الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ننشر تفاصيل تقرير الداخلية الفرنسية السرى عن جرائمها.. فرنسا: «الإخوان» جماعة تخريبية

حذر تقرير أعدته الحكومة الفرنسية بشأن جماعة الإخوان الإرهابية، من نمو ما يعرف بـ «الإسلاموية القاعدية» فى فرنسا، وذلك على اعتبار أن «مصفوفة الإسلام السياسى التى أسسها الإخوان تجمع بين ترسيخ التقاليد الشرق أوسطية، والإخفاء التكتيكى للأصولية التخريبية».



ويقدم التقرير الذى طلبت وزارة الداخلية إعداده، نظرة شاملة على التهديد الذى تشكله الحركة الإسلامية على الأمة الفرنسية، ويفاجئنا فى استنتاجاته.

كما تم التطرق إلى مسألة وسائل التواصل الاجتماعى، ووصفها التقرير الفرنسى أنها «بمثابة ناقل للإسلاميين الذين يتصفحون الأحداث الجارية، ويتحدون ما تدافع عنه الجمهورية فيما يتصل بالعلمانية، وتحديدًا فيما يخص إثبات أن الدولة معادية للإسلام».

وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وبخ بشدة وزراءه، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتيلو، خلال اجتماع لمجلس الدفاع مخصص لمسألة التسلل الإسلامى فى فرنسا، وعقد فى 21 مايو، وطلب ماكرون بمقترحات تتناسب مع «خطورة الوقائع»، وعلى اعتبار أن التقرير يعد صادمًا عن جماعة الإخوان المسلمين، التى تريد تطبيق الشريعة الإسلامية فى فرنسا، ولكن رئيس الدولة لم يعرب عن استيائه من الوزراء الحاضرين فحسب، بل أبدى انزعاجه أيضًا من «مشكلة المنهجية» و«التسريبات» إلى الصحافة بشأن هذا التقرير الذى طلبه بنفسه فى عام 2024، ووبخ ماكرون بشدة المسئولين التنفيذيين الحاضرين، وعلى رأسهم برونو ريتيللو.

وأكد مصدر وزارى أن «الأجواء كانت متوترة، وأن ماكرون غضب من بعض وزرائه بسبب التحضيرات للاجتماع والتسريبات التى سبقته». وقال آخر: «كانت هناك لحظة قاسية بعض الشيء، ولكنها لم تكن تستهدف ريتيللو بشكل خاص».

وبدلًا من الخضوع، شن وزير الداخلية هجومًا مضادًا ودفع بمقترحاته الخاصة إلى مجلس الشيوخ، وأكد برونو ريتيلو أنه بحاجة لموظفين أكفاء لتسهيل حل الهياكل الإسلامية.

وتحت عنوان «الإخوان والإسلام السياسى فى فرنسا»، يسلط التقرير المهم الضوء على تهديدات خطيرة تُشكّلها الجماعة فى أوروبا والدول الغربية، وفرنسا على وجه الخصوص. 

يركز التقرير على تأثير جماعة الإخوان على المجتمعات الغربية العلمانية، ونشر الإسلام السياسى فى أوروبا. وعقدت اللجنة التى أعدت التقرير عدة جلسات استماع، وسافروا فى أنحاء فرنسا والخارج، ساعين لمعرفة آراء الأكاديميين والخبراء فى القضايا الإسلامية.

 فى التقرير أيضًا فصل كامل يتعلق بالأجهزة الأمنية، وهو ما لم يتم الكشف عنه للعامة. هذا التقرير أُعلن فى البداية بأنه سرى، لكن الوزير ريتيلو أراد رفع السرية عن بعض فصوله.

 التماسك الوطنى

ونشر موقع وزارة الداخلية الفرنسية، جزءًا من التقرير الصادم عن جماعة الإخوان المسلمين، وهو العمل الذى تم تكليف مجموعة من كبار المسئولين فى أبريل 2024 بإجرائه من قبل وزارة الداخلية الفرنسية لتوثيق حقيقة الإسلام السياسى. 

ويهدف عرض تقرير «الإخوان المسلمين والإسلام السياسى فى فرنسا» على الرأى العام شرح ما هو الإسلام السياسى وزيادة الوعى بواقعه، كما فعلت بالمثل عدة دول حول العالم».

وعلى مدار 76 صفحة، سلط التقرير الضوء على «التهديد الذى يواجه التماسك الوطنى» مع تطور الإسلام السياسى على المستوى المحلى، مشيرًا إلى أن البداية غالبًا ما تكون بالنقابات والانتخابات داخل الجامعات، ثم يتم تقديم الخدمات للفوز بالانتخابات البلدية، لتجدهم حولك فى كل مكان ولا تستطيع إيقافهم. 

ونظرا لأهمية الموضوع وخطورة الحقائق التى تم إثباتها فى هذا التقرير، طلب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من الحكومة مؤخرًا بصياغة «مقترحات جديدة سيتم مناقشتها فى اجتماع مجلس الدفاع المقبل فى بداية يونيو»، حسبما قالت الرئاسة الفرنسية، مضيفة أن رئيس الدولة قرر نشر التقرير «بحلول نهاية الأسبوع»، وهو تصريح نادر للغاية لمجلس الدفاع.

