طبقًا لأحدث التقارير الاقتصادية العالمية مصر والإمارات والسعودية التكتل الاقتصادى الأسرع نموًا فى العالم
فاتن الحديدى
نجحت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، فى تشكيل كتلة اقتصادية واعدة هى الأكثر نموًا عالميًا بحسب خبراء الاقتصاد الدوليين، ومن المنتظر أن تلعب الدول الثلاث دورًا متزايدًا فى ديناميكيات السياسة العالمية، مع قيادة قضايا ذات أبعاد دولية مثل تغيُّر المناخ والتكنولوجيا المتطورة.
الإصلاحات وتوقعات النمو
واصلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إظهار أداء قوى، وسط التعثرات التى يواجهها الكثير من دول العالم بفعل الحروب والأوبئة والتغيُّرات المناخية، وحسب خبراء الاقتصاد فإن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر - الاقتصادات الثلاث الكبرى فى المنطقة - على أعتاب «عصر ذهبى جديد محتمل».
من جانبها، أشارت شركة ستاندرد آند بورز جلوبال، إلى أن «الأنظمة المصرفية فى الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر على استعداد لمواصلة نموها، مع الطلب القوى والمتزايد على الائتمان، وذلك بقيادة قطاع ديناميكى غير نفطى، وبرامج التنوع الاقتصادى».
ويشير تقرير صندوق النقد الدولى الأخير، إلى أن الدول الثلاث كانت قد وضعت أجندات إصلاح طموحة - كما هو موضح فى المبادرات الحكومية رؤية السعودية 2030، والإمارات العربية المتحدة 2031، ورؤية مصر 2030، وكان التنفيذ يتقدم بشكل جيد ومتسارع بعد الوباء.
وتتمثل مجالات التقدم الرئيسية فى الإصلاحات الاقتصادية الدءوبة التى تبنتها الدول الثلاث، والجهود الرامية إلى تعزيز الاستدامة المالية والمرونة والاستثمارات، فى الصناعات الاستراتيجية والبنية التحتية الرقمية والخضراء.
وفى المستقبل، سيكون التنفيذ السريع لهذه الإصلاحات أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز الإنتاجية وتنويع الاقتصادات والاستعداد للتحول فى مجال الطاقة النظيفة.
ويتوقع دويتشه بنك للأبحاث، أن ينمو الاقتصاد السعودى والمصرى (من المتوقع أن ينتعش بنحو 2.4 ٪ وأن يستمر فى التأثير على النمو فى عام 2025 وسيستمر النشاط الاقتصادى فى الحصول على الدعم من الاستثمارات الضخمة التى تهدف إلى تنويع الاقتصاد).
وقالت الخبيرة الاقتصادية سميرة كالا: «لقد نجحت المملكة العربية السعودية، ومصر، والامارات العربية المتحدة، فى القيام بنهضة اقتصادية إعجازية تستحق الإشادة وسط تحديات عالمية»، «ويجب أن تستمر فى العمل بجدية فى الاستثمارات غير النفطية على أوسع نطاق، فى إطار أجندة رؤية 2030 للدول الثلاث».
ووفقا لمقال منتدى التجارة العالمى حول الاتجاهات العالمية «الاقتصادات الثلاثة الكبرى» فى العالم العربى - الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر - فإنه بسبب تنوع اقتصاداتها فقد خالفت الاتجاه العالمى السائد، ودشنت دورًا رياديًا فى الاقتصاد العالمى الجديد.
وتضيف الخبيرة الاقتصادية، فى تقريرها إن السر يكمن فى العمل الجاد، ولهذا أصبحت هذه الاقتصادات تشكل الكتلة الاقتصادية الأسرع نموًا فى العالم.
تريليون دولار
وحسب التقرير تعتبر المملكة العربية السعودية، هى أول اقتصاد بقيمة تريليون دولار فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحققت الإمارات العربية المتحدة نموًا قياسيًا غير نفطى، ومن جانبها تحقق مصر مسارًا إيجابيا على الرغم من الرياح المعاكسة المركبة والصعبة، فى الآونة الأخيرة.
نهضة ثلاثية
النجاح الاقتصادى الثلاثى يبشر ببزوغ عصر نهضة اقتصادية عربية جديدة، خصوصا والمشهد العالمى ملىء بمؤشرات تدل على تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى ومخاطر الركود الوشيكة.
إن جهود هذه الدول فى مواجهة الاتجاهات العالمية الكبرى، مثل التغيرات فى أساليب وأنواع التجارة العالمية وانتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، ستحدد ما إذا كان نجاحها سيستمر فى الصعود فى السنوات المقبلة.
مبادرات
وحسب التقرير فإن الفضل لهذا النمو السريع للدول الثلاث، يعود للمبادرات الحكومية الاستباقية، والتركيز المكثف على ريادة الأعمال والتعليم، والتحول الثقافى نحو ممارسات الأعمال المبتكرة.
وتشكل بيئة الأعمال المستدامة هذه أهمية محورية لنهضة المنطقة الوشيكة.
