الإثنين 12 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مطالبة أزهرية بحظر «تيك توك».. وفتوى بـ«تحريمه»

أصبح «التيك توك» جزءًا من الحياة اليومية، وأصبح يمثل خطورة كبيرة على المراهقين، وأدى إلى تحول بعضهم لقتلة أو للانتحار بسبب استخدامهم المفرط للتطبيق المثير للجدل.



ومؤخرًا، أعلنت ألبانيا عن حظر التطبيق لمدة عام بعدما قتل مراهق زميله البالغ من العمر 14 عامًا، فى نوفمبر الماضى، عقب خلافات بينهما على وسائل التواصل الاجتماعى، وهو ما أثار مخاوف بشأن تأثيرها على الأطفال.

جاء القرار الألبانى بعد اجتماع رئيس الوزراء، إيدى راما، مع مجموعات للآباء والمعلمين من جميع أنحاء البلاد، وذلك ضمن خطة أوسع لجعل المدارس أكثر أمانًا. 

وقال راما: «سنغلقه لمدة عام واحد تمامًا أمام الجميع، ولن يكون هناك تيك توك فى ألبانيا»، ملقيًا باللوم على وسائل التواصل الاجتماعى، وتيك توك على وجه الخصوص، فى تأجيج العنف بين الشباب داخل وخارج المدارس. ويأتى القرار فى وقت فرض العديد من الدول الأوروبية، بما فى ذلك فرنسا وألمانيا وبلجيكا قيودًا على استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعى.

كما وافقت أستراليا فى نوفمبر الماضى على حظر كامل لوسائل التواصل الاجتماعى للأطفال لمن هم دون الـ 16 من عمرهم.

الموت، هدية تيك توك إلى المراهقين «أبعد الألم، الموت هدية».. كلمات قاسية وتحريضية لكنها كانت كافية لدفع مراهق أمريكى إلى الإلقاء بنفسه أمام أحد قطارات نيويورك، وهى أيضًا كافية لتحرك حكومات العالم لاتخاذ إجراءات صارمة حيال منصة تيك توك بعد تكرار حوادث الانتحار فى صفوف الشباب والمراهقين.

وبناء على تقرير منظمة العفو الدولية فإن نظام التوصية بالمحتوى الخاص بـ TikTok وممارساته التطفلية فى جمع البيانات يشكل خطرًا على المستخدمين الشباب والأطفال للمنصة، من خلال تضخيم المحتوى القاتم الذى يشجع على الاكتئاب والانتحار مما يهدد بتفاقم التحديات الصحية العقلية الحالية. 

وبحسب ما أظهرته نتائج البحث الفنى الذى أجرى بالتعاون مع معهد الشفافية الخوارزمية (ATI) فإنه تم جر الأطفال والشباب الذين يشاهدون محتوى متعلقًا بالصحة العقلية على صفحة «For You» على TikTok بسرعة إلى ما وصفه التقرير بـ «جحور الأرانب» المتضمن محتويات ضارة تروج للاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار. 

وقد رأت ليزا ديتمر Lisa Dittmer، باحثة فى منظمة العفو الدولية، أن هناك ممارسات تلاعب فى تصميم منصة تيك توك الهدف منها إبقاء المستخدمين منخرطين لأطول فترة ممكنة، وهو ما يعرض الأطفال والشباب الذين يعانون من تحديات الصحة العقلية الموجودة مسبقًا لمخاطر الأذى الجسيمة.

ومما يجدر الإشارة إليه فإن تطبيق تيك توك استطاع جمع أكثر من مليار مستخدم على مستوى العالم، وقد أمضى هؤلاء المستخدمون ما معدله ساعة ونصف الساعة يوميًّا على التطبيق فى العام الماضى، بمعدل أعلى مقارنة بمنصات التواصل الاجتماعى الأخرى، وفقًا لمنصة التحليلات الرقمية Sensor Tower.

