أحمد الطاهري
رئيس التحرير يحاور وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين فى الخارج: د.بدر عبدالعاطى: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية تحت أى ظرف
فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة فإن حوارًا خاصًا مع وزير خارجية مصر هو بمثابة قراءة دقيقة لما حدث وبوصلة استرشادية للسيناريوهات المحتملة..
وعلى كل شاشات قطاع أخبار المتحدة وفى حوار كاشف ينفرد الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى بحوار مع وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين فى الخارج الدكتور بدر عبدالعاطى.
اللقاء الخاص مع معالى وزير خارجية جمهورية مصر العربية الدكتور بدر عبدالعاطى يأتى فى لحظة الإقليم كله؛ بل والعالم كله يتأزم ويعانى من هذه الحرب المشتعلة، والجميع ينتظر دائمًا كلمة مصر التى كانت وسوف تبقى دائمًا صوت الحكمة.. وإليكم نص الحوار..
هذا الحوار يأتى بالتزامن تقريبًا مع عام على الحرب فى غزة وتداعيات هذه الحرب على الإقليم، ويتزامن أيضًا مع مرور نحو 100 يوم على توليك مسئولية الخارجية المصرية والجهاز الدبلوماسى المصرى، لنبدأ أولاً من مبدأ وعنوان عريض فى السياسة الخارجية المصرية، وهو مبدأ الاتزان الاستراتيجى وسط هذا الصخب، وسط حالة الصراع التى تسيطر الآن على السياسة الدولية..
فى تقدير معاليكم؛ هل نجحت مصر بالفعل فى تحقيق مبدأ الاتزان الاستراتيجى؟
- يعنى بالتأكيد نجحت وبامتياز هذا المبدأ الهام الذى صكه السيد رئيس الجمهورية خلال احتفال حفل إفطار العائلة المصرية، هو بالفعل يمثل المبدأ الأساسى الذى يحكم السياسة الخارجية المصرية؛ خصوصًا فيما يتعلق بعدم الدخول فى أى مَحاور دولية وعدم أيضًا الانجرار، حالة الاستقطاب الدولى التى نشهدها فى الوقت الحالى أيضًا الالتزام بمعنى الانفتاح على الجميع، من دون أى أحكام أيدلوجيا مسبقة، ولكن المحك الأساسى هو المصلحة الوطنية المصرية، يعنى أن تكون مصر لديها شراكات استراتيجية مع كل القوَى العالمية الفاعلة رغم وجود تناقضات بين هذه القوَى، هذا بالتأكيد يعنى دليلاً على نجاح سياسة الالتزام الاستراتيجى لدينا حوار استراتيجى مع الولايات المتحدة، وعقدت إحدى جولاته مؤخرًا بالقاهرة، لدينا شراكة استراتيجية وشاملة مع الاتحاد الأوروبى تم تدشينها منذ عدة أشهر، لدينا أيضًا حوار استراتيجى مع الصين، والآن نحتفل بمرور عشر سنوات على تدشينه، لدينا أيضًا حوار استراتيجى مع روسيا الاتحادية، مع البرازيل، مع الهند، والآن نحن فى المراحل النهائية لتدشين حوار استراتيجى مع ألمانيا، وأيضًا مع إسبانيا، فكل ذلك يعكس أولاً سلامة التوجه المصرى، وأن مصر بالفعل تنفذ هذا المبدأ بحِكمة، وتعكس أيضًا مدى تقدير المجتمع الدولى للدور المصرى، يعنى هذا دورًا أساسيًا لا غنى عنه بالتأكيد، والكل يحرص على مزيد من تطوير العلاقات مع مصر، يمكن مصر دولة من الدول القليلة جدًا، إن لم تكن الوحيدة فى الإقليم التى لديها علاقات واتصالات مع كل الأطراف، كل الأطراف الإقليمية والدولية، وحتى الفاعلين، من دون الدول، لدينا اتصالات معهم حتى يكون هناك سياسة خارجية فعالة تصب فى النهاية فى مصلحة الأمن والاستقرار فى المنطقة، فأكرّر مرة أخرى بالتأكيد هذه السياسة ثبت تمامًا سلامتها ونجاحها بدليل ما نشهده الآن من اختراقات فى العديد من الملفات، من الاختراقات أيضًا فى العلاقات مع العديد من الدول الفاعلة فى النظام الإقليمى وفى النظام الدولى أيضًا، على حد سواء..