وفى الوقت نفسه، حدد وزير الداخلية برونو ريتيلو بعض الخطوط العريضة أمام مجلس الشيوخ تصلح كخارطة طريق لمكافحة الإسلام السياسى، وهى «إعادة تنظيم أفضل للدولة»، والبحث عن خبراء فى الإسلام السياسى للعمل كفريق فى الاستخبارات» و»مكتب المدعى العام الإدارى داخل وزارة الداخلية»، لإجراء عمليات الحل، والعرقلة الإدارية، كما ينص التقرير.

كما أشار إلى وجود «التدريب» للموظفين الحكوميين والمسئولين المنتخبين المحليين، وإعداد «استراتيجية التوعية العامة»، فيما طلب إيمانويل ماكرون من السلطة التنفيذية اتخاذ التدابير اللازمة.

 نظرة عامة

ويُلقى التقرير نظرةً عامة على تاريخ الجماعة شبه السرية، ونشأتها فى فرنسا وأساليبها، والمكونة من «مناضلين مُقَرَّبين» هدفهم «إعادة أسلمة المجتمع» أو «الانفصالية»، أو أحيانًا «التخريب»، وذلك بعد أن تسللت الجماعة إلى عدة دول، بما فيها فرنسا، من خلال الانضمام إلى جمعيات ومدارس قرآنية ومساجد، تدعو إلى التعتيم على ترسيخ «الإسلام السياسى» فى الغرب.

ويتحدث التقرير عن «المخاطر» و«التهديدات» المرتبطة بحركة «الإخوان»، لكنه يقدم أرقامًا أيضًا مشيرًا إلى أن 400 شخص يشكلون النواة الأساسية لهذه الجماعة فى فرنسا.

كما يتحدث عن 139 مكان عبادة تابع لجمعية مسلمى فرنسا، وريثة اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، وريثة جماعة الإخوان الإرهابية، وتشير الوثيقة إلى أن %10 من أماكن العبادة التى افتتحت فى الفترة 2010-2020 تابعة لها، وهو ما يعادل إجمالى 91 ألف مصل، يمثلون %0.01 من 7.5 مليون مسلم فى فرنسا.

 التعليم والرياضة 

يتحدث التقرير عن شبكة واسعة النطاق مرتبطة بحركة الإخوان. ويقدم أرقامًا: فى عام 2020 تم تحديد 127 جمعية رياضية على أنها «مرتبطة بحركة انفصالية»، تضم أكثر من 65 ألف عضو، ومن بينها 29 هيكلًا يبدو أنها تأسست أو تسلل إليها مؤيدون للإسلام المتطرف، وخاصة السلفيين والإخوان المسلمين وتضم أكثر من 11 ألف عضو. ومع ذلك، يعترف التقرير بأن هذا «الرقم قد يبدو متواضعًا» بالنظر إلى وجود 156 ألف منشأة رياضية و16.5 مليون عضو.

يشير التقرير إلى أن زخم جماعة الإخوان الإرهابية يضعف فى العالم الإسلامى، لكنه يقول إنه أعظم فى أوروبا. ولكننا نشهد فى فرنسا تراجعًا لهذه الحركة، التى تتنافس معها إلى حد كبير ديناميكيات أخرى، ولا سيما السلفية وبعض أشكال الحرفية التى يمتنع التقرير عن دراستها.

 التحرك الميدانى

يرى معدو التقرير المقدم إلى الحكومة أن «التحرك الميدانى الحاسم وطويل الأمد يبدو ضروريًا»، ويتحدثون عن «رفع الوعى العام» مصحوبًا بـ«خطاب علمانى متجدد» و«إشارات قوية وإيجابية تستهدف المجتمع الإسلامى». وقد تم التنديد بهذا التقرير باعتباره تحركًا سياسيًا من جانب السلطة التنفيذية.

وأشار التقرير إلى أنه مهما كانت الدولة تعتمد على بنية متينة، لكن الإسلام السياسى ينتشر أولا على المستوى المحلى»، وترى أن انتشار هذه الإسلاموية «من الأسفل» يشكل «تهديدًا على المدى القصير والمتوسط».

وسلط التقرير الضوء على «الطبيعة التخريبية للمشروع الذى تقوده جماعة الإخوان الإرهابية»، والذى يهدف، بحسب الوثيقة، إلى «العمل على المدى الطويل للحصول تدريجيا على تغييرات فى القواعد المحلية أو الوطنية»، وخاصة تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الجنسين.

