الأربعاء 5 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المنطقة التى كشفت عورة النظام الدولى الشرق الأوسط المشتعل يترقب 2025

كشف العدوان الإسرائيلى على غزة ولبنان وسوريا، خلال عام 2024 ازدواجية معايير المجتمع الدولى، وعلى رأسه الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، فى التعامل مع الانتهاكات التى ارتكبها الكيان الصهيونى للمشاعر الإنسانية والقوانين الدولية.



 

واكتفت دول العالم الغربى ببيانات الشجب والإدانة أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية التى تواصل حرب الإبادة الجماعية لأصحاب الأرض، وتدمير جنوب لبنان وشن الغارات الجوية المتتالية مع تقدم قواتها فى العمق السورى بعد سقوط نظام بشار الأسد.

فى ضوء هذه الأحداث يتخبط المحللون السياسيون فى توقع المستقبل القريب، وما يحمله عام 2025 للمنطقة.

 

ويرى المحللون أن قطاع غزة الذى تسبب العدوان الإسرائيلى عليه فى سقوط 45 ألف شهيد، و107 آلاف مصاب؛ إلى جانب نزوح مليونى شخص منذ أكتوبر 2023، أن العام المقبل لن يجلب السلام لسكان القطاع المحاصر، نظرًا لأن الحرب الإسرائيلية التى لا نهاية لها، تنطوى على الرغبة فى القضاء على الهدف تمامًا بالمعنى الأوسع.

 

وأوضح المحللون أن أحد السيناريوهات هو استمرار النمط الحالى من التصعيد المتقطع، تتخللها هجمات صاروخية وضربات إسرائيلية انتقامية.

 

وتوقع المحللون أنه قد ينشب صراع واسع النطاق إذا دفعت الضغوط الداخلية داخل «غزة»، مثل: الانهيار الاقتصادى، أو الاضطرابات السياسية، إلى إعادة توجيه الغضب الشعبى نحو الاحتلال إسرائيل؛ ما قد يؤدى إلى إشعال فتيل حالة من عدم الاستقرار الإقليمى الأوسع نطاقًا، وكارثة محققة أسوأ داخل القطاع.

 

وأوضح المحللون أن السيناريو المرغوب فيه هو زيادة جهود الوساطة الدولية، والإقليمية من الدول التى لديها مصلحة راسخة فى منع «غزة» من الانزلاق إلى الفوضى، ووقف إطلاق نار مؤقت، أو اتفاقيات، من شأنها أن توفر لغزة المساعدات الإنسانية، والإغاثة الاقتصادية، التى تشتد الحاجة إليها، فى مقابل خفض التصعيد.

 

وأشار المحللون إلى أنه حتى فى ظل احتمالية وقف إطلاق النار، ستستمر معاناة السكان والنازحين جراء تدمير نحو %80 من البنية التحتية للقطاع، بينما قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى - فى شهر مايو الماضى - أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الحطام فى «غزة» مختلطا بذخائر غير منفجرة، ونفايات سامة فى المبانى المنهارة ومواد أخرى، وهو بالتأكيد ما زاد مع حلول نهاية 2024؛ ناهيك عن تكاليف إعادة الإعمار، التى تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

التوتر يلازم لبنان

ويرى روبرت جايست بينفولد، الخبير فى شئون الأمن فى الشرق الأوسط من جامعة دورهام إن تنفيذ وقف إطلاق النار فى لبنان سيكون صعبًا للغاية. 

وأوضح فيليبو ديونيجى المتخصص فى شئون حزب الله فى جامعة «بريستول» فى «إنجلترا» أن النقاط الأكثر إثارة للجدل، تدور حول آليات مراقبة وتنفيذ هذا الاتفاق،

ومع تصاعد انتهاك وقف إطلاق النار، يبدو مستقبل الهدنة محفوفًا بالمخاطر على نحو متزايد، رغم تأكيد الرئيس الأمريكى الحالى «جو ​​بايدن» أن الاتفاق صُمم لإنهاء الأعمال العدwئية بشكل دائم.

وظهرت شكوك حول طول أمد وقف إطلاق النار، لأنه من المحتمل أن ينهار فى اللحظة التى يرى فيها أى من الطرفين أنه لم يعد يخدم مصالحه.

