السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الرئيس السيسي يستقبل ولى العهد السعودى بمطار القاهرة.. ماذا حملت زيارة بن سلمان للقاهرة؟

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمطار القاهرة الدولى، صاحبَ السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولىَّ عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء، وقد اصطحب الرئيسُ ضيفَ مصر إلى قصر الاتحادية؛ حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية.



وقد أجرَى الزعيمان لقاءً ثنائيًا، أعقبته جلسة مباحثات موسّعة بحضور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ووفدى البلدين؛ حيث رحّب الرئيس بسمو الأمير محمد بن سلمان، معربًا عن أطيب تحياته لأخيه جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، ومشددًا فى هذا السياق على عمق ومحورية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والسعودية؛ لاسيما فى ظل التهديدات التى تواجه المنطقة، ومؤكدًا أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك؛  لتجاوز المرحلة الدقيقة الحالية التى تمر بها منطقتنا وعالمنا الإسلامى، ومشيرًا إلى الحرص المتبادل على ترجمة العلاقات والروابط التاريخية بين البلدين، من خلال تعزيز الآليات الثنائية المؤسّسية؛ خصوصًا من خلال تدشين «مجلس التنسيق الأعلى المصرى- السعودى» برئاسة السيد الرئيس وولى العهد السعودى؛ لمتابعة مختلف أوجُه العلاقات الثنائية وسُبُل تطويرها باستمرار.

 

من جانبه؛ نَقل الأمير محمد بن سلمان إلى الرئيس السيسي تحيات خادم الحرمين الشريفين، مؤكدًا الأهمية التى توليها المملكة لتعزيز العلاقات الثنائية، ومواصلة البناء على الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين والشعبين الشقيقين؛ لتحقيق المصلحة المشتركة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية. وفى ذلك السياق؛ تم استعراض الجهود الجارية لتطوير «الشراكة الاقتصادية المصرية- السعودية»؛ لاسيما فى مجال تبادل الاستثمارات، والتبادل التجارى بين البلدين، والتكامل الاقتصادى فى مجالات الطاقة والنقل والسياحة.

 التطورات الإقليمية 

شهدت المباحثات تناول التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع فى قطاع غزة ولبنان؛ حيث تم التوافق على خطورة الوضع الإقليمى وضرورة وقف التصعيد، وشدّد الزعيمان على أن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة؛ وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، هى السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام، منوّهَيْن إلى أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب فى استمرار حالة الصراع بالمنطقة، وطالب الزعيمان فى ذلك السياق ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفى لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية بما يوقف دائرة الصراع الآخذة فى الاتساع، وتم كذلك تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه. كما تباحث الزعيمان حول عدد من القضايا الإقليمية على رأسها أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع فى السودان وليبيا وسوريا.

هذا؛ وقد شهد الزعيمان فى ختام المباحثات التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصرى- السعودى» برئاسة السيد الرئيس وولى العهد السعودى، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

 بيان مشترك 

وأشاد الجانبان فى بيان مشترك حول الزيارة بمتانة الروابط الاقتصادية بين البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات، بما فيها قطاعات الطاقة، والنقل والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعة، والزراعة، والسياحة.

وأكدا أهمية تعزيز الجهود المبذولة لتطوير وتنويع قاعدة التعاون الاقتصادى والاستثمارى؛ بما يحقق تطلعات قيادتى البلدين فى ظل الشراكة الاستراتيجية المتميزة بين البلدين.

وأشاد الجانبان بمستوى التجارة بين البلدين؛ حيث بلغ حجم التبادل التجارى حتى النصف الأول من العام 2024م ما يقارب (8,4) مليار دولار، بمعدل نمو (41%) مقارنة بنفس الفترة من العام 2023م، وتعد المملكة الشريك التجارى الثانى لجمهورية مصر العربية على مستوى العالم، وأكد الجانبان أهمية استمرار العمل المشترك بين البلدين لتنمية حجم التبادل التجارى، وتذليل أى تحديات قد تواجه تنمية العلاقات التجارية، واستمرار عَقد مجلس الأعمال المشترك، وتكثيف تبادل الزيارات الرسمية والوفود التجارية والاستثمارية، وتشجيع إقامة المشاريع المشتركة، وعَقد الفعاليات التجارية والاستثمارية؛ لبحث الفرص المتاحة والواعدة فى ضوء (رؤية المملكة 2030) و(رؤية مصر 2030) وتحويلها إلى شراكات ملموسة.

