البروفيسور تشنغ شيزونغ فى حوار لمجلة «روزاليوسف» المنافسة بين الصين والولايات المتحدة حتمية
هدى المصرى
كانت الصين إحدى القضايا الرئيسية فى الانتخابات الأمريكية، وهو بالتالى ما يضع بكين أحد المهتمين بشدة بنتيجتها، لانعكاس نتيجتها على الدولة الصينية وطموحاتها، لا سيما على الصعيدين السياسى والاقتصادى.
وخلال لقاء مع البروفيسور تشنغ شيزونغ، زميل باحث أول فى معهد شارهار بالصين، سألته عن كيف ترى بكين انتخابات الرئاسة الأمريكية، وهل تضع بعض الآمال أو المخاوف بوصول شخصية جديدة إلى البيت الأبيض، وهل هناك إمكانية لاشتعال حرب بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية؟!
ما مدى أهمية الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونتائجها بالنسبة للصين؟
- الانتخابات الرئاسية الأمريكية مسألة تخص الولايات المتحدة، والصين مثل كل دول العالم تابعت عن كثب تلك الانتخابات، وعمومًا فإن الرئيس الجديد لا يمكن أن يغير طموح الولايات المتحدة فى الهيمنة على العالم، أو طبيعتها المتأصلة فى تحدى مصالح الدول الأخرى فى كل مكان، أو سلوكها المستمر فى ترهيب الضعفاء والنهب فى كل مكان.
إن الولايات المتحدة هى أكبر اقتصاد فى العالم، بينما تحتل الصين المرتبة الثانية فى العالم. إن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة تمثل العلاقة الثنائية الأكثر أهمية على مستوى العالم، وأى تغيير فى هذه العلاقة له تأثير عميق على السلام والاستقرار والتنمية والتقدم العالمى.
ونأمل أن يبذل الزعيم الأمريكى الجديد المزيد من الجهود لتحسين العلاقات الصينية - الأمريكية، وتعزيز السلام والاستقرار العالميين، وإفادة الناس فى جميع أنحاء العالم.
الرؤى المتناقضة للصين والتى ظهرت خلال انتخابات الرئاسة تثير تساؤلات حول العلاقات الاقتصادية المستقبلية، وإمكانية اندلاع حرب تجارية بين البلدين؛ ما هو السيناريو المتوقع من وجهة نظركم؟
- المؤكد أن الرئيس الأمريكى لا يرغب فى صراع علنى بين البلدين، حيث من المحتمل أن يؤدى مثل هذا الصراع إلى انهيار كارثى للنظام العالمى. ولكن المنافسة على التجارة والتكنولوجيا والجغرافيا السياسية ستكون حتمية.
تكافح الصين مع الاضطرابات فى علاقتها بالولايات المتحدة. فى السنوات الأخيرة، بذلت الولايات المتحدة جهودًا لا هوادة فيها للحفاظ على تفوقها التكنولوجى، والحد من وصول الصين إلى الأسواق العالمية، وحشد حلفائها فى آسيا وخارجها لمواجهة ما يسمى «تحدى الصين». وفى خضم هذا التطويق، استعدت الصين للضغوط الطويلة الأجل التى يمارسها أكبر اقتصاد فى العالم.
وتولى الصين أهمية كبيرة لتطوير قدرات الابتكار وهى عازمة على أن تصبح رائدة عالمية فى مجالات تكنولوجية محددة. ومع ذلك، تهدف الولايات المتحدة إلى عرقلة جهود الصين فى التقدم التكنولوجى من خلال فرض عقوبات على شركات التكنولوجيا والأفراد الصينيين.
تظل قضية تايوان القضية الأكثر حساسية فى العلاقات الصينية - الأمريكية. وتعمل الولايات المتحدة على تكثيف سياستها الاحتوائية تجاه الصين، وهناك احتمالات للصراع فى مضيق تايوان. ولمنع أسوأ السيناريوهات، بغض النظر عمن يتم انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، يتعين على زعماء الصين والولايات المتحدة إجراء تبادلات وجهًا لوجه بشكل منتظم.
ويتمثل الهدف الأساسى للصين فى ضمان عدم إعاقة أى تدهور فى العلاقات الصينية- الأمريكية للنمو الاقتصادى. وبالتالى، تهدف الصين إلى تقليل الآثار السلبية المترتبة على تدهور العلاقات الثنائية من خلال توسيع نفوذها الاقتصادى والسياسى على مستوى العالم، وخاصة فى الجنوب العالمى. وستوفر هذه الاستراتيجية للصين الوقت اللازم لتعزيز مرونتها الاقتصادية وتسريع التقدم التكنولوجى.
وتدرك الصين تمام الإدراك أن العلاقة المتوترة بينها والولايات المتحدة لا يمكن أن تتحسن بشكل معجزة فى الأمد القريب. كانت سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة وستظل دائمًا فحصًا عقلانيًا للحالة الحالية للشئون الدولية ومنتجًا متوازنًا لاحتياجات البلاد الخاصة، ولن يتغير هذا.
