الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جلسات خاصة حول الحقوق والحريات.. ومواجهة المخاطر التى تتعرض لها القارة السمراء بالقانون خاص: القاهرة تستمع لوجهات نظر 37 دولة إفريقية «صديقة» حول دساتيرها

فى غضون الأيام القليلة الماضية، استضافت المحكمة الدستورية العليا اجتماع القاهرة الثامن رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية العليا والمجالس الدستورية الإفريقية تحت عنوان «الحماية الدستورية للحقوق والحريات فى الظروف الاستثنائية»، عبر عدة جلسات متتالية اشتملت على كيفية تأثير الظروف الاستثنائية على الانتقال للدساتير الحديثة، وكذلك طبيعة المخاطر التى تواجه القارة فى ظل الظروف الاستثنائية مع ضرورة التأكيد على الدور المهم الذى تقوم به الهيئات القضائية الإفريقية فى ترسيخ دعائم الشرعية الدستورية للمجتمعات الإفريقية، وضمان حمايتها دستوريًا.. واتخاذ التدابير الفعالة لدعم سيادة القانون، وإرساء مبادئ العدالة، وحماية حقوق الإنسان وحرياته، وصون مقومات المجتمع الأساسية فى بلداننا الإفريقية، خاصة فى إطار مواجهة التغيُّرات والظواهر الاستثنائية والطارئة.



 

وتنشر «روزاليوسف» كواليس جلسات اجتماعات القاهرة رفيعة المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، التى تشُكل محفلًا قضائيًا رئيسيًا، أسهم فى إتاحة المجال الواسع لتبادل الآراء والخبرات بين القضاة الأفارقة، وتحقيق المساهمة فى مواجهة العقبات المشتركة التى تواجه بلاد القارة الإفريقية؛ حيث وجهت الجهات والهيئات القضائية الإفريقية المشاركة الشكر والتقدير للقيادة السياسية لجمهورية مصر العربية لرعايتها هذا المؤتمر المهم، ودعمها استمرارية انعقاده, إضافة إلى الأهمية البالغة لدور القضاء فى تحديد الإطار الدستورى للسلطات الاستثنائية التى أقرتها دساتير دول القارة الإفريقية من أجل المواجهة الفعالة للظروف الطارئة والاستثنائية التى تتعرض لها بلادنا، وضمان حماية واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وخلال انطلاق جلسات المؤتمر الخاصة بشأن المشروعية الدستورية فى التضييق على بعض الحالات الاستثنائية وقت إعلان حالة الطوارئ، قدم الدكتور طارق شبل نائب رئيس المحكمة الدستورية تعريفًا لمفهوم الدولة القانونية بأنها التى تتميز بخضوعها لمبدأ المشروعية، ومقتضاه يتمثل فى مطابقة أعمالها للقواعد القانونية التى يتكون منها النظام القانونى للدولة، ويترتب على مخالفة تلك القواعد عدم مشروعية أعمالها، فضلًا عن إمكانية تقرير حق الأفراد فى التعويض عنها إذا توفرت موجبات التعويض.

وإذا كان خضوع الدولة للقانون هو الأصل العام فى الظروف العادية، إلا أن الوضع يختلف فى الظروف الاستثنائية، حين تواجه الدولة حالة ضرورة تفترض قيام خطر جسيم لا يكمن تداركه إلا بالتخلى عن قسط من القواعد القانونية، إذ يمثل هذا التخلى العلاج الوحيد لمواجهة خطر المساس بالمصالح الحيوية للدولة. ذلك أن التسليم بضرورة احترام مبدأ المشروعية رغم تلك الظروف، يقضى على بقاء الدولة فلا يبقى منها إلا نصوص جامدة لا قيمة لها.

