هدنة غزة نهاية للحرب أم لعائلة نتنياهو؟
آلاء البدرى
يواجه بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى، مصيرًا سياسيًا وقضائيًا صعبًا، بسبب حرب الإبادة التى شنها ضد أبناء الشعب الفلسطينى فى القطاع، إذ يجد نفسه محاصرًا على مختلف المستويات فقد أخفق فى القضاء على حركة حماس، وفشل فى صياغة استراتيجية واضحة لليوم التالى فى غزة، مما زاد من حدة الانتقادات الموجهة إليه داخليًا وخارجيًا.
وتزايدت المعارضة لنتنياهو من قبل عائلات وأسر الرهائن، الذين يرون أنه ضحى بمصالحهم من أجل البقاء فى منصبه، وأدخل إسرائيل فى مرحلة صعبة من العلاقات الخارجية، حيث أُعيدت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية.
وساهمت حرب الإبادة التى شنها الكيان الصهيونى بقيادة نتنياهو فى تحويل القضية الفلسطينية من كونها شأنًا عربيًا بحتًا إلى قضية إنسانية تبنتها شعوب العالم، ما أثار موجة عارمة من المشاعر المعادية لإسرائيل وولّد ما يمكن وصفه بـ«تسونامى» من التضامن مع الشعب الفلسطينى.
وفشل نتنياهو فى مد زمن الحرب بالذهاب للمفاوضات، ليواجه مصير رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت بسبب قضايا الفساد، بعد أن أكد عدد من قادة الأحزاب والمسئولين فى الكنيست أن عام 2025 هو الأخير لحكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
تلاحق نتنياهو منذ سنوات موجة من الفضائح المتعلقة بالفساد والمحسوبية والفضائح الجنسية، الأمر الذى دفعه لمهاجمة التحقيقات واصفا إياها بأنها عمليات تشويه ممنهجة يقودها إعلام معادٍ ونظام عدالة متحيز.
واُتهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، فى فترة ولايته الأولى باستغلال منصبه وتعيين أحد المقربين منه نائبًا عامًا فى مقابل الحصول على دعم سياسى من حزب شاس الدينى المتطرف، ووصف ممثلو الادعاء سلوك نتنياهو بأنه غبى لكنهم أغلقوا القضية فى نهاية المطاف مشيرين إلى التلاعب في الأدلة والبراهين.
وفى عام 2016 كشف تقرير رسمى أن نتنياهو أنفق أكثر من 600 ألف دولار من الأموال العامة على رحلة مدتها ستة أيام إلى نيويورك بما فى ذلك 1600 دولار على مصفف شعر شخصى إلى جانب إنفاقه 127 ألف دولار من الأموال العامة على مقصورة نوم خاصة فى رحلة مدتها خمس ساعات إلى لندن، وزعم نتنياهو أنه لم يكن على علم بالتكلفة كما اضطر إلى التوقف عن شراء الآيس كريم من أحد محلات بيع الآيس كريم الشهيرة فى القدس بعد انتشار أنباء تفيد بأن مكتبه يرفع فواتير بقيمة 2700 دولار لنكهاته المفضلة الفانيليا والفستق الحلبى.
ويواجه نتنياهو وزوجته اتهامات بتلقى الرشاوى وسرقة الهدايا والمساهمات الأجنبية التى تلقياها من زعماء العالم وقبول خدمات من أحد المقاولين وأغلقت القضيتان بشكل غامض، بالإضافة لاتهامه بتزوير فواتير مزدوجة لنفقات السفر واستخدام أموال الدولة لتغطية سفرياته الشخصية فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين عندما كان وزيرًا للمالية وزعيمًا للمعارضة واتهامه بإقامة علاقات غير شرعية مع نساء متزوجات وكان من بينها فضيحة تم تسريبها فى شريط فيديو يصور نتنياهو مع امرأة متزوجة تدعى روث بار فى مواضع محرجة، وردًا على ذلك ظهر نتنياهو على شاشة التلفزيون واعترف بالزنى.
