الخميس 13 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الافتاء تعلن 5 محاور فى دعم المبادرة الرئاسية «بداية»: بنى الإنسان على خمس

فى أولى خطوات التفاعل المجتمعى فى عهد د.نظير عياد مفتى الجمهورية الجديد أعلنت دار الإفتاء المصرية عن مشاركتها باستراتيجية جديدة لتفعيل دور الفتوى فى بناء الوعى، وتنمية الإنسان، وأداء دور فاعل فى مبادرة بداية لبناء الإنسان.



وأعلنت دار الإفتاء المصرية عن خمسة محاور فى دعم المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان».

ـ يتمثل المحور الأول فى ترسيخ الهُويَّة المصرية من خلال الخطاب الإفتائى المعتدل، الذى يبرز مكانة مصر وأدوارها الريادية فى صناعة الحضارة الإسلامية والإنسانية على مرِّ التاريخ، ويُجلى خصائص المجتمع المصرى الذى كانت -ولا زالت- له جهود كبيرة فى تطوير الفكر الإسلامى ونشر الوسطية فى العالم.

ـ أما المحور الثانى فشمل العمل الجاد على التنسيق مع جميع مؤسسات الدولة المصرية للتعاون والتكاتف والتكامل نحو تنفيذ جميع البرامج والمشروعات والأطروحات المجتمعية فى ربوع مصر، وتقديم أفكار إبداعية ومتميزة لتنفيذ هذه البرامج على أرض الواقع بشكل يتناسب والتطلعات الرئاسية للمبادرة.

ـ تضمن المحور الثالث تخصيص مضامين ومحتويات إفتائية ودينية مناسبة تعزِّز القيم والمبادئ الأخلاقية فى المجتمع، وذلك من خلال جميع المنصات الإلكترونية أو الإفتائية الخاصة بدار الإفتاء المصرية، وسوف يكون ذلك ضمن خطَّة واستراتيجية ممنهجة وواضحة تتوافق والقضايا المُلحَّة فى المجتمع.

ـ أما المحور الرابع فيقوم على تخصيص مجموعة من البرامج التدريبية والتأهيلية التى تعقدها دار الإفتاء المصرية تكون خاصة بالشباب والفتيات، وذلك بهدف تعزيز الهُويَّة المصرية وترسيخ القيم الدينية والمبادئ الأخلاقية؛ وذلك لأنَّ الشباب هم عماد الحاضر والمستقبل.

ـ فيما شمل المحور الخامس تخصيص مجموعة من المُفتيين المتميزين للمشاركة الإعلامية الجادة فى جميع البرامج والقنوات الإعلامية التى ستُعنى بالقضايا المجتمعية المعاصرة والملحَّة، وذلك بهدف بيان الرؤية الدينية المعتدلة نحو هذه القضايا؛ مما يحدُّ بشكل رئيس من ظاهرة فوضى الفتاوى المعاصرة، التى تعمل على زعزعة الاستقرار المجتمعى، وتهدِّد أمنه وسلامته.

من جانبه أكد الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن «الفتوى ليست فقط وسيلة للإجابة عن الأسئلة الشرعية، ولكنها أيضًا منهج لبناء المجتمعات، من خلال التوجيه الصحيح للأفراد نحو الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية التى تعزز الاستقرار والتنمية، مشددًا على أن الفتوى يجب أن تُساهم فى تعزيز الروح الوطنية والوعى المجتمعى».

ولفت إلى أن «دور الفتوى لا يقتصر على الأمور الدينية البحتة، بل يمتد ليشمل إرساء المبادئ الأساسية التى تبنى مجتمعات سليمة ومستقرة، حيث نسعى من خلال هذه الندوة إلى توجيه الفتاوى لتكون أداة لبناء إنسان واعٍ ومدرك لواجباته تجاه نفسه وتجاه وطنه».

فيما عقدت دار الإفتاء ندوة بعنوان «الفتوى وبناء الإنسان» تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى فى سياق مبادرة «بداية جديدة» التى يرعاها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، حيث أوضح د.نظير عياد مفتى الجمهورية أن الندوة تستهدف تفعيل استراتيجية الدولة المصرية فى عملية بناء الإنسان؛ باعتبار أن دار الإفتاء المصرية أحد أهم مكونات الدولة ومؤسساتها الدينية والمجتمعية، بالإضافة إلى اضطلاع دار الإفتاء المصرية بدورٍ محورى ورئيسى فى نشر الوسطية والاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف فى الداخل والخارج، وما يترتب عليه من هدمٍ للمبادئ والقيم الإنسانية والمجتمعية.

