الثلاثاء 3 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روزاليوسف» تنشر شهادات جديدة حول اتفاق «المخيمات»: مصر كلمة السر فى إنقاذ حياة عــــرفــــات وصياغة أول مبادرة سلام عربية

فى بدايات العام 1968 نقل أعضاء منظمة فتح «منظمة التحرير الفلسطينية»  قواعدهم إلى الأردن وصعَّدوا هجماتهم ضد المحتل الصهيونى قابله رد انتقامى إسرائيلى على معسكر لمنظمة التحرير فى بلدة الكرامة وهى بلدة أردنية على طول الحدود مع الضفة الغربية، أدى الانتصار الفلسطينى الأردنى المشترك فى معركة الكرامة فى عام 1968 إلى زيادة الدعم العربى للمقاتلين الفلسطينيين فى الأردن.



 

لكن وبحلول شهر يونيو من العام 1970 اندلعت مواجهات عنيفة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين الجيش الأردنى نتيجة قيام منظمة التحرير فى الأردن باحتجاز ثلاث طائرات وأجبروها على الهبوط فى الزرقاء، وأخذوا مواطنين أجانب كرهائن وهو ما جعل الصدام يحتدم بين الجيش الأردنى وأعضاء المنظمة وهو ما عرف إعلاميًا فيما بعد بأحداث أيلول الأسود.. والتى على أثرها احتدمت المواجهة بين الجانبين الفلسطينى والأردنى، وعلى أثرها أيضًا تدخل الرئيس جمال عبدالناصر لوقف الاشتباكات المتبادلة بين الطرفين، وأرسل على أثرها وفقًا للمؤرخ الكبير سمير غطاس لروزاليوسف: أن ضابط الاتصال المصرى المتواجد على الأراضى الأردنية وقتها اللواء محمد عبدالسلام محجوب تم تكليفه من جانب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالالتقاء بأبو عمار وطلب منه أن يقوم بالمجيء للقاهرة على طائرة خاصة ومعه أبو عمار من داخل الأراضى الأردنية لوقف نزيف الاشتباكات المتبادلة بين الجانبين الأردنى والفلسطينى. 

وفى عام 1969 ووفقًا لموسوعة الوثائق الفلسطينية العربية التابعة للجامعة اللبنانية ببيروت فقد جرى ما عرف باتفاق القاهرة الذى كان الهدف منه تنظيم الوجود الفلسطينى المسلح فى لبنان وكان نصه كالآتى:  تم الاتفاق على إعادة تنظيم الوجود الفلسطينى فى لبنان على أساس 15 بندًا هى «حق العمل والإقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين حاليًا فى لبنان.. إنشاء لجان محلية من فلسطينيين فى المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية.. وجود نقاط الكفاح الفلسطينى المسلح داخل المخيمات تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلاقات مع السلطة، وتتولى هذه النقاط موضوع تنظيم وجود الأسلحة وتحديدها فى المخيمات، وذلك ضمن نطاق الأمن اللبنانى ومصلحة الثورة الفلسطينية. السماح للفلسطينيين المقيمين فى لبنان بالمشاركة فى الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته. كما تم الاتفاق على تسهيل العمل الفدائى، وذلك عن طريق «تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط مرور واستطلاع فى مناطق الحدود. تأمين الطريق إلى منطقة العرقوب.. تقوم قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم فى الشئون اللبنانية. إيجاد انضباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبنانى.

 

إيقاف الحملات الإعلامية من الجانبين. القيام بإحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجودة فى لبنان بواسطة قيادتها. تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح فى الأركان اللبنانية يشتركون بحل جميع الأمور الطارئة. دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة فى مناطق الحدود والتى يتم الاتفاق عليها مع الأركان اللبنانية. تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح. إلغاء قاعدة جيرون.. يسهل الجيش اللبنانى أعمال مراكز الطبابة والإخلاء والتموين للعمل الفدائى.. الإفراج عن المعتقلين والأسلحة المصادرة. ومن المسلم به أن السلطات اللبنانية من مدنية وعسكرية تستمر فى ممارسة صلاحياتها ومسئولياتها كاملة فى جميع المناطق اللبنانية وفى جميع الظروف.. يؤكد الوفدان أن الكفاح المسلح الفلسطينى عمل يعود لمصلحة لبنان، كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب جميعهم.. يبقى هذا الاتفاق سريًا للغاية، ولا يجوز الاطلاع عليه إلا من قبل القيادات فقط. رئيس الوفد اللبنانى الإمضاء: إميل بستانى. رئيس الوفد الفلسطينى. الإمضاء: ياسر عرفات.

ووفقًا لما هو متداول حيث قام وقتها الرئيس اللبنانى آنذاك «شارل حلو» بإرسال وفد لبنانى برئاسة قائد الجيش «إميل البستانى» إلى القاهرة برعاية الرئيس جمال عبدالناصر من أجل التفاوض مع الرئيس الراحل «ياسر عرفات» الذى شغل وقتها موقع «قائد منظمة فتح» التى تحولت فيما بعد منظمة التحرير الفلسطينية وذلك من أجل تنظيم عملية تواجد أعضائها داخل الأراضى اللبنانية.. حيث دارت المفاوضات وقتها تحت إشراف مباشر من وزير الدفاع المرحوم «محمد فوزى» ووزير الخارجية الراحل محمود رياض.. وذلك بعد أن استقبل لبنان نحو 100 ألف لاجئ فلسطينى تم تهجيرهم إلى لبنان خلال الفترة ما بين عامي1947 و1948، استقروا فيما بعد داخل 12 مخيمًا للاجئين فى جميع أنحاء البلاد.

