
هناء فتحى
عكس الاتجاه.. «ريتشارد جير» و«باميلا أندرسون» والخروج الآمن من هوليوود
وكأن الرحلةَ لم تكن، وكأنهم فجأة وقبل انقضاء العمر بقليل قد ثمّنوا خطاويهم فوجدوها فالصو، حتة خُردة ما كانت لتستحق كل هذا الصخب والعناء والقهر والتنازلات ولا حتى المجد والشهرة والمال والعِز والفخفخة، لا لم تكن الرحلة تستحق.
اثنان من أشهر وأغنى وأحب فنانى هوليوود - ريتشارد جير وباميلا أندرسون- يقرران الهروب أو النزوح أو اللجوء إلى بلادهم الأولى وسيرتهم الأولى، إلى حيث ما كانا قبل الفن والنجومية تاركين كل أضواء الأرض و(نجوم السما).
تعلن نجمة الإغراء الأشهر والأكثر جدلا «باميلا أندرسون» أنها لن تظهر ثانية بوجه مصبوغ ولا شَعرٍ مصبوغ ولن تعيش فى أى ولاية أمريكية وسترحل لبلادها الأولى وبيتها القديم وحيدة وقد منتَجت خمسين عاما من العمر بمقص أكثر صرامة وحدة من مقصات الرقيب والترزى، ولسوف تترك هذه القطعة الطويلة من العمر خلفها لتقرر فى لحظة فارقة - فى تاريخها الفنى والإنساني- أن تعود إلى وطنها الأول كندا هكذا دون رجعة وكأنها لم تذهب يوما بقدميها الجميلتين إلى أمريكا لتسرق ولتسرقها أضواء الشاشة والمجد، كلاهما سيان.
فى ذات اللحظة يفعلها نجم النجوم ريتشارد جير بعد أن حرق كل مراكبه وباع قصوره فى أمريكا وأخذ زوجته الإسبانية وأولاده واشتروا قصرا فى إسبانيا وقد أعاد لهم بيعتهم -سنوات الشهرة والنجاح والضوء- دون ندم.
هل هذا طبيعى؟ أو ما الذى يدفع النجوم كى تختفى فى بطن السماء الأولى طواعيةً وبكامل إرادتها؟
لا تنسى ولا تغفل المرار فى حياة باميلا أندرسون والحكيم الذى استوطن عقل وقلب ريتشارد جير وجعله (يحج) إلى ديانات وفلاسفة الشرق ويتبع ملتهم ويغرم بتعاليمهم حتى تشبّع واستوى على نار الحِكمة والبساطة والحب الآخر الذى جرّبه لأول مرةٍ.
هل يتشابهان؟ جير وأندرسون؟ إلى حد التطابق حتى وإن اختلفت الرحلة.. كثيرون كانوا يلقبون ملكة الغواية بالساقطة غير الفاضلة، تلك الرحلة السينمائية والحياتية المضطربة والصاخبة التى لم تجد فيها ما يُغرى على البقاء حتى النهاية وكما فعل جير قد جاءت هى الأخرى بمقص مسنون ومنتَچت أعوامها الطويلة ودفنتها تحت تراب لوس أنجليس وقالت وداعا «باميلا» الجميلة الزائفة.
الممثلة الأمريكية الكندية الأصل عاشقة الكلاب والقطط، النباتية منذ الصغر نجمة (البلاى بوى) والممثلة والمنتجة وعارضة الأزياء «باميلا أندرسون «ذات الـ57 عاما أربعة أشهر تُدشّن أو تتبع نهجًا فى العزوف أو الزهد- سلمته بعضهن فى أربعة أرجاء الدنيا لأسباب مختلفة- وأنت لن تستطيع إدراجها فى قائمة الممثلين الكبار ذوى البصمة والموهبة الفريدة حتى حين تقارنها بـ«مارلين مونرو» ستكسب «مونرو» كفنانة، منذ أيام ظهرت «أندرسون» فى أسبوع الموضة بباريس بوجه مغسول وعيون خلت من كُحلها الكثيف المعهود الغجريّ وتخلصّت من رموشها الفتاكة ونظرة الصيد والغواية لكل من تعترض هى سبيله، وكثيرا ما كانت تعود من الرحلة بقلب موجوع خاوية الوفاض فلا عشاق دائمين أو مخلصين، ذهبت وقد تخلصّت من كل أسلحتها القديمة، ثُمّ وهنا فى هذا المكان الذى يعج بكل أصناف المشاهير أعلنت انسحابها من هذا الجمع وعودتها إلى مكان طفولتها فى كندا وتسكن بيتًا على ناصية الغروب والنسيان حتى يحين الأجل.
فى الحقيقة لم يكن بطل أفلام (امرأة جميلة) و(غير المخلصة) و(شيكاغو)و(خريف فى نيويورك) و(الفارس الأول) و(الجوجولو الأمريكى) ريتشارد جير زير نساءً ولم تُذكر له فضيحة أو ذلة أو هنة، كان خجولًا مخلصا لأسرته كان متدينًا ينتمى لأسرة مسيحية سرعان ما صار بوذى العقيدة منذ سبعينيات القرن الماضى إثر رحلة امتدت لعام فى (نيبال).
ما بين «باميلا اندرسون» المولودة فى أول يوم من شهر أغسطس وبين «ريتشارد جير» المولود فى آخر يوم من ذات الشهر -لكن فى عام أسبق - رحلة صراع طويلة مع عذابات النفس انتهت ليس بالاعتكاف ولا بالتدين المظهرى ولا بالتبرؤ من الفن ولا بالتكفير ولا بالانقلاب على الماضى بل بالانسحاب الفلسفى المندرج فى خانات للتأمل والاندماج مع بشر بسطاء. بشر لا تعرف الجماهير أسماءهم ولا تفاصيل حياتهم، الاثنان «أندرسون» و«جير» منحا ما تبقى من عُمريْهما للأسرة ولتربية الحيوانات.>