معالى الوزير؛ على ذكر النظام الإقليمى بعد عام على حرب غزة واتساع نطاق هذه الحرب على جبهات متعددة فى المنطقة العربية، ورأينا ما جرى فى لبنان وفى جنوب لبنان؛ ما هى الجهود المصرية لوقف هذا النزيف ووقف حالة السيولة الإقليمية التى تتمادى حتى الآن كلما بدرت مجموعة من الأمور أن هناك انفراجة قادمة نجد أن الحرب وتيرتها أسرع جدًا من كل الآمال المعلقة على التهدئه؟
- بالفعل الدور المصرى واضح للغاية للعيان فيما يتعلق بالحركة الدائبة لوقف حمَّامات الدم ووقف الاعتداءات الممنهجة اليومية الإسرائيلية على أهلينا فى قطاع غزة وأيضًا فى الضفة الغربية وأيضًا فى لبنان.. مصر كانت الدولة الوحيدة التى حذرت مرارًا وتكرارًا من المخاوف من اتساع رقعة الصراع ومن التصعيد فى المنطقة.. منذ البداية ومنذ وقوع أحداث السابع من أكتوبر ومصر كانت فى طليعة الدول التى تحركت بكل قوة واستضافت اجتماعًا دوليًا هنا فى القاهرة، وكان هدف هذا اللقاء بحضور العديد من دول العالم كان الهدف الأساسى منه بالتاكيد التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار ووقف القتل الممنهج للمدنيين، واستمرت الجهود المصرية الدؤوبة بالتعاون مع قطر الشقيقية والولايات المتحدة الأمريكية فى جهود الوساطة، وكنا كما تفضلت أقرب ما يكون للتوصل إلى اتفاق يضمن سراح جميع الرهائن وأيضا يؤسّس لوقف إطلاق النار والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة.. ولكن للأسف الشديد كما تعلم هناك غياب للإرادة السياسية لدى أحد الأطراف وهو الجانب الإسرائيلى، فكلما كنا نقترب من التوصل إلى هذه الصفقة والتى تحقق مصالح الجميع بما فى ذلك إطلاق سراح جميع الرهائن وجانب من الأسرى الفلسطينيين يأتى الجانب الإسرائيلى ويطرح مطالب غير واقعية ويجد ذرائع مختلفة حتى يتنصل من إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق. للأسف الشديد تم إضاعة أكثر من فرصة كانت كفيلة بإطلاق سراح كل الرهائن وأيضًا تجنيب المدنيين؛ خصوصًا من النساء والاطفال ويلات هذه العمليات من القتل الممنهج.. ومثلما توقعت مصر وحذرت منه للأسف الشديد اتسعت رقعة الصراع، فهناك عدوان على قطاع غزة، وهناك عدوان على الضفة الغربية، وهناك ترحيل مستمر للفلسطينيين من قراهم الفلسطينية، وبعد ذلك انتقل الصراع إلى لبنان الشقيق، ولطالما كنا نحذر من انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، وللأسف الشديد نحن على مشارف هذه الحرب الشاملة، هناك اعتداء الآن على لبنان، وهناك دخول إيران أيضًا فى الصراع، وهذا قد يؤدى إلى خطأ فى الحسابات أو أى تهور قد يقود إلى حرب شاملة والتى لن تؤدى إلا إلى الخراب والدمار فى هذه المنطقة فى وقت نحن فى أمَسّ الحاجة إلى عملية التنمية وعملية التعمير وعملية تحسين مستوى معيشة الشعوب فى المنطقة، لكن للأسف الشديد هناك أطراف حريصة على التصعيد وحريصة على العدوان وحريصة أيضًا على أن تكون فوق القانون وألا تكون قابلة للمساءلة الدولية، وما يحدث اليوم أمر غير مسبوق فى تاريخ الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية بأن لدينا حربًا ضروسًا وعدوانًا مستمرًا.. تجاوزنا العام، الآن لدينا أكثر من 150 ألف قتيل وجريح، لدينا أيضًا أكثر من 1.7 مليون نازح داخل قطاع غزة يمثلون 75 % من سكان القطاع، لدينا أيضًا أكثر من 15 ألف فلسطينى تحت الركام، وبالتالى نحن فى حالة من الصدمة والدهشة من هذا العجز الدولى ومن المجتمع الدولى والذى لا يحرك ساكنًا.. هناك سياسة ممنهجة للتجويع واستخدامه كسلاح للعقاب الجماعى.. هناك أيضًا للأسف الشديد ونحن فى القرن الواحد والعشرين نستخدم التجويع كسلاح وأيضًا تفشى للأوبئة بما فى ذلك مرض شلل الأطفال لا نستطيع تطعيم الأطفال فى شمال القطاع.. كل هذا بسبب سياسات ممنهجة من الجانب الإسرائيلى والتى تضع قيودًا شديدة جدًا على تدفق المساعدات، فهناك آلاف من الشاحنات تنتظر الدخول وللأسف الشديد المجتمع الدولى يشاهد ولا يحرك ساكنًا فى التعامل مع هذا الخرق الفاضح للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى؛ خصوصًا من دول كانت دائمًا تلقى الدروس حول حقوق الإنسان وأهمية احترام حقوق الإنسان لكن مع هذه المأساة.
معالى الوزير اسمح لى أن آخذ من إجابة حضرتك إلى مجموعة من الأسئلة؛ أولاً فيما يخص ما جرى فى غزة أحد العناوين العريضة لمصر، واذا كانت القضية الفلسطينية أمنًا قوميًا مباشرًا لمصر واللى بيظهر بجانبها أيضًا قضية السيادة المصرية ورفض مصر لتهجير أهل غزة سواء داخل القطاع أو خارج القطاع مع الإعلان المباشر برفض تهجير أهل غزة إلى سيناء، وهذا كان هدفًا إسرائيليًا واضحًا لا يزال موجودًا نريد أن نسمع من حضرتك فى هذا الأمر.. الأمر الآخر معاليكم تحدثتم عن عجز النظام الدولى الراهن وفى الوقت نفسه رئيس وزراء إسرائيل يتحدث بكل طلاقة أنه سيغير خريطة الشرق الأوسط.. سيادتك ذكرت التنمية وهى من سمات مصر السلام والاستقرار والتنمية.. كيف تصمد هذه الشخصية وهذا المشروع المصرى أمام الحرب والخراب والدمار فى الشرق الاوسط؟
- فى الشق الأول له جانبان مهمان بالتاكيد عدم سماح مصر بالتهجير للفلسطينيين إلى سيناء من قطاع غزة، فهذا أمر لا يخص فقط الأمن القومى المصرى ولكن أيضًا يخص القضية الفلسطينية لأن هذا السيناريو الذى كان يخطط له الجانب الإسرائيلى بالتأكيد كان يعنى عمليًا وواقعيًا التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية مادامت القضية الفلسطينية موجودة، فهناك شعب متمسك بالأرض المحتلة ولا يزال موجودًا عليها، وبالتالى كانت مصر واعية لهذا المخطط وكان السيد الرئيس واعيًا تمامًا لهذا الأمر، ولذلك تم وضع خط أحمر على هذا الأمر بأن مصر لن تقبل به تحت أى ظرف من الظروف.. حماية القضية الفلسطينية ومنع تصفيتها بالتأكيد وأيضًا صيانة الأمن القومى المصرى.. الموقف المصرى كان واضحًا ومتضامنًا أيضًا مع الأشقاء فى الأردن؛ لأن حينما فشل الجانب الإسرائيلى فى تنفيذ هذا المخطط التهجيرى لسكان القطاع إلى سيناء كانت هناك محاولات مستمرة ولا تزال قائمة للعمل على تهجير سكان الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ولذلك فإن البلدين والقيادتين تتفقان فيما بينهما على عدم السماح تحت أى ظرف على التهجير؛ لأن هذا كما ذكرت سيتسبب فى انتهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها بشكل كامل، فنحن لن نسمح تحت أى ظرف بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار إن كانت مصر أو الأردن هذه واحدة ..