واتهم مقربون نتنياهو بتلقى رشاوى ضخمة للدفع بصفقة لشراء غواصات وسفن حربية من ألمانيا، ورغم أن نتنياهو ليس مشتبهًا به فى هذه القضية لكن لجنة التحقيق نظرت فى القضية فى وقت سابق من هذا العام وأرسلت رسالة إليه وحذرته من أنه قد يتضرر من نتائجها وأن التحقيقات لا تزال تكشف الكثير ولم توضح اللجنة الاتهامات الدقيقة الموجهة إلى نتنياهو لكنها غالبا تدور حول اتخاذ قرارات غير سليمة على مستويات متعددة ومخالفات فى الحكومة ومؤسسة الدفاع وتهم تحريضية.
واتهم المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بتسريب معلومات سرية إلى الصحافة الألمانية تضر بأمن إسرائيل ومصالحها فى زمن الحرب للتأثير على الرأى العام ليصبح أكثر تأييدا لمواقف نتنياهو الهجومية وتخفيف ضغوط الرأى العام عليه بسبب الرهائن المحتجزين لدى حماس.
ويجرى التحقيق مع مساعد آخر لنتنياهو بتهمة التلاعب بالوثائق وترتيبها وتزويرها بهدف حماية نتنياهو من التحقيقات المستقبلية فى سلوكه خلال الحرب.
وأصبح نتنياهو مطلوبا دوليا بعد أن أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحقه هو ويوآف جالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 8 أكتوبر 2023.
وطالت الاتهامات سارة زوجة نتنياهو بإهدار المال العام واستخدام نحو 100 ألف دولار منه لطلب وجبات فاخرة من طهاة مشاهير فى حول العالم على الرغم من أنه كان لديها بالفعل طهاة على قائمة رواتب الحكومة ووافقت على دفع 15 ألف دولار لإساءة استخدام أموال الدولة كجزء من صفقة إقرار بالذنب، واتهمت بالفساد لصرف أموال الحكومة لشراء أثاث لمنزلهم الخاص، بالإضافة لاتهام بتغطية النفقات الطبية لوالدها الراحل بتكلفة ضخمة من المال العام.
وحصلت عاملتان منزليتان على تعويضات فى دعاوى قضائية لاتهامهما سارة زوجة نتناهو بسوء المعاملة والتعذيب ومنحت المحكمة كل عاملة أكثر من 42000 دولار كتعويضات.
واتهمت مربية الأسرة «ٍسارة» بتعنيفها وطردها من المنزل من دون ملابس وأوراق شخصية لأنها أحرقت قدرًا من حساء الخضار، كما تم تسريب محادثة هاتفية مسجلة لزوجة رئيس الوزراء وهى تعنف وتسب مدير الدعاية الذى يعمل معها بعد أن أغفل خبرًا صحفيًا ذكر مؤهلاتها التعليمية.
ومؤخرا أمر النائب العام والمدعى العام الرئيسى الشرطة بالتحقيق معها فى قضية ترهيب الشهود والتدخل فى قضية الفساد ضد زوجها.
وطالت الاتهامات يائير، نجل نتنياهو، حيث اتهم بالإضرار بالمال العام وإعلان الكراهية بعد أن ظهر تسجيل صوتى له وهو يتجول برفقة أصدقائه الأثرياء فى نوادى التعرى فى تل أبيب فى سيارة حكومية ممولة من أموال دافعى الضرائب وقد اعتذر لاحقا.
وأثار يائير الجدل بسبب منشوراته الفاحشة والمسيئة على وسائل التواصل الاجتماعى على مر السنين مثل نشره رسمًا كاريكاتير مستوحى من المجازات الكلاسيكية المعادية للسامية وقام فيسبوك بتعليق حسابه لفترة وجيزة بعد أن كتب أنه يفضل إسرائيل دون أى مسلمين.
وتكبدت إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة بسبب تهور حكومة نتنياهو، حيث بلغت التكلفة الاقتصادية للحرب حتى نهاية 2024 حوالى 250 مليار شيكل بدون المساعدات الأمريكية أى 68 مليار دولار.
وشبه الاقتصاديون الإسرائيليون الخسائر التى تكبدتها إسرائيل من حرب غزة بخسائر ما بعد حرب أكتوبر التى أطلقوا عليها العقد الضائع، حيث كان هناك عجز كبير فى ميزانية 2024 وزاد الدين العام وكذلك نفقات الفائدة لم يتم استغلال الأزمة لإجراء تخفيضات كبيرة فى تمويل الائتلاف والنفقات غير الضرورية للوزارات الحكومية فكانت ميزانية 2024 مخيبة لآمال الإسرائيليين.