 فتوى أزهرية بالمنع 

يشار إلى أن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أصدر فتوى حول استخدام تطبيق تيك توك فى يناير 2023، جاء فيها: «مما هو معلوم شرعًا أن حفظ مقومات الحياة من الأمور الواجبة شرعًا، ومن بينها المحافظة على الحياء العام وحماية الأعراض سدا لذريعة التخوض فيها أو الوقوع فى براثنها، ومن المعلوم أيضًا - أن وسائل توصيل المعلومات تعتبر من أخطر الوسائل التى تستدرج الشباب والمشاهدين إلى طرق الرذيلة، ومن تلك الوسائل ما يعرف بـ(التيك توك)، وما يشابهه من مواقع وتطبيقات حيث يبث مشاهد مختلفة، ومنها المشاهد الجنسية التى تغرى الشباب وغيرهم على المفاسد وتحرضهم على النيل من المحرمات والتخوض فى الأعراض، بل وقتل أنفسهم فى بعض الأحيان، ومن ثم يكون منعها من الأمور الواجبة شرعا، ولما كان منع هذه الأمور يدخل ضمن اختصاصات الجهات القائمة على مراقبة البث وحفظ الآداب العامة والأخلاق، فإن هذا المنع يكون منوطاً بها وفقا للقواعد المقررة بهذا الشأن، ومنها أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن (الضرر يزال)، إعمالا لحديث النبى صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار».، وحفظا لمبادئ الأخلاق فى الدول الإسلامية التى تستمد مقوماتها من هدى السماء التى لا تجيز مثل هذه المواد».

 فتوى باكستانية بالتحريم 

ويعد تطبيق «تيك توك» إحدى وسائل التواصل الاجتماعى التى أثارت الجدل فى باكستان للآثار الاجتماعية والنفسية والدينية المترتبة على استخدامه، ففى وقت سابق وصفت هيئة تنظيم الاتصالات الباكستانية محتواه بأنه «غير أخلاقى وفاحش».

 فيما أصدرت الجامعة البنورية - إحدى أكبر المدارس الديوبندية فى مدينة كراتشي– فتوى تحرم استخدام تطبيق «تيك توك»، واصفة إياه بأنه أعظم إغراء فى العصر الحديث مستندين فى ذلك إلى عدة أسباب منها تصوير البعض فيديوهات مبتذلة ونشرها على التطبيق، مما يؤدى إلى الانحلال الأخلاقى ونشر الرذيلة والفحش فى المجتمع؛ خاصة مع تضمنه مقاطع مصورة تستهزئ بالدين وعلمائه.

وكانت هيئة تنظيم الاتصالات الباكستانية قد حظرت تطبيق «تيك توك» للمرة الأولى عام 2020م امتثالًا لأمر محكمة صدر استجابة لشكاوى من قطاعات مختلفة من المجتمع بسبب ما وُصِف بأنه يساعد فى نشر الرذيلة بين العامة، لكن رفعت الهيئة الحظر فى وقت لاحق.

 

وخلال عام 2021م قامت الهيئة بحظر التطبيق ثلاث مرات للأسباب ذاتها لتعلن إدارة «تيك توك» بعدها عن إزالة أكثر من ستة ملايين مقطع فيديو من خدمتها فى باكستان، ليعود التطبيق إلى العمل مرة أخرى.

كما حظرت إسلام آباد من قبل تطبيقات مشابهة تساعد على نشر الرذيلة فى المجتمع مثل تطبيق «تندر» Tinder. ودعت موقع «يوتيوب» التابع لـ«جوجل»، إلى حظر ما وصفتها بـ«المحتويات المبتذلة والخادشة للحياء والمنافية للأخلاق وصور العرى وخطاب الكراهية».

 الإدمان الرقمى 

وتعقيبًا على آثار تطبيقات التواصل الاجتماعى، يشير مرصد الأزهر إلى أن تطبيق «تيك توك» ذا الشعبية الواسعة خاصة فى فئة الشباب وصغار السن، ثبتت أضراره الأخلاقية والنفسية والاجتماعية فى العديد من الدراسات التى أجراها علماء الاجتماع والنفس. كما أنه نتج عن استخدامه مواد سلبية متعلقة بالأطفال تحرض على التنمر الإلكترونى، وتضعف الارتباط بالأسرة، وتستنزف الوقت والطاقة دون جدوى، مع دفعه لمستخدميه إلى الانعزال والتقوقع بعيدًا عن التواصل الاجتماعى الحقيقى والاكتفاء بالشاشات بديلًا لذلك.

