تجربة جمعت نجمين من نفس الفئة.. نوعية الأغانى.. والجمهور: (فعلاً مبيتنسيش) لـ«تامر حسنى» و«رامى صبرى».. أغنية جيدة ولكن!

محمد شميس
صدر الدويتو المنتظر بين الفنان «تامر حسنى» والفنان «رامى صبرى»، (فعلاً مبيتنسيش)، وبمجرد صدور العمل قام الفنان «سامو زين» بكتابة منشور على صفحته يلمح فيه إلى سرقة لحن أغنيته القديمة (أيام فى بعادنا فاتو)، وقام الجمهور بالهجوم عليه، وهو ما دفعه لحذف المنشور، وكتابة واحد آخر بالتهنئة والمباركة لـ«تامر ورامى».
ولكن بهذا التصرف، ربما أكد «سامو» بشكل أو بآخر، أنه يريد الركوب على نجاح زملائه الفنانين بالجدل، وأنه غير قادر على العودة إلى الأضواء الإعلامية بأغانيه، رغم أنه ينتمى لنفس الجيل «تقريبًا» الذى ينتمى إليه «رامى صبرى وتامر حسنى»، وهذه أزمة كبرى تحتاج منه التوقف والدراسة.
أما فيما يخص الأغنية، فدعونا نتحدث عن كل عنصر من عناصرها.
من حيث الموضوع فهى تتحدث عن صدمة الحبيب بعدما ترحل عنه حبيبته بسبب تصرفاته السيئة معها، ويشعر وقتها الحبيب بالندم ويؤكد أن ذكرياته معها (فعلاً مبتتنسيش).
وهذا ما عبر عنه الكاتب «عمرو تيام» بشكل مبسط، ولكننى أعيب عليه بسبب استخدامه لقوافى متوقعة مثل: «مبيتنسيش، بعيش، مهزنيش»، وأيضًا «ايديا، عليا، فيا»، وهذه ليست أزمته بمفرده، ولكنها أزمة صناعة كاملة، لدرجة تجعلنا نشعر أن كل الكلمات والمرادفات التى نستخدمها قد سمعناها قبل ذلك عشرات المرات.
ولكن نفس الكاتب استطاع أيضا أن يستخدم جملة أراها «موفقة» إلى حد كبير، عندما كتب «أنا اتجاحدت معاه وهو كان راضى»، لفظ «اتجاحدت» كان استخدامه فى الأغنية جديدا، وكلمة «جاحد» تستخدم فى المرادفات اليومية بيننا، ولذلك توظيفها فى الكليب كان جيدًا للغاية، بل أعطى مساحة لـ«تامر حسنى»، «مخرج الكليب»، بأن يصنع مواقف درامية لنفسه ولـ«رامى صبرى»، يبين فيها كيف كانت العلاقة بين الحبيب والحبيبة، وكيف كانت تصبر الحبيبة على المعاملة السيئة من حبيبها، ثم ندم الحبيب بعد ذلك على فقدان حبيبته، فهذه الجملة كانت محورية حقيقية فى إخراج قصة الأغنية المصورة.
ومن حيث الألحان فالملحن «شادى حسن» هو واحد من الملحنين القلائل الذين يجيدون التعبير عن رسالة العمل، فهو يفهم الكلمات جيدا، ويقوم بتلحينها ليوصل الرسالة العامة، عكس الكثير من الملحنين الذين يقومون بصناعة جمل لحنية ربما تكون رنانة وجميلة ولكن «تقطيعات» اللحن، تفقد معانى الكلمات، مثلما فعل مثلا «عمرو مصطفى» فى أغنية (برج الحوت)، حيث إن الكلمات كانت تقول «ياللى أنت عيونك بحر.. ليل ونهار فيها سحر»، فهذا البيت مكتوب جيدا، وتام فى المعنى، ولكن تقطيع اللحن جعله ناقصاً فى المعنى لأن «عمرو دياب» غناه «ياللى أنت عيونك بحر ليل ونهار» ثم توقف، وعاد من جديد ليكمل «فيها سحر فيها قلبى داب واحتار»، فماذا تعنى إذن جملة «ياللى أنت عيونك بحر ليل ونهار»؟! فأصبحت الجملة الجديدة بفضل الملحن، ليس لها معنى! وهذه الأخطاء ربما لا يتوقف عندها الجمهور بشكل متأمل، ولكن «شادى حسن» لم يفعل ذلك فى (فعلا مبيتنسيش).
بل بالعكس تماما، ففى الأجزاء التى كان يتحدث فيها الحبيب عن ندم فقدان حبيبته، كانت الجمل اللحنية «تغنى من طبقات صوتية منخفضة»، ثم ترتفع مع جملة «السينيو» التى يقر فيها الحبيب بكارثة فقدان حبيبته كتعبير عن الأزمة التى أوقع نفسه فيها، وهذا المنهج فى التعبير عن الكلام كان موفقاً لأبعد حد، وأضاف الكثير لجودة العمل.
كذلك التوزيع الموسيقى لـ «طارق توكل» المبنى على موسيقى الـ «روك» ،ولكن بشكل «Soft» كان أيضا موفقا، لأن هذا القالب الموسيقى يتميز بالهدوء فى غالبيته، ولكنه يتدرج ويتصاعد فى بعض المناطق، وهو ما كسر حالة الملل فى الأغنية، بسبب الفواصل الموسيقية التى تم استخدام فيها الجيتار الكهربائى، كما أن «تامر حسنى» يتألق عموما فى تفريعات موسيقى الـ «روك» وأشكالها المختلفة، ويتضح هذا التألق فى (ناسينى ليه)، كذلك «رامى صبرى» يجيد الغناء على هذه الأشكال، فاستخدام هذا القالب الموسيقى من الموزع كان موفقاً.
ورغم كل هذه الايجابيات الكثيرة، إلا أننا لا نزال نفتقد إلى ثقافة صناعة الأغنية المشتركة، فلو حاولنا النظر إلى العمل بشكل واقعى، سنجد أن من غير المنطقى أن يكون هناك اثنان من الرجال، لديهما نفس الحالة، ويحبان نفس الفتاة ويتحدثان عن نفس التفاصيل، فهذا الأمر مستحيل!
صحيح الأغنية جيدة، غناها «تامر حسنى ورامى صبرى» بشكل نموذجى، وأيضا الفيديو المصور كان رائعاً، والأكيد أن هناك استفادة جماهيرية كبيرة للطرفين، ولكن هذه الأغنية صنعت ليغنيها صوت واحد فقط، ولو غاب أى منهما عن الأداء الصوتى، وحذفنا مقاطع من الأغنية واستبدلناها بالآخر، فلن تتأثر جودة الأغنية بأى شكل من الأشكال، ولذلك فوجود صوت إضافى فى العمل ليس رئيسياً، وهذه أزمة غالبية الديوهات التى نصنعها فى الوطن العربى، خاصة فى فئة الـ«بوب ميوزك».
ولكن الأجمل فى هذا العمل، هو قطعا المشاركة التى حدثت بين اثنين من نجوم مصر يتنافسان فى نفس الفئة مع نفس الجمهور بنفس نوعية الأغانى تقريباً، وهو ما قد يساهم فى تهدئة الأجواء الجماهيرية بين المتعصبين لهذين النجمين الكبيرين!