مأساة عائلية ونجاح كبير فى مذكرات «العراب»: آل باتشينو هذا ما فعله النجم الكبير
فاتن الحديدى
صدر عن دار بنجوين راندوم للنشر مذكرات النجم العالمى «آل باتشينو» والتى تحمل عنوان «سونى بوى» الصبى الصغير الذى بذل كل جهده بفخر وحزن».
«سونى بوى» هو اللقب الذى أطلقته عليه والدته روز فى طفولته من أغنية تحمل نفس الاسم لآل جولسون..
سبب حماسه المتأخر لكتابة مذكراته هو رغبته فى ترك سجل لأحبائه، بمن فى ذلك أطفاله الأربعة، جولى، 34 عامًا (من مدرب التمثيل جان تارانت)، والتوأم أنطون وأوليفيا البالغان من العمر 23 عامًا (من الممثلة بيفرلى دى أنجيلو) ورومان، 16 شهرًا (من المنتجة نور الفلاح)..
يقول باتشينو: «على الأقل وفقًا لى، كانت حياتى ثرية جدًا».
يتحدث باتشينو بصوت أجش؛ فقد خضع لعملية جراحية فى الشريان السباتى عندما كان فى أواخر السبعينيات من عمره، وتضرر أحد أحباله الصوتية.
ورغم أن صوته - الذى لا يزال من الممكن التعرف عليه باعتباره الصوت الذى صرخ «هووو-آه» فى فيلم Scent of a Woman - قد لا يكون قويًا كما كان من قبل؛ فإن ذاكرة باتشينو تظل حادة للغاية؛ حيث يتذكر أصدقاء الطفولة وقصص العائلة والحكايات من هوليوود.
تتناول المذكرات بالتفصيل أبرز وأضعف لحظات مسيرته المهنية، وبكثير من التردد عن علاقاته الشخصية. وجَّه آل باتشينو- والذى يصف نفسه دائمًا بأنه خجول ويكره الدعاية- الشكر فى الكتاب إلى إيتزكوف الذى أجرى معه مقابلة طويلة عام 2022 والتى كشفت عن الكثير من الأمور مقابلة تعد استثناءً نادرًا.
كان الشكر على «مساعدته الكبيرة ومثابرته» فى جعل باتشينو «يتحول إلى مسار لم يكن ليتحول إليه أبدًا» كتابة مذكراته، ما وصفه باتشينو، من خلال مدير الدعاية للكتاب، بالدعم التحريرى لـ «Sonny Boy». قائلا فى هذه الصفحات الجديدة، يبدو أن إيتزكوف قد وجد مرة أخرى طريقة لإقناعى بالخروج من قوقعتى!
من فقر شبابه إلى التأمل الذاتى الذى يأتى فى سن 84، يستكشف آل باتشينو حياته المغلفة بالسحر ويحاول شرح وتبرير سبب عدم حضوره حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 1973، عندما تم ترشيحه لجائزة «العراب».
على مدار مسيرته الطويلة - والتى تضمنت، كما يلاحظ باتشينو بسخرية، أكثر من (خمسة) أعمال تستحق جوائز الأوسكار حصلت على واحدة عن فيلم Scent of a Woman) - وحوالى النصف الآخر لم يكن كذلك، وبعضها كان فى غاية السوء لكنه يضيف، «أنا مجرد بشر».
يتصدر غلاف المذكرات ذات الـ 350 صفحة صورة له بالأبيض والأسود فى بداية حياته المهنية تناول بشكل خاص شبابه المضطرب، وصعوده السريع إلى قائمة نجوم هوليوود، والخيارات المهنية المشكوك فيها فى بعض الأحيان التى تلت ذلك.
ما بين الخلافات الإبداعية التى عاشها مع المخرجين مثل نورمان جويسون وآرثرهيللر، وكلمته التى يرددها كثيرًا أثناء التصوير «أريد أن أترك هذا الفيلم» يطرح آل باتشينو سلسلة من الأسئلة المترابطة: لماذا نجحت فى حين فشل كثيرون آخرون فى ذلك؟ لماذا لا أمارس حرفتى وأترك الشهرة والنجومية جانبًا؟
نشأة آل باتشينو
كانت سنواته الأولى الصعبة- بعد فترة وجيزة من انفصال والده، جندى الحرب العالمية الثانية وبائع التأمين سالفاتورى باتشينو، ووالدته، التى كانت تعمل فى المصانع- وقتًا «حاسمًا» فى حياته يتذكرمدى حزنه على والده الغائب إلى حد كبير ووالدته المكتئبة بشدة، وعلى أصدقاء طفولته ومراهقته، وعلى الفقر وعدم اليقين اللذين ميزا شبابه.