وقال مرصد الأزهر فى تقرير له نشرته الوحدة الإعلامية إن منصة «تيك توك»، التى أثارت جدلًا واسعًا فى السنوات الأخيرة، أصبحت تمثل جزءًا كبيرًا من حياة المراهقين والأطفال فى العصر الحديث، وعلى الرغم من الفوائد التى يمكن أن تقدمها هذه المنصات فى مجالات التعليم والتواصل والتعبير عن الذات، إلا أن آثارها السلبية تبرز بشكل واضح، خاصة فى ظل الانعكاسات الخطيرة على الصحة النفسية والعقلية للمستخدمين خصوصًا الفئات الأصغر سنًّا. 

وحذر المرصد من الطبيعة المختلفة لتطبيق تيك توك مقارنةً بباقى المنصات الاجتماعية نظرًا لاختلاف طبيعته عن باقى المنصات الاجتماعية، فبينما اعتاد المستخدمون على تعرف منصات فيسبوك وانستجرام عليهم بناء على عمليات البحث والمتابعة، تفرد تطبيق تيك توك بمعيار «وقت مشاهدة الفيديو»، وهو ما قد يقود المستخدمين إلى ما يسمى بـ «جحور الأرانب» لمشاهدة المزيد من المحتويات المشابهة لأول فيديو تم مشاهدته مما قد يؤدى إلى الإدمان الرقمى.

وللحد من التأثيرات السلبية لتطبيق تيك توك، شدد مرصد الأزهر على أهمية اتخاذ خطوات فعالة تبدأ بتعزيز الحوار المفتوح والمستمر بين أفراد الأسرة، خاصة مع المراهقين، لفهم اهتماماتهم ومخاوفهم بشكل أفضل. وأكد المرصد ضرورة مراقبة استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعى بشكل غير مباشر، مع تجنب التدخل بأسلوب قد يدفعهم إلى إخفاء نشاطاتهم.

كما دعا إلى وضع قيود زمنية واضحة على استخدام هذه التطبيقات، بما يضمن تنظيم الوقت وتجنب الإدمان الرقمى. وفى إطار التوعية، أوصى المرصد بإدراج برامج تعليمية ضمن المناهج الدراسية، تهدف إلى توضيح مخاطر إدمان وسائل التواصل الاجتماعى وآثارها السلبية على الصحة النفسية..

إلى جانب ذلك، أكد المرصد على أهمية تنظيم ورش عمل موجهة للمراهقين وأولياء الأمور لتسليط الضوء على الاستخدام المسئول للمنصات الرقمية، وسن تشريعات وقوانين تُلزم شركات التكنولوجيا بحماية خصوصية المستخدمين، لا سيما المراهقين، مع منع التلاعب بالخوارزميات التى تدفعهم نحو محتويات ضارة.

وأشار المرصد إلى أهمية وضع قيود على الإعلانات الموجهة للأطفال والشباب، والتى تعتمد على استغلال بياناتهم لتعزيز استخدامهم لتطبيقات محددة. كما حث على إطلاق مبادرات مجتمعية تُقدم بدائل إيجابية للشباب، مثل الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية، بالإضافة إلى إنشاء مراكز استشارية مجانية للصحة النفسية، تقدم الدعم اللازم للمراهقين وأسرهم لمواجهة أية مشكلات ناتجة عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعى.

وفيما يتعلق بالمحتوى، أوصى المرصد بتحسين آليات الإشراف على المنصات الرقمية لضمان إزالة المقاطع الضارة أو التى تروج للأفكار السلبية والانتحار بشكل سريع وفعال، مع تطوير أدوات تحكم ذكية تمنح الآباء القدرة على مراقبة المحتوى الذى يتعرض له أطفالهم. وختامًا، أكد المرصد أن الاستخدام المفرط وغير المسئول لوسائل التواصل الاجتماعى يمثل تحديًا عالميًّا يتطلب تضافر جهود الأسرة والمجتمع والمؤسسات التربوية والحكومية. إن تحقيق التوازن بين الاستفادة من فوائد هذه المنصات وتقليل تأثيراتها السلبية أصبح ضرورة ملحة لحماية الجيل القادم من الوقوع فى فخ «جحور الأرانب»، التى قد تقودهم إلى العزلة أو الاكتئاب، وصولًا إلى العواقب الأخطر، مثل الانتحار.

