الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد أسبوع على عيد الإعلاميين تتحدث: لبنى عبدالعزيز: 76 سنة إذاعة.. ولم أكرم!

فى الأسبوع الماضى تم الاحتفال بالعيد الـ 91 للإذاعة المصرية والتى تم افتتاحها فى 31 مايو عام 1934، ورغم تحول هذا اليوم ليصبح عيدًا لكل الإعلاميين المصريين منذ عام 1983، إلا أن الإذاعة تحتفظ بالأولوية فى الاحتفال بروادها وشبابها تمامًا كما احتفظت بمكانتها لدى الجمهور خلال كل هذه السنوات، حيث ساهمت بدور كبير فى تشكيل وعيهم، وأصبحت شاهدة على مراحل مهمة فى تاريخ وطنهم، عبر أصوات لا تزال محفورة فى وجدانهم.



 

لكن وسط كل هؤلاء العمالقة هناك صوت إذاعى مهم لفنانة دخلت الإذاعة فى طفولتها وقبل احترافها التمثيل منذ 76 سنة، ولا تزال حتى اليوم وهى على مشارف الـ 90 من عمرها تمارس عملها فى إذاعة البرنامج الأوروبى ببرنامج (ركن الطفل) الذى يعتبر أقدم برنامج إذاعى يتم تقديمه حتى الآن، وهى الفنانة «لبنى عبدالعزيز» التى رغم تاريخها الطويل فى إذاعة البرنامج الأوروبى، وبرامجها العديدة التى حاورت فيها رجال الفكر والثقافة والسياسة، إلّا أن عيد الإذاعة قد مر دون أن يذكرها فيه أحد. إذا كانت «لبنى عبدالعزيز» فنانة استثنائية من زمن الكبار، فهى أيضًا إذاعية من طراز رفيع، وفى السطور التالية نحاول أن نتعرف على السر الذى بين «لبنى» وبين ميكروفون الإذاعة، التى وإن تركت بلاتوهات السينما منذ أن قدمت (جدو حبيبى) آخر أفلامها عام 2012 إلا أنها أبت أن تتركه.

دعينا نعد معك إلى البدايات، كيف دخلت إلى الإذاعة وأنت طفلة؟

- عندما كان عمرى أحد عشر عامًا، زارنا فى المنزل الإذاعى «عبدالحميد يونس» وكان يشغل وقتها منصب مدير إذاعة البرنامج الأوروبى، بحكم أن والدى «حامد عبدالعزيز» صحفى بجريدة الأهرام، حيث كان يجعل منزلنا ملتقى لأهل الثقافة، والصحافة، والأدب، وكان دائمًا ما يجعلنى ألقى الشعر أمام ضيوفه، وفى إحدى المرات، عرض على «عبدالحميد يونس» بعد أن استمع إلى قصيدة من إلقائى أن أشارك فى تقديم برنامج (ركن الأطفال) فى إذاعة البرنامج الأوروبى، فوافقت على العرض، ورحبت أسرتى أيضًا، كان هذا بين عامى 1949، و1950، وفى هذا الوقت كان كل العاملين بتلك المحطة من الأجانب، فعملت معهم لسنوات، وتعلمت منهم كثيرًا، حتى قامت ثورة يوليو 1952، وصدر قرار برحيل الأجانب عن الإذاعة، يومها تحملت المسئولية وحدى، وقدمت البرنامج بنفسى، وكان عمرى لم يتجاوز الرابعة عشرة.

وهل تم تعيينك فى الإذاعة وقتها؟

- نعم، وقد تم ذلك بطريقة غريبة، لأن سنى كانت صغيرة، حيث اقترح «عبدالحميد يونس» بصفته رئيس الإذاعة تقديم (شهادة تسنين) حتى يتمكن من تعيينى، وقد وفرها لى طبيب صديق لوالدى، لكن عيب الشهادة الوحيد اكتشفته بعدما تقدمت فى العمر، لأن تاريخ ميلادى المتعارف عليه، والمثبت فى الأوراق الرسمية (الأول من أغسطس عام 1935) غير حقيقى، فأنا أصغر من هذا السن بنحو أربع سنوات.

وماذا عن لقاءاتك مع أهل الفكر والثقافة والأدب؟

- كان هذا من خلال برنامج (بورتريه) حيث التقيت فيه بمفكرين عظامًا، منهم «محمد حسنين هيكل، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وإحسان عبدالقدوس، وصلاح طاهر» وغيرهم، كما قدمت أيضًا برنامج (أضواء القاهرة) باللغة الإنجليزية، قبل أن يقدمه الإعلامى «مفيد فوزى» بالعربية تحت اسم (حديث المدينة)، حيث كنت أزور المتاحف والمسارح ودور السينما، وأتابع الأحداث من الشارع، بالإضافة إلى برامج قراءة الشعر، وعشرات المسلسلات الإذاعية التى قدمتها.

