الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

لماذا أعفت الحكومة المنتجات الأمريكية من الشهادة؟ فصل الأقوال فى «اللبن الحلال»!

خلال الأيام الماضية أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، عن إعفاء دائم لمنتجات الألبان ومشتقاتها المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية من متطلبات شهادة الحلال، مؤكدًا أن القرار يُعد خطوة غير مسبوقة تهدف إلى دعم العلاقات التجارية بين مصر والولايات المتحدة وتعزيز تدفق السلع الغذائية فى السوق المصرية.



وتلا ذلك موجة من الشائعات، وبالأخص من قبل اللجان الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى فأثار جدلاً حول المنتجات المستوردة من الخارج.

يقول محمد حفنى، مستورد ألبان وعضو غرفة الصناعات الغذائية: إنه رغم صدور القرار بتطبيق شهادة الحلال فى أكتوبر2021، إلا أنه بعد عدة شهور، تم تعطيل تطبيق القرار بشأن منتجات الألبان فى مارس 2022 لمدة 6 أشهر، واستمر حتى العام الحالى وبالنسبة لى لم يحدث أن استخرجت شهادة حلال على شحنة ألبان خلال السنوات الماضية، ولا بد أن يعلم المستهلك أن تكلفة الشهادة الواحدة تصل إلى 1500 دولار وقد تصل إلى ألفى دولار، ويستلزم إصدار شهادة لكل حاوية تحمل حتى 30 طنًا من المنتجات، ومنتجات الألبان ليست بحاجة لمثل تلك الشهادات مثل اللحوم والدواجن.

معايير صارمة

وأضاف محمد حفنى: هناك من يقول إن إلغاء شرط شهادة الحلال يمكن أن يفتح الباب لدخول منتجات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، فى حين أن هذه الشهادة لم تطبق اصلًا وتم تعطيلها أكثر من مرة بناء على طلبات الموردين لأنها غير مجدية، وتعطل الشحنات وتزيد التكلفة، ولا بد أن يعلم المستهلك أن منتجات الألبان الأمريكية تخضع لمعايير صارمة جدًا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهى واحدة من أقوى الجهات الرقابية فى العالم، مما يعنى أن هذه المنتجات تخضع لفحص دقيق من ناحية النظافة والسلامة الغذائية.

جهات رقابية

وأوضح حفنى، أنه عندما تصل الشحنة للبلاد، تفحص الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات كل المنتجات المستوردة حتى تتأكد أنها مطابقة للمعايير المصرية، بالإضافة لمعامل وزارة الصحة ووزارة الزراعة ومعامل الهيئة القومية لسلامة الغذاء، ولا بد أن يعى المستهلك أن منتجات الألبان فى الأساس لا تحتاج شهادة «الحلال» مثل ذبح الأغنام والمواشى والدواجن، وبالنسبة لمواد التصنيع مثل الإنزيمات أو المواد الحافظة، فإن منتجات الألبان الأمريكية خالية من مشتقات الخنزير أو الكحول حتى تكون مناسبة للأسواق العالمية.

تقليل البيروقراطية 

وأكد محمد حفنى أن «القرار يخدم الشركات المستوردة من خلال تقليل الإجراءات البيروقراطية وخفض التكاليف التى يتكلفها الحصول على هذه الشهادة، وكانت هناك إخطارات من الموردين العالميين الرئيسيين وفى مقدمتهم الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا مطلع 2022، عندما كانت الشهادة مطبقة وقبل تعطلها، وهذه المناشئ الأربعة تورد نحو 80% من إجمالى واردات الألبان السنوية، ودعت الحكومة من خلالها لتعطيل تطبيق العمل برسوم الشهادة، وهذا ما حدث منذ مارس 2022 ولمدة 6 أشهر حتى أكتوبر من العام نفسه، ثم مدد التعطيل أكثر من مرة حتى صدور قرار رئيس الوزراء بإلغائها تماما».

فى السياق ذاته يقول الدكتور محمد الحوفى، أستاذ تكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة عين شمس، لـ«روزاليوسف»: لا يمكن أن تحتوى منتجات الألبان المستوردة على مواد غير مطابقة للشريعة الإسلامية والشىء الوحيد الذى يمكن أن نقلق منه هو استخدام «المنفحة» فى صناعة الجبن، ويتم فى الخارج استخدام منفحة العجول أو البقر، كما يتم استخدام انواع من البكتيريا عند صناعة الألبان والجبن.