 

وفى ظل انعدام الثقة بين الجانبين والمخاوف الأمنية التى لم يتم حلها، فإن قدرة وقف إطلاق النار على الاستمرار تظل موضع تساؤل خطير خلال الفترة المقبلة.

ويعد السيناريو الأكثر ترجيحًا، هو توقف الحرب دون أن تنتهى حقًا، حيث تتضاءل شدتها، وتستقر فى حالة طبيعية قاتمة، ويظل الاحتلال الإسرائيلى ينفذ ضربات على «لبنان» متى شاءت؛ بينما سيكون من الصعب إعادة بناء المناطق المدمرة.

 اضطراب المشهد السورى

ويشهد مستقبل سوريا حالة من الغموض، شأنها شأن المنطقة بأسرها. ويبدو المشهد الداخلى السورى فى الوقت الراهن بالغ التعقيد، نتيجة عدة عوامل، أبرزها الخلافات المستمرة بين الفصائل السورية التى تختلف فى توجهاتها وأيديولوجياتها. ومن المتوقع أن تتصاعد تلك الخلافات خلال العام المقبل. 

علاوة على ذلك، أصبحت الأراضى السورية ساحة للتنافس الإقليمى والدولى بين القوى الكبرى والصاعدة، مما يزيد من تعقيد المشهد.

يأتى هذا فى ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، التى تستهدف مختلف مناطق سوريا، وتدمّر البنية التحتية للجيش السورى، مع استمرار احتلال أجزاء من الأراضى السورية. 

 

ورغم قتامة الصورة الحالية والمستقبلية لسوريا، إلا أن هناك سيناريو متفائلًا يتحدث عن احتمالية تعاون الفصائل والقوى السياسية السورية لتشكيل حكومة موحدة، لكن من المرجح أن يكون تشكيل هذه الحكومة ودستور الدولة عملية طويلة ومعقدة، نتيجة اختلاف أوزان الفصائل وتباين مصالحها، فضلًا عن التدخلات الخارجية التى ستسعى لضمان صياغة دستور يخدم مصالحها الخاصة.

  الموقف الأمريكى والروسى

رغم تراجع الدعم الروسى لسوريا نتيجة انشغال موسكو بالحرب فى أوكرانيا، فى ظل تنامى الدعم الأمريكى والغربى، تسعى روسيا للحفاظ على وجودها العسكرى فى سوريا، خصوصًا فى مواقعها الاستراتيجية على الساحل السورى. ويُتوقع أن يشكل الصراع على النفوذ بين روسيا والولايات المتحدة جزءًا رئيسيًا من المشهد السياسى فى المرحلة المقبلة، رغم تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب حول احتمالية عدم تدخله فى الأزمة السورية الداخلية.

فى سياق متصل، أعلن ترامب فى وقت سابق نيته التركيز على الصراع فى غزة بهدف إنهائه، ولكن بما يخدم مصلحة الاحتلال الإسرائيلى. وقد اختار مسئولون فى إدارته الجديدة يُعرفون بدعمهم الشديد لإسرائيل، مما يعزز هذا التوجه.

ومن المتوقع أن تكون الأولوية الفورية لترامب إنهاء الصراعات فى لبنان وفلسطين، مع إيلاء اهتمام محدود للاستراتيجية الإقليمية طويلة الأجل، ومحاولة فصل القضية الفلسطينية عن أجندة الشرق الأوسط الأوسع.

تشهد المنطقة أحداثًا درامية متسارعة، تتجلى فى الصراعات الداخلية التى تعصف ببعض الدول، إلى جانب التنافسات الدولية والإقليمية على النفوذ.

يأتى ذلك فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى الذى ينتهك القوانين الدولية والإنسانية، بالإضافة إلى انهيار مصداقية النظام الدولى الغربى نتيجة ازدواجية المعايير التى يتبعها.

هذه التطورات المتلاحقة من المتوقع أن تؤدى إلى تحولات عميقة فى المنطقة، قد تمتد آثارها إلى مناطق أخرى حول العالم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وربما تسهم فى إعادة تشكيل النظام الدولى بأكمله.