وأضاف عياد: «إننا نقصد ببناء الإنسان ضرورة إعادة تكوينه وإعداده جيدًا؛ حتى يؤدى وظائفه الدينية والوطنية والدنيوية بجدارةٍ واقتدارٍ، وأضاف: إن عملية بناء الإنسان التى نسعى إليها تتطلب أمرين الأول ضرورة إعادة بناء الوعى المعرفى والثقافى للإنسان المعاصر، وهذا يتطلب منا التعاون والتضافر نحو بذل الجهود الكبيرة فى إعداد البرامج التربوية والتأهيلية التى تعيد تشكيل الوعى المعرفى والثقافى عند الإنسان، مع ضرورة أن تستمر هذه الجهود فى تحقيق استراتيجية التأهيل والتربية بشكلٍ جاد وحاسمٍ، حتى يستطيع الإنسان تحقيق التوازن بين المتطلبات الدينية والدنيوية».

موضحا: «الأمر الثانى يتطلب ضرورة تحصين الفكر والهوية الدينية والوطنية، وهذا -أيضًا- يتطلب منا تضافر الجهود المؤسسية -الدينية والمجتمعية- نحو وضع البرامج والاستراتيجيات الجادة التى تضمن لنا تحصين الإنسان المعاصر من الانزلاق والانجرار نحو الفكر المتطرف بنوعيه الدينى واللادينى، الذى يسعى كل منهما لسلخ الهوية الدينية والوطنية من الإنسان».

وأكد أنه بناءً على هذه التحديات المشتركة أعلن فى هذه الندوة المباركة جاهزية دار الإفتاء المصرية بالانخراط المؤسسى الجاد فى كل هذه البرامج التى من شأنها أن تحافظ على الإنسان المصرى وتستعيد دوره المحورى فى الإسهام الحضارى والعمرانى فى العالم.

واستطرد قائلا: إن دعوتنا إلى أهمية استعادة البناء المعرفى والثقافى وضرورة تحصين الإنسان من الفكر المتطرف يدفعها أمران: الأمر الأول أن الفكر اللادينى الحديث قد حرص على تشكيك الإنسان فى الدين، مما شجعه على التجرد من القيم والمبادئ، وجعل منه إنسانًا مسخًا ماديًّا فحسب، لا يهتم بالقيم ولا يراعى الأخلاق ولا يعيش وفق المبادئ الإنسانية الثابتة، والأمر الثانى أن الفكر الدينى المتطرف قد حرص على أن يجعل الإنسان فى عزلةٍ معرفيةٍ وثقافيةٍ منفصلةٍ عن الواقع، كما عزز عنده مبادئ متطرفةً مثل «جاهلية المجتمعات المعاصرة»، مما جعل منه إنسانًا مُعاديًا للتقدم والحضارة، جاهلًا بأسباب التمكين والاستخلاف فى الأرض، رافضًا كل سبل التقدم والازدهار.

ولفت إلى أن أهم توجهات الفكر المتطرف المعادية لبناء الإنسان هى صرف الشباب المتدين عن العلوم الدنيوية والإنسانية وذمها والحط من قدرها وقيمتها فى الواقع، ودعوة الشباب إلى ترك تعلمها والانغماس فقط فى طلب العلم الشرعى من وجهة نظرهم هم؛ مما خرَّج لنا جيلًا قابعًا فى أعماق الماضى، متمسكًا بالمظاهر الدينية الشكلية فقط، رافضًا لكل مظاهر التقدم والعمران.

واستطرد قائلا: «كلنا قد شاهدنا رأى العين الآثار السلبية التى ترتبت على وجود هذه الجماعات، من زعزعة استقرار المجتمعات، وهز الثقة بالمؤسسات الدينية، وإحياء الفتن والصراعات الممزقة للأوطان، والتأثير السلبى على الاقتصاد الوطنى، وتشويه صورة الدين الحنيف، وتهديد السلم والأمن المجتمعى، والتعدى على حقوق غير المسلمين فى الوطن الواحد، والتحريض على الدولة ومؤسساتها الدينية والمجتمعية، وغير ذلك.

