الإثنين 7 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد افتتاح الدورة السادسة:

عمـّان السينمائى الدولى.. دورة استثنائية تحتفى بالصمود والإبداع العربى

فى قلب العاصمة الأردنية عمان، وتحديدًا فى يوم الأربعاء الماضى، رفع الستار عن الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائى الدولى – أوّل فيلم، والتى تستمر حتى العاشر من الشهر الجارى. هذا الحدث، الذى رسخ مكانته كمنصة فريدة لصناع الأفلام الجدد فى العالم العربى، يعود هذه السنة ببرنامج ثرى، يحمل شعارا جريئا «عالم خارج النص».



بحضور الأميرة «ريم على»، رئيسة المهرجان، والأمير «على»، وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والرسمية والضيوف من صناع الأفلام وأعضاء لجان التحكيم، افتتح المهرجان دون السجادة الحمراء، كما فى الدورة السابقة، وذلك احترامًا للوضع الإنسانى المستمر فى غزة. 

وتقول «ندى دومانى» مديرة المهرجان فى تصريحات لـ«روزاليوسف»: «نفضل الاستغناء عن المظاهر البراقة ونركز على الاحتفاء بالسينما وصناعها».

اكتفى فريق إدارة المهرجان أثناء الحفل بعرض فنى لفرقة شركسية تكريمًا لثقافتهم التى تُعدّ جزءًا أصيلًا من النسيج الأردنى، عقبها كلمة للأميرة «ريم على» رئيسة المهرجان شرحت من خلالها معنى شعار هذه الدورة، مؤكدة أنه مستوحى من واقع المنطقة والعالم، لكنه أيضًا إشارة إلى السينما الحرة التى تكسر القوالب.

فلسطين حاضرة فى الافتتاح.. وفى الروح

اختار المهرجان أن يفتتح دورته بفيلم فلسطينى قصير بعنوان (ما بعد) للمخرجة «مها حاج».

وتشرح «دومانى» سبب هذا الاختيار قائلة: «طالما كانت فلسطين وأفلامها حاضرتين فى المهرجان. فمن واجبنا أن نسلط الضوء على صانعى الأفلام فيها، و(ما بعد) هو فيلم قوى للغاية ويعصر القلب ويقدم العلاقة بين الخيال والواقع كما لم يعرضها أى فيلم عربى من قبل».

وأضافت «دومانى»: «اللافت فى هذه الدورة أننا نقدم 6 أفلام من غزة، جميعها وثائقية، تعرض لأول مرة عالميًا، تعكس صمود الغزيين المذهل رغم الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف. ونأمل أن تجول هذه الأفلام العالم لتنقل حقيقة الصورة وإنسانية ضحايا الحرب».

تكريم خاص لـ«إيرلندا» و«جيم شيريدان»

يستضيف المهرجان هذا العام إيرلندا كضيف شرف لأول مرة، انطلاقًا من التقاطعات الإنسانية بين التجربتين السينمائيتين العربية والإيرلندية، فى تناول قضايا الهوية والعدالة الاجتماعية.بالإضافة إلى موقفها المشرف من القضية الفلسطينية.. حيث تُعرض خمسة أفلام إيرلندية بارزة ضمن قسم «إضاءة على السينما الإيرلندية»، من بينها (باسم الأب) و(قدمى اليسرى) للمخرج «جيم شيريدان»، الذى يستضيفه المهرجان فى فقرة «الأول والأحدث»، فى حوار مفتوح مع المخرج المصرى «يسرى نصر الله».

برنامج ثرى يعكس تنوعًا جغرافيًا وإنسانيًا

يعرض المهرجان هذا العام أكثر من 62 فيلمًا من 23 دولة، بينها 23 عرضًا أول فى المنطقة العربية، و16 عرضًا عالميًا أول. وتتنوع العروض بين روائى ووثائقى وقصير، كما تُعرض بعض الأفلام فى محافظات الأردن، إلى جانب ثلاثة عروض مجانية فى البوليفارد – العبدلى.