أمّا فيما يتعلق بالجزء الثانى الخاص بالتوجهات الإسرائيلية والرغبة فى فرض إرادتها بنأكد ونذكّر بدروس الماضى بأن غطرسة القوة لا يمكن أن تحقق السلام والأمن لإسرائيل لم ولن تحقق الأمن والاستقرار لإسرائيل..
السلام والأمن للشعب الإسرائيلى مرهون فقط بإرجاع الحقوق إلى أصحابها مربوط بتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ..
كانت هناك حالات كثيرة لغطرسة القوة الإسرائيلية وكانت هناك أيضًا حرب أكتوبر المجيدة 73، ولهذا أذكر الجانب الإسرائيلى وأذكر العالم كله بأن غطرسة القوة لن تؤدى إلى السلام والاستقرار فى المنطقة.. أمّا فيما يتعلق بالحدود المصرية فهذه مسألة لا تهاون فيها، ويمكن أنك رأيت الكثير من رسائل الدولة المصرية بالجاهزية للقوات المسلحة المصرية على مستوى المعدات وعلى مستوى التدريب والقتال للدفاع عن الحدود المصرية، وهذا الأمر مفروغ منه.
وأنا فى تقديرى أنه لا يوجد أى طرف يستطيع أن يمس الحدود المصرية؛ لأنه يعلم تمامًا مدى الرد المصرى والذى سيكون قاسيًا للغاية إذا تم المساس بالحدود المصرية وبالسيادة والأمن القومى المصرى .
أمّا فيما يتعلق كما ذكرت بفرض الإرادة وفرض القوة لا يمكن أن يحقق أى سلام أو أى استقرار فى المنطقة، ولدينا دروس عديدة فى التاريخ سواء فى أوروبا أو فى منطقتنا ما لم يكن هناك سلام عادل وشامل يقوم على تلبية مصالح كل الشعوب، وعدا ذلك لن تنعم أى دولة بما فيها إسرائيل بالأمن والسلام والاستقرار طالما هناك حقوق مشروعة لشعب لم يحصل عليها وطالما هناك احتلال لهذا الشعب بالتاكيد.. القيادة المصرية أعلنت أن السلام خيار استراتيجى لمصر.. ومصر بشخصيتها الواضحة السلام.. الاستقرار.. التنمية كيف تمضى فى وجه مشروع الفوضى من جديد فى المنطقة؟
- مصر تعلم جيدًا بكل ما يتم التخطيط له فى المنطقة كما تعلم، فمصر هى من قادت عملية السلام ومن دون مصر لم يكن هناك تصور لوجود عملية سلام والرئيس الشهيد أنور السادات دفع حياته ثمنًا لمبادرته لتحقيق السلام مع إسرائيل لكن نحن ندرك تمامًا ونقتنع والقيادة المصرية تعى تمامًا أنه لا يوجد سلام من دون قوة تحمية وهى مسألة مفروغ منها، فمصر لم تتآمر أو تعتدِ، والجيش المصرى دائمًا داخل حدوده يحمى حدوده، لم يكن يخرج إلى الخارج إلا للدفاع عن الأمن القومى المصرى وبالتالى الجيش المصرى موجود وعلى أتم الاستعداد للذود عن الوطن وعن الحدود المصرية وعن السيادة المصرية، وهذه مسألة مفروغ منها وبالتالى كل ما تكون هناك قوة مسلحة فهذا ضمان لاستمرار واستقرار الوطن.. نحن نحتاج إلى السلام للحفاظ على أرواح الشعوب وأيضًا لارتباط السلام بقضية التنمية والتى ذكرتها، فنحن بحاجة إلى مليون فرصة عمل على الأقل سنويًا لكى أستطيع أن أحقق هذا الهدف؛ فلا بُدّ أن يكون هناك استثمارات أجنبية لأن الموارد الداخلية محدودة للأسف الشديد ولا بديل إلا جذب الاستثمارات الأجنبية وتدفقها إلى السوق المصرية، وهى مسألة وجودية بالنسبة لمصر، والاقتصاد المصرى، وهذا الأمر نحن نسعى فيه رغم كل الظروف الحالية، والحمد لله هناك تدفق فى الاستثمارات الخارجية فى بعض القطاعات بعينها وشاهدنا ذلك فى مؤتمر الاستثمار الأوروبى يومى 29 و 30 الماضيين والذى شهد تدشين فخامة الرئيس السيسي مع رئيسة المفوضية الاوروبية للعديد من الأعمال.. ولكن ورغم وجود رغبة حقيقية من العديد من الشركات الدولية للاستفادة من الفرص التى يتيحها المناخ الاستثمارى فى مصر بالتأكيد إذا كان هناك سلام إقليمى فى المنطقة فسيجعل هذه الاستثمارات تتضاعف مرات ومرات، ولكن عمومًا ورغم هذه الظروف شديدة الصعوبة ورغم هذه التحديات؛ فإن الاقتصاد المصرى أثبت قدرته على الصمود