ومن المشجع أن كلا الجانبين أبديا مؤخرًا اهتمامًا بالتعامل مع العلاقات الثنائية بشكل أكثر مسئولية. وعلى الرغم من أن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة لن تختفى بين عشية وضحاها، بغض النظر عمن يدخل البيت الأبيض، فإن أكبر اقتصادين فى العالم لا يزالان يتمتعان بالقدرة على تجنب الصراع وعواقبه الكارثية المحتملة.
هذه هى المرة الأولى التى تؤكد فيها الولايات المتحدة على وجود تدخل فى الانتخابات ليس من روسيا فقط بل من الصين أيضًا؛ كيف تابعتم هذه التصريحات؟
- لقد لاحظت مؤخرًا أن بعض وسائل الإعلام فى الولايات المتحدة كانت تبالغ فى الحديث عن قضية التدخل الأجنبى فى الانتخابات الأمريكية، واتهمت الصين زورًا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية. قد تكون هذه محاولة من جانب الولايات المتحدة لتحويل الانتباه عن صراعاتها الداخلية. وكما هو معروف على نطاق واسع، فإن سياسة الصين الثابتة هى عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، بما فى ذلك الولايات المتحدة.
فى نوفمبر من العام الماضى، التقى رئيسا الصين والولايات المتحدة فى سان فرانسيسكو وبادرا إلى «رؤية سان فرانسيسكو» للمستقبل، مما أدى إلى اتجاه مستقر فى العلاقات الصينية - الأمريكية. يسعد المجتمع الدولى أن يشهد تحسن العلاقات الصينية - الأمريكية، وتعزيز تنميتها المستمرة والمستقرة والصحية يخدم مصالح شعبى البلدين وشعوب العالم. ومع ذلك، كانت عملية تحسين العلاقات الصينية - الأمريكية محفوفة دائمًا بالصعود والهبوط. إن السبب الرئيسى وراء ذلك هو أن بعض الأفراد فى الولايات المتحدة، انطلاقًا من مفاهيمهم الخاطئة عن الصين، حاولوا خلق عوامل سلبية للعلاقات الثنائية من خلال تشويه سمعة الصين، وبالتالى إضعاف أساس الثقة المتبادلة.
إن التعاون بين الصين والولايات المتحدة يعود بالنفع على الطرفين. ويتعين على الولايات المتحدة أن تضع جانبًا قلقها الاستراتيجى تجاه الصين فى أقرب وقت ممكن، وأن تتبع المبادئ الثلاثة للاحترام المتبادل والتعايش السلمى والتعاون المربح للجانبين، وأن تتحرك فى نفس الاتجاه الذى تسير فيه الصين، وأن تعمل باستمرار على تعزيز توقعاتها الإيجابية للعلاقات الصينية - الأمريكية، وأن تعزز تطوير العلاقات الصينية - الأمريكية نحو الاستقرار والصحة والاستدامة.
كيف تنظر الصين إلى مستقبل العلاقات مع أمريكا؟
- آمل أن يتمكن الزعيم الجديد وإدارته فى الولايات المتحدة من العمل مع الصين لتعزيز التنمية المستقرة والصحية والمستدامة للعلاقات الصينية - الأمريكية على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمى والتعاون المربح للجانبين، بما يعود بالنفع على البلدين والعالم.
ما هو التأثير على ملف تايوان ولماذا تزايد التوتر فى الآونة الأخيرة؟
- أصبحت قضية تايوان حجر اختبار والعالم كله يراقب إلى أين تتجه العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
هل تتوقعون أن تندلع حرب تكنولوجية شرسة بين الصين وأمريكا بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض؟
- فى السنوات الأخيرة، شهدت الصين تطورًا سريعًا فى مجال العلوم والتكنولوجيا، فى حين حاولت الولايات المتحدة عرقلة التقدم التكنولوجى للصين. وعلى خلفية «الأزمة التكنولوجية» المنتشرة فى الساحة السياسية الأمريكية والتنفيذ الصارم لضوابط تصدير التكنولوجيا إلى الصين، تسعى الصين جاهدة للحفاظ على مجالاتها المتميزة والتنافس بنشاط على مكانة مهيمنة فى المجالات الناشئة شديدة المنافسة من خلال آلية التبادل الأكاديمى المفتوحة، والاستثمار المستمر فى البحث والتطوير، والتعاون العلمى والتكنولوجى الدولى المكثف، وبناء نظام المواهب القوى، والتحويل الفعال للإنجازات العلمية والتكنولوجية، والعزم الراسخ على الابتكار بشكل مستقل. وهذا يمثل نهجًا استراتيجيًا للصين للرد على «حرب التكنولوجيا» فى الوقت الحاضر.