الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العدالة  الغائبة

العدالة الغائبة

يطالبون غيرهم بالعدالة ولكننا لم نجد لها أثرا، وينادون بمساواة وديمقراطية لم يعد لها من مكان أو وجود فى مجتمعهم، وحقوق إنسان لم نجدها أو نلمسها عندهم، لأن الأمر أولا وأخيرا يرتبط بالمصالح والمكاسب فقط لا غير، تلك هى أبرز عناصر سياسة إدارة العم سام التى تفرضها جبرا على شعوب العالم الثالث، وهى نفس الإدارة التى ترى أن قصف إسرائيل لشعب غزة وجنوب لبنان، وبالمرة إيران ليس سوى دفاعا عن النفس. وهو دفاع مشروع (بالطبع) من وجهة نظر هذه الإدارة، مساعدة منها لإدارة هتلر العصر الحديث نتنياهو وعصابته فى ترسيخ هذا المفهوم عن جدارة واستحقاق، ليبدو أمام العالم أنه الضحية وليس الجلاد. وللحق أقول إن الدفاع عن النفس المشروع الذى انحصر فى قتل المدنيين وقصف المستشفيات، لا يجسد سوى كونه طريقة دعائية حربية إسرائيلية، حتى تُظهر قدرات جيشها وتفوقه ومواطن قوته، رغم أنها فى نفس الوقت تتجنب الاعتراف بهزائمه وانكساراته وأعداد قتلاه وأسراه، وهى الحقيقة التى تظهر مقدار الضعف وحجم الهزيمة، التى يتلقاها أفراد هذا الجيش الجبان، حين يدخلون معارك حقيقية (وجها لوجه) وهو  الأمر الذى يصعب على الجانب الإسرائيلى الاعتراف به. وهى نفسها الحقيقة التى يلتفون عليها باستخدام جميع أشكال وألوان الدعاية المضللة لتشكيل الرأى العام الداخلى أو الخارجى من خلال تقديم روايات محددة، مستغلين فى ذلك عصر هيمنة وسائل التواصل الاجتماعى، بتكييف استراتيجياتها الدعائية القديمة المدعومة بالمشهد الرقمى عن عدد الضحايا من المدنيين. وبالطبع يساعدها فى تأكيد وتأصيل هذه الدعاية الكاذبة سياسة أمريكية متوارثة منذ عهود قديمة بين جميع من تولى مقعد الرئاسة فى البيت الأبيض. بالوقوف بجانب إسرائيل على حساب كل ما هو عربى. ولما لا فدولة الكيان تعد الابنة المدللة لأمريكا، ولهذا لا تتأخر واشنطن عن تلبية جميع مطالب تل أبيب، مهما كان حجمها أو صعوبتها، معتمدة فى ذلك على مؤيدين أقوياء نافذين داخل أجهزة صنع القرار الأمريكى، ناهيك عن اللوبى اليهودى الموجود داخل الولايات المتحدة الذى يدافع عن المصالح الإسرائيلية (عمال على بطال).



وعموما لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية هى سيدة هذا العالم بلا منازع، والآمرة الناهية ولا شيء يحدث على هذا الكوكب إلا بموافقتها أو بعلمها، ولذلك فواهم كل الوهم من يعتقد أن مطالب العدل والمساواة وحقوق الإنسان يمكن أن يتم تطبيقها على إسرائيل، رغم أنها نفس المطالب التى تطبق علينا فى منطقتنا العربية، ففى الوقت الذى تطالب فيه بضبط النفس تعمل على مساعدة بل وتحريض إسرائيل على استكمال عملية قصف جنوب لبنان وتدمير قطاع غزة، وحرمان حوالى مليونى شخص من المدنيين الفلسطينيين من مساكنهم ومن جميع سبل الحياة كالماء والطعام والكهرباء، مما يجبرهم على ترك أرضهم وحقوقهم التاريخية فى دولة فلسطينية ذات سيادة. وفى الوقت الذى تنادى فيه إدارة العم سام بتطبيق الشرعية الدولية والديمقراطية وحفظ حقوق الإنسان، تتخذ من هذه المطالب غطاء لتحقيق مصالحها الخاصة بغض النظر عن الضحايا، وهو ما يتجلى عند المقارنة بين التعامل الأمريكى مع الأزمة الأوكرانية، وما يحدث من مآس فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فى فلسطين، حيث تشيد الإدارة الأمريكية بقوة المقاومة الأوكرانية ضد روسيا وتصف من يقاتلون القوات الروسية «بالأبطال»، بينما يصفون الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال الإسرائيلى بـالإرهابيين، المؤسف أيضا أن الإعلام الأمريكى يسير على نهج إدارته المنحازة على طول الخط، فهو يرى أن ما يدور فى أوكرانيا التى سارعت أمريكا لنجدتها يختلف تماما عما يدور فى منطقتنا العربية، مبررا ذلك بأن أوكرانيا دولة أوروبية حضارية، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقارن بما يحدث فى فلسطين أو لبنان أو حتى سوريا والعراق.

ورغم كل هذه الازدواجية وطمس الحقائق والادعاءات الكاذبة، سيظل العار يلاحق جيش الكيان الذى لا يقهر (كما يدعون) الذى استطاع أن يعوض هزيمته فى غزة وجنوب لبنان بانتصاره فى قصف مستشفيات وإخراجها من خدمة الجرحى والمصابين، وتدمير مدارس يسكنها النازحون عن منازلهم، فى الوقت الذى تتعمد فيه دولة العم سام التى يغيب عن نظرها بقصد وتعمد العدل، ولذا تدعم هذا الكيان الصهيونى المظلوم والمضطهد (حسب رأيهم) وما باقى الخلق سوى ظلمة وإرهابيين.