اعتمد على الإيقاع السريع وجذب الجمهور من الحلقات الأولى: قيمة الدراما ومتعة المشاهدة فى برغم القانون

سارة سراج
يُقال إن الدراما هى عندما يستيقظ الشخص فى صباح اليوم التالى وهو قادر على الحكم بأنه يعرف بشكل أفضل كيفية العيش بعد مشاهدته التمثيلية الليلية، وتلك أرقى أنواع الدراما للأعمال الفنية التى تضيف للمُشاهد خاصة فيما يتعلق بمشاكله التى تقابله فى حياته اليومية وتبلغ أقصى أهميتها وتأثيرها عندما تبحث فيما يخص السلوك البشرى لقطاع كبير من الناس، وهنا يتحقق أهم مبدأ فى الدراما وهو التأثير بالوصول لهدف «أرسطو» من الدراما وهو التطهير، أى تطهير النفس البشرية، من خلال إثارة مشاعر الخوف والشفقة، الخوف من أن يحدث لى ما يواجهه بطل العمل والشفقة عليه، وذلك ما تحقق بالفعل فى مسلسل (برغم القانون) الذى يُعرض على منصة watch it.
عمل فنى ينتمى لنوعية الدراما الاجتماعية الممزوجة بالتشويق والإثارة يتضمن قيمة ترفيهية تزيد من أهمية العمل وتأثيره، تلك القيمة تنبع من قدرته على جذب انتباه المُشاهد من بداية حلقاته استنادًا إلى عدة عناصر أهمها الإيقاع السريع للأحداث البعيدة كل البعد عن المط والتطويل، فلو فاتتك حلقة سيفوتك الكثير من الأحداث، وذلك نفتقده كثيرًا فى الدراما المصرية والعربية، إلى جانب اعتماده على نوعين من الحبكة الدرامية تم تضفيرهما ببعض وهما حبكة الكشف خاصة فى النصف الأول من الحلقات، حيث إن الخمس عشرة حلقة الأولى تعتمد بشكل كبير على اكتشافك أنت كمُشاهد مع بعض شخصيات العمل لأسباب ما حدث وما فعله بطل العمل منذ أول حلقة، ثم تتوالى الأحداث ونتوصل للحقيقة، ولكن يبقى الحل للأزمات والمشاكل التى تحاصر بطل العمل، وهنا تبدأ حبكة الأزمة والحل.
قوة الدراما وإبداع رسم الشخصيات
ما جعل الأحداث قوية تحافظ على إيقاعها وجذبها للمُشاهد هو رسم الشخصيات، فقد نجحت مؤلفة العمل «نجلاء الحدينى» فى رسم الشخصيات الأساسية جسمانيًا واجتماعيًا، ومن هنا تحقق الرسم النفسى لها، على سبيل المثال شخصية «أكرم» التى يجسدها «محمد القس»، هى شخصية معقدة غامضة لا تعرف أعماقها أو وجهها الحقيقى، بل تتكشف لك حلقة بعد أخرى، فقد تم رسم تلك الشخصية جسمانيًا، أى شكلها من ملابس بسيطة فى بداية الحلقات تناسب المستوى المعيشى آنذاك، وملابس ثمينة تعكس الثراء الذى يعيشه «أكرم» بعد ذلك، إلى جانب الرسم الاجتماعى للشخصية، فنعرف عن «أكرم» أنه متزوج من امرأة غنية ويدير أملاكها بتوكيل منها، وذلك ما يستند عليه فى حياته وما يجعل له قيمة كونه فى الأساس شابًا بسيطًا لا يملك الكثير، إلى جانب عقدته النفسية من معاملة أهله له، من هنا تم التشكيل المُبدع للجانب النفسى للشخصية فخرجت مُعقدة حاقدة على من حولها وشخصية إنتقامية لا يهمها سوى مصلحتها وتتصرف على هذا الأساس. وبالطبع تُوج ذلك بأداء تمثيلى أقرب للكمال من الفنان «محمد القس» الذى جعلك كمُشاهد تحتار فى حقيقته أتصدقه فيما يقول أم تصدق أفعاله المتناقضة مثلك كمثل شخصيات العمل.
أما شخصية «ليلى» التى تجسدها «إيمان العاصى» فهى تحمل الكثير من المشاعر ومع كل مرحلة وأزمة تتعرض لها تكتشف هى قوتها وصمودها ونتأكد نحن كجمهور من قدراتها التمثيلية كونها المرة الأولى لـ«إيمان العاصى» التى تقدم فيها عملاً من بطولتها، كل الخطوط الدرامية تتجمع عندها وهى المحرك الأساسى للأحداث، وقد أبدعت حق الإبداع فى تجسيد تلك الشخصية خاصة أن الحكاية تُحكى من وجهة نظرها، وجهة نظر امرأة تواجه خيانة وغدر أقرب من لها، ونعيش معها رحلتها التى تتشابه مع رحلة الكثير من النساء، ولذلك فهى مؤثرة وتهم قطاعًا كبيرًا من الجمهور ومن هنا يتحقق النجاح المرجو.
ومن هنا أيضًا نستطيع أن نُجزم بأهمية ذلك العمل الفنى وننصح بمشاهدته حيث المتعة الفنية والقيمة الأخلاقية التى يرتكز عليها.