
محمد الجزار
إنسانية جمعة فرحات فنان الكاريكاتير العالمى
لن تغيب سيرته، الفنان الكبير الراحل جمعة فرحات، أحد أهم أقطاب مدرسة الكاريكاتير المصرية والعربية. وقد ترك وراءه إرثا إنسانيا وفنيا ثريا للأجيال القادمة بعد رحيله منذ 4 سنوات تقريبا وعاش 80 عاما لم يكن بالنسبة له «الكاريكاتير» مجرد مهنة تنتهى بمغادرة مكتبه بل حياته كلها كانت مرتبطة بالكاريكاتير.
60 عاما من العمل والإبداع وكانت تجربتى فى مدرسة روزا اليوسف كأصغر صحفى متدرب فى منتصف التسعينيات عندما أتيحت لى الفرصة لدخول المدرسة العريقة حيث كنت أتابع العمالقة وكبار الكتاب والمبدعين من خلال أعمالهم أو رؤيتهم فى مكاتبهم وكنت أراقب باستمرار بشاشة وطيبة الأستاذ جمعة فرحات لكنى عندما أرى رسوماته أندهش أمام هذه البشاشة والوداعة التى تنتقد المشهد السياسى والاجتماعى وأذكر أننى فى إبريل 1996 بعد جولات وصولات ونجاحات كبرى من عمالقة روزاليوسف.
فقام الأستاذ جمعة برسم كل الزملاء فى المجلة 72 مبدعا وكاتبا هم الذين يحركون الحياة الثقافية ويشاركون فى قيادة الرأى العام فى مصر وبعد صدور العدد وجدت الفنان الإنسان البشوش يعتذر لى لأنه لم يرسمنى وسط هؤلاء العظماء قائلا لم أجد لك صورة ولم أتذكر الملامح كم كنت سعيدا بهذا الموقف الإنسانى العظيم لمبدع وفنان عالمى يبحث عن صحفى صغير ليعتذر له لأنه لم يرسمه وسط هؤلاء الكوكبة وهؤلاء العظماء هذا ما جعلنى أرتجل بعض الكلمات بعنوان:
بطل تحلم إنك صحفى فى روزا..
وإن اسمك تحت إزاز المكتب..
وأنك بتشوف عادل حمودة من ورا نظارته الإزاز..
لما يكون الباب متوارب..
وإنك بتفهم أفكار جمعة..
قبل ما تصبح صورة لكل هموم الكون
وإنك بتراقب الإبراشى وهو بيرسم برواز الصفحة الثالثة..
واشرب فنجان القهوة لآخر نقطة وارسم بصباعك على درج المكتب فنجان
لأجل متطلبتش الفنجان الثانى..
ولم يكن لنا حظ كبير بالاستمرار بصحبة الأساتذة الكبار عادل حمودة والراحل جمعة فرحات بسبب انتقالهما إلى مؤسسة الأهرام فى التسعينيات، «الأهرام كانت تجربة مختلفة للفنان الكبير جمعة فرحات لطبيعتها كصحيفة يومية ذات إيقاع بالغ السرعة، فضلا عن تركيزها على الكاريكاتير المحلى أكثر من السياسى. فكانت هذه نقلة كبرى نجح عبرها فى إبراز العديد من الأزمات التى يعايشها المواطن المصرى ثم تجربة جديدة مع الأهرام ويكلى وهى أقرب تجاربه بعد روز اليوسف، للعلاقة القوية مع رئيس تحرير الويكلى الراحل حسنى جندى كما كان أحد المؤسسين للجمعية المصرية للكاريكاتير، حتى جاء عام 2015 ليصبح رئيسا للجمعية،حقا إنه كان فنانًا موسوعيًا مطلعا فى مجالات الأدب والسينما والفنون المختلفة، وتلك الموسوعية أسهمت فى أن يصبح من أهم فنان كاريكاتير مصر وملهما للجميع.
كما حصل على جائزة مصطفى أمين وعلى أمين لأفضل رسام كاريكاتير مصرى لعام 1999، وجائزة نقابة الصحفيين مرتين عامى 1986 و1989م.
نشرت أعماله فى صحف «هيرالد تريبيون» الأمريكية، و«يوميوري» اليابانية والعديد من الإصدارات الدولية الأخرى. وهو ما جعله أحد أبرز رسامى الكاريكاتير فى مصر والعالم المعروف بأسلوبه الفريد فى تناول القضايا السياسية والاجتماعية بأسلوب ساخر وجذاب وتميزت رسوماته بالجرأة والعمق، وتناولت أعماله قضايا مثل الفساد، والعدالة الاجتماعية، والحرية، وهو ما جعله يحظى بشعبية واسعة بين القراء من مختلف الأعمار، ومازالت أعماله تستحق التأمل والتفكير، رحم الله الفنان المبدع الإنسان جمعة فرحات.