وقدرته على مجابهة هذه التحديات والعمل على جذب الاستثمارات من الخارج.. احنا نتحدث الآن مع شركائنا ليس فقط الاتحاد الأوروبى وإنما نتحدث أيضًا مع الولايات المتحدة.. هناك ترتيبات العام المقبل لعمل منتدى كبير للاستثمار.. حينما كنت فى نيويورك للمشاركة فى الشق رفيع المستوى لأعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة التقيت بأكثر من 100 شركة أمريكية وكان هناك حرص شديد جدًا على الاستثمار فى مصر؛ خصوصًا فى القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لهم؛ وبخاصة ملف الطاقة مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، وهناك أيضًا اهتمام شديد بقطاع الأدوية؛ خصوصًا ما تملكه مصر فى هذا القطاع من قوة فهو موجود منذ عقود وله مكانة كبيرة وله سوق كبيرة أيضًا فى إفريقيا وآسيا، فالدواء المصرى معروف وله سمعة جيدة.. هناك أيضًا رغبة فى الاستثمار فى قطاع الرقمنة والذكاء الاصطناعى، فالكل يعلم الآن أن لدينا خطة وطنية للتصنيع؛ وبخاصة فيما يتعلق بتوطين الصناعة، وهى مسألة مهمة جدًا؛ خصوصًا بعد أن أصبحنا طرفًا جاذبًا لتوطين الصناعة؛ لأننا أصبحنا طرفًا فى كل الاتفاقيات الدولية والتجارة الحرة وآخرها بالطبع الاتفاقية القارية للتجارة الحرة فى إفريقيا..
وبالتالى هناك رغبة من العديد من الشركات الدولية، فبدلاً من أن تصدر هى بصفة مباشرة إلى إفريقيا وتدفع الجمارك فتقوم بتوطين الصناعة فى مصر، ومصر تستغل أنها البوابة للدخول إلى السوق الإفريقية بالتالى المنتجات تدخل على أنها منتجات مصرية وبالتالى تكون معفية من الجمارك وبالتالى فإن موضوع التنمية موضوع شديد الأهمية.. المنطقة كلها تحتاجه وليست مصر فقط، بالإضافة إلى تمتع منطقتنا العربية ومصر خاصة بالشباب وإن متوسط الأعمار لدينا تتجاوز نسبته الـ60 % أقل من 30 عامًا وبالتالى فلا بُدّ من توليد فرص عمل وجذب الاستثمارات وتطوير القطاعات الاقتصادية وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وهذا على رأس أولويات السياسة المصرية، فلا يوجد أى اتصال خارجى.. أنا أعنى ما أقوله مع أى دولة خارجية إلا وكان الملف الاقتصادى حاضرًا ..
اليوم فى استقبال فخامة الرئيس لوزير خارجية إسبانيا الحديث كله عن توسيع نشاط الشركات الإسبانية فى مصر وعقد لجنة اقتصادية مشتركة وتفعيل مجلس رجال الأعمال لأن هناك طلبًا على الاستثمار فى مصر، فهناك كل الجولات واللقاءات الإفريقية تتم الإشارة من جانب وزراء الخارجية الأفارقة والذين أتواصل معهم والذين يتجاوز عددهم 35 وزيرًا حتى الآن يشار بالاسم إلى شركات مصرية تقوم بجهد كبير جدًا فى عملية التنمية الشركات المصرية اكتسبت على مدار العقد الماضى فى ضوء عملية التحديث الشاملة والتى تشهدها مصر فى ضوء المشروعات الكبرى أن كانت العاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة والمشروعات الخاصة بالطرق والكبارى وما لها من خبرات كبيرة أصبحت مطلوبة بالاسم فى العديد من الدول الإفريقية، فعندنا مثلاً مشروع سد جوليوس فى تنزانيا وهو واحد من أكبر السدود فى إفريقيا، ونحن نفتخر بأن تحالفًا مصريًا بحت هو الذى صمم ونفذ وأوجد عملية التمويل الميسر لتنفيذ هذا السد والذى تم تنفيذه بخبرة مصرية بأيدى مصرية.. نحن نقدم الآن ووفقًا للرؤية الإفريقية نقدم كنموذج جديد للتنمية فى إفريقيا، نموذج يقوم على التشارك فى بناء القدرات وأيضًا فى التدريب الفنى والمهنى، ففى هذا السد نحن ندرب أخواننا وأشقاءنا فى تنزانيا على كيفية إدارة هذا السد ولسنا كباقى الدول التى تسلم المشروع تسليم مفتاح فقط وإنما نقوم بتدريب الأشقاء لأجعله هو من يدير مشروعه بعد ما يتم تسليمه..
