النيل، واللون الأصفر للقوات المسلحة المصرية التى تعيش فى الصحراء، وكان وقت كلمتى دقيقتين فقط».

وأضاف البابا خلال تصريحات إعلامية سابقة: «من أكثر الأمور الجميلة التى أتذكرها، أنه عندما أنهينا جميعًا كلمتنا فى بيان 3 يوليو، تعانقنا جميعًا بشكل لا ينسى كتعبير عفوى تمامًا، وبعد إذاعة بيان الفريق عبدالفتاح السيسى، جلسنا على مائدة الطعام لنتناول وجبة العشاء، ثم عدت بالطائرة إلى الإسكندرية».

وتابع: «قائد الطائرة قال لى حينها إنه سيهبط بالطائرة قليلًا، حتى أرى بعينى فرحة المصريين فى الشارع يوم 3 يوليو، ولن أنسى مشهد السعادة الغامرة بين المواطنين والزغاريد والأنوار والهتافات الجميلة».

هكذا حفرت أحداث هذا اليوم فى ذاكرة بطريرك الكرازة المرقسية والتى كانت أحداثًا فيصلية نقلت الدولة المصرية لفترة جديدة حيث انطلقت مصر فى بناء جمهوريتها الجديدة.