مهرجان القاهرة السينمائى 2024: دورة التضامن مع غزة
هبة محمد على
تحظى الدورة الخامسة والأربعون من مهرجان القاهرة السينمائى باهتمام بالغ من قبل صناع السينما ومحبيها، حيث تأتى هذه الدورة التى تأجل انعقادها فى العام الماضى بسبب الحرب على غزة نتاج جهد متواصل من قبل فريق المهرجان على مدى العامين للخروج بدورة استثنائية.
فى ظل المنافسة الشرسة بينه وبين المهرجانات العربية الأخرى على الحصول على أفضل إنتاجات العام سينمائيًا، لكن ما الجديد الذى ينتظره عشاق السينما من هذه الدورة؟
التضامن مع غزة
عندما تم تأجيل دورة العام الماضى فى خضم العدوان الغاشم الذى قام به الكيان المحتل على أهلنا فى غزة، انقسم النقاد والسينمائيون إلى فريقين، فريق دعم القرار، وأكد على أن الظرف السياسى لن يسمح بإقامة أية فعاليات فنية، وفريق آخر رأى أن المقاومة بالفن هى واحدة من أهم الوسائل المتاحة لإيصال صوتنا إلى العالم، وتوثيق كل ما جرى على أرض فلسطين من جرائم لن تسقط بالتقادم، وسواء كنت من أى الفريقين، فمن المؤكد أنك ستسعد كثيرا بما يقدمه المهرجان هذا العام، حيث تتواجد السينما الفلسطينية بقوة، بداية من فيلم الافتتاح الذى تقرر أن يكون (أحلام عابرة) للمخرج الفلسطينى «رشيد مشهراوى» والذى ينافس على جوائز المسابقة الدولية، مرورا بمشاركة السينما الفلسطينية بكثافة فى جميع مسابقات المهرجان، وصولا إلى عرض برنامج أفلام (أضواء على السينما الفلسطينية) و(من المسافة صفر) وهى مجموعة من الأفلام القصيرة التى أطلقها المخرج الفلسطينى «رشيد مشهراوى» استجابةً للأحداث التى تلت هجمات 7 أكتوبر 2023، ويجمع المشروع 22 مخرجًا من غزة، مقدّمًا رؤية سينمائية عن الحياة اليومية وآمال وواقع السكان، وقد قرر المهرجان استحداث جائزة (الفيلم الفلسطينى) التى تضم لجنة تحكيمها كلًا من الإعلامى «عمرو الليثى» والمنتجة الفلسطينية «ليالى بدر»، بالإضافة إلى الفنان «مصطفى شعبان» بجانب لجنة لتحكيم (أفلام غزة) التى تضم فى عضويتها المنتج «جابى خورى» والفنانة «كندة علوش» بالإضافة إلى الناقد «أحمد شوقى» وستمنح هذه اللجنة جوائزها لأحد الأفلام القصيرة المعروضة ضمن برنامج (المسافة صفر) بينما ستكون لجنة جائزة الفيلم الفلسطينى معنية بمشاهدة جميع الأفلام الفلسطينية الموجودة فى المهرجان.
صنع فى مصر
كشف المهرجان أيضًا عن إقامة برنامج جديد بعنوان (صنعت فى مصر) ويضم البرنامج 3 أفلام أجنبية صورت فى مصر حديثًا، وهى الروائى الطويل (وحشتينی) من إخراج «تامر رجلى» وهو إنتاج (سويسرا، فرنسا، قطر، مصر)، وفيلم (الميراث) من إخراج «نيل بيرجر» إنتاج (الولايات المتحدة)، والفيلم الثالث (الجنة تحت أقدام الأمهات) من إخراج «رسلان أكين» من إنتاج قرغيزستان، وبخلاف هذا البرنامج المهم، قرر المهرجان هذا العام أن يكون كل رعاة المهرجان شركات مصرية خالصة، مما يعنى أن للمهرجان دورا كبيرا فى دعم الصناعة المصرية.
الخروج إلى أطراف القاهرة
منذ سنوات تعرض أفلام المهرجان داخل أسوار دار الأوبرا المصرية، بالإضافة إلى بعض سينمات وسط البلد، وسينما الزمالك، وفى هذا العام حرصت إدارة المهرجان على زيادة قاعات العرض وتعدد مواقعها، لإتاحة الفرصة للجمهور المتواجد فى مناطق بعيدة عن وسط القاهرة لمشاهدة الأفلام الموجودة ببرنامج المهرجان، وسيكون برنامج المهرجان متاحا لأول مرة داخل أحد المولات التجارية بمنطقة أكتوبر، وآخر بمنطقة ألماظة، وهو ما يعد تطورا كبيرا فى فكر المهرجان الذى يرغب إلى الوصول إلى قطاعات أكبر من الجمهور.
ترميم الأفلام
فى الدورة الماضية التى أقيمت 2022، بدأ المهرجان الاهتمام بمشروع ترميم الأفلام لأول مرة، وتم ترميم فيلمى (يوميات نائب فى الأرياف) و(أغنية على الممر) وفى دورة هذا العام حرصت إدارة المهرجان على مواصلة العمل على ترميم الأفلام المصرية القديمة بترميم 10 أفلام من كلاسيكيات السينما المصرية، منها (شيء من الخوف، والشحات، والسمان والخريف، والحرام، وبين القصرين، وقصر الشوق، والزوجة الثانية) وذلك بالتعاون مع معمل الترميم بمدينة الإنتاج الإعلامى، فى إطار تعاون مستمر بين المهرجان، ومدينة الإنتاج الإعلامى من المنتظر أن يثمر قريبًا عن ترميم 12 فيلمًا جديدًا.
دماء جديدة
هذه هى الدورة الأولى للناقد الكبير «عصام زكريا» كمدير للمهرجان، والذى جاء اختياره فى هذا المنصب وسط تفاؤل كبير، نظرا لخبراته الممتدة فى هذا المجال، ونجاحاته الكبيرة التى حققها من قبل فى رئاسة مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، وقد انعكس وجوده على الاختيارات المتميزة لأفلام هذه الدورة، على اختياراته للمكتب الفنى للمهرجان، والذى يضم عددا لا بأس به من الشباب الذى يخوض تجربته لأول مرة، ومن المؤكد أن ضخ دماء جديدة فى شرايين المهرجان أمر إيجابى، يصب فى صالح المهرجان الأهم فى الوطن العربى.