معالى الوزير؛ سياتك اصطحبتنا إلى الدائرة الإفريقية ولذلك سنتوقف فى الدائرة الإفريقية قبل أن نعود إلى مجريات الشرق الأوسط؛ ماهى طبيعة الحركة المصرية فى القرن الإفريقى.. شاهدنا التحركات المصرية فى إريتريا وزيارة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إريتريا وشاهدنا الإعلان الثنائى والإعلان الثلاثى مع الصومال والحديث أيضًا عن التواجد المصرى فى الصومال، وكيف ترصدون أيضًا الخطاب الإثيوبى وبالتأكيد لدى معاليكم اطلاع دائم بالخطاب وقد أشرتم إلى البيان المصرى الخاص بمياه النيل.. نود أن نسمع من حضرك الإيضاحات الخاصة بذلك؟
- بالتاكيد منطقة القرن الإفريقى تأتى ضمن تصور واضح وشامل للدولة والقيادة المصرية يتعلق بالدور المصرى فى القارة الإفريقية ويتعلق بحرص مصر على أن تساهم وتساعد القارة الإفريقية على التطوير والتنمية لهذه الدول ونتشارك معهم أيضًا فى ذلك، وفيما يتعلق بالتحرك الأخير فى منطقة القرن الإفريقى والذى يأتى فى إطار سياسة الدولة المصرية الممنهجة لتنشيط الدور فى القارة الإفريقية لأننا نرى أن إفريقيا إحدى الدوائر الحيوية للسياسة المصرية، وهى فى نفس أهمية الدائرة العربية لأنها ليست مرتبطة فقط بالأمن القومى المصرى وقضية المياه وخلافه ولكن مرتبطة أيضًا بعملية التنمية وفتح أسواق بناء على مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، إيجاد وفتح أسواق جديدة لشركاتنا فى القارة الإفريقية.. نعود إلى زيارة إريتريا فهى بالتأكيد كانت زيارة تاريخية، فهى أول زيارة لرئيس مصرى إلى إريتريا منذ استقلالها عام 93 وهى زيارة ممتدة، بمعنى أنها زيارة إلى العاصمة أسمرة نفسها وليست إلى المطار فقط، وكان هناك استقبال شعبى ورسمى كبيران وبحفاوة كبيرة بقدوم فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إريتريا ولقاءه بشقيقه الرئيس أسياس أفورقى، وكان هناك حديث مطول بين القيادتين حول عملية الاستقرار فى القرن الإفريقى والدول الإفريقية وعملية الأمن فى هذه المنطقة وكيفية دعم الصومال فى الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه، كان هناك أيضًا حديث عن السودان وعن أهمية وقف الحرب المدمرة هناك، بالإضافة إلى هذه القمة الثنائية التى صدر عنها بيان مهم وكاشف يضع هذه العلاقات فى مستوى آخر بين الرئيسين حول المزيد من تعميق وتطوير هذه العلاقات إلى المستوى الاستراتيجى.
معنى ذلك أن زيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أسمرة هى نقطة فاصلة فى العلاقات والسياسات المصرية فى منطقة القرن الإفريقى؟
- بالتأكيد، فإريتريا دولة محورية فى منطقة القرن الإفريقى مثلها مثل الصومال وجيبوتى، ومصر حريصة على تعميق علاقتها بهم، وهذا التقارب نؤكد كما أكدت القيادة المصرية مرارًا أنه ليس موجهًا إلى أحد ونحن لا نتآمر على أحد، نحن نتحرك فى إطار سياسة رشيدة عاقلة بالتأكيد لديها هدف وهو تحقيق التنمية لأشقائنا الأفارقة وأيضًا تعزيز العلاقات مع هذه الدول..
وعلى هامش هذه الزيارة كانت هناك قمة ثلاثية لأول مرة جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس أفورقى مع الرئيس حسن شيخ محمود وصدر بالفعل بيان من الثلاثى قوى يتعلق بدعم الصومال ومساعدة الصومال والحكومة الصومالية على بسط سيادتها على الأراضى الصومالية؛ خصوصًا فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، وهذه المسئولية ملقاة على عاتقنا طبقًا للقانون الدولى وطبقًا لميثاق الأمم المتحدة وأيضًا ميثاق الاتحاد الإفريقى، ونحن نتسلم رئاسة مجلس الأمن والسلم الإفريقى والمشاركة فى البعثة الجديدة التى سيتم إيفادها إلى الصومال والتى تحل محل البعثة الحالية، والبيان الثلاثى كان واضحًا بالترحيب بمصر والاشتراك فى البعثة الجديدة، وأيضًا فى البيان الثنائى الذى صدر عن السيد الرئيس مع الدكتور حسن شيخ محمود كان واضحًا وردًا على المزاعم والأكاذيب التى رددها أحد الأطراف حينما زعم بعدم وجود ترحيب من الحكومة الصومالية ورغبتها فى التواجد المصرى ومساهمة القوات المسلحة المصرية فى بعثة الاتحاد الإفريقى لحفظ السلام، وأؤكد على أن أى تواجد مصرى سيكون من خلال هذه البعثة والتى تحظى بترحيب الحكومة الصومالية وأيضًا بترحيب الاتحاد الإفريقى ومجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقى أصدر بالفعل بيانًا واضحًا وكافيًا يؤكد على الترحيب بالمساهمة المصرية وبالتأكيد قبل أن تكمل البعثة وجودها يجب أن تحظى بموافقة الأمم المتحدة.. هناك تحرك ممنهج فى إطار القانون الدولى والشرعية الدولية فى دعم الأشقاء، فالعلاقة بين مصر والصومال علاقة تاريخية، فأول شهيد للدبلوماسية كان الشهيد كمال الدين صلاح هناك فى الصومال، وكانت القوافل التجارية منذ أيام الملكة العظيمة حتشبسوت، وأيضًا كان لمصر دور مهم فى حصول الصومال على استقلاله..
أحيى حضرتك على ذكر الملكة العظيمة حتشبسوت فى هذا المكان.. وماذا عن مياه النيل؟
- الكل يعلم الآن وهو ملف حياة أو موت بالنسبة لنا ونحن دولة كبيرة ولدينا مؤسسات راسخة ولدينا أيضًا رؤية ثاقبة وبالتالى لا يمكن تحت أى ظرف من الظروف أن يكون هناك تشكك فى أن مصر يمكن أن تقبل أن يتم الخصم من حصتها السنوية، والكل يعلم أن هذه الحصة لا تكفينا فهى بالكاد توفر لنا 60 % من احتياجاتنا السنوية وبالتالى فأى مساس بهذه الحصة أمر لا يمكن القبول به، وسبق أن أعلنا مرارًا وتكرارًا بأن مصر تحتفظ بحقها فى الدفاع عن مصالحها المائية طبقا بما يكفله لنا الميثاق الدولى، وهذا ما ضمناه فى خطابنا بعد الملأه الأخيرة إلى مجلس الامن قلنا إن العناية الإلهية هى التى أنقذتنا من هذا الضرر خلال عملية الملء الأخيرة بسبب متوسط الأمطار الذى كان مقبولاً وبالتالى إذا حدث أى ضرر فبالتأكيد مصر لديها الحق كاملا فى الدفاع عن حقوقها المائية.
