الهوى سلطان يرد اعتبار بهاء سلطان
محمد شميس
لا أحد ينكر حجم موهبة «بهاء سلطان» الفنية، فهو ينال دائمًا الإشادة من زملائه فى الوسط ومنافسيه قبل الجمهور، ويتمتع بشعبية جارفة، ولكنه للأسف الشديد أوقات نجاحه واستمراريته على الساحة غير منتظمة.
ولا يمتلك أدبيات المشروع الغنائى والموسيقى، حيث لا يوجد رابط بين أغانيه التى يقدمها، فهو أحيانًا يقدم البوب، وأحيانًا يقدم الشعبى، ولا نستطيع أن نصف هذا بالتنوع، لأن التنوع لا يعنى أن يكون الفنان «سوبر ماركت» به كل السلع، فيجب عليه أن يكون مميزًا فى تقديم شكل غنائي خاص به، ويمكن مع هذا الشكل، أن تكون هناك بعض التجارب.
وقبل أن نراجع أغنية «بهاء» الأخيرة (أنا من غيرك)، يجب أن نتحدث عن فيلم (الهوى سلطان)، حيث كانت الأغنية جزءًا من سياق الأحداث، بل إن صوت «بهاء سلطان» نفسه كان من ضمن أبطال العمل، ففى خلفية بعض المشاهد كان صوت «بهاء سلطان» حاضرًا، والبطل «أحمد داوود»، والبطلة «منة شلبى»، اجتمعا على حب أغانيه وصوته، بل إن «منة شلبى» وصفته بأنه مثل «خالها» وتمنت أن يكون ضمن أفراد عائلتها حتى تتمكن من سماعه بمفردها بعيدًا عن كل الجماهير التى تعشقه!
توظيف أغنية (أنا من غيرك) داخل العمل كان نقطة فاصلة فى الأحداث، كما أن الأغنية كأغنية بمفردها هى خير معبر عن الفيلم وأحداثه، وتساهم فى ترويج العمل بشكل يعكس الغرض الذى صنع الفيلم من أجله، عكس الأغانى الأخرى التى قدمها «بهاء سلطان» فى دعاية أفلام أخرى مثل (عصابة عظيمة)، و(المطاريد)، فكانت أغانى (كله فالصو)، و(براحة يا شيخة)، خارج سياق الأحداث، وتمت صناعتهما بغرض الدعاية للفيلم فقط.
أغنية (أنا من غيرك) من كلمات «منة عدلى القيعى»، وبرغم أن قوافى الأغنية كانت شديدة التقليدية مثل «توهان، عنوان، كمان زمان»، حيث نستطيع توقع «قفلة» كل جملة بالكلمة المناسبة بسبب إعادة تدوير نفس القوافى فى عشرات الأغانى السابقة، ولكن ما شفع لـ«منة» هو التعبير عن رسالة الفيلم واختزاله فى مجموعة من السطور القليلة، وهى أيضًا كانت ذكية فى تعبيرها عن الحالة بشكل عام، حيث أن كلمات الأغنية تجوز للتعبير عن علاقة حبيبين أو صديقين، أو فرد يفتقد واحدًا من أفراد أسرته.
وجودة الأغنية ارتفعت بشكل رئيسى بسبب تلحين «عزيز الشافعى» للكلمات وتقطيعاته خاصة لجملة «أصل التفاصيل أفضل بكتير بوجودك فيها»، وتكراره لـ«بوجودك فيها»، وهو ما يؤكد على المعنى فى آذان المستمعين.
أيضًا «عزيز الشافعى» كان ذكيًا فى استخدامه لمقام النهاوند وهو مقام شرقى به «مد» يساعد «بهاء سلطان» فى التعبير عن إمكانياته الصوتية الفريدة.
كذلك «نادر حمدى» كان موفقًا فى توزيع الأغنية واعتماده على الحالة الشرقية باستخدام الرق والقانون والعود، وطريقة لعب الوتريات فى الفواصل الموسيقية ونفس الأمر فى خلفية صوت «بهاء سلطان»، ولأن الأغنية من توزيع «نادر حمدى»، فكان لابد أن تبدأ الغنوة بالبيانو كما عودنا دائمًا فى أغلب الأغانى التى يقوم بتوزيعها.
ويظل أجمل ما فى هذا الفيلم هو رد الاعتبار لموهبة «بهاء سلطان» والتأكيد على تأثيره على الكثير من المصريين بفضل موهبته، ولكن هذا التقدير أيضًا يضع على «بهاء» المزيد من الضغط، لأن مكانته حاليًا لا تتماشى مع حجم موهبته، وحجم حب الجمهور له!