تدوين البيانات

ويضيف الدكتور محمد الحوفى: «بالفعل هناك منفحة للخنزير، ولكن فى البداية لا بد أن نعلم أن المصانع التى تستخدمها يتم تدوين ذلك على أغلفة العبوات وهذا من ضمن شروط التصنيع، وأى مستورد مصرى للألبان، يعلم أنه عند الاستيراد لابد أن تكون الاشتراطات مطابقة للمواصفات القياسية المصرية، والتى تشترط استخدام منفحة العجول أو البقر، ويتم الرقابة على ذلك من قبل معامل هيئة الخدمات البيطرية ومعامل الهيئة القومية لسلامة الغذاء بالإضافة لمعامل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات ومعامل وزارة الصحة، وهو ما لا يمكن حدوثه أو دخوله للبلاد.

وتابع: «يتم استيراد الألبان البودرة والسمن، والسمن إما نباتى أو صناعى أو طبيعى، وهناك أيضا معامل تحاليل لمعرفة إذا ما كانت تحوى تلك المنتجات شحوم ودهن الخنازير أم لا، ولا بد أن يعلم المستهلك أن شحوم الخنازير مكلفة بالخارج، ولهذا لا يمكن أن تدخل فى صناعة الجبن النباتى أو السمن النباتى أو الصناعى».

تعطيل الشهادات

وأكد الحوفى، أنه لدينا جهات عدة تراقب على سلامة الغذاء فى مصر، ويتم إجراء تحاليل عدة على تلك المنتجات «وعلى المستهلك أن يعلم أن شهادة الحلال منذ إقرارها فى أكتوبر 2021 لم تطبق مطلقا على منتجات الألبان المستوردة إلا لشهور قليلة، ولكن تم تطبيقها على الواردات من اللحوم والدواجن وبعض مستحضرات التجميل، وتأجل التطبيق مرات عديدة، إلا أنه تم مؤخرا إلغاء القرار لعدم جدواه».

تحديات قطاع الألبان

ويوضح الدكتور محمد الحوفى، أن قطاع إنتاج الألبان فى مصر يواجه العديد من التحديات التى تؤثر بشكل كبير على كفاءته وتطوره، ومنها نقص السلالات عالية الإنتاجية، مما يقلل من إجمالى الإنتاج المحلى، كذلك ارتفاع أسعار الأعلاف، وفيما يتعلق بنسبة الاكتفاء الذاتى من الألبان فى مصر، فوفقًا لتصريحات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، حققت مصر اكتفاءً ذاتيًا من الألبان الطازجة بنسبة 100 %، مع إنتاج يتجاوز 8.5 مليون طن سنويًا، وتعتمد مصر على استيراد الألبان المجففة لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتصل قيمة واردات الألبان المجففة لمصر سنويًا بين 500 مليون دولار إلى مليار دولار».

حجم الاستيراد

استوردت مصر خلال النصف الأول من عام 2024منتجات ألبان بما قيمته 368 مليون دولار، وفق بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

التحاليل كاشفة

ومن جهته، يقول الدكتور محمد الشافعى، مدير معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، لـ«روزاليوسف»، إن ما حدث من نشر الفوضى والشائعات باحتمالية وجود دهون الخنازير بمنتجات الألبان أمر غير منطقى ولن يحدث لأن دهون الخنازير مكلفة للغاية، وعند استخدامها يتم تدوين ذلك على المنتج، كما أن هناك تحاليل بسيطة للغاية تجرى داخل المعامل المصرية بهيئة الرقابة على الصادرات والواردات للتأكد من خلو المنتجات المستوردة من دهون الخنازير وهو تحليل «اتش بى أل سى»، ويوضح إذا ما كان المنتج يحتوى على الأحماض الدهنية والأمنية للخنازير أم لا.