معنى كلام معاليك أن الدولة المصرية حسمت أمرها فى هذا الشان؟
- بالتأكيد، والأمور واضحة تمامًا ولن نقبل بأى ضرر لنا وأوكد أن مصر ليس لديها مشكلة مع أى دولة من دول حوض النيل باستثناء دولة واحدة هى إثيوبيا التى ترفض التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم يضمن تشغيل وملء السد، هذا النهج الإثيوبى الأحادى مرفوض تمامًا الزعم بأن إثيوبيا لديها السيادة الكاملة على النيل الأزرق مرفوض تمامًا ويناقض تمامًا القانون الدولى..
على ذكر القانون الدولى معالى الوزير؛ كيف تنظر إلى محاولات الالتفاف على الاتفاق الإطارى لدول حوض النيل «اتفاقية 99 والاتفاقيات التاريخية بما يعرف باتفاقية عنتيبي»؟
- قلنا وأكدنا أن هناك توارثًا دوليًا للاتفاقيات ولا يمكن التخارج منها، وإثيوبيا نفسها وقت التوقيع على بعض هذه الاتفاقيات كانت دولة مستقلة وليست محتلة، فبالتالى هذه مسألة مهمة جدًا أن بالتأكيد أى محاولة للالتفاف حول هذا الاتفاقيات لن يكتب لها النجاح.. هناك تحرك مصرى قوى ليس فقط فى القرن الإفريقى ولكن أيضًا فى حوض النيل الجنوبى.. وهناك مبادرات مصرية قوية لإعادة التأكيد على أن مصر ليست ضد الحق المشروع لدول حوض النيل فى التنمية بما فى ذلك إقامة السدود؛ لأن هناك إحدى الدول التى تحاول الترويج لسردية كاذبة بأن مصر تحاول أن تعرقل مشروعات التنمية بما فى ذلك المشروعات المائية فى دول حوض النيل، وهذا كذب.. مصر مع التنمية ومع تنفيذ مشروعات مائية على حوض النيل الجنوبى وعلى نهر النيل الأبيض دون أى مشكلة؛ بل إن مصر قامت مؤخرًا بتدشين آلية جديدة للاستثمار فى عمل مشروعات على حوض النيل الأبيض، وبالتالى فإن ما تروج له إحدى الدول كذبًا ضد مشروعات التنمية هذا غير صحيح.. نحن ندعم التنمية طالما لا تسبب الضرر لدولتى المصب مصر والسودان.
على ذكر دولتى المصب مصر والسودان الشقيق كما نقول فى الأدبيات المصرية أبناء الوادى فى الإشارة إلى شعبى مصر والسودان.. الحالة الراهنة فى السودان تثير الكثير من القلق لهذا البلد الحبيب، وكان لكم تصريحات كثيرة فيما يخص الوضع فى السودان، وكذلك أيضًا فى نشاطكم فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.. لماذا يسعى البعض بالزج باسم مصر وكأن مصر لا تريد استقرار السودان، علمًا بأن استقرار السودان هو استقرار لمصر لأن مصر هى المستفيد الأول من استقرار السودان، ومصر هى المتضرر الأول من عدم استقرار السودان؟
- مصر هى الدولة الوحيدة التى تعمل بكل جدية وإخلاص لوقف هذه الحرب الدائرة فى السودان ومنع تقسيم السودان وتجنيب الشعب السودانى الشقيق ويلات هذه الحرب المشتعلة، فمصر كانت من أوائل الدول التى استضافت كل القوى المدنية والسياسية السودانية بلا استثناء والتى جاءت إلى القاهرة حتى إن أشقاءنا السودانيين فى شهر يوليو الماضى قالوا إنه لأول مرة السودانيون المدنيون والقوة السياسية تلتقى فى محفل واحد وتحت سقف واحد منذ اندلاع الحرب هناك فى إبريل 2023 وهذا الاجتماع كان مهمًا جدًا ومصر لم تحضر بل تركتهم ليتوصلوا فيما بينهم إلى اتفاق، وقد خرجت وثيقة شديدة الأهمية تحدثت عن ثلاثة أمور وهى الوقف الفورى لإطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات وأيضًا إقامة نظام سياسى شامل لا يستبعد أحدًا، وكان هناك توافق بين الجميع وبالتالى فلا مجال لأحد ليزايد علينا فى هذه القضية؛ لأن أمن مصر من أمن السودان وأمن السودان من أمن مصر.. مصر لم تتأخر على الإطلاق عن نجدة أشقائنها السودانيين وقت الأزمات، وبالتالى نحن لا نقبل المزايدة على الدور المصرى والتى يروج لها البعض.. ومصر هى الدولة الوحيدة التى تعمل على عدم تدفق السلاح إلى السودان لأن تدفق السلاح إلى السودان يؤدى إلى تأجيج الصراع وإطالة أمده.. فمصر لم ولن تتدخل حينما حدثت محاولة اغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى منتصف التسعينيات وكانت هناك جلسة لمجلس الأمن لدخول مصر عسكريًا فى السودان وتوجيه ضربات ولكن مصر رفضت ذلك تمامًا وأننا لا يمكن تحت أى ظرف أن نقبل باستهداف الشعب السودانى سواء بالعقوبات أو أى وسائل عسكرية ولا يمكننا قبول ذلك..
