الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر وزير الأوقاف: نحتشد خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي المعبر عن إرادتنا كلنا

شهد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى،  وزير الأوقاف، احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر، بتشريف وحضور فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى،  رئيس الجمهورية، وذلك بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة.



وخلال كلمته قال وزير الأوقاف: «لقد وقفت متأملا أمام هذا البيان الإلهى العجيب فاندهشت جدا من قوله سبحانه: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) وكانت دهشتى الكبرى من قوله: (بإذن ربهم)، حيث يريد الله فى ظل هذا الحدث الحافل الحاشد ألا يتوه ولا يتشتت عقلك مع زحام الملائكة والأنوار والقدر والسلام والفجر والشهور الألف، مع شرف ذلك كله ونبله، إلا أنه رغم ذلك لا يريد لك الوقوف عند ذلك ولا أن تنشغل بذلك، ولا أن تحجب عنه بذلك. .. بل يريد أن يجتذب عقلك ويرفع نظرك إلى الإله الأعظم الذى دبر ذلك كله، فيقول لك أنا الآمر وأنا المتكلم وأنا المتجلى وأنا الخلاق، وأنا المدبر، وأنا القيوم.

واستطرد : إن الله يقول لنا أنا الذى تكلمت بالقرآن، وأنا الذى خلقتك وخلقت الملائكة، وأنا الذى أنزلت كلامى القديم فى ذلك الوقت، أنا صاحب الإذن فى ذلك كله، وبأمرى عَمُر ذلك كله ودارت حركة هذه الأكوان والأفلاك كلها، أنا وحدى صاحب الإذن، وأنا المقصود والمطلوب والكون كونى،  والتدبير بيدى والإذن إذنى،  لا خالق ولا فاعل ولا مؤثر ولا موجد ولا خافض ولا رافع سواى .. بإذنى وحدى تتنزل الملائكة، فى ليلة أنزلت فيها كلامى وخطابى بإذنى وحدى،  أنا المنفرد بالأمر والإذن، وكل هؤلاء -وأنت أيها الإنسان معهم- خلقى وعبادى وأنتم الفقراء وأنا وحدى الغنى المغنى.

وأوضح قائلا: «لقد انطلقت أتأمل معنى الإذن الإلهى هذا، وذهبت أتدبر القرآن وأتأمله، فوجدت عجبا من العجب، وجدت أنه سبحانه يقول : (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) فنزول الوحى بإذنه، ويقول : (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فوقوع الضرر من المؤذى بإذنه. .. واهتداء المهتدين وإيمان المؤمنين بإذنه قال تعالى: (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحقِّ بِإِذْنِهِ). .. ودخولهم جنات النعيم لا لطاعتهم واستحقاقهم بل لإذنه هو، قال: (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)

ولفت إلى أن الدعوة إلى الجنة والمغفرة بإذنه لا باشتهاء من راغب المغفرة قال تعالى:

(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ)، وأن النصر والهزيمة فى الحروب بإذنه قال تعالى:

(كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) والشفاعة يوم القيامة بإذنه قال سبحانه: (يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا)، وأن الموت وانقضاء الآجال بإذنه (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).. ووقوع المصائب فى كونه وفق حكمته قال سبحانه: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)

وشدد على أن رسل الله الكرام أرسلهم ليطاعوا لا لذواتهم ومكانتهم ومنزلتهم مع شرف كل ذلك وعظمته بل للإذن الإلهى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهُ) .. بل إن نبات الأرض لا ينبت إلا بإذن من الله قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) وإثمار الأشجار وتفتح الأزهار بإذنه قال جل شأنه: (تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا).. كما أن تسخير كل ما فى الأرض للإنسان وجريان السفن والبواخر وثبات السماء وكواكبها وانتظام جريان أفلاكها وأجرامها بإذنه قال جل شأنه: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِى فى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَفَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) 

ولفت إلى أنه لا تصير البقعة من الأرض مسجدا بمجرد تشييد المبنى بل بالإذن الإلهى قال سبحانه: (فى بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمه) .. بل فى الشأن النبوى المحمدى فى الهداية وتصديه للدعوة إلى الله يقول سبحانه: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) أى أنه صلى الله عليه وسلم ما جعل نفسه داعيا إلى الله لمجرد أنه يحب ذلك، وهو أكمل الخلق وأحبهم وأرضاهم عند الله، بل إنه مترقب ومتوقف عند الإذن الإلهى له ليدعو إلى الله وشدد وزير الأوقاف: إنه لا يتصدر أحد فى دين الله باشتهاء نفسه بل بإذن من الأكبر، وجرى هذا فى الأعراف العلمية فى كافة الجامعات، أن الدارس لا يتصدر ويباشر حتى يجاز من جامعته أو مدرسته إيذانا بتخرجه وصلاحيته، فإذا صدر نفسه بنفسه كان معتديا وممارسا للمهنة من غير ترخيص، وقد قال الإمام مالك يوما: ما أفتيت حتى شهد لى سبعون شيخا من شيوخى أنى أهل لذلك. وقال: (وما أفتيت حتى سألت ربيعة ويحيى بن سعيد فأمرانى بذلك، ولو نهيانى انتهيت). .. وهذا المعنى يغلق باب فكر الإرهاب والتطرف ويقتلعه من جذوره.