لكن مسار السنوات الخمس والعشرين المقبلة سوف يتشكل أيضًا من خلال كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة، وذلك من خلال التعاون النشط بين القادة والشعب، وبين الحكومة والشركات والمنظمات الدولية والمجتمع المدنى، والرغبة الصادقة فى تحسين مستوى الحياه، وأن يكون الجميع لديهم الدافع والتأثير لإحداث تغيير إيجابى، مع تزايد إلحاح التحديات الاقتصادية والبيئية والمجتمعية، ومع تقديم الابتكارات الرائدة ومزيد من الفرص.
مصر
ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد المصرى يستفيد من قاعدة كبيرة من المستهلكين، والاقتصاد المتنوع، والموقع الجيوسياسى الاستراتيجى، والعديد من اتفاقيات التجارة الحرة.
وأوضح أن خلق بيئة مواتية لتنمية القطاع الخاص يتطلب استثمارات عامة كبيرة وموارد إضافية، فى حين تسعى مصر إلى خفض ديونها العامة، وخدمة الفائدة.
ويمكن لمصر أن تستمر فى إطالة أجل استحقاق ديونها، وتنويع قاعدة مستثمريها لإدارة احتياجات إعادة التمويل.
كما أن إصلاح البنية المالية العالمية، ولا سيما الاقتراح بزيادة الإقراض التنموى، وتحسين شروط الإقراض، من شأنه أن يدعم التحول الهيكلى، والمرونة الاقتصادية فى مصر.
ولطالما استفادت مصر من الدعم القوى من المؤسسات المالية الدولية، فقد تم توقيع شراكة استراتيجية بقيمة 8 مليارات دولار مع المفوضية الأوروبية فى مارس 2024، فى حين تمت زيادة برنامج صندوق النقد الدولى بقيمة 3 مليارات دولار الذى تمت الموافقة عليه فى ديسمبر 2022 إلى حوالى 8 مليارات دولار.
التعافى التدريجي
ومن المتوقع أن يبدأ النمو فى التعافى التدريجى من 2.5 ٪ فى السنة المالية 2024 إلى 3.5 ٪ و4.2 ٪ فى السنة المالية 2025 والسنة المالية 2026 على التوالى، مدفوعًا بالتأثيرات الأساسية المواتية، فضلًا عن الاستثمار، ولا سيما الاستثمار الممول من خلال الصفقة الإماراتية.
وتتمتع مصر بميزة وجود عدد كبير من الشباب، والذى يمكن الاستفادة منه فى تطوير التكنولوجيا والابتكار، وخاصة القطاعات المزدهرة مثل الذكاء الاصطناعى.
وأكد العديد من خبراء الاقتصاد على مدى أهمية دمج اللاجئين فى التنمية الاقتصادية، وأشار التقرير إلى أن مدى سخاء دول الشرق الأوسط من حيث استضافة اللاجئين لا يصدق، هناك حوالى 15.8 مليون لاجئ يعيشون فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهذا لا يشمل السكان الفلسطينيين.
من المهم أن تكون هناك خطة لإدماجهم فى البرنامج الاقتصادى، كما فى الجانب التعليمى، يمكن القيام بالكثير من أجل حصول اللاجئين على التعليم العالى، ودمجهم بسوق العمل.
إن الشركات الناشئة فى المنطقة، مثل كريم وأنغامى وسويفل، تلعب دورًا كبيرًا فى توظيف العمال المهرة، وتقديم فرص جيدة لهم، إضافة إلى أهمية الصناديق السيادية ومكانتها البارزة فى المنطقة.
وكانت مصر قد وقعت صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة فى فبراير 2024 لتطوير منطقة الساحل الشمالى لمصر.
القضاء على الفقر
إن الهدف الأكبر والأسمى عالميًا الأن هو القضاء على الفقر بجميع أشكاله، وخلق فرص متنوعة للحياه برفاهية هو التحدى الأعظم، ومطلب لا غنى عنه للتنمية المستدامة.
ومن المنتظر أن تعمل الدول الثلاث على مساعدة الدول الراغبة فى نقل تجربتها الرائدة والطموحة لجميع البلدان الراغبة، وقد تحركت بالفعل بعض الدول الإفريقية للعمل فى شراكة تعاونية، أملًا فى تحسين حياه الشعوب.
«إن مجالات عمل الدول الثلاث على أساس شراكة القطاعين العام والخاص، كبيرة، إن لم تكن أكبر من فرنسا أو المملكة المتحدة».
وتمتلك الدول الثلاث الكبرى، الحجم والزخم، وحققت أسرع معدل نمو اقتصادى فى العالم.
وتتحدى الاقتصادات العربية الثلاث المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، الاتجاهات الاقتصادية العالمية التى تتباطأ بشكل ملحوظ، وتنمو بسرعة، ما جعلها الدول الأكثر مثالية لجذب المزيد من الاستثمارات، وكنماذج مثالية ناجحة لنقل خبراتها للجميع.