وفى خلال هذه الفترة اشتدت سواعد المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيونى حتى بدأت إسرائيل اجتياحًا فى العام 1982 واسع النطاق للبنان تحت عنوان الرد على محاولة اغتيال فاشلة لسفيرها فى لندن، شلومو أرغوف. وقد أُعلن عن هذا الهجوم من قِبَل مجموعة منشقّة عن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة صبرى البنا، المعروف أيضًا باسم أبو نضال، حيث قُدِّرت الخسائر المدنية اللبنانية والفلسطينية بين 17 ألفًا و20 ألفًا وفقًا لتقارير صادرة عن منظمات إنسانية كالصليب الأحمر الدولى ومنظمة العفو الدولية، حيث أجبر هذا الاجتياح للأراضى اللبنانية منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة مقرها فى بيروت بموجب اتفاق جديد توسط فيه مبعوث الأمم المتحدة آنذاك فيليب حبيب. ضمن من خلاله انتقال حوالى 12 ألف مقاتل إلى العديد من الدول العربية.

فى الفترة من بعد أحداث أيلول الأسود وبالتزامن مع ما كان يجرى بعيدًا عن أعين الصحافة والإعلام فقد أرسلت القاهرة وفدًا من نقابة الأطباء المصرية بطلب من وزارة الصحة للمساعدة الإنسانية فى تضميد الجرحى وإسعافهم «كان من بينهم أحد أطباء الأسنان الدكتور «حسنين أمين إبراهيم».. الذى التقيته قبل رحيله بفترة ليست بالقصيرة كونه كان أحد أعضاء حزب التجمع التقدمى الوحدوى الذى أسسه المرحوم خالد محيى الدين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة.. حيث أشار الدكتور «حسنين أمين».. إلى أن تلك الفترة التى شهدت اشتباكات داخل مخيمات الفلسطينيين.. وتعرف وقتها إلى شقيق الرئيس الراحل ياسر عرفات «فتحى عرفات» الذى كان مهتمًا بالجانب الطبى فى مخيم عين الحلوة أحد أهم المخيمات الفلسطينية داخل الأراضى اللبنانية. ثم التقى بعدها بفترة وجيزة الدكتور «محجوب عمر».. القيادى الكبير فى حركة فتح داخل الأراضى اللبنانية.. حيث اقترح وقتها على أبوعمار صياغة الشعار الشهير الفلسطينى «غصن الزيتون» كرمز يعبر عن صمود وصلابة الشعب الفلسطينى وكأيقونة الصمود والارتباط بالوطن.. وهو ما ظهر فيما بعد فى خطابات الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما ذهب إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقال كلمته الشهيرة: جئت إليكم وأنا أحمل غصن زيتون فى يدى، وفى اليد الأخرى أحمل بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.. وهى فلسفة مستمدة من الأرض العربية المحتلة.. حيث توجد أقدم شجرة زيتون بالعالم والتى يعود عمرها وفقًا لخبراء منظمة اليونسكو بحوالى 5500 عام فى قرية «الولجة» بجنوب مدينة القدس.

مع اشتداد عمليات الاستهداف الصهيونى للمقاومة الفلسطينية داخل الأراضى العربية بلبنان أصيب الرئيس الراحل ياسر عرفات بألم شديد فى أحد «فكيه» فطلب طبيبًا مصريًا «لفحصه».. فذهبت إليه فى مقر إقامة الأطباء المصريين داخل المخيم وهو عبارة عن مقر يضم بعض الأطباء فى العديد من التخصصات وانتظرته هناك وقمت بالكشف عليه.. وهو ما يؤكد ثقة أبوعمار فى الجانب المصرى كان طلبه أن يقوم بفحصه أحد الأطباء المصريين المتطوعين داخل المخيم ثم انضم إليهم الدكتور «محمد علوانى» طبيب العظام الشهير ووالد السباحة الكبيرة «رانيا علوانى».. ومن بعدهم مباشرة القيادى «سمير غطاس».. الذى قال لروزاليوسف: أن تلك الفترة كانت مليئة بالأحداث المتتالية حيث كان هناك نحو «أحد عشر قياديًا».. بجوار المرحوم ياسر عرفات منهم من يقررون الأدبيات والصياغات الفكرية والسياسية وهم «محجوب عمر.. إدوارد سعيد.. كمال عدوان، وأبو إياد مستشار عرفات للشئون الاشتراكية.. وعادل عبدالكريم.. وخالد الحسن الشهير بأبو سعيد.. وللعلم هذا الرجل هو من قام ببلورة الأفكار الأولى لمبادرة السلام العربية التى طرحها الملك عبدالله فيما بعد فى قمة بيروت فى شهر مارس من العام 2002.. حيث كانت قبل هذا الطرح الرسمى تحت مسمى «مبادرة الأمير فهد».