 انحطاط أخلاقى 

تأثير التيك توك السلبى تخطى فئة الشباب ليكون سببًا فى الخلل فى القيم والأخلاق وهو ما يؤكده د. عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر وأكد عبر حسابه الشخصى قائلا: لا أدرى ما سبب هذا الانحطاط الأخلاقى الذى أصاب فئة من الناس لا ترقب فى المجتمع وقيمه إلا ولا ذمة بسبب مكاسب مادية ومشاهدات عبثية! أقول ذلك لما انتشر من ظاهرة تطبيقات عجيبة وغريبة غزت البيوت ومنها ما يسمى بتطبيق (التيك توك) ،حيث يستخدم الآن استخدامات غاية فى التدنى الأخلاقى وكل يوم يظهر لنا مزيد من هذا الصنف الغريب والعجيب آخرها هذا الذى قيل عنه: إنه يستخدم زوجته فى مشاهد مقززة وكلمات مفسدة وإيحاءات متدنية كل ذلك كما يقال لجمع عدد من المداخلات والمشاهدات التى تورد له مزيدا من الدولارات على حساب القيم والدين والمجتمع وهذا بلا شك إن ثبت حقا فهو نوع من الدياثة قد حذر منه سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: (لا يدخل الجنة ديوث ) والديوث: هو الذى لا يغار على أهله، ويرى زوجه وابنته على المنكر فيقبل ذلك، ولا ينكره!. فما بالنا لو كان هو الذى يأمر الزوجة بالمنكر ويروج لما تتفوه به من سقط القول، ويستخدمها فى تحطيم قيم وأخلاقيات المجتمع؟!

واستطرد: «إن المرأة أمانة لدى الرجل والمحافظة عليها، وعلى حيائها واجب شرعى ومجتمعى ووطنى يقول تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) فالذى يرى المنكر فى أهله بل هو نفسه يساعد فى ترويجه فقد ذل نفسه وأهان كرامته وتعدى على الثوابت الأخلاقية التى هى رصيد الأمم الفاضلة؛لذا وجب على المجتمع ردعه وإيقافه عند حده بكل الوسائل القانونية، بل يجب على المسئولين إن استطاعوا: إيقاف هذا التطبيق وأشباهه من التطبيقات التى تجلب المصائب كل يوم لشبابنا، وواجب على الآباء والأمهات أن يقوموا بمسئولياتهم تجاه أبنائهم ويراقبوا وينصحوا؛ فالأولاد أعز ما نملك وهم الصناعة الثقيلة التى تخرج للمجتمع وتبنيه والأخلاق هى ماء الحياة العذب والأمم لو تحطمت أخلاقها فكبر عليها أربعًَا وقل عليها السلام، وصدق من قال: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت..فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

فيما أكدت فتوى أزهرية حول ما ينشر عبر التيك توك والتواصل الاجتماعى إنه يجب شرعا تجنُّب  نَشْر الشخص ما أَمَر الشرع بصَوْنه وعدم إطِّلاع الغير عليه؛ كالعورات، لأنَّ هذا من قبيل إشاعة للفاحشة فى المجتمع، وهى جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى؛ فى قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، وقد جعل الإسلامُ القائل للفاحشة مساويًا فى الوِزْر لفعلها؛ لعِظَم الضرر المترتب فى الحالتين؛ لقول سيدنا  على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: «القائل للفاحشة والذى يشيع بها فى الإثم سواء»، 

ووفقا للفتوى فإن هذا الأمر أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وَفْق القانون رقم (175) لسنة 2018م، الخاص بـ«مكافحة جرائم تقنية المعلومات»؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصرى فى هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرِّفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائى للمحتوى المعلوماتى غير المشروع.