الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الكرة المصرية .. بين التخبط وسوء الإدارة

الكرة المصرية .. بين التخبط وسوء الإدارة

 عشوائية وسوء إدارة وعدم وجود عدالة واختيارات خاطئة، تلك هي الصفات التي تميز كرة القدم المصرية، مما أدى إلى إخفاقات متتالية أصابت كافة عناصر اللعبة، انعكست بدورها على الجماهير العاشقة لهذه الرياضة، لنبتلي بالفتن والتحارب والصراع بين الأندية وتحديدًا الكبيرة منها، وللأسف ساهم الإعلام الرياضي في تزكية هذه الصراعات، بانحياز بعض من يعملون به لأندية بعينها، دون الوضع في الاعتبار اسم مصر وسمعتها في المحافل الرياضية، سواء العربية أو الدولية، مما يؤكد لنا ولغيرنا أنه ليس هناك من يعمل لصالح الكرة المصرية وتطورها، لدرجة وصل معها الحال إلى أن نشهد احتفال ناديين ببطولة الدوري العام غير المأسوف عليه، مشهد لم ولن يحدث في أي بطولة دوري عام على مستوى العالم. أزمة بل أزمات عديدة، جميعها تعكس فشل الإدارة الرياضية في مصر في إدارة البطولات المحلية، مشيرين إلى أن مثل هذه المشكلات تشوه صورة مصر رياضيًا وتضعف من جاذبية الدوري المصري، الذي وصلت الخلافات بين أنديته إلى المحاكم الدولية، حتى وصل بنا الحال إلى أن أحد أكبر الأندية في أفريقيا يهدد بالانسحاب من مباراة لعدم تنفيذ مطالبه باستدعاء حكام أجانب. يحدث هذا في ظل غياب التنسيق بين اتحاد الكرة ورابطة الأندية، التي تدير مسابقة الدوري، ويتولى رئاستها رجل لم يسبق أن عرف عنه أنه مارس كرة القدم من قبل، ورئيس اتحاد لا يهتم سوى بمنصبه الدولي في (الفيفا) ليصبح ترتيب الدوري المصري في المستوى الثالث عربيًا، حيث يتقدمه الدوري السعودي والمغربي.



ورغم انتهاء الموسم الكروي بفوز الأهلي بالبطولة، إلا أنه كشف العديد من الأمراض المزمنة التي تقف عائقاً أمام استعادة الكرة المصرية ريادتها أفريقيًا وعربيًا، والتي يتحمّل مسئوليتها بالدرجة الأولى القيّمون على اللعبة، إذ شهدت سلسلة من الأحداث التي أكدت أنّ التأثير الأكبر على مجريات الأمور يعود إلى الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك، إلى جانب أندية أخرى مدعومة جماهيريًا أو ماديًا كنادي بيراميدز. حتى باتت هذه الأندية أكبر من اتحاد اللعبة، ومن ثم كشفت قصور القدرة الإدارية في تطبيق اللوائح بشكل متساوٍ بين جميع الأندية، وهذا ما تجلى بوضوح تام في مباراة القمة بين الأهلي والزمالك. التي تخلف الأهلي عنها (ولم ينسحب كما يدعي القائمون عليه) فبدلًا من تطبيق العقوبات المعتادة والتي سبق وأن طبقت من قبل على الزمالك، بخصم نقاط إضافية من الأهلي جراء انسحابه، اكتفت رابطة الأندية المزعومة باعتباره خاسرًا بثلاثة أهداف فقط، بحجة الظرف الطارئ الذي لم نشهد له مثيلًا في جميع مسابقات العالم.

وفي إطار محاولات الحفاظ على مصالح البعض على حساب العدالة، قرّرت الرابطة إياها وكذلك اتحاد المصالح إلغاء الهبوط هذا الموسم لحماية ناديى الإسماعيلي وغزل المحلة من مغادرة الدوري الممتاز. تحت ذريعة مكانة الناديين التاريخية وقاعدتهما الجماهيرية الكبيرة، حدث هذا بموافقة ضمنية من الأندية الكبرى كالأهلي واتحاد اسكندرية. وهو القرار الذي لم يكتفِ بضرب القوانين عرض الحائط فحسب، بل قتل متعة التنافس التي سادت طوال الموسم، وجعل من بطولة الدوري القادمة حقل تجارب جديد لكرة مصر.

 بالمناسبة الممارسات غير النزيهة وغير العادلة لم تقتصر على الموسم الحالي فقط، فقد كان للمواسم السابقة نصيبها من تلك القرارات الكارثية، أبرزها عندما أعلن نادي الزمالك انسحابه من إحدى مباريات القمة سابقاً، نصّت اللوائح حينها على خصم النقاط وهبوط الفريق المنسحب. ورغم ذلك، لم يُطبق بند الهبوط الى الدرجة الرابعة، بحجة أنّ الزمالك يُعتبر أحد قطبي الكرة المصرية ولا يمكن إسقاطه، هذا الكلام ليس كلامي ولكنه كلام (عبد المنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في تسعينات القرن الماضي)، واقعة أخرى كان بطلها مجلس إدارة اتحاد سابق للعبة، حينما سمح للزمالك بالمشاركة في البطولات الإفريقية رغم الديون التي كانت عليه، بما يتعارض مع لوائح الاتحاد الإفريقي للعبة، التي تمنع مشاركة الأندية المديونة. وبدلاً من احترام تلك القوانين، حصل الزمالك على ترتيبات من هذا الاتحاد لجدولة ديونه بشكل لم يتم إيضاح آلياته، والسماح له بتسجيل لاعبين جددًا رغم إيقاف قيده، نفس الحال تكرر مع نادي بيراميدز الذي منح رخصة نادٍ محترف من دون استيفاء المتطلّبات الأساسية.

انتهاكات وأزمات عديدة ومتكررة تُشير إلى أنّ الكرة المصرية أصبحت أسيرة مصالح وأغراض شخصية لا علاقة لها بكرة القدم أو القوانين المنظمة للعبة، لكن جميعها تفتقر إلى العدالة والمساواة بين الأندية. وإذا لم يتم في شأنها تغيير جوهريّ يُعيد ترتيب أمورها وفقاً لأسس شفافة وقواعد ثابتة تُطبق على الجميع كبيرًا كان أو صغيرًا، فإنّ النهاية الحتمية ستكون انهيار المنظومة الكروية بالكامل. وقتها فقط سوف نصبح روادًا فى مملكة النسيان، التي لا يتذكرها أحد.