الثلاثاء 31 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حالة سينمائية امتلأت بالدفء والونس والصحبة الحقيقية: اليوفوريا والحنين للحب فى الهوى سلطان

يقول «د.مصطفى محمود» عن الحب: «الحب الحقيقى لا يطفئه حرمان ولا يقتله فراق ولا تقضى عليه أية محاولة للهرب منه لأن الطرف الآخر يظل شاخصًا فى الوجدان»، وهى مقولة تعكس الإحساس الصادق بالحب الحقيقى والدفء والسكن والطمأنينة التى نفتقدها فى زمننا هذا، فقد أصيبت قلوبنا بالبرد القارس وطغى العقل على المشاعر فى كل شىء، فنسينا كيف هو الحب والأمان فى العلاقات، وما شعور جملة مثل «وإنت موجود فى حياتى ماليها أوى لدرجة إنى مش حاسة إنى عايزة حد تانى» كلمات تختصر المشاعر الحقيقية بين المحبين قالتها «سارة» التى تجسد دورها «منة شلبى» فى فيلم (الهوى سلطان) لتُذكر المُشاهد بما نسيه أو تناساه وهو كيف يحب وكيف يكتفى بحبيبه عن العالم وما فيه ليصبح بوصلته بعد تيهه.



فيلم (الهوى سلطان) الذى يعرض حاليًا فى دور العرض السينمائى، فيلم ينتمى لنوعية أفلام الرومانسية، يعتمد على حبكة بسيطة وحكاية مكررة ليست جديدة وهى صداقة بين رجل وامرأه تتحول إلى حب لكن تمر ببعض التيهة والمشاعر المتناقضة، تفاصيل عشناها أو نعرف صديقًا أو قريبًا عاشها، ولذلك فلا تكمن قوة العمل فى فكرته أو قصته بل فى حالته التى ينقلها لك ويعايشك بها، حالة الدفء والحب والونس والصحبة الحقيقية، روحان يجمعهما الصدق والسلاسة والبساطة شكلًا ومضمونًا لذلك تصدقهما كمُشاهد وتحبهما وتتأثر بكل مرحلة يمران بها فى علاقتهما، فقد بدأت الأحداث هادئة بطيئة تعكس علاقتهما الممتدة منذ الطفولة ويومهما «العادى» وحديثهما الذى يُشبه إلى حد كبير كلامنا فى حياتنا اليومية، ثم تبدأ الأحداث تتصاعد مع وجود أزمة ما تخلق تيهة وتناقضًا لدى «ساره» و«على» عاشه الكثير منا فى أى مرحلة من حياته حتى تصل معهما للحل والنهاية التى تعطى الأمل للكثير من العلاقات الغامضة أو المعلقة وما أكثرها، ولذلك فهذا العمل الفنى ملىء بمشاعر لا يفهمها ويعايشها ويندمج معها سوى من يعيش بقلبه وليس بعقله، من يفتقد الصدق والدفء فى حياته ومن تتشابه قصته مع قصة الشخصيات الرئيسية بالعمل.

 صدق الأداء والاختيار المميز لأغنية العمل 

هناك عدة عناصر فنية ساعدت على توصيل تلك الحالة التى نفتقدها فى زمننا وعلى رأسها رسم الشخصيات، فقد ظهرت «سارة» التى تجسد دورها «منة شلبى» بملابس بسيطة جدًا وبدون مكياچ وشعر طبيعى وصاحبة تعبيرات حقيقية وضحكة من القلب حتى دموعها تعبر بصدق عن ألمها بسلاسة وإبداع، أداء يوصف بالسهل الممتنع عاهدتنا عليه «منة شلبى» فى معظم أدوارها، أما «على» الذى يجسد شخصيته «أحمد داوود» فقد أبدع فى توصيل مشاعره المتناقضة وتيهته وضعفه فى كثير من الأحيان مع مظهره البسيط وتعبيرات وجهه التلقائية الخالية من أى خبث أو زيف، فوصلت الشخصية للمُشاهد بريئة تائهة لا يعرف كيف يتصرف وكأنه يغرق وينتظر من ينقذه حتى وجد ضالته فى نفسه المنقذ الوحيد له، لكن ذلك لم يمنع أن هناك بعض الفنانين جانبهم الصدق والتأثير على المُشاهد ومنهم «أحمد خالد صالح» فى دور «طارق» فخرج أداؤه باهتًا جادًا لا يظهر عليه أى مشاعر أو تأثر بما يتعرض له من مواقف، لا حزن ولا ألم ولا حب، إلا أن «سوسن بدر» فى دور الأم قدمت ثلاثة مشاهد أضافت بها لروح العمل ومصداقيته بأدائها والحوار المكتوب للشخصية الذى يشبه كلام معظم الأمهات المصرية.

كما أن هناك عنصرًا فنيًا مهمًا يُدمجك أكثر فى حالة الفيلم وهو تلوين المشاهد بالألوان الدافئة مع اختيار شكل البيوت، خاصة بيت «سارة» الذى يُشبه بيوتًا مصرية كثيرة ويعكس دفء أصحابه وبساطتهم، لكن يظل أقوى عنصر فنى جذب المُشاهد للعمل من قبل عرضه فى السينما أغنية العمل (أنا من غيرك) لـ«بهاء سلطان» التى تحكى مشاعر «سارة» و«على» تكشف عن سكوتهما وألمهما وتيهتهما وحبهما وسكونهما لبعضهما البعض، واختصرها فى جملة يستهل بها الأغنية ويلخص بها الأحداث «أنا من غيرك بتوه توهان.. أنا من غيرك مليش عنوان» وكأنها مناجاة من القلب لقلب كل من يشعر بنفس المشاعر ونفس التيهة والتعلق بحبيبه، وذلك هو السحر الذى خلق حالة الهيام وأكد على أن الهوى سلطان.