عاصرت كثيرًا من الأحداث السياسية الصعبة فى الإذاعة، فكيف تعاملت مع تلك الأحداث وأنت صغيرة السن؟

- لم أحضر نكسة 67 أو انتصار أكتوبر 73 بسبب سفرى إلى أمريكا وبقائى هناك مع زوجى وأولادى لسنوات طويلة، لكنى عاصرت العدوان الثلاثى على مصر سنة 1956، ولعبت دورًا مهمًا فى الإذاعة فى ذلك الحين، حيث طلب منى الدكتور «عبدالقادر حاتم» وزير الثقافة والإرشاد القومى أن أعد برنامجًا إذاعيًا عن إسرائيل، تحت عنوان (هل تعلم) ليكون بمثابة دعاية مضادة لهم، ليقدم من خلاله فضائح إسرائيل على مر التاريخ، لكنى ترددت، لأننى لا أستطيع الكتابة باللغة العربية بشكل جيد، وقد كان الاتفاق على أن أقوم بإعداد الحلقات بالإنجليزية، ثم يتم ترجمتها للغات مختلفة وإذاعتها بالعربية فى إذاعة «صوت العرب» أولًا، ومنها إلى باقى الإذاعات الأخرى، بالإنجليزية، والعبرية، وقد كان يتولى إذاعتها فى (صوت العرب) الإذاعى الكبير «أحمد سعيد».

وما الذى تذكرينه من حواراتك مع الرؤساء؟ 

- أجريت حوارًا مع الرئيس «محمد نجيب» أول رئيس مصرى بعد الثورة، لكن سبق هذا الحوار موقف فى الإذاعة عندما كنت أحتفل مع الأطفال فى الاستوديو بأعياد الكريسماس، وبينما كنت أجلس على الأرض وحولى الأطفال، أغنى معهم أغانى العيد، أخبرنى الزملاء أن الرئيس «محمد نجيب» يسجل كلمة فى الاستوديو المجاور للاستوديو الخاص بى، فتولدت فى رأسى فكرة جريئة، حيث ذهبت إليه وطلبت منه أن يسجل معى كلمة لأطفال البرنامج، يهنئهم فيها بالعام الجديد، لكن على باب الاستوديو وجدت حرسًا، يقفون بالبنادق، وصرخ أحدهم فى وجهى، وطالبنى بالرحيل فورًا، لكنى رفضت، ورفعت صوتى، وأخذت ألوح للرئيس لكى يرانى، فنظر إلى وقال: (إيه يا بنتى..عايزة إيه؟) وأمر جنوده أن يسمحوا لى بالدخول، فأخبرته بما أريد، فرحّب وسجل كلمة، وكانت هى المرة الأولى التى يظهر فيها صوت الرئيس «محمد نجيب» فى إذاعة البرنامج الأوروبى.

وهل صاحبتك الرهبة فى كل الحوارات التى أجريتها مع الرؤساء بعد ذلك؟

- كانت تقل بالطبع لأن الخبرة كانت تتزايد مع مرور السنوات، مع ذلك كانت تحدث لى مواقف ليست فى الحسبان منها مثلاً عندما ذهبت إلى الرئيس الراحل «أنور السادات» فى فيلته بالهرم بغرض تسجيل حوار معه، وكان يرتدى يومها ملابس عادية جدًا دون تكلف أو مبالغة، وقبل بدء التسجيل فوجئت به ينهض واقفًا ويهتف بصوت عال قائلًا: (لبنى) فانتفضت من المقعد الذى كنت أجلس عليه وشعرت بقلق شديد، فضحك ضحكته الشهيرة وقال لي: أنا أنادى على ابنتى (لبنى) لكى تتعرف عليك وتكتسب منك أسلوبك الجميل فى الحديث.

ورغم كل هذه النجاحات، عدت إلى الإذاعة بعد عودتك من أمريكا مطلع الألفيات وقررت استئناف برنامج ركن الطفل فقط، لماذا هذا البرنامج بالتحديد؟

- أنا أحب الإذاعة، وبينى وبينها قصة عشق، وأحب برنامج (ركن الطفل) ويكفينى أن أقابل رجالًا كبارًا يقولون لى تربينا على صوتك فى الإذاعة، ولا نزال نذكر حكاياتك وقصصك التى أثرت بنا.

هل يحزنك عدم تكريمك على كل ما قدمته فى الإذاعة؟

- هل تعلمين أن الإذاعة هى الجهة الوحيدة التى لم تكرمنى، لكن فى العموم التكريمات أمر لا يشغلنى، ويكفينى أننى أمارس العمل الذى أحبه.