فى السياق ذاته أكد فضيلة المفتى أن المؤسسات الدينية (الأزهر الشريف - دار الإفتاء المصرية - وزارة الأوقاف) قد بذلت ولا زالت تبذل جهودًا كبيرةً فى بناء الإنسان المعاصر، وقد تبلورت استراتيجياتها فى بناء الإنسان من خلال محاور متعددةٍ، أهمها: نشر الوسطية والاعتدال، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والرد على الأفكار المنحرفة، وكشف زيفها، ونقض أباطيلها، ونفى التعارض بين الدين والدنيا، وإرشاد الناس نحو القيم والأخلاق الفاضلة، وعقد برامج التوعية الأسرية والمجتمعية، بما أسهم بشكلٍ رئيسى فى بناء الإنسان المصرى وتعزيز الاستقرار والأمن المجتمعى. مشددًا على أنه إذا كانت الفتوى الصادرة عن المفتى رشيدةً ومعتدلةً فإنها تبنى الإنسان بناءً معرفيًّا سليمًا، وتجعل منه إنسانًا صالحًا نافعًا لدينه ووطنه، وإذا كانت فتوى شاذة وصدرت من أناسٍ ليست لهم علاقةٌ بالفتوى، فإنها تهدم الإنسان وتشوه معارفه وثقافته، وتجعل منه إنسانًا سلبيًّا مهتزًا نفسيًّا وعقائديًّا؛ لذا نحن نجتمع اليوم لنتباحث حول تفعيل دور الفتوى فى عملية بناء الإنسان.

 الفتوى المحرك للحياة

وخلال مشاركته فى ندوة الإفتاء لفت الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر الشريف إلى وجود رابط بين الفتوى وبناء الإنسان، لأن الفتوى ما هى إلا خدمة للإنسان توضح الحق من الباطل، ولكنى لا أتكلم عن الوظيفة العلمية للمفتى، ولكنى أريد أن أتوقف عند وظيفة أخرى ومهارة ضرورية، وهى وظيفة المربى والموجِّه، وهى أن يحسن القائمون على الفتوى أن ينقلوا أحكام الكتب إلى الناس، ليس هذا فحسب، بل أن يأخذوا بأيدى الناس إلى سَعة الشريعة وأن يربطوا قلوب الخلق بخالقهم وأن يصلوا بالإنسان إلى حالة من القرب للرضا حتى يكون فعَّالًا منتجًا.

وأشار إلى أن وظيفة المفتى تتجاوز بيان الحكم الشرعى إلى وظيفة أعمق تتعلق بالإنسان، ووظيفة المفتى التربوية التى تهتم ببيان الحكم الشرعى وتوجيهه إلى القلب والسلوك، والرسول كان لا يكتفى ببيان الحكم، بل كان يراعى قلب المستفتى وتوجيه سلوكه.

 أركان الفتوى

الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب أوضح من جهته أن الفتوى لها ثلاثة أركان تسعى إلى عمارة الكون بعبادة الله وبناء الإنسان. أولها إدراك النص، وهو أمر بالغ الأهمية، إذ يختلف النص المقدس عن فهمه وتطبيقه فى الواقع، وهذا ما يقوم به الأزهر الشريف لأكثر من ألف عام. خلافًا للنابتة الذين يتصدرون للفتوى بعد التعلم لأيام معدودة.

وأكد أن فهم النص لا يقتصر على النصوص المقدسة فحسب، بل يشمل الاجتهاد أيضًا، إذ نتعلم من معلمينا أن العلم لا ينتهى، بل يستمر من المهد إلى اللحد.

وأضاف: إن الركن الثانى هو إدراك الواقع. فللواقع علومه الخاصة، فهو يتألف من عالم الأشخاص والأحداث، وعلينا أن نفهم أن الواقع يتغير باستمرار، فالتغييرات لا تحدث سنويًا فقط بل يوميًا، ولذلك يجب أن نعلّم الناس كيفية فهم هذا الواقع المتغير.

أما الركن الثالث، فاوضح د.على جمعة أنه الجسر الذى يربط بين فهم النص وفهم الواقع، ويتمثل هذا الجسر فى الإجماع عند المسلمين، وهو ما يوجهنا لإدراك مآلات الفتوى وتأثيرها. وهذه الثلاثة هى أركان الإنسان وتسعى لعمارة الكون بعبادة الله وتسعى لتزكية الإنسان ببناء الإنسان.