مصر تتبنى قضايا البيئة وتغير المناخ ولو أهملها العالم من «مياه مهدرة» لـ«شريان حياة» محطات معالجة الصرف الزراعى تُعزز أمن مصر المائى
مى زكريا
فى ظل إهمال العديد من دول العالم الوفاء بالتزاماتها تجاه قضايا البيئة وتغير المناخ، تقف مصر بمبدأ ثابت تجاه هذه القضايا الهامة بإشراف وتوجيه مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتبرز فى هذه القضية مجهودات مصر فى ملف الحفاظ على الأمن المائى المُهدد عالميًا، حيث تمثل مشروعات معالجة مياه الصرف الزراعى، أحد الحلول الاستراتيجية التى لجأت إليها الدولة لمواجهة أزمة الشح المائى الحادة، وزيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكانى والتوسع فى المشروعات الزراعية والصناعية إلى جانب تهديدات التغيرات المناخية المستمرة، عبر إعادة استخدام هذه المياه فى الرى والتوسع فى استصلاح الأراضى الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى.
تمكنت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية، من تدشين عدد من المشروعات القومية الكبرى فى مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل محطة بحر البقر ومحطة المحسمة ومحطة الدلتا الجديدة.
تؤكد هذه المشروعات التى تصل طاقتها الاستيعابية إلى 4.8 مليار متر مكعب سنويًا، قدرة الدولة المصرية على تحويل التحديات إلى فرص من خلال الابتكار والاستثمار فى تقنيات معالجة المياه، مما يعزز الأمن الغذائى والاقتصادى ويسهم فى تحقيق تنمية مستدامة، خاصة أن هذه المشروعات تمثل طوق نجاة للمستقبل المائى.
من جانبه قال الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، فى تصريحات صحفية سابقة إن الوضع المائى فى مصر يشهد تحديات كبيرة، حيث تُقدر الموارد المائية للبلاد بحوالى 59.6 مليار متر مكعب سنويًا، وتتوزع بين 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل، و1.3 مليار متر مكعب من مياه الأمطار، و2.4 مليار متر مكعب من المياه الجوفية العميقة غير المتجددة، و0.4 مليار متر مكعب من تحلية مياه البحر، فى مقابل ذلك، تبلغ احتياجات مصر المائية حوالى 114 مليار متر مكعب سنويًا.
وأشار إلى أن مصر تستورد محاصيل زراعية توازى استهلاكًا مائيًا يقدر بحوالى 33.5 مليار متر مكعب سنويًا، بينما يتم إعادة استخدام حوالى 20.9 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.
وأضاف سويلم أن الزيادة السكانية المستمرة مع ثبات الموارد المائية المتجددة أدت إلى تراجع نصيب الفرد من المياه لأقل من خط الفقر المائى (أقل من 1000 متر مكعب سنويًا)، حيث انخفض لأقل من حوالى 500 متر مكعب سنويًا فى الوقت الحالى.
وأكد «سويلم» أن القيادة السياسية وجهت بتوسيع نطاق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، وتدشين هذه المشروعات التى تعتبر نماذج مهمة لبناء مجتمعات متكاملة ومستدامة فى المناطق الزراعية الجديدة، من خلال إنشاء مناطق سكنية وحضرية مستدامة، فضلًا عن الاستفادة من الإنتاج الزراعى كمادة خام للتصنيع الزراعى.
من جانبه أشار المهندس محمد غانم، المتحدث الرسمى لوزارة الموارد المائية والرى فى تصريحات صحفية لـ «روزاليوسف»، إلى أنه تم الانتهاء من معظم أعمال المسارات الناقلة لمحطتى المحسمة وبحر البقر، ووصلت نسبة الإنجاز فى المسار الناقل لمحطة «الدلتا الجديدة» لـ 73 %، وبلغت نسبة الإنجاز فى المسارين اللذين يربطان محطة بحر البقر بمناطق الاستصلاح فى وسط سيناء لـ72 %.