ولفت إلى أن هذا الإلحاح من القرآن على شهود معنى الإذن الإلهى فى كل شيء، هو الذى يغرس فى النفوس حقيقة معنى التوحيد، وشهود يد الحق وتصرف الحق فى كل شيء، وهو المعنى العميق الذى يحدث الاتزان النفسى أمام عالم الأحداث الهادر المتلاطم المنهمر يوميا، وبه تحصن نفوس أهلنا وأبنائنا من كل معانى اليأس والحيرة والشك والإحباط والتردد... ولقد سرى هذا المعنى عميقا فى وجداننا، فلا نتكلم بكلمة إلا ونحن نقول: (إن شاء الله)، أو (بإذن الله)، أو (علامة الإذن التيسير).

أضاف أن الإذن الإلهى ليس أمرا لحظيا ولا وقتيا ولا متعجلا، بل إنه سنة إلهية سارية وغالبة وقاهرة تجرف أمامها البشر والوقائع والأحداث، وهو لا تلحظه إلا على امتداد الزمن وتعاقب الأجيال فقبل ألف سنة مثلا سقطت القدس فى يد قوات غاشمة محتلة سنة 1099م، وظلت تحت يدهم ثمانيا وثمانين سنة شهدت فيها حينئذ المجازر المروعة، والقتل والتخريب والهدم والفتك والحصار والتجويع، وكم من أجيال ولدت وماتت خلال تلك السنوات التسعين، وهى تظن أن هذا نهاية المطاف، وأن المحتل قد أحكم سيطرته وانتهى الأمر وأنه قد وقعت نهاية التاريخ أو انكسر هنا التاريخ، ثم ماذا كان لقد كان الإذن الإلهى،  لتلك الأرض أن تعود لأهلها، وكان هذا على يد جيش مصر العظيم فى موقعة حطين بقيادة صلاح الدين سنة 583هـ الموافق 1187.

ولفت إلى أن الإذن الإلهى الذى يظهر مع امتداد الزمن، إنه الإذن الإلهى الذى يبنى الإنسان ووعيه ويشد أزره وإرادته، ويحميه من كل أسباب الضياع والشتات والحيرة والشك. .. وهذا الإذن الإلهى هو السند لنا فى عدالة قضايانا، وفى تمسكنا بأرضنا، وفى مواجهة أزماتنا وتحدياتنا، وفى شد أزرنا لثبات موقفنا.

وشدد قائلا: «إن هذا الإذن الإلهى هو الذى يجعلنا فى أقصى درجات الانتباه واليقظة والوعى،  إدراك التحديات المحيطة بنا، فلا نتراخى ولا نتحير ولا نضطرب، ولا تجرفنا الأحداث والتحديات، بل نعتمد على أنفسنا، ونمتلئ يقينا وعزما وهمة وروحا وعقلا ووعيا وفكرا وبناء وإيمانا.

وقال وزير الأوقاف: «إننا نغار على وطننا ونحميه ونبنيه ونعمره ونرفع رأسه، ونملأ مساجدنا ومنابرنا بهذه الروح، لأنه وطن عظيم أذن الله له بالحضارة والعمق والتاريخ والبقاء والاستمرارية والتجاوز لكل الشدائد عبر الزمن، أليست أرض هذا الوطن العظيم هى التى ظلت تعطى وتكرم وتجود ولا تبخل حتى وهى تعتصر نفسها فى السنوات السبع الشداد أيام سيدنا يوسف الصديق، فيأتى إخوته من الشام يأخذون الزاد من مصر، وهى فى أشد أزماتها حينئذ، ويبقى اسمها وهى فى ذلك الحال (خزائن الأرض)، ويقال فى حقها وهى فى ذلك الحال: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)

واستطرد أن الإذن الإلهى هو الذى يجعلنا ندير أمورنا بنبل وشرف وأخلاق وميزان فلسنا دعاة حرب، بل نحن حماة مبدأ، وبهذا المبدأ نطفئ نيران الحروب، وهو الذى جعلنا نقول يوما ما إن تهجير أشقائنا الفلسطينيين من أرضهم ظلم لا نشارك فيه، بل نرفضه ونرى ما أحدثه غيرنا من تدمير ونسف وتخريب وعدوان وقتل فنواجهه بالإمداد والإغاثة والإعمار وينادى البعض بتهجير أهلنا من أرضهم ليعمر الأرض كما يقول، فنواجه ذلك بخططنا لإعماره دون تهجير أهله وأهلنا.

وقال وزير الأوقاف: «إنه قدرنا ودورنا وواجبنا، ونحن نقوم به بكل أمانة وشرف والسند لنا هو ذلك الإذن الإلهى الذى نتقوى به ونصمد به ونعتصم به، وندير أمورنا بهديه. .. ولهذا نقول للعالم كله، نعم نحن نحتشد خلف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما يقول: نرفض تهجير أشقائنا الفلسطينيين، ونصر على وقف إطلاق النار، ونضغط بكل ما نملك لإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية، ونطرح خططنا للتعمير هناك دون تهجير أهلنا، ونصر على حل الدولتين، ونرى أنه لا حل إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية

واختتم قائلا: «هذه إرادتنا جميعا كمصريين، ومعنا ملياران من المسلمين ومعنا الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية.. سيدى الرئيس نحن جميعا خلفك ولست وحدك، وأنت معبر عن إرادتنا كلنا، وسندنا فيها هو إذن الله للحق أن يعود لأهله، وأنه محفوظ لأهله».