ويضيف، نحن نعانى من كثرة الجهات الرقابية، ووزارة الزراعة ومعهد بحوث صحة الحيوان يتولون متابعة عمل لجان التفتيش التى ترسلها الوزارة للمصنع التابع للدولة المصدرة، بناءً على مطلب مقدم من مستورد اللحوم أو الدواجن أو الألبان للتأكد من مطابقة الواردات للمواصفات القياسية المصرية، سواء تلك المنتجات مصحوبة بشهادة الحلال أم لا، ويتم متابعة عمليات الذبح طبقا للشريعة والتخزين والتغليف للواردات حتى وصولها للموانئ المصرية لتتولى الرقابة على الصادرات والواردات التفتيش وأيضا الجهات الأخرى كالهيئة القومية لسلامة الغذاء».

تعاون «الزراعة» و«الأوقاف»

وسعت وزارة الزراعة لطمأنه المواطنين على سلامة الواردات من منتجات الألبان من شبهة احتوائها على منتجات مخالفة للشريعة الإسلامية، وحسب تصريحات الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة، فإن هيئة الخدمات البيطرية، كان لها قرار صادر للشركات التى تصدر اللحوم والدواجن لمصر، بضرورة أن تقوم تلك الشركات بإعطاء شهادات حلال، وذلك لضمان جودة منتجات اللحوم والدواجن المستوردة بأن يتم الذبح على حسب الشريعة الإسلامية «ولدينا على مستوى كل الدول التى نستورد منها مجموعة من مقدمى الخدمات التى تنطبق عليهم الشروط، وهناك مندوب من وزارة الزراعة ووزارة الأوقاف، لمتابعة الذبح داخل الدول التى بها شركات التى لديها شهادات حلال، والدولة المصرية وضعت شروطًا من خلال هيئة الخدمات البيطرية ويتم الحصول على عينات للتأكد من أن الذبح تم بالشريعة الإسلامية، ولكن منتجات الألبان يتم الحصول عليها من رؤوس الحيوانات وهى حية، لذا لا يوجد بها أى مشاكل».

شركات عديدة 

وتعتزم الحكومة المصرية، توزيع إصدار شهادات «الحلال» على شركات عدة، ومنع احتكارها على جهة واحدة؛ ما يعنى ضمنًا استمرار شرط «الحلال» لمنتجات اللحوم والدواجن، وهو ما اكده المتحدث باسم الحكومة محمد الحمصانى، بأن الحكومة تستهدف اتخاذ وزارة الزراعة الإجراءات اللازمة لتنويع وزيادة عدد الجهات المُخوَّلة بإصدار شهادات الحلال، بما يسهم فى تعزيز المنافسة، وإعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص، وبالفعل كانت هناك شكاوى من هذا الأمر، ومن ثم سيتم السماح بزيادة هذه الشركات، وتنويعها، إلى جانب دراسة خفض رسوم تقييم مدى مطابقة المنتجات والمنشآت الغذائية المُصدِّرة للسلع التى تتطلب شهادات (الحلال)، التى كان يتم تحصيلها.

منعا للاحتكار

ويقول الدكتور محمد القرش، المتحدث الاعلامى لوزارة الزراعه، لـ«روزاليوسف»: إنه بالفعل ستقوم وزارة الزراعة بفتح المجال امام عدد من الشركات للعمل فى مجال إصدار شهادات الحلال، هذا الإجراء سيسهم فى تخفيض قيمة هذه الرسوم، ومن ثم تخفيض قيمة وصول السلعة للمواطن، وستقوم الهيئة العامة للخدمات البيطرية بفتح الباب أمام تسجيل الشركات المانحة للشهادات الدولية فى مجال مطابقة الأغذية للشريعة الإسلامية، بعدما كان الاعتماد على شركة واحدة.