على الرغم من أن والدته روز عانت من مشاكل فى صحتها العقلية وحاولت الانتحار عندما كان باتشينو صبيًا؛ فإنها كانت تحميه، لقد وضع توجيهها باتشينو على طريق النجاح.
هناك أيضًا صدمة الاكتشاف، كما حدث عندما جاءت فرقة مسرحية إلى مسرح السينما المفضل لباتشينو البالغ من العمر 15 عامًا لتقديم عرض مسرحى.
المال
تحدث باتشينو بصراحة أكثر عن عجزه عن التعامل مع المال وتقلبات الشهرة فبعد النجاح المبكر والإشادة التى حظى بها فيلم «العراب» و«سيربيكو» و«ظهيرة يوم حار» وغيرها من كلاسيكيات السبعينيات، وجد الممثل نفسه فى الثمانينيات ينزلق إلى ما يسميه الغموض مع أفلام متوسطة المستوى مثل «مؤلف! مؤلف!» و«ثورة» و«رحلة بحرية.
يحكى باتشينو كيف تقبل حقيقة مفادها أن فيلم الإثارة الذى يتناول قصة قاتل متسلسل يقتل المثليين كان استغلاليًا وفى النهاية وضع أجره عن هذا الفيلم فى صندوق ائتمانى لا رجعة فيه وتبرع بالمال.
حتى فيلم «الوجه ذو الندبة» الذى صدر عام 1983 قوبل فى البداية بمراجعات فاترة. يُشيد الآن غالبًا بالفيلم الشهير باعتباره أحد أفضل أدوار باتشينو.
فى أواخر ثمانينيات القرن العشرين، كاد باتشينو أن يُفلس بعد أن توقف عن العمل، باختياره، لمدة أربع سنوات تقريبًا. وكانت كيتون، التى كانت صديقته آنذاك، هى التى جعلته يشارك فى فيلم «بحر الحب» «مقابل المال» الذى أعاده إلى الساحة الفنية.
«أفلست تمامًا فى عام 2011، بعد أن خدعنى محاسبى الفاسد» وكتب معلقا: «كان لدى خمسون مليون دولار، ثم لم يعد لدى أى شىء».
الأطفال والحب
عندما يتعلق الأمر بالحب والأسرة، فهو أقل صراحة. نشأ باتشينو فى أسرة مفككة، وترعرع على يد والدته وأجداده، متعهدًا بأن يكون أبًا أفضل من والده.
«إن كونى أبًا هو ربما الدور الأكثر مكافأة لى على الإطلاق» يقول: «إنه لأمر رائع حقًا أن يكون لديك أطفال. بالنسبة لى، أحببت ذلك. لقد غيرنى، إذا أردت أن أقول. لقد غيرتنى هذه التجربة إلى الأبد. والفكرة التى تجعلك تركز على البشر الآخرين الذين هم أطفالك هى الحب».
باتشينو، الذى لم يتزوج قط، لديه أربعة أطفال، بما فى ذلك ابنه الأخير، الذى ولد العام الماضى، من صديقته آنذاك نور الفلاح، التى تصغره بأكثر من 50 عامًا وعندما سُئل عن مدى اختلاف شعوره بالأبوة هذه المرة، قال: «حسنًا، الأمر دائمًا على نفس المنوال. إنه دائمًا على نفس المنوال. إنها معجزة صغيرة. هذا كل ما يمكننى قوله».
«قطار الألم»
لم يذكر باتشينو بإسهاب علاقاته العاطفية فى المذكرات مع الممثلات جيل كلايبورج، وتيوسدى ويلد، ومارث كيلر، وكاثلين كوينلان، وديان كيتون، بالإضافة إلى دانجيلو كوسيلة لتجنب ما يسميه باتشينو «قطار الألم». ولم يحظ كل من هؤلاء النساء باهتمام كبير فى الكتاب. حتى كيلر، التى كانت علاقتها بباتشينو، كما يقول، أقرب ما وصل إليه من الزواج، لا تستحق سوى صفحة أو صفحتين.
امتنان
يتذكر باتشينو أنه بعد أن شاهد فيلم «The Lost Weekend» عندما كان فى الخامسة من عمره، قام بتسلية عائلته من خلال تمثيل المشهد الذى يبحث فيه راى ميلاند، وهو مدمن كحول متعافى، بشكل محموم عن الخمر المخبأ.
فى النهاية يقول إذا ما تمكنت من الوصول إلى الجنة يومًا ما وهو شىء غير مؤكد؛ نظرًا للتقلبات التى شهدتها حياتى فكل ما أريده هو إيصال رسالة إلى المرأة التى دللتنى بكل ما تملكه من حب: «مرحبًا يا أمّى، هل رأيت ما حدث لى؟».