الجمعة 31 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراسة حديثة تكشف: دور الألعاب الإلكترونية فى فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية!

فى عالم السياسة؛ كل شىء قابل للتوظيف فى سبيل تحقيق الهدف. أو كما تقول القاعدة الميكافيلية الأشهر: الغاية تبرر الوسيلة. وإذا كان الوصول إلى البيت الأبيض هو الهدف؛ فإن كل الوسائل متاحة وكل وسائط الاتصال السياسى والدعاية الانتخابية واردة حتى لو كانت ألعاب الفيديو!



 

مع إعلان فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية؛ أعلنت الدكتورة حنان أبوسكين، أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم بحوث وقياسات الرأى العام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن دراسة حول استخدام الألعاب الإلكترونية فى نجاح رؤساء أمريكا بعنوان: «التوظيف السياسى للألعاب الإلكترونية».

وتشرح أبو سكين فى بداية دراستها: «جذبت ممارسات الألعاب الإلكترونية مختلف الفئات العمرية مع انتشار الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر بأنواعها المختلفة على نطاق واسع.

 

ولم تعد تلك الألعاب مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت جزءًا من حياة الكثيرين حول العالم بما فى ذلك العالم العربى ويقدر حجم سوق الألعاب فى الشرق الأوسط بنحو 6٫34 مليار دولار أمريكى فى عام 2024. ومن المتوقع أن يصل إلى 10٫69 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2029. خصوصا أن هذه الألعاب كما قالت دراسة الدكتورة حنان أبوسكين لها إيجابياتها وسلبياتها. فمن أهم مميزاتها درجات الإدراك والانتباه وإكساب الفرد مهارا ت تكييف العقل وتحسين قدرته على تخزين المعلومات وتذكرها. وتقليل الاندفاع نظرا لأن اللاعب عمل على تحقيق هدف معين طوال اللعبة وتنمية القدرة على اتخاذ القرارات والتوقع خاصة فى الألعاب التعليمية وتنشيط الذكاء. ومن جانب آخر، أصبحت الألعاب الإلكترونية أحد المصادر الحديثة للدخل القومى للدول».

وانتقلت دراسة الدكتورة حنان أبوسكين بعد ذلك إلى كيفية جذب تأييد الناخبين فى الحملات الانتخابية، مؤكدة عمل خبراء استراتيجيات التسويق على تصميم استراتيجيات اتصال مقنعة جديدة ليتم نشرها فى البيئة التى يوجد بها جمهورهم المستهدف.. ومن بين الابتكارات الناشئة فى التسويق السياسى يتم استخدام الألعاب الرقمية كأداة لتقريب الشباب من السياسيين لتحقيق نتائج ناجحة.

ومن أمثلة ذلك «لعبة جزيرة» لحملة جو بايدن وكامالا هاريس فى انتخابات الرئاسة 2020 وكان الهدف داخل اللعبة هو إكمال ستة تحديات تتعلق بأجندة بايدن - هاريس السياسية.

حيث كانت الفئة المستهدفة المحددة هى الشباب خاصة الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، واستخدمت اللعبة مستويات إقناعية متعددة التى توجد فى التفاصيل كعنوان الجزيرة والنصوص التعليمية وأسماء المواقع المكانية والحوارات ويمكن قراءة اسم الجزيرة فى الخلفية «إعادة البناء بشكل أفضل مع بايدن» وهو شعار حملة «بايدن - هاريس».

واستخدم أيضا أسماء المواقع المكانية على الجزيرة لإيصال هدف الاتصال السياسى، ومن أمثلة ذلك المحطة المسماة «هراء» فى إشارة إلى أحد شعارات الحملة وإلى إحدى أكثر العبارات شعبية للمرشح الرئاسى آنذاك جو بايدن» رغم أنه اعتبر مصطلحًا صعب الفهم خاصة بين الأجيال الشبابية.

واستخدمت الحوارات مع الشخصيات داخل اللعبة لنقل الأجندة السياسية وشرح سبب توقع قيام اللاعبين بأشياء معينة فى اللعبة وكيف ترتبط هذه الأشياء بخطط المرشحين.

وفى الانتخابات الأخيرة اخترق دونالد ترامب مساحة الألعاب لعام 2024 أكثر من منافسته كامالا هاريس وانتشرت مقاطع فيديو يقوم فيها مطلق نار بالتسلل على السطح ويرفع بندقيته القناصة ويصوبها نحو السياسى الذى يلقى خطابا على المنصة وتخطئ الرصاصات هدفها قبل أن يتم القبض عليه من قبل حراسه الشخصيين. ثم يرفع السياسى قبضته فى الهواء متحديًا، ما يعيد تمثيل محاولة اغتيال دونالد ترامب باستخدام شخصيات ألعاب الفيديو وغالبا - كما تقول دراسة الدكتورة حنان - ما يتم وضع مقطع فيديو مع صوت حقيقى مروع من تجمع ترامب على وسائل التواصل الاجتماعى بعد الهجوم الفعلى عليه فى 13 يوليو 2024.

وتم إنشاء هذه المقاطع باستخدام ألعاب مجانية، حيث يمكن للاعبين إنشاء عوالمهم وسيناريوهاتهم الخاصة قبل مشاركتها كألعاب قابلة للعب أو كمقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعى. وحققت بعض المقاطع ملايين المشاهدات وفى بعض الحالات تم إغلاق تلك الألعاب من قبل المشرفين بسبب انتهاكات المحتوى.

