الجمعة 11 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. «المنتدى الاستراتيجى» يبحث عن «إجابات».. بمشاركة أحزاب سياسية ونخبة من أهل الفكر  الأسئلة الصعبة عن فلسطين

الطريق الثالث.. «المنتدى الاستراتيجى» يبحث عن «إجابات».. بمشاركة أحزاب سياسية ونخبة من أهل الفكر الأسئلة الصعبة عن فلسطين

تراكمت الأسئلة حول القضية، قضية فلسطين، حتى أحاطتها بإحكام من كل جانب، فيما يشبه جدران سجن منيع يحرمها ويحرم شعبها من الحرية وفرص الحياة الطبيعية، وزاد الأمر مأساوية الطوفان الجديد الذى أغرقها ومعها شعوب المنطقة. طوفان التصريحات التى خرجت عن اجتماع «البيت الأبيض» بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلى، والتى عكست النية وكشفت التوجه الواضح للغدر بالقضية ودفنها حية تحت أنقاض غزة التى دمرتها وحشية جيش إسرائيل وإجرام نتنياهو وحكومته المتطرفة.



 

ومواجهة هذا الخطر الداهم تبدأ بفك حصار الأسئلة، وتفكيك ألغامها، وإطلاق الحرية للعقل العربى للاجتهاد بحثًا عن إجابات شافية. لقد تعطل الجهد بفعل الانكفاء على الذات وانشغال كل طرف بتحدياته، والتغافل عن حقيقة وجودية راسخة، وهى أننا جميعًا كعرب فى مركب واحد. 

 إهانة ترامب

أتدرى ما هو المهين فى كلام ترامب، الذى صاحبه ابتسامة ماكرة من حليفه نتنياهو خلال مؤتمرهما الصحفى عقب جلسة مباحثات مشتركة جمعتهما فى العاصمة الأمريكية واشنطن الثلاثاء الماضى؟

الإهانة تجلت فى أنهما يتعاملان مع أرض العرب (كل العرب)، التى وصفها ترامب بالطاولة الكبيرة (المكتب) وهو يقارنها برأس قلمه الجميل (إسرائيل)، على أنها أرض بلا صاحب، مستباحة!!.

يفعلان بها مثلما فعل (سايكس/ بيكو) قبل قرن من الزمان، عندما تم تقسيم بلادنا العربية (تركة الخلافة العثمانية البغيضة) وتم تمزيقها وفق المصالح بمنطق زمانها، وجارٍ اليوم إعادة التقسيم وفق رغبات أصحاب المصالح الجدد.

والأكثر إهانة؛ أننا لا نملك إلاّ الرفض والامتناع، كأى سيدة يجرى هتك عرضها وهى تقاوم لتحافظ على شرفها، وكعادة كل مغتصب، فهو يغريها بأن تستمتع فهى فى كل الأحوال مغتصبة، هذا ما حاول ترامب أن يغوى به مستمعيه من العرب (قادة وشعوبًا) بحديثه المراوغ عن حلم غزة الجديدة.

إن انتهاك السيادة هذه المرة، لا يخص ما تبقى من أرض فلسطين، لكن مصر والأردن على موعد مع رغبات ترامب (المجنونة)، وسبقتهما أراضٍ عربية تم احتلالها بعد السابع من أكتوبر 2023 فى لبنان وسوريا، وأصبح مصيرها تحت رحمة نتنياهو ورغبات متطرفى حكومته وشعبه. إنها مأساة متكاملة الأركان. وتستدعى جهدا خارقا لتلافى تداعياتها على المنطقة بأسرها.

 المنتدى الاستراتيجى

وانطلاقا من هذه المسئولية الواقعة على كل منا، قررت اللجنة الاستشارية للمنتدى الاستراتيجى للفكر والحوار (بيت فكر) ومكتبه التنفيذى الذى أشرُف بإدارته، تخصيص الفاعلية الرئيسية للمنتدى خلال شهر فبراير لتكون عن فلسطين، حيث قام المنتدى بالتعاون مع أحزاب «الاتحاد والمصرى الديمقراطى والإصلاح والنهضة»، بعمل حلقة نقاشية تحت عنوان: «حوار حول الأسئلة الصعبة عن فلسطين».