وقال شبل: ومن أجل التوفيق بين هذين الاعتبارين- بقاء الدولة وحماية الشرعية- ابتدع الفقه القانونى نظرية الضرورة والظروف الاستثنائية، والتى بمقتضاها تم إضفاء المشروعية على الإجراءات المخالفة للقانون ليتسنى للدولة مواجهة تلك الظروف العصيبة، وأصبحت تلك النظرية تمثل بالنسبة للدولة الأساس القانونى لسلطاتها الاستثنائية، وإن كانت مشروعيتها فى تلك الأحوال هى مشروعية استثنائية، وكما يسميها العميد هوريو «مشروعية الظروف».

ولقد عرفت المحكمة الدستورية العليا حالة الضرورة بأنها تمكين السلطة التنفيذية حال غياب السلطة التشريعية من مواجهة أوضاع قاهرة ملحة تطرأ خلال هذه الفترة الزمنية وتلجأ إلى الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فى شأنها، وبالقدر الذى يكون متناسبًا مع متطلباتها، بوصفها تدابير من طبيعة استثنائية.

وأشار الدكتور عماد البشرى رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا إلى التجربة المصرية بنطاق الإطار المعرفى وديناميات الاستيعاب والتكيف بشأن الحماية الدستورية للحقوق والحريات فى ظل الظروف الاستثنائية بأن مصر وفى عهد الرئيس السيسى أنهت حالة الطوارئ التى كانت ممتدة منذ عقود طويلة سواء منذ العهد الملكى وما بعد ثورة يوليو حتى صدور دستور العام 2014 الذى حدد إعلان حالة الطوارئ لمدة واحدة ثم تجدد لمدة أخرى فقط بعد العرض على مجلس الوزراء ثم المجلس النيابى المختص وهذه ميزة تحسب لمصر.

فيما قالت دكتور نعمة سعيد ممثل منظمة الصحة العالمية فى الشرق الأوسط إن مصر تعد من الدول الإفريقية بل العالمية التى تصدت بشكل إيجابى وفعال فى إطار حماية مواطنيها من فيروس كورونا من خلال تفعيل القوانين والإجراءات الإدارية والفنية المتعلقة بالخدمات التى أجريت فى تطعيم المواطنين والمقيمين فى مصر، الأمر الذى يستدعى من خلال ذلك إلى دعوة جميع الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية إلى تقديم مقترحات جديدة حول ضرورة توطين صناعة الدواء حتى تستطيع أن تكون هناك سرعة فى تقديم الرعاية الصحية والطبية الأولية فى حال وقوع الكوارث البيئية والصحية على غرار النموذج المصرى الذى استند إلى العديد من القوانين الخاصة بالترصد الوبائى.

وأشارت نعمة إلى أن هناك مجموعة عمل دولية أنشئت مع جائحة كورونا تعمل على تعديل اللوائح الجديدة والمحتملة لمواجهة الكوارث الطبيعية الطارئة من الناحية الصحية ذات الطبيعة العالمية وهذه اللجنة سوف تجتمع خلال شهر مايو المقبل وندعو الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية إلى التوقيع عليها خاصة أن هناك بعض الدول الأعضاء التى تبدى ملاحظاتها بشأن كيفية معالجة البنود المتعلقة بها وذلك من أجل الوصول إلى نموذج عادل يطبق ويتم تنفيذه فى جميع الدول.

إعلان القاهرة الذى شارك فى صياغته نحو 37 دولة عبر محاكمها الدستورية العليا أقرت وثيقة مهمة بشأن المبادئ والحقوق الدستورية فى حالات الطوارئ والضمانات التى يجب توافرها حال تطبيق هذه الحالات فى نطاق ضيق للغاية ويأتى على رأسها ضرورة توفير تشريعات وسياسات وتدابير تكفل تحقيق المواجهة المناسبة والفعالة للظروف الاستثنائية والطارئة التى تتعرض لها مجتمعاتنا، وتتضمن توفير الحماية والمساعدة اللازمة للمتضررين منها، ومنع تعرض الأشخاص للخطر الناتج عنها، والتأكيد على أهمية الدور الدستورى الذى تضطلع به سلطات بلادنا.