 أسواق النفط

وأكد الجانبان أهمية استقرار أسواق النفط العالمية، وأشاد الجانب المصرى بدور المملكة فى دعم توازن أسواق النفط العالمية واستقرارها، وفى موثوقية الإمدادات بصفتها المُصدّر الأكبر للنفط الخام على مستوى العالم. وأشاد الجانبان بتقدُّم العمل فى تنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين الشبكة السعودية والشبكة المصرية، الذى يُعَد أكبرَ مشروع ربط كهربائى فى المنطقة، وأكدا أهمية تعزيز التعاون القائم فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة وتقنياتها وتطوير مشروعاتها وفرص الشراكة فى هذه المجالات. وأشادا بالتعاون القائم فيما يتعلق بإمدادات النفط الخام السعودى ومشتقاته والبتروكيماويات والمغذيات الزراعية إلى جمهورية مصر العربية، واستمرار بحث فرص التعاون المشترك فى هذه المجالات بما يسهم فى استدامة الطلب على إمدادات الطاقة عالميًا.

 الشأن الفلسطينى

وبشأن تطورات الأوضاع فى فلسطين؛ أعرب الجانبان عن بالغ قلقهما حيال الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة، وما يشهده القطاع من حرب وحشية راح ضحيتها أكثر من (150) ألفًا من الشهداء والمصابين من المدنيين الأبرياء نتيجةً للاعتداءات الشنيعة لسُلطات الاحتلال الإسرائيلى، وشدّدا على ضرورة السعى لهدنة مستدامة ووقف دائم لإطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، وأدان الجانبان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المقدسات الإسلامية فى القدس، مُعبّرين عن رفضهما القاطع لأى محاولات لتغيير الوضع التاريخى والدينى والقانونى القائم. وأكدا ضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية وفقًا لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ بما يكفل للشعب الفلسطينى حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

وفى هذا الصدد؛ ثمَّن الجانب المصرى استضافة المملكة العربية السعودية للقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية فى الرياض، وما نتج عنها من قرارات أسهمت فى إيصال موقف جماعى موحد للدول العربية والإسلامية تجاه الأحداث الجارية فى فلسطين، مشيدًا بقيادة المملكة للجهود المبذولة فى تنفيذ قرارات القمة، وترؤسها للجنة الوزارية المكلفة من القمة، وما تبذله اللجنة من جهود فى سبيل بلورة تحرك دولى لوقف العدوان على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل؛ وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، وثمَّن الجانب السعودى الجهود المصرية الدؤوبة منذ بداية العدوان على قطاع غزة، والدور المحورى الذى تقوم به مصر فى السعى للتوصل لوقف إطلاق النار، وكذا قيادتها المقدرة لعملية تنسيق وإيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة. ورحّبا فى هذا الصدد؛ بإطلاق التحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبى ومملكة النرويج، وجدّدا دعوتهما لبقية الدول للانضمام إلى هذا التحالف. كما ثمّن الجانب المصرى مقترحَ المملكة لعَقد قمّة متابعة عربية إسلامية مشتركة فى مدينة الرياض، وأكد الجانبان فى هذا الصدد؛ تطلعهما لخروج القمة بقرارات تسهم فى وقف العدوان الإسرائيلى وحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى. ورحّب الجانبان بالقرارات الإيجابية المتخذة من عدد من الدول بالاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة، وجدّدا دعوة بقية الدول التى لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية للمسارعة فى اتخاذ خطوات مماثلة بما يسهم فى دعم مسار موثوق لتحقيق السلام العادل وتلبية حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة.

 الشأن اللبنانى

وفى الشأن اللبنانى؛ أكد الجانبان أهمية تمكين الدولة اللبنانية بجميع مؤسّساتها من القيام بواجباتها وبسط سيادتها على كامل الأراضى اللبنانية، وأهمية دور الجيش اللبنانى فى حفظ أمن لبنان واستقراره، كما جدّد الجانبان التأكيد على أهمية اضطلاع المجتمع الدولى؛ وبخاصة مجلس الأمن الدولى، بمسئولياته والعمل على وقف فورى ودائم لإطلاق النار فى لبنان، وعدم اتساع نطاق الصراع القائم فى المنطقة، مشدّدين على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة.

 الشأن اليمنى

وفى الشأن اليمنى؛ أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسى فى الجمهورية اليمنية، وأهمية الدعم الكامل للجهود الأممية والإقليمية للوصول إلى حل سياسى شامل للأزمة اليمنية؛ بما يضمن للشعب اليمنى الشقيق وحدة بلاده واستقرارها. وأشاد الجانب المصرى بجهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية، ودورها فى تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لكل مناطق اليمن. وأشاد الجانب السعودى بالدور المصرى فى خفض التصعيد فى المنطقة، ودعم جهود التسوية الشاملة للأزمة اليمنية بما يلبى تطلعات الشعب اليمنى. وأكد الجانبان أهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، والتعاطى بجدية مع مبادرات وجهود السلام.

وأكد الجانبان أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، التى تُعَد حرية الملاحة فيها مَطلبًا دوليًا لارتباطها بمصالح العالم أجمع، وضرورة تجنيبها أى مخاطر أو تهديدات تؤثر على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين وحركة التجارة العالمية والاقتصاد الدولى.

 الشأن السودانى

وفى الشأن السودانى؛ أكد الجانبان أهمية مواصلة الحوار من خلال منبر جدة بين طرفى النزاع السودانى وصولًا إلى وقف كامل لإطلاق النار، وإنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب السودانى الشقيق، والمحافظة على وحدة السودان وسيادته وجميع مؤسَّساته الوطنية.

 الشأن الليبى

وفى الشأن الليبى؛ أكد الجانبان دعمهما الحل «الليبى- الليبى»، وخارطة الطريق التى ترعاها الأمم المُتحدة، ودعم جهود مبعوثى الأمم المتحدة؛ للتوصل إلى حل سياسى؛ وصولًا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على التوازى، وتوحيد مؤسّسات الدولة، ووحدة الجيش الليبى، وخروج جميع القوات الأجنبية والميليشيات والمرتزقة من ليبيا؛ لتحقيق ما يتطلع إليه الشعب الليبى.

 الشأن الصومالى

وفى الشأن الصومالى؛ أشاد الجانبان بما حققه الصومال تحت قيادة فخامة الرئيس حسن شيخ محمود من إصلاحات وإعادة للأمن والاستقرار فى كثير من الأقاليم الصومالية، واتفقا على أهمية دعم المجتمع الدولى للصومال من أجل استكمال مهمة القضاء على الإرهاب، ورَحّب الجانبان بقرار مجلس الأمن الدولى القاضى برفع حظر السلاح عن الصومال، وقرار إعفاء الصومال من الديون من قِبَل الدائنين الدوليين. وأكدا على قرار جامعة الدول العربية بتاريخ 17 / 1 / 2024م، بشأن دعم أمن واستقرار ووحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه، وشدّدا على ضرورة الالتزام بمبادئ حُسن الجوار وتغليب الحكمة وتجنيب المنطقة مخاطر التوتر والنزاعات. ورَحّب الجانب السعودى بالجهود المصرية لدعم الاستقرار والحفاظ على وحدة وتكامل الأراضى الصومالية، وأثنى على العرض المصرى للمشاركة فى بعثة حفظ السلام الجديدة فى الصومال وبما يسهم فى استعادة الأمن والسلام وتحقيق تطلعات الشعب الصومالى.

وفى ختام الزيارة أعرب الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولى العهد رئيس مجلس الوزراء، عن شكره إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ما لقيه والوفد المرافق من حُسن الاستقبال وكرم الضيافة، وعن أطيب تمنياته للشعب المصرى الشقيق بالمزيد من التقدم.