وكشف «غانم» أن الوزارة تقوم حاليًا بإعادة استخدام نحو 21 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعى سنويًا عبر محطات المعالجة، وبانتهاء الأعمال فى المسارات، لمحطات المعالجة الجديدة، سيصل إجمالى المياه المعالجة لـ 26 مليار متر مكعب سنويًا فى غضون العامين القادمين.
وأوضح المتحدث الرسمى باسم وزارة الرى إلى أنه فى الوقت الذى تتخلص معظم الدول من مياه الصرف الزراعى فى البحار والمحيطات، فإن مصر تستفيد من كل نقطة مياه متاحة.
4 أرقام قياسية لمحطة الدلتا الجديدة
تعد محطة معالجة الدلتا الجديدة أضخم مشروعات معالجة مياه الصرف الزراعى فى العالم بطاقة 7.50 مليون متر مكعب فى اليوم وتقع بمحور الضبعة فى الساحل الشمالى بتكلفة حوالى 60 مليار جنيه يتم نقل المياه إلى أراضى الدلتا الجديدة لتساهم فى استصلاح 500 ألف فدان فى إطار المشروع القومى لزراعة مليون ونصف فدان ضمن مشروع الدلتا الجديدة ومستقبل مصر، يتكون مشروع إنشاء المسار الناقل لمياه الصرف الزراعى لمحطه الحمام من 13 محطة رفع ومثار ناقل.
ودخلت محطة الدلتا الجديدة موسوعة جينيس بأربعة أرقام قياسية باعتبارها أكبر منشأة لمعالجة المياه فى العالم بمساحة تتخطى 320 ألف متر مربع، كما أنها أكبر محطة لمعالجة المياه فى العالم من حيث السعة والقوة التشغيلية بقدرة 86.8 متر مكعب فى الثانية، إضافة إلى أنها أكبر مساحة لطلاء الإيبوكسى فى المبانى، حيث بلغت مساحة التغطية فيها أكثر من 520 ألف متر مربع وأكبر محطة لمعالجة الحمأة بقدرة جبارة تصل إلى 670.01 كيلو جرام فى الثانية.
محطة بحر البقر
وتعد محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر من أبرز هذه المشروعات، إذ حققت إنجازًا عالميًا بتسجيلها فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعى فى العالم، افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكلفة بلغت حوالى 20 مليار جنيه، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 5.6 مليون متر مكعب من المياه المعالجة يوميًا.
وتقع محطة بحر البقر على بعد 10 كم جنوب أنفاق بورسعيد فى سيناء، وعلى بعد 17 كم شمال مدينة القنطرة شرق، وتمثل دعامة أساسية لتنمية شبه جزيرة سيناء وتعظيم مواردها.
تهدف المحطة إلى إعادة تدوير مياه الصرف الزراعى والصناعى والصحى من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية أسفل قناة السويس، ومن ثم معالجتها وتصريفها فى قناة الشيخ جابر.
تساهم هذه المياه فى استصلاح حوالى 456 ألف فدان، وتدعم المشروع الزراعى فى سيناء.
تبلغ الطاقة التصميمية للمحطة 5.6 مليون متر مكعب يوميًا، وتغطى مساحة 155 فدانًا، أى حوالى 650 ألف متر مربع، فى الجانب الشرقى من قناة السويس وعلى بعد 27 كم جنوب مدينة بورسعيد.
حاز مشروع بحر البقر على جائزة «عبداللطيف الحمد» من الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى كأفضل مشروع تنموى فى الوطن العربى، ليصبح ثانى مشروع مصرى ينال هذه الجائزة بعد محطة جنوب حلوان لتوليد الكهرباء.
محطة المحسمة
وتمثل محطة معالجة مياه مصرف المحسمة نقلة نوعية كبرى فى مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بطاقة مليون متر مكعب فى اليوم تهدف لاستصلاح 42.80 ألف فدان فى سيناء، حيث يبدأ مسار نقل مياه الصرف الزراعى من مصرف المحسمة غرب قناة السويس ويمتد عبر سحارة سرابيوم بطول 14.5 كيلومتر أسفل قناتى السويس القديمة والجديدة، ليصل إلى محطة المعالجة شرق القناة.