عبدالرحمن رشاد
الإخوان فى ماسبيرو نظرية العصا والجزرة(1/2)
علاقة الإخوان بماسبيرو لم تكن حديثة ولم تولد مع 25 يناير؛ بل عرف ماسبيرو والإعلام المصرى العديد ممّن كانوا منتمين إلى فكر الجماعة فى الأربعينيات والخمسينيات، ولكن يَد الإزاحة والتطهير كانت دائمًا وراءهم..
لكنهم توغلوا منذ أواخر السبعينيات فى مفاصل ماسبيرو بفعل أحداث سياسية واقتصادية وإعلامية ليس مسئولاً عنها العاملون فى ماسبيرو..
لم يكن أحدٌ من الفاعلين فى ماسبيرو العملاق على ضفة النيل الخالد أن يَرى عملاء المشهد الإخوانى وأذنابهم يبرزون من بين شقوق المبنَى العتيق.. الإعلام المصرى منذ نشأته فى عام 1934 كانت ساحته تشهد النجوم الموهوبين ويتعايش فى ظلهم محدودو الموهبة الذين يتسللون إلى داخل أروقة المبنَى بفعل محسوبية العائلات أو محسوبية الروتين..
بَيْدَ أنّ حالة الفوضى التى أصابت ماسبيرو برعشة حادة وردة فعل تجمع بين الجمود وعدم التصديق لما يحدث فى الشارع المصرى، ومن هنا لم تأتِ رَدة فعل ماسبيرو لأحداث 25 يناير تتوافق مع الحدث أو تستجيب له بالقدر الكافى فانكفأ العديد من إعلاميى ماسبيرو فى عملهم الروتينى مبتعدين عن نبض الشارع وتطلعات المواطنين فكان الوقت مشجعًا لكل من يكره ماسبيرو أو ينافسه على الانقضاض وكسب المصداقية وإلقاء التهم على كل أبناء ماسبيرو سواء الموهوبين أو الجامدين، وسادت الفوضَى ولم يَعُد هناك عقل جامع يخطط ويوجه ويرى إلاّ ما تراه حكومة انتهى عمرها الافتراضى. كان الإعلام المصرى يعانى من كل الأمراض التى أصابت نظامه؛ ففقد كل مقومات الحداثة والتجديد والابتكار والحرية فيما عدا زوايا صغيرة يحاول القائمون عليها التغيير بالوعى بما يحدث حولهم ولكن النغمة العالية والغالبة فى الركود والجمود ومقاومة التحديث.
كثير منهم بدأ فى التسلل إلى البهو الفرعونى ساعدهم فى هذا الفوضى والتسيب والإهمال.
بدأوا فى كتابة اللوحات تعلق على جدران البهو الفرعونى باتهامات للمسئولين فى المبنى؛ خصوصًا رؤساء القطاعات البرامجية، اتهامات مالية أو اتهامات سياسية بانتمائهم إلى الحزب الوطنى الذى تم حله وتم وصف العديد من الكفاءات داخل المبنى بكلمة «الفلول».
فكل مَن يختلف معهم أو يمارس عمله بالتزام مهنى وأخلاقى عن الإعلام الوطنى ولا يعلن انتماءه وولاءه للجماعة الإرهابية فهو من الفلول ويجب طرده من عمله.
مجموعة الحكماء التى شكلها رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف وكان من بين أعضائها رموز إعلامية ومسئولون كبار فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون حاولت اللقاء بالمعتصمين فى البهو الفرعونى وكان خليطا شائهًا من وجوه لم نرها على شاشات أو عبر ميكروفونات.. لقد اخترق البهو الفرعونى بشتى التيارات التى كان يموج بها الشارع المصرى. عندما حاول الحكماء اللقاء بهم أو النقاش حفاظا على إعلام الدولة أفشلوا هذه اللقاءات وكانت الأغلبية من تابعى جماعة الإخوان الإرهابية.
ما لبث أن انتهى عمل الحكماء حتى اتضحت الصورة وكشف عملاء الجماعة الإرهابية عن وجوههم وأعلنوا فى الإعلام شعار المغالبة لا المشاركة تمهيدًا لإعلان حزبهم وبدأت كارنيهات عضوية الحزب تعلن عن انتماءات وممارسات لخدمة أهداف الجماعة الإرهابية سواء عن طريق استضافة رموزها بشكل دائم كعصام العريان والبلتاجى وصفوت حجازى وغيرهم.
استقراء التاريخ يوضح أن اتباع هذه الجماعة الإرهابية يستثمرون أىَّ حالة فوضى ليخرجوا من حالة السكون والكمون وما يسمونه بالتكوين إلى إملاء الشروط والاستعلاء وادعاء «الأستاذية» كما فعلوا بداية من عقد الثمانينيات بعودة رموزهم الدعوية والإعلامية إلى ساحة الإعلام بالتوازى مع فعاليات اقتصادية شرهة وشرسة حول العالم وفى مصر.
بدأت هجمتهم الإعلامية بعودة «نور على نور» وعودة السيد سابق مفتى الدّم فى الجماعة الإرهابية إلى إذاعة القرآن الكريم التى اعتبروها عام 2012 إذاعتهم الأثيرة وعاد بعض علمائهم إلى لجان اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
لقد ظهر الوجه الحقيقى لهم عندما بدأوا الصدام والتفريق لكى يخوضوا البحار ويقتحموا عنان السماء ويهدموا كل جدار عنيد.. هذه كلمات إعلان الحرب على ماسبيرو بالعصا والجزرة، بالتلويح بالمناصب والعلو والاستعلاء لمن يعلن ولاءه لهم ومن يختلف معهم فهو مبعدٌ إن طال الوقت أو قصر عن الميكروفون وعن الشاشة وبدأ قاموس الاستعلاء وأستاذية العالم وجاهلية المجتمع. لقد بدأوا فى ممارسة كل أشكال الإرهاب الفكرى ومحاولة إذابة إعلام ماسبيرو فى فكر جماعتهم تحت مظلة تطهير ماسبيرو وأسلمة ماسبيرو.. مشروع مؤسَّس على التدمير والإرباك والخراب. كيف بدأت خطواتهم التنظيمية داخل ماسبيرو منذ 25 يناير حتى 30 يونيه 2013؟.