إذا سمحت سيادتك نعود إلى منطقة المشرق العربى وزيارتك للبنان قبل اشتعال الموقف بأيام.. لبنان الآن يعانى ومعاناة لبنان ليست فى العملية العسكرية فقط ولكن أيضًا الوضع الداخلى يزيد من أزمات لبنان وبعض الأصوات داخل لبنان بدأت تقول أين الحاضنة العربية للبنان، وإذا كان هناك حديث عن اليوم التالى للحرب فى غزة أصبح هناك حديث أيضًا عن التالى للحرب فى لبنان؟
- بالطبع قلوبنا تدمى من الحرب والضحايا من الشعب اللبنانى الشقيق، وإن هناك رغبة إسرائيلية فى توسع رقعة الصراع، ولذلك كنا حريصين كل الحرص على الوصول إلى وقف لإطلاق النار فى قطاع غزة تجنبًا لتوسيع رقعة الصراع..
فيما يتعلق بلبنان فإن موقف مصر كان فى مقدمة الدول التى تعمل بكل حرص على الحفاظ على لبنان الشقيق، ونحن نتحرك بشكل ممنهج ولدينا نشاط مكثف مع القوى اللبنانية من دون استثناء نتحرك مع الحكومة اللبنانية ونتحرك مع السيد نبيه برى وكذلك نتحرك مع قيادة الجيش اللبنانى ونتحرك أيضًا مع الدول العربية الشقيقة شبه يومى مع أخى وزير خارجية المملكة العربية السعودية، مع أخى وزير الخارجية القطرى، وأخى وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية، وأخى وزير خارجية الإمارات حتى يكون هناك موقف عربى موحد لما يحدث فى لبنان.. وأستطيع أن أقول إن هناك عناصر موحدة تعكس الموقف المصرى، وهو ما نحاول بطبيعة الحال، وأعتقد أن هناك اتفاقًا عربيًا حول موقفنا، أولاً التأكيد على الوقف الفورى لإطلاق النار، ثانيًا العمل على تمكين الدولة ومؤسّساتها ومساندة الجيش الوطنى اللبنانى حتى ينتشر فى المنطقة جنوب نهر الليطانى، والذى يتماشى مع قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وهناك أيضًا موضوع الشغور الرئاسى والتحديات الوجودية التى تواجه لبنان والتى تحتاج إلى وجود رئيس للدولة، وهى مسألة لبنانية خالصة، فلا بُدّ من اختيار الشعب اللبنانى لرئيس يتم التوافق عليه، ونحن بالتأكيد سندعمه، وقد نقلت هذا الموقف إلى الجانب الفرنسى بشكل واضح وللأمريكان ولإيران أيضًا بشكل واضح، وهذا ما تم التوافق عليه عربيًا، فلا يمكن فرض رئيس على الشعب اللينانى دون توافق وإلا ستكون حربًا أهلية، وبالتالى نحن نعمل على تمكين الشعب اللبنانى لاختيار رئيسه دون فرض أو إملاء، وهو ما نحرص عليه بشدة.
حضرتك تدرجت فى العمل الدبلوماسى وحضرت مواقف ومَشاهد كثيرة وبعد مرور 100 يوم من تسلمك مهام وزارة الخارجية المصرية؛ هل صادفك فى هذه الفترة أن بعض الأطراف الدولية ما يقوله فى الغرف المغلقة يتباين مع ما تقوله فى العلن؟- الأمر متروك لمعاليك فى الإجابة..
- بالتأكيد، فالسيد رئيس الجمهورية يتحدث دائمًا عن البعد الأخلاقى للسياسة الخارجية المصرية، وهو شىء مهم جدًا، فبالتالى دائمًا ما نقوله فى الغرف المغلقة مصر تقوله فى العلن، وهو أمر مفروغ منه، ولذلك رغم أن هناك اختلافًا فى الرؤى مع بعض الدول فإن الكل يحترمنا ويقدرنا ودائمًا يسعى إلى توثيق العلاقة معنا، وهم يثقون فى الدور المصرى لأنه دور واضح وشريف، ورئيس مصر دائمًا ما يتحدث عن أن مصر لا تتآمر على أحد وأن سياستها بالفعل تتسم بالإطار الأخلاقى وبالشرف، وبالتالى الجميع يثق بنا، وهناك عشرات الأمثلة لدول لا تثق إلا فى الدور المصرى؛ لأننا دولة شريفة وكبيرة ولا تتآمر على أحد، وما تقوله فى الغرف المغلقة تقوله فى العلن بكل تأكيد.
نحن بالطبع نولى الدائرة العربية اهتمامًا كبيرًا، وهى بمثابة الدائرة الأولى لنشاط الدبلوماسية المصرية، وهى على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية عن طريق تعزيز العلاقات «المصرية- العربية»، وهناك انفتاح على الجميع، وتمر بفترات شديدة الإيجابية، ولا يقتصر ذلك على أشقائنا فى دول الخليج، ولكن تربطنا أيضًا علاقات متميزة مع أشقائنا بالمغرب العربى؛ خصوصًا مع تونس الشقيقة ومع موريتانيا والجزائر والمغرب وأيضًا مع الشعب الليبى الشقيق، فبالتالى تربطنا علاقات متميزة بجميع أشقائنا العرب، ولذلك نحن نسعى إلى التواصل مع كل الدول من خلال جالياتنا الموجودة فى كل الدول العربية الشقيقة، وبالتأكيد فإن الزيارة الأخيرة لسمو الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى كانت شديدة الأهمية وفى توقيت شديد الأهمية، ونقول دائمًا إن مصر والمملكة العربية السعودية هما جناحا الطائرة للأمة العربية والأمة الإسلامية، وبالتالى فهناك طابع استراتيجى لهذه العلاقة، وصدر عن هذه الزيارة بيان مهم جدًا، وحمل توجهًا اقتصاديًا غاية فى الأهمية، وسوف نسمع أخبارًا طيبة للغاية فى الفترة المقبلة فيما يتعلق بالتواجد السعودى الاستثمارى والتجارى، ولا ننسى أن توقيع اتفاقية حماية الاستثمارات كانت مهمة جدًا لأنها تعزز من دور الاستثمارات السعودية فى مصر، وسيكون ذلك نقلة نوعية فى الاستثمارات السعودية فى السوق المصرية مستقبلاً.