ودارت محاور النقاش حول أربعة أسئلة رئيسية:

- هل انتهى عصر النضال المسلح؟ وما هى خيارات المقاومة بعد خسائر السابع من أكتوبر 2023؟

- هجرة طوعية أو تهجير قسرى، وكلاهما مرفوض فلسطينيا وعربيا، هل هناك فرصة للحلول الوسط التى تمنح الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية أملًا فى الحياة؟

- ما جدوى التمسك بحل الدولتين فى ظل الرفض الإسرائيلى والمراوغة الأمريكية، وهل من حلول بديلة؟

- ما هى فرص الاصطفاف العربى حول أجندة مشتركة لمنع «طوفان ترامب» الرامى لتصفية القضية، أو لتحجيم آثاره الكارثية؟

وشارك فى البحث عن الإجابات نخبة من المثقفين والمفكرين المصريين والفلسطينيين وقادة الأحزاب السياسية وممثلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

 الإعصار والفرص الضائعة

لن أستبق النتائج من مخرجات الحلقة النقاشية المهمة التى نظمها أحدث خلايا التفكير العربية والمصرية، والتى تمثل محاولة تنضم إلى حراك كبير فى شارع الفكر العربى، منذ أن تم ضبط توقيت العالم على عقل ترامب، واستولت تصريحاته على كل الأجندات الرسمية والشعبية فى العالم، واحتلت صورته كل النشرات فى سائر الفضائيات، مع سطوة كاملة لسيل التصريحات والقرارات والمقابلات تجتاح «السوشيال ميديا»، وكأنه إعصار طاغٍ.

إن الإجابة على «الأسئلة الصعبة فى فلسطين»، تحتاج إلى مزيد من الجرأة والجسارة والقفز فوق شعارات عصور مضت وانتهت والانفتاح على أفكار جديدة تسمح لنا بأن ننتقل إلى العصر ونتحدث لغته، فالقضية الفلسطينية ما تزال أسيرة لخطأ الوصول المتأخر بعد رحيل القطار والقبول المتأخر بما كان مطروحا فى الماضى، إنها بحق قضية الفرص الضائعة. 

فماذا لو كان العرب قد أعلنوا  «دولة فلسطين» يوم 15 مايو سنة 1948 وفق قرار التقسيم الأممى؟، كانت فلسطين اليوم ستصبح حقيقة دامغة، دولة ذات سيادة وحدود راسخة ومتصلة، لكن القرار تأخر 30 عامًا ليعلن من المنفى فى الجزائر سنة 1988.

وماذا لو قبل الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات دعوة الرئيس البطل محمد أنور السادات، ومشى معه مشوار السلام سنة 1977، ومعهما الرئيس السورى حافظ الأسد، ما كنا وصلنا إلى هذا الهوان، والانبطاح الكامل من غزة إلى جبل الشيخ.

لكن أبو عمار وصل متأخرا فكانت «أوسلو» سنة 1993، سلاما للأوهام كما لقبها الأستاذ هيكل.

إن (لو) ليست هنا من أجل فتح باب الشيطان، ولكنها لتفتيح أبواب العقول، وتسريع الخطى لعلنا نلحق قطار الفرصة قبل رحيله، ونجلس نتباكى على خسارة جديدة، نسمع معها «فات الميعاد»، أنشودة أم كلثوم الشهيرة.

إن كان ترامب خطرا كبيرا، وإن كان ما قاله فى الرابع من فبراير كارثة كبيرة، فهو مثلما هو خطر علينا فهو خطر على بلاده وحلفائه، وإن كان يرغب فى حل مشكلة غزة فلنقدم له رؤيتنا، نطرح أفكارًا جريئة وجديدة، نكسبه معنا، هذا الرجل لا يحترم إلا الأقوياء، والعرب ضعفاء فرادى، أقوياء باتحادهم.

 بيان الفجر

حفاوة كبيرة (مصرية وعربية) استقبل الشارع العربى بها بيان الخارجية السعودية الذى جاء فى توقيت مثالى وبالسرعة المطلوبة، ليرد بقوة على أفكار ترامب الاستعمارية بالاستيلاء على غزة وتهجير سكانها، جاءت الكلمات حاسمة لا تحتمل أى مراوغة، أو تجميل، كما أنه جاء جامعا لكل الثوابت العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومتمسكا بها ومعبرا عن توافق عربى واضح.

حراك وتفاعل كبيران فى كل أرجاء العالم العربى لمواجهة أخطار الإعصار الترامبى ضد غزة، ربما يستدعى الأمر اجتماعا قريبا للقادة العرب، فيما لم يتضح مدى دقة موعد زيارة الرئيس السيسى إلى واشنطن، التى من المقرر أن يسبقها زيارة يقوم بها الملك عبد الله ملك الأردن، وكلتا الزيارتين ومعهما جهود مستمرة من كل العرب، ربما تنجح فى الحفاظ على الحق قبل ضياعه.