وبالتالى أدرك الساسة أنه يمكنهم الوصول إلى مساحات اللعبة للوصول إلى التركيبة السكانية الأصغر سنًا من الناخبين المحتملين.

كما أن هناك لعبة أخرى من ألعاب المحاكاة للحملات الانتخابية، حيث يتم التنافس على الرئاسة من خلال بُعد دور المرشحين الحقيقى. حيث أضافت آخر تحديثات اللعبة زميل ترامب فى الترشح جيه دى فانس «مرشح دونالد ترامب لمنصب نائب الرئيس»، وموضوعات للمنافسة بما فى ذلك أداء بايدن الضعيف فى المناظرة.

كشفت دراسة الدكتورة حنان أبوسكين عن استغلال إسرائيل الألعاب لنشر الكراهية وتغذية المشاعر المعادية ضد الفلسطينيين فى مختلف أنحاء العالم من خلال عشرات الألعاب من بينها «قتل الإرهابى» التى طرحتها القناة السابعة العبرية على الإنترنت لتحريض الأطفال على قتل من وصفتهم بالمخربين الفلسطينيين الذين يهاجمون جنودهم ويظهر الفلسطينيون فى اللعبة حاملين سكاكين وبنادق وزجاجات مولوتوف.

وقالت الدراسة: يمكن تصنيف الألعاب التى تركز على الطابع السياسى لعدة فئات مختلفة بناء على النشاط «مثل المحاكاة والاستراتيجية والعمل»، أو وفقًا للغرض والقصد مثل التعليم والفهم والتقييم والإقناع والترفيه أو وجهة نظر اللاعب مثل زعيم دولة أو مدنى أو محايد أو بناء على السياق التاريخى أو شكل تمثيل الحكومة مثل الديمقراطية والسلطوية.

وتتباين تلك الألعاب فى الأسعار إلا أن الكثير منها مجانى أو سعره اقتصادى، مما يعنى إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من اللاعبين فى دول مختلفة.

وكشفت الدراسة عن تشكيل الرأى العام إزاء القضايا السياسية، فقد يكون محتوى اللعبة متحيزا لرأى معين ويتم العرض المتحيز من خلال المؤشرات الإقناعية الجذابة داخل اللعبة خاصة عندما تحاكى الألعاب أحداثا حقيقية أو أحداثا خيالية تتضمن دولا حقيقية بطرق تدعم جانبا ضد آخر وإعادة صياغة الأحداث الحقيقية بشكل انتقائى.

فالألعاب تجبر اللاعبين على أن يصبحوا مشاركين فى أحداث محاكاة ويكون لاعبو ألعاب الحرب مثلا أعضاء افتراضيين فى الجيوش يشاركون فى قتال محاكاة ويتقدمون خلال الألعاب من خلال تأمين النصر لجانبهم.

والخطير فى حروب المحاكاة - كما قالت الدراسة - أى إجراءات يتخذها الأبطال تبدو ضرورية ومبررة مهما كانت متطرفة كقتل المدنيين عمدا وانتهاك سيادة الدولة واستخدام الفوسفور الأبيض أى التخلى عن القيود الأخلاقية والقانونية على استخدام القوة.

وقد يؤدى ذلك إلى ترسيخ أداء اللاعبين بقوة فى اتجاه معين يتأثر به اللاعب حتى وإن لم يشعر.

وأكدت الدراسة على استخدام هذه الألعاب للترويج لمواقف سياسية معينة وتشويه الخصوم مثل لعبة الموت من أعلى والتى تثير المشاعر المعادية لروسيا من خلال فكرتها، حيث يلعب المستخدم دور مشغل طائرات بدون طيار أوكرانى عالق خلف خطوط العدو الروسى وأثناء مواجهة الغزو وهدفه القتال للخروج من هناك، ويزعم مطور اللعبة أنه يدعم أوكرانيا ويمنح جزءا من الأرباح للجانب الأوكرانى.

وخلصت الدراسة إلى أن استخدام منظمات عديدة الألعاب الإلكترونية سواء كانت الجماعات المتطرفة العنيفة أو الجيوش النظامية كالجيش الأمريكى الذى استخدم الألعاب الإلكترونية لأغراض التجنيد كشكل شائع من أشكال الترفيه بين شباب العالم وكانت لعبة «جيش أمريكا» المحاولة الأكثر نجاحا لاستخدام ألعاب الفيديو فى الاتصالات الاستراتيجية.

فمنذ إصدارها الأول فى عام 2002 خضعت اللعبة التى أنتجها الجيش الأمريكى لأكثر من أربعين تحديثا ولعبها أكثر من 13 مليون شخص وهى تدعم الجيش الأمريكى بقوة وتسعى باستمرار إلى جعل اللاعبين يشعرون بأنهم أعضاء فيه، ويخضع اللاعبون لتدريب أساسى محاكاة للجيش ويتعلمون من مؤسسات الجيش وأسلحته ويجرون مهام قتالية متعددة، وتعلم اللعبة اللاعبين قيم الجيش وتجبرهم على اتباع قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش أثناء المهام. وتقدم لهم معلومات واسعة النطاق عن ثقافة الجيش ومؤسساته.

كما أطلق الجيش الأمريكى فريق الرياضات الإلكترونيات الخاصة به فى عام 2018 فى محاولة للوصول إلى المزيد من المجندين المحتملين. فى محاولة لحل أزمة التجنيد غير المسبوقة التى يواجهها الجيش الأمريكى.