ولدينا أيضًا علاقات متميزة للغاية مع الإمارات الشقيقة والتى أعقبت الزيارة المهمة لسمو الشيخ محمد بن زايد، والذى شارك من خلالها فى حفل تخريج دفعة الأكاديمية العسكرية وتدشين مشروع رأس الحكمة مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكل ذلك يعكس مدى أهمية تلك العلاقات التى تقوم على مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، فهناك شركات إماراتية متواجدة فى السوق المصرية الآن وتحقق أرباحًا كبيرة وشركات قطرية أيضًا، فهناك رغبة كبيرة وحرص من أشقائنا فى قطر على ضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق المصرية، وأنا عندما شرفت بلقاء سمو الأمير تميم أمير دولة قطر فى الدوحة ونقلت رسالة من فخامة الرئيس لسمو أمير دولة قطر والذى كان حريصًا على اهتمام الشركات القطرية بالدخول إلى السوق المصرية وضخ استثمارات كبيرة الكثير من القطاعات المالي، وسنلمس قريبًا هذا الأمر.
ولدينا أيضًا علاقات قوية مع سلطنة عُمَان، والسلطان هيثم كان له زيارة مهمة لمصر عقب زيارة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مسقط.
كما أن لدينا علاقة متميزة وشديدة الخصوصية مع أشقائنا فى مملكة البحرين، وهناك أيضًا علاقات كبيرة مع أشقائنا فى المملكة الأردنية، كما أن لدينا علاقة متميزة مع أشقائنا فى دولة الكويت الشقيقة، وهناك حرص كبير من جانب الشركات الكويتية للتواجد فى السوق المصرية، وسنسمع قريبًا عن استثمارات كبيرة كويتية فى السوق المصرية.
وكما نوهت؛ فإن هناك توافقًا كبيرًا بين كل من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وجلالة الملك عبدالله العاهل الأردنى حول آليات العمل والتنسيق فى المنطقة.
كما أن هناك تكاملاً ثلاثيًا بين كل من مصر والعراق والأردن، وكان هناك اجتماع ثلاثى تم التأكيد فيه على العمل المستمر والتكامل الاقتصادى؛ خصوصًا فى مجالات الربط الكهربائى وأيضًا مع العراق فى دعم الإسكان هناك.
وماذا عن جوار العرب، ماذا عن تركيا وعن رغبتها فى فتح صفحة جديدة وكانت هناك خطوات كبيرة بعد الزيارات المتبادلة على المستوى الرئاسى، وماذا عن إيران التى أرسلت وزير خارجيتها إلى مصر؟
- بالتاكيد نحن حريصون كل الحرص على أن تكون هناك علاقات وثيقة وطيبة مع دول جوار الجوار، فبالتالى إذا بدأنا بتركيا والتى تمر بفترة شديدة الإيجابية؛ خصوصًا بعد الزيارة المهمة والتاريخية الأولى لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة والتى أعقبت زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى القاهرة كان هناك حرص كبير لدفع هذه العلاقة، فكما تعلم فهناك مجلس أعلى للتعاون الاستراتيجى والذى تم تدشين أول جلسة له خلال زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا، وإن شاء الله ستكون هناك دورية لانعقاد هذا المجلس على مستوى القمة، والهدف الآن والذى نسعى للوصول إليه خلال السنوات القليلة المقبلة هو وصول حجم التبادل التجارى إلى رقم 15 مليار دولار بين الدولتين، فنحن نسعى الآن إلى فتح الأسواق التركية أمام المنتج المصرى.. يأتى كل ذلك بتوجيهات مباشرة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفخامة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
وماذا عن إيران؟
- إيران دولة إقليمية مهمة بالتأكيد مصر لها اهتمام أن يكون لديها علاقات طيبة مع الجميع؛ حيث كان هناك طلب إيرانى بزيارة مصر ولقاء فخامة الرئيس واستجاب فخامته لهذا الطلب، وذلك بالطبع يعكس حرص مصر على منع التصعيد فى المنطقة أو انزلاق المنطقة فى حرب شاملة، من هنا كان الحرص المصرى على الاستجابة لهذا الطلب، وتم لقاء فخامة الرئيس مع وزير الخارجية الإيرانى والذى تطرق إلى العمل على خفض التوتر فى المنطقة، كما تم الحديث عن ضرورة وقف الأعمال العسكرية فى منطقة البحر الأحمر، كما تحدثنا أيضًا عن أهمية دعم التوافق اللبنانى وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول واحترام سيادة لبنان وأن ما يتوافق عليه اللبنانيون يجب علينا دعمه.
وكما ترى نحن لدينا انفتاح على الجميع ما دام هذا سيخدم أملنا فى الوصول إلى الاستقرار فى المنطقة، وسوف نستمر فى هذا المسار ما دمنا نسعى إلى التنمية والاستقرار والسلام العادل والشامل وحصول الشعب الفلسطينى على حقه فى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود ما قبل 5 يونيو 1967وعاصمتها القدس الشرقية.