غرفة الصناعات الغذائية

من جهتها أكدت الدكتورة مايسة حمزة، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية، أن وثيقة شهادات الحلال مهمة بالطبع للتأكيد على أن المكونات والاضافات للواردات خالية من المحرمات المخالفة للشريعة الإسلامية، وكذلك خلال مراحل التغليف والتخزين وظروفه والذبح وشهادات الحلال كانت توضع على اللحوم والدواجن والألبان وبعض مستحضرات التجميل، وتخدم تلك الشهادات مليار ونصف المليار مسلم حول العالم»

شعبة المستوردين

فيما اوضح متى بشاى، رئيس لجنة التجارة بشعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن شهادة الحلال ليست ضرورية للالبان، ولكنها مهمة فقط لمنتجات اللحوم والدواجن وبعض مستحضرات التجميل، خصوصا أن الشهادة مكلفة ماديا ولها شرائح عديدة حسب حجم الشحنة لأن الشركة المسئولة عن اصدار الشهادة ترسل لجان للمصنع بالخارج، وتجرى جولات للتأكد من أن الشحنة مرفق بها شهادة الحلال من البلد المصدرة، وهى شهادة دولية معتمدة وتتطلب وقتًا طويلًا لذلك فإن فتح الباب أمام عدد كبير من الشركات المختصة بمنح شهادات الحلال سوف ينهى البيروقراطية والروتين».

وحدة شهادة «حلال»

من جانبه أكد رئيس الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة الدكتور خالد صوفى، لـروزاليوسف، أن الهيئة لها دور كبير فى وضع الاشتراطات والمواصفات لشهادة الحلال طبقا للشريعة الإسلامية، وهناك وحدة داخل الهيئة، ونهدف لزيادة الصادرات لأننا نصدر لدول إسلامية ولمستهلكين داخل دول اوروبية، ولا بد أن يصاحب الصادرات المصرية شهادة حلال، لتشجيع وزيادة الصادرات، والدولة تعتمد على الشهادة الصادرة من هيئة المواصفات والجودة».

 

منتجات تخضع لشهادة الحلال

لا تزال واردات منتجات اللحوم والدواجن المستوردة ومستحضرات التجميل، خاضعة لإجراءات وشروط شهادة الحلال، ووفقًا للشركة المصرية الإسلامية لإصدار شهادات الحلال، تشمل أولى خطوات منح الشهادة، بتقييم شامل للمنشأة عن طريق مفتش معتمد، ثم التأكد من اتباع جميع القواعد والممارسات الإسلامية بدقة خلال عملية الذبح، ويغطى التقييم ممارسات رعاية الحيوان ونظافة وصحة المنشأة، وأيضًا الفصل الصحيح بين المنتجات الحلال وغيرها، واستخدام المكونات والطرق المعتمدة، وإذا لزم الأمر يقدم المفتش ملاحظات وتوصيات لتلبية معايير الحلال. 

وتشمل الخطوة الثانية تفتيش الموقع من خلال مشرف معتمد من شركة شهادات الحلال، بما يضمن الالتزام المستمر بالمعايير خلال عملية الإنتاج، ويراقب المشرف مراحل الذبح والتجهيز، والتأكد من اتباع جميع الممارسات الإسلامية الضرورية، مثل تقنيات الذبح الصحيحة، والتحقق من عدم حدوث تلوث غير حلال.‍

والخطوة الثالثة تتضمن إصدار الشهادة بمجرد اجتياز المنشأة الموردة لجميع عمليات التفتيش، بما يعنى السماح بتسويق وبيع منتجات متوافقة مع المعايير.

وتتضمن الشهادة تقريرا مفصلا عن عمليات التفتيش، وشهادة تثبت حالة المنتج، وبالتالى حق استخدام ختم الشركة المانحة للشهادة على مواد التعبئة والتغليف والتسويق، وتعتبر تلك الوثائق ضرورية للوصول إلى أسواق جديدة، خاصة داخل المناطق ذات الأغلبية المسلمة.

وتعمل الشركة المانحة للشهادة على إجراء فحوصات عشوائية لضمان استمرار الامتثال، وعدم وجود أى انحرافات.

وتساعد الشركة المستوردين فى جميع الخطوات اللازمة للوصول إلى السوق العالمية. 

300 ألف طن واردات الألبان ومشتقاتها سنويًا

صرح حازم المنوفى، عضو شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بأن مصر تستورد نحو 300 ألف طن من الألبان ومشتقاتها سنويًا، بواقع نحو 220 ألف طن لبن بودرة، و30 ألف طن منتجات تامة الصنع، مثل الشيدر والفلامنك، ونحو 50 ألف طن مسلى طبيعى (الزبدة والسمنة).. وتأتى أبرز الواردات من الدنمارك وهولندا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية.