الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تعاون دينى مؤسسى لتفعيل المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان».. «بالإنسان نبدأ» مبادرة أزهرية بالتعاون مع الكنيسة المصرية

أطلق مركز الأزهر العالمى للفلك الشَّرعى وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلاميَّة، برئاسة الدكتور محمد الضوينى،  وكيل الأزهر، مبادرة «بالإنسان نبدأ»، بالتعاون مع الكنيسة المصرية ممثلة فى المركز الثقافى القبطى،  ومشاركة بيت العائلة المصرية، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، فى إطار المشاركة فى المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» التى أطلقها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى،  رئيس الجمهورية.



 

وترتكز مبادرة «بالإنسان نبدأ» على مرتكزات أربعة هى: التكامل بين المعارف والأخلاق كضرورة وجودية، وبناء الإنسان من غايات الرسالات السماوية، وترسيخ الأخلاق كضرورة فى بناء الإنسان، وتوحيد الصف فى مواجهة التحديات المعرفية والقيمية.

وخلال إطلاق المبادرة تم استعراض أهمية التكامل بين العلوم والقيم كمفتاح لبناء الإنسان فى العصر الحديث، وتوفير منبر للنقاش والتبادل المعرفى حول كيفية تحقيق التوازن بين العلوم والقيم فى عملية بناء الإنسان، وتعزيز التنمية الشخصية والاجتماعية بشكل شامل، كما يستعرض الملتقى تأثير العلوم الحديثة فى بناء الإنسان وتطوره المعرفى،  وتأثير التطوير التكنولوجى على التدين لدى الشباب.

من جهته قال د. محمد الجندى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة ونائب رئيس مركز الأزهر العالمى للفلك الشَّرعى وعلوم الفضاء إن بناء الأوطان كما يكون بالبناء الحضارى والتعمير والإنشاءات، لا ينفك عن بناء الإنسان ذاته، جسدًا وروحًا، فكرًا واعتقادًا، سلوكًا وثقافةً، فنًّا وفلسفةً، إلى آخر ذلك من جوانب بناء الإنسان المختلفة، بل لن يتأتى أى من البناء المادى إلَّا ببناء الإنسان أولًا. 

وأضاف د. الجندى أنَّ هذا المفهوم حاضرٌ وواضحٌ فى منهج الإسلام؛ فرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يبنى الدولة فى المدينة وعلى مدار أكثر من عقد من الزمان، بنى جيلًا قامت على كاهله مسئولية بناء الدولة والحفاظ على الدِّين، وتعزيز الانتماء إليه، وإلغاء العصبيات الجاهلية؛ ممَّا شكَّل مجتمعًا إسلاميًّا قويًّا، والقرآن المكى له سمات واضحة فى بناء الإنسان بناءً عقديًّا وسلوكيًّا يقيم فيه الأدلة والبراهين التى يحتاجها المسلم فى عرض عقيدته والدفاع عنها أمام المخالف أو المشكك، فضلًا عن عرض تجارِب الأمم، لا سيما تلك الأمم التى أرادت هدم الإنسان وقلب الفطرة الإنسانية، ولنا فى قصة قوم لوط الدروسُ الناطقةُ بأنَّ أيَّة محاولة لهدم الإنسان وتنكيس فطرته ستقابل بعقوبة إلهية لمن أراد أن يهدم بنيان الله المُكرم.

وأوضح الأمين العام أنه حين نتأمَّل هذا الأثر النبوى الشريف الذى قيل فيه: «إنَّ هذا الإنسانَ بنيانُ اللَّهِ فملعونٌ مَنْ هدم بنيانَه»، نلحظ فيه أنه كما يتوعد هؤلاء الذين يريدون هدم الإنسان، فإنه يحمل فى طياته بدلالة المخالفة أن من يعمل على المحافظة على بنيان الله فله الرحمة والخير، بل نجد فى القرآن أن إحياء النفْس الإنسانية إحياء للبشرية كلها، مشيرًا إلى أنه إسهاما من مجمع البحوث الإسلامية فى المبادرة الرئاسية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، يأتى هذا الملتقى العلمى،  وذلك بالتعاون بين مركز الفلك والمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى ولجنة الشباب ببيت العائلة المصرية، وذلك تحت عنوان: «بالإنسان نبدأ... بناء الإنسان وصناعة الحضارة - نحو تكامل العلوم والقيم، بناء الإنسان فى ظل التحديات الحديثة»، أُعلن فيه أننا فى مجمع البحوث على أتم الاستعداد للمشاركة فى هذا البناء الفكرى والثقافى سواء من خلال وعاظ الأزهر الشريف أو لجان الفتوى أو مجلة الأزهر، وغير ذلك من مطبوعات المجمع أو ندواته التثقيفية، نمد أيدينا لكل من يريد نفع الإنسان وهدايته إلى ما فيه خيرا الدنيا والآخرة. 

وأكَّد أنَّ دلالات كلمة (بناء) توحى بعمل تركيبى يحتاج إلى وقت ومجهود ومكونات، وأحد أهم مكونات بناء الإنسان هو (الدين)؛ لذا ظهر فى عالمنا اليوم العديد من الدعوات الإلحادية والنزعات التشكيكية، ليس بغرض هدم دين من الأديان أو أمة من الأمم فحسب، وإنما القضاء على الدين يعنى القضاء على الإنسان والإنسانية؛ إذْ يفقد المعنى من وجوده والغاية التى يحيا لأجلها، فضلًا عن الإيمان الذى يدفع الناس للإقبال على الحياة والعمل والمراقبة وابتغاء الثواب وخوف العقاب، إلى غير ذلك مما لا يستغنى عنه الإنسان.  وتابع نائب رئيس مركز الأزهر العالمى للفلك الشَّرعى وعلوم الفضاء أنَّ ثانى ما نريد بناءه فى الإنسان هو بناء منظومة القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية التى يتعامل بها الإنسان فى تعامله مع أخيه الإنسان، بل ويحتاجها فى عَلاقته بالله وبالكائنات من حوله، ولا أعرف زمانًا واجهت فيه الأخلاق والقيم تحديات كهذا الزمن الذى لا تخجل فيه بعض الفئات من التصريح بالشذوذ، والدعوة إليه، والزعم أنه أمر طبيعى جُبل عليه الإنسان، فى تعمية للحق وتنكُّر لما أثبته العلم، هذا غير ما يملأ مواقع التواصل الاجتماعى من دعوات هدامة تستهدف القيم والأخلاق والأسرة واللغة والعادات والتقاليد.

ولفت الدكتور الجندى إلى أنَّ ثالث ما نريد بناءه فى الإنسان عمومًا والإنسان المصرى خصوصًا هو التمسك بوطنه وهُويته وثقافته، هذا الانتماء والتمسك الذى كان إحدى ركائز نصر أكتوبر المجيد عام 1973م، والذى نحتاج أن نستثمر ذلك فى استشراف دروسه، لا سيما فى ظل أوضاع إقليمية صعبة، وعدو لا يتورع عن سفك دماء الأطفال والنساء والأبرياء، وتوسيع حالة الصراع، وإدخال المنطقة فى حالة من عدم الاستقرار، ومع ثقتنا فى قوة وطننا وقدرته على تجاوز هذه الأزمات نحتاج إلى حالة من الاصطفاف الوطنى والوعى التام بما يحدث حولنا؛ ولذا جاءت هذه المبادرة. 

ولفت الأمين العام إلى أهداف المبادرة، التى منها: خَلْق أجيال صحيحة رياضية تتمتع بالثقافة وتحافظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم الأزهر والكنيسة والأوقاف، وخَلْق أجيال قادرة على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مؤكدًا حرص الأزهر الشريف بقيادة وتوجيهات صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف ومتابعة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضوينى،  وكيل الأزهر على المساهمة فى كل ما من شأنه أن يسهم فى بناء الإنسان، وتحقيق مقاصد التشريع، وإدراك مقاصد الخلق، وصولًا للتعاون الإنسانى المنشود والعيش المشترك وإشاعة روح السلام فى العالَم.