بعد 20 عامًا.. عاصمة الحضارة والتاريخ تستضيف المنتدى الحضرى العالمى
وفاء وصفى
«اسمحوا لى من القاهرة، عاصمة الحضارة، وعاصمة التاريخ، وعاصمة السلام أن نفتتح المنتدى الحضرى العالمى الثانى عشر».
هكذا افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية المنتدى الحضرى العالمى فى نسخته الثانية عشرة، والذى أقيم فى الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر بمركز المنارة للمؤتمرات بالتجمع الخامس.
وفى كلمته الافتتاحية رحب الرئيس بضيوف مصر الذين جاءوا من نحو 180 دولة للمشاركة فى ثانى أكبر حدث على أجندة الأمم المتحدة، بعد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى.
وأشار السيسى فى كلمته إلى ما تعانى منه دول العالم من أزمات وحروب تؤثر على المدن والتجمعات السكانية وتكون لها تداعيات كارثية على المجتمعات العمرانية قائلاً: «تأتى هذه النسخة من المنتدى فى وقت حاسم، يواجه فيه العالم أزمات دولية متلاحقة، وحروبًا لها تداعيات مدمرة على المدن والتجمعات السكانية، وعلى كل مناحى الحياة فيها، وهو ما يستدعى حشد الجهود والإرادة السياسية لإحلال السلام ووقف النزاعات والصراعات، وتركيز الجهود على مجالات التنمية وإعادة الإعمار والبنـاء إذ يستحيل البدء فى أى خطوات جادة، لمواجهة التحديات الحضرية فى مجتمعات تعانى من الحروب والاقتتال والنزوح والمجاعة والمرض».
وأضاف: «ولعل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من حروب وصراعات خاصة الحرب الدائرة فى قطاع غزة ولبنان خير مثال على الخسائر الفادحة التى تتكبدها الدول جراء إعلاء صوت الحرب والصراع، على حساب السلام والاستقرار».
مؤكدًا: «إن المعاناة اليومية التى تعيشها شعوب تلك الدول تتطلب استجابة فورية وفعالة لوقف نزيف الدماء والدمار والشروع فى البناء والتنمية مؤكدا على حرص مصر الدائم على تقديم كل سبل الدعم لأشقائها لوقف العنف وتخفيف حدة التداعيات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه».
وعن التجربة المصرية أوضح الرئيس أنه رغم ما يحيط بنا من أزمات حققت مصر فى السنوات الماضية إنجازات كبيرة فى مجالات العمران والتنمية الحضرية بما يخدم أهداف الاستراتيجية الوطنية «رؤية مصر 2030»، حيث تم تنفيذ مبادرات ومشاريع ضخمة على رأسها مبادرة «حياة كريمة»، لتطوير الريف المصرى والمناطق العشوائية،ومبادرة «تكافل وكرامة»، لدعم الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا ومبادرة «سكن لكل المصريين»، التى تعد أكبر مشروع إسكان اجتماعى موجه لمحدودى الدخل فى مصر والعالم بأسره.
وعن المدن الجديدة قال الرئيس: «قامت مصر بإنشاء جيل جديد من المدن يتبنى معايير الاستدامة والذكاء الرقمى على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ضمن اثنتين وعشرين مدينة أخرى تم بناؤها بشكل متزامن فى مختلف محافظات الجمهورية إلى جانب تدشين مشروعات لتطوير العشوائيات، والمناطق غير المخططة وغير الآمنة، فضلا عن تحديث وسائل النقل والمواصلات».
وفى كلمته أعلن السيسى عن إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية» و«الاستراتيجية الوطنية للتحضر الأخضر».. الهادفتين إلى تعزيز الجهود الوطنية القائمة، فى مجالات التحضر استنادا إلى المعايير الدولية للاستدامة والشراكة موضحًا أن المنتدى الحضرى العالمى يمثل منصة مثالية لتدشين حوار مثمر وفعال بين جميع الفاعلين المعنيين حول كيفية تحسين أوضاع التجمعات البشرية وتعزيز التنمية الحضرية والذى يتطلب مشاركة فعالة من كل الأطراف المعنية من المجتمعات المحلية، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدنى، والجامعات لعقد شراكات وصياغة سياسات واستراتيجيات تعكس احتياجات وتطلعات الشعوب فى حياة كريمة ومستقبل أفضل.
وفى ختام كلمته أعرب السيسى عن تطلعه إلى أن يكون هذا المنتدى خطوة مهمة على طريق تنفيذ «الأجندة الحضرية الجديدة» وتعزيز الشراكات الدولية من أجل إيجاد حلول مبتكرة وتوصيات عملية تسهم فى مواجهة تحديات التنمية الحضرية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
هذا وقد أشاد الرؤساء الذين شاركوا فى حفل افتتاح المنتدى الحضارى العالمى بالتجربة المصرية فى التطوير الحضرى والبناء والتعمير حيث أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى رشاد العليمى بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى قائلا إنه يقود نهضة عمرانية غير مسبوقة فى مصر مقدما الشكر لمصر ودول تحالف دعم الشرعية على الجهود التى يقومون بها لدعم اليمن مشيرًا إلى أن خسائر اليمن جراء الحرب الدائرة بلغ أكثر من 650 مليار دولار.
كما قدم عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى فى كلمته التى ألقاها فى افتتاح المنتدى الشكر لمصر على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال مشيدا بما حققته مصر من إنجازات كبرى ونهضة تنموية شاملة والذى أثبت قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص ممكنة فى ظل قيادة الرئيس السيسي.