تتنافس الأفلام المشاركة فى المهرجان ضمن ثلاث مسابقات رئيسية: الأفلام الروائية الطويلة، والأفلام الوثائقية الطويلة، والأفلام القصيرة. وتُمنح الجوائز لأفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل أداء تمثيلى، إلى جانب جوائز تقديرية تمنحها لجان التحكيم الخاصة.

تشارك فى المسابقات أفلام من مختلف أنحاء العالم العربى، من بينها أفلام من مصر، فلسطين، لبنان، تونس، الجزائر، والمغرب، بالإضافة إلى أفلام من الأردن والخليج. ويُتوقع أن تشهد هذه المسابقات تنافسًا عالى المستوى، مع حضور قوى لأصوات نسائية وأفلام تُعالج قضايا سياسية واجتماعية بجرأة وابتكار.

وللمرة الأولى، يدمج المهرجان لغة الإشارة فى بعض العروض لتكون متاحة لفئة الصم وضعاف السمع، كما تُترجم معظم الأفلام إلى اللغتين العربية والإنجليزية.

 المشاركة المصرية تتألق فى المسابقة

تتصدّر المشاركة المصرية حضورًا متميزًا فى مسابقات المهرجان، مما يعكس ثراء السينما العربية وإبداعها المستمر. فى مسابقة الأفلام العربية الروائية الطويلة، ينافس فيلمان بارزان من مصر هما: (البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو)، إخراج «خالد منصور»، و(دخل الربيع يضحك)، إخراج «نهى عادل»، وهما فيلمان يتناولان موضوعات حياتية واجتماعية متنوعة، من منظور درامى معاصر يعكس واقع المجتمع.

أما فى مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، فتقدّم مصر فيلم (أبو زعبل 89)، إخراج «بسام مرتضى»، كعمل وثائقى سردى يلقى الضوء على قضايا حقوق الإنسان والتاريخ الوطنى، ما يعزز حضور الوثائقى المصرى على الساحة الإقليمية.

وفى مسابقة الأفلام العربية القصيرة، تشارك مصر بعدّة أفلام تمثل تنوع المنظور والإبداع الشبابى منها (أنت أرنب؟، مانجو، ونهار عابر).. هذه الأعمال الصغيرة الحجم لكنها كبيرة الرؤى، تُقدّم سرديات مكثفة ومدروسة تعكس الواقع الاجتماعى والنفسى لجيل جديد من المبدعين.

أيام عمّان لصنّاع الأفلام

فى القسم المهنى من المهرجان، تم اختيار 18 مشروعًا ضمن منصات تسويق تنافسية، بينها مشاريع فى مرحلة التطوير وأخرى فى مرحلة ما بعد الإنتاج. استُقبلت أكثر من 170 مشاركة، تم اختيار الأفضل منها بناءًا على الأصالة والرؤية الفنية.

وضمن المشاريع المختارة، تسجل مصر حضورًا قويًا عبر عدة مشاركات لافتة، منها أفلام (حرامى البقرة، زى طير فى السما، وأسياد الجمال والسحر) وكلها مشاريع قيد التطوير.. أما فى مرحلة ما بعد الإنتاج، فيشارك فيلم (كل ما تستطيع الرياح أن تحمله) إخراج «ماجد نادر»، وهو من الأعمال التى يتوقع أن تثير اهتمامًا نقديًا واسعًا.

كما يشهد البرنامج إطلاق «The Spark Series»، وهى مبادرة جديدة كليًا فى المنطقة لعرض مسلسلات الويب على مدى يومين، بحضور صانعيها، كمنصة بديلة وسهلة الوصول لقص الحكايات.

 سينما عربية تتحرر من القيود

تختتم «دومانى» تصريحاتها بالقول: «نعمل على دعم سينما عربية متحررة من القيود والتوقعات السردية، وأصوات تتحدى التشويه وتبوح بالحقيقة بجرأة وإبداع».

هكذا يمضى مهرجان عمّان السينمائى الدولى – أوّل فيلم فى عامه السادس، بشعار عالم خارج النص، حاملًا سينما تقاوم، وتوثّق، وتُحاور، وتحلم.. وتُعبّر.