ويضيف المؤلفون الذين أجروا مقابلات مع 45 أكاديميًا وقاموا بعشر رحلات إلى فرنسا وأربع إلى أوروبا أن هذه «الإسلاموية البلدية» قد يكون لها «تأثيرات متزايدة فى المجال العام والساحة السياسية المحلية» مع «شبكات تعمل على الانسحاب المجتمعى، وتذهب إلى حد خلق أنظمة بيئية إسلامية متزايدة العدد «حيث تؤدى التوترات الهوياتية إلى إضعاف التماسك فى النسيج الوطنى»، وعلى «السلطات العامة والباحثين والجهات الفاعلة السياسية إظهار التمييز والدقة الفكرية وروح العدالة».

بينما أعرب المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، وهو هيئة تمثيلية سابقة للإسلام سقطت فى فضيحة عام 2021، عن «قلقه العميق إزاء الانتهاكات المحتملة وإساءة استخدام البيانات التى تم نشرها».

 حالة التهديد

منذ الربيع العربى، ازداد النفوذ من جماعة الإخوان الإرهابية، ثم تلاشى تدريجيًا فى العالم العربى الإسلامى بعد أن تقلص نفوذهم فى مصر، مهدهم التاريخى بعد سقوط وإدانة مرسى.

انتقلت المنظمة الدولية للإخوان لممارسة الأنشطة بين تركيا وأوروبا، وأقامت مقرها المؤسسى الأوروبى، مجلس المسلمين الأوروبيين فى بروكسل. ورسخت نفسها أيضًا بشكل دائم فى ألمانيا والنمسا وفى المملكة المتحدة.

فى فرنسا، شكلت جماعة الإخوان الإرهابية منذ ما يقرب من أربعين عامًا شبكة قوية من القادة والمريدين، ويدير مسلمو فرنسا 139 مقرا لهم وللطوائف التابعة لها، ذات النفوذ الملحوظ فى 55 إدارة، تمثل حوالى %7 من أماكن العبادة البالغ عددها 2800تم تسجيلها على الأراضى الفرنسية. هناك مساجد أخرى قريبة من هذا حوالى ستين تابعة للحركة، لكن بشكل غير رسمى. 

 الدعاة

وأخيرا، دعمت حركة الإخوان سياستها التوعوية خلال عمل الدعاة الذين عبروا الأراضى الوطنية منذ أربعة عقود.

ولا ينبغى الخلط بين الإسلاموية مع الإسلام. الإسلاموية هى الاستغلال السياسى للإسلام لجعلها أيديولوجية تشمل كل جانب من جوانب الحياة، بطريقة مترابطة للغاية.

والإسلاموية متجسدة على وجه الخصوص من خلال تيارات الإخوان والسلفيين والتبليغيين، من حركة ملى جوروش (الحركة القومية الإسلامية التركية).

وكان التقرير المثير للجدل حتى قبل نشره، والذى كلف جيرالد دارمانين، وزير الداخلية آنذاك، بإعداده فى ربيع عام 2024، بشأن نفوذ جماعة الإخوان الإرهابية فى فرنسا، قد عُرض يوم الأربعاء 21 مايو 2025، كجزء من مجلس الدفاع والأمن الوطنى. اجتماع عقد فى قصر الإليزيه فى منتصف النهار.

وتمت إزالة معظم أسماء الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أثناء إعداد التقرير لأسباب أمنية، وأيضًا لحماية أجهزة الاستخبارات الأجنبية التى ساهمت فى إعداده. حتى أسماء الموثقين «دبلوماسى وسفير سابق» فى الجزائر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وليبيا وتونس، والتى نشرتها وزارة الداخلية فى وقت التحقيق، تم محوها فى وقت النشر.

 تهديد للوحدة الوطنية

وعلق وزير التعليم الوطنى السابق جان ميشيل بلانكير قائلًا: «أعتقد أننا بحاجة إلى استراتيجية شاملة للقضاء على التطرف الإسلامى».

وأضاف: «يجب علينا أن نفصل بين أغلبية مواطنينا المسلمين الذين هم من الجمهوريين، والذين هم الضحايا الأولى للإسلام المتطرف، وبين المتعصبين والراديكاليين». 

وعاد يوم السبت 24 مايو، إلى التقرير الذى كلفته الحكومة بشأن جماعة الإخوان، بالقول إنه من الضرورى «الوقوف بقوة» ضد ما وصفه التقرير بـ«التدخل» من جانب جماعة الإخوان. وبحسب الأرقام فإن 129 مسجدًا من أصل 2800 فى فرنسا تعتبر «إشكالية»، و127 جمعية رياضية من أصل 325 ألف جمعية تعتبر «إخوانية».

من الواضح أن هناك وجهتى نظر مختلفتين حول ماهية المسجد فى فرنسا، إحداهما إيجابية والأخرى سلبية. أما الثانية فتتمثل فى وجوب حظر وإغلاق المساجد. وقد حدث هذا عدة مرات فى الواقع. أعتقد أننا بحاجة إلى استراتيجية شاملة للقضاء على التطرف الإسلامى. «أنا سعيد لأن الأمور تسير فى الاتجاه الصحيح. عندما قلتُ إن النقاب غير مرغوب فيه، رأى أنه ليس من الحكمة قول ذلك.