إن التجارب القانونية فى الدول المختلفة تشير إلى أن مواجهة الظروف الاستثنائية والطارئة، قد لا يحُتم اللجوء إلى السلطات الاستثنائية التى تقرها دساتير بلادنا، وأن السياسات والتدابير العادية قد تكون كافية فى التعامل مع هذه الظروف، وصون المقومات الأساسية لمجتمعاتنا، وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم.

كما شدد الموقعون على وثيقة القاهرة على ضرورة التمسك بسيادة القانون والإدارة الرشيدة وتحقيق التناسب بين المواجهة الوطنية للظروف الاستثنائية ومقتضيات تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هو شرط سابق ورئيس لخلق وتهيئة بيئة تتيح تحقيق التنمية وحماية الأمن القومى والنظام العام والسلامة والصحة العامة والتشديد على أن المواجهة الفعالة والمنصفة للظروف الاستثنائية والطارئة، يتعين أن تكون فى أضيق الحدود، وأن يُراعى شرط التناسب، وأن تكون مؤقتة زمانًا ومكانًا، وفقًا لطبيعة الظرف ونطاق آثاره، مع التأكيد على دور الهيئات القضائية - فى حدود ولايتها الدستورية - فى مراقبة التشريعات واللوائح والتدابير التى تتخذها دولنا فى إطار مواجهة الظروف الاستثنائية والطارئة، والتحقق من مراعاتها الشروط  والمعايير الدستورية عند التعامل مع الظروف الاستثنائية والطارئة، وأن مواجهة هذه الظروف تؤثر إيجابيًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وأعلن رؤساء المحاكم الدستورية الإفريقية بالقاهرة أنهم على دراية بضرورة إدراك  التحدى الذى يُمثله التعامل مع الظروف الاستثنائية والطارئة التى قد تتعرض لها مجتمعاتنا، كما ندرك ما لمواجهة هذه الظروف من أهمية حاسمة فى كبح آثارها السلبية على المجتمع والمواطنين، وأن تحقيق أهداف هذه المواجهة قائم على تقديرات وملاءمات واقعية تنعكس على طبيعة التدابير والسياسات التى تتخذها دولنا حياله.

وأشار الموقعون إلى أن التجارب القانونية فى الدول المختلفة تشير إلى أن مواجهة الظروف الاستثنائية والطارئة، قد لا تحُتم اللجوء إلى السلطات الاستثنائية التى تقرها دساتير بلادنا، وأن السياسات والتدابير العادية قد تكون كافية فى التعامل مع هذه الظروف، وصون المقومات الأساسية لمجتمعاتنا، وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم, والتمسك بسيادة القانون والإدارة الرشيدة وتحقيق التناسب بين المواجهة الوطنية للظروف الاستثنائية ومقتضيات تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هو شرط سابق ورئيس لخلق وتهيئة بيئة تتيح تحقيق التنمية وحماية الأمن القومى والنظام العام والسلامة والصحة العامة, وأهمية استفادة الهيئات القضائية الإفريقية من التحول الرقمى والتطورات العلمية والتكنولوجية المختلفة فى توفير خدمات التقاضى للكافة بصورة آمنة، ضمانًا لحقهم فى العدالة الناجزة، وأن تتخذ منها وسيلة لدعم التعاون الدولى وتبادل الخبرات.

 كما تم الاتفاق على إنشاء مركز البحوث والدراسات الدستورية للدول الإفريقية، ونُوصى الهيئات القضائية الإفريقية بالتعاون مع المركز، والاستعانة بالدراسات والأبحاث القانونية التى يُجريها أو يُشرف عليها، والاستفادة من الأنشطة العلمية الأخرى التى يضطلع بها، خاصة برامج تدريب وإعداد القضاة.