وأكد البرهان على أن الشعب السودانى يواجه حربا استهدفت مستقبله ومقدرات شعبه إلا أن الشعب السودانى وقواته المسلحة عازمان على الحفاظ على الدولة.
ومن جانبه أكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى كلمته التى ألقاها أمام الحضور أن فلسطين تشارك هذا العام فى المنتدى الحضرى العالمى التابع لبرنامج الأمم المتحدة، فى ظل الدمار وجرائم الإبادة والتطهير العرقى وجرائم سرقة الأرض والموارد الطبيعية التى يمارسها الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مطالبا المجتمع الدولي بوقف دولة الاحتلال عند حدها، ومحاسبتها، ومعاقبتها على جرائمها.
كما أشاد عباس بالإنجازات الكبيرة التى قامت بها مصر فى مجال التنمية الحضرية والعمرانية المستدامة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ويعد المنتدى الخضرى من أهم المنتديات العالمية التى يشارك فيها العديد من كبار المسئولين على مستوى العالم وهو ما جعل أنظار العالم تتجه نحو القاهرة خاصة أن هذا الحدث يشارك فيه نحو 37 ألفًا منهم نحو 20 ألفًا من دول مختلفة ممن جنحوا مما يقرب من 180 دولة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أن تنظيم مصر لهذا المنتدى هو نتيجة ما حققته الدولة المصرية من إنجازات غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، رغم ما يحيط بنا من أزمات فى المنطقة، فى مجالات العمران والتنمية الحضرية أو هو الذى أهّل مدينة القاهرة لاستضافة هذا الحدث العالمى، الذى يأتى فى الأهمية بعد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى، وذلك فى ظل ما أقدمت عليه الدولة المصرية من تنفيذ لتجارب عملية على أرض الواقع تتوافق مع ترويج برنامج الأمم المتحدة لرفع مستوى المدن، وذلك بدءًا من مشروعات الإسكان التى تستهدف فئات محدودى الدخل والشباب، والمبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»، وتطوير المناطق العشوائية والمناطق غير الآمنة.
وأوضح مدبولى أن هذا المنتدى يعد فرصة مواتية لتبادل الخبرات، والتعرف على أفضل الممارسات حول قضايا التنمية الحضرية، بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة، وتطوير أساليب بناء مدن أفضل، لتحسين حياة ملايين من البشر، كما أنه فرصة عظيمة لعقد الشراكات المتميزة مع مختلف الدول المشاركة، ولا سيما الدول الأفريقية، مشيرًا إلى الإشادات الواسعة من مسئولى الأمم المتحدة والوزراء والمسئولين والمشاركين فى هذا الحدث الكبير بما يحدث من نهضة عمرانية غير مسبوقة فى الدولة المصرية، مؤكدا أن لدينا الثقة فى أن هذا المنتدى سيصبح قصة نجاح كبيرة، ولا سيما أن هذه النسخة من المنتدى هى الأعلى فى عدد المشاركين فى تاريخ تنظيم المنتديات الحضرية العالمية.
وفى إطار فعاليات المنتدى أصدرت الأمم المتحدة تقرير المدن العالمية لعام 2024 الذى يركز على أزمات تغير المناخ والتحضر السريع. يُشير التقرير إلى تراجع المساحات الخضراء فى المناطق الحضرية عالميًا، حيث انخفضت نسبتها من 19.5 % فى 1990 إلى 13.9 % فى 2020. كما يُحذر التقرير من أن أكثر من مليارى شخص يعيشون فى المدن قد يواجهون زيادة إضافية فى درجات الحرارة تصل إلى 0.5 درجة مئوية بحلول عام 2040، فى ظل عدم كفاية الجهود المناخية الحالية لمواجهة تحديات المدن.
من أبرز ما ورد فى التقرير هو الفجوة الكبيرة فى التمويل اللازم للبنية التحتية الحضرية المقاومة للتغير المناخى، حيث تحتاج المدن إلى ما يتراوح بين 4.5 و5.4 تريليون دولار سنويًا، بينما التمويل الحالى لا يتجاوز 831 مليار دولار، مما يترك الفئات الأكثر ضعفًا عرضة لمخاطر متزايدة. كما يشير التقرير إلى مشاكل مثل «الإقصاء الأخضر»، حيث أدت مشاريع مثل إنشاء الحدائق فى بعض المناطق إلى رفع أسعار العقارات، مما يضطر السكان ذوى الدخل المنخفض إلى مغادرة مناطقهم.
على الرغم من هذه التحديات، يدعو التقرير إلى النظر إلى المناطق الحضرية كجزء من الحل، ويشدد على أهمية التركيز على المدن فى التزامات الدول المناخية الطموحة. ويؤكد أيضًا على أهمية أن تكون الإجراءات المناخية شاملة وتستجيب لاحتياجات المجتمعات المحلية، خصوصًا فى الأحياء منخفضة الدخل، حيث تكون هذه المجتمعات غالبًا مستبعدة من عملية صنع القرار.
يُعرض تقرير المدن العالمية: المدن والعمل المناخى هذا الأسبوع بالتزامن مع الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضرى العالمى، وهو المؤتمر العالمى الأهم للتنمية الحضرية المستدامة. يُعقد هذا الحدث فى القاهرة من 4 إلى 8 نوفمبر 2024، بتنظيم من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) بالتعاون مع حكومة جمهورية مصر العربية.