الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اشتعال الحرب.. إسرائيل وإيران تدخلان المنطقة إلى «صراع شامل»

فى الثالث والعشرين من سبتمبر الماضى، شن جيش الاحتلال الإسرائيلى أكبر عملية عسكرية فى لبنان أطلق عليها «سهام الشمال» العسكرية، التى نفذت خلالها غارات جوية واسعة النطاق.. والهدف المعلن هو خَلق ظروف آمنة فى مناطق الحدود الشمالية لإسرائيل حتى يتمكن عشرات الآلاف من السكان من العودة إلى هناك.



ونتيجة إحدى الغارات التى وقعت فى 27 سبتمبر فى بيروت، مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله؛ حيث أكد الحزب مقتله وتعهد بمواصلة قصف إسرائيل حتى وقف إطلاق النار فى غزة، كما أودت الغارات بحياة عباس نيلفوروشان، قائد العمليات فى الحرس الثورى الإيرانى، ودمرت القنابل الإسرائيلية 6 مبانٍ سكنية على الأقل.

مقتل «نصرالله» أدى إلى تطور الحرب الإسرائيلية فى المنطقة التى أصبحت تواجه أخطر أزماتها منذ عقود، فى ظل تصاعد حدة الصراعات بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، مع استمرار الحرب التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ردًا على هجوم حركة «حماس» الفلسطينية فى السابع من أكتوبر 2023.

وبعد أن كانت ساحات القتال الرئيسية تتركز فى قطاع غزة ولبنان وإسرائيل، باتت المنطقة بأكملها على «شفا الهاوية». 

 مرحلة جديدة من الحرب

بدأ التصعيد الإسرائيلى فى المنطقة فى 19 سبتمبر الماضى؛ حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، بدء إسرائيل «مرحلة جديدة» فى الحرب مع «حزب الله»، إذ حولت تل أبيب تركيزها من الحرب على غزة إلى الجبهة الشمالية.

 

 

 

وقال جالانت، إن «محور التركيز يتحرك شمالًا، ويجرى تخصيص الموارد والقوات (لهذه الجبهة)».

وفى 20 من الشهر نفسه، استهدفت غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت القائد العسكرى فى «حزب الله» إبراهيم عقيل، مؤسّس قوة «الرضوان» التابعة للجماعة، بالإضافة إلى أعضاء آخرين فى الوحدة النخبوية.

وقال الجيش الإسرائيلى إنه استهدف «سلسلة القيادة العليا» لقوة «الرضوان»، المسئولة عن التوغلات فى إسرائيل، والدفاع عن جنوب لبنان ضد الغزو البرى.

وجاء رد حزب الله؛ حيث أطلق صاروخًا على تل أبيب، لأول مرّة. وكان هذا إحدى أعمق الضربات التى وجهتها الجماعة اللبنانية إلى إسرائيل، منذ بدء التصعيد عبر الحدود فى اليوم التالى لهجوم «حماس» فى 7 أكتوبر. واعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية الصاروخ، فيما شنت إسرائيل موجة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت،27 سبتمبر، استهدفت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذى قاد الجماعة لأكثر من 3 عقود.

 الاجتياح البرى

وفى خطوة تصعيدية أعلنت إسرائيل فى الأول من أكتوبر الجارى إطلاق عملية برية للتوغل فى جنوب لبنان، وأمرت السكان بإخلاء ما يقرب من 30 بلدة وقرية حدودية، ثم استدعى أربعة ألوية إضافية من قوات الاحتياط لـ«مهام عملياتية» ضد «حزب الله».

فبالتزامن مع غزو لبنان أعلن المرصد السورى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية شنت غارات على 4 مواقع فى درعا وعلى موقع فى السويداء، وأضاف المرصد السورى أن الطيران الإسرائيلى استهدف كتيبة الرادار التابعة للدفاع الجوى ومطار إزرع الزراعى فى ريف درعا.

وفجر الثلاثاء، دوت انفجارات قوية فى العاصمة دمشق، وقالت وسائل إعلام سورية إنها ناجمة عن غارة إسرائيلية استهدفت منطقة المزة الراقية فى قلب العاصمة.

وأكد المرصد السورى لحقوق الإنسان أن دمشق تعرضت لجولتين من الغارات على حى المزة القريب من السفارة الإيرانية.

واندلع حريق فى منطقة المزة قرب الحديقة الفرنسية نتيجة سقوط شظايا ناجمة عن تصدى الدفاعات الجوية للأهداف المعادية. كما أطلقت طائرات إسرائيلية عددًا من الصواريخ من الجولان المحتلة استهدفت بعض المواقع جنوب غرب دمشق- وفق وسائل إعلام سورية. 

فيما أعلنت جماعة الحوثى اليمنية، أن الجماعة نفذت هجومًا باستخدام طائرات مُسَيرة استهدف مواقع عسكرية إسرائيلية فى كل من تل أبيب وإيلات الثلاثاء.

وكانت جماعة الحوثى قد توعدت بأنها ستزيد من وتيرة عملياتها العسكرية ضد إسرائيل. وسبق أن استهدفت إسرائيل الحُدَيِّدة فى اليمن ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 57 آخرين، وأضافت الجماعة أنها نجحت فى إسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 أثناء قيامها بمهام وصفها بالعدائية فى أجواء محافظة صعدة اليمنية.

وعلى الصعيد نفسه، قال متحدث باسم القيادة الوسطى للقوات العراقية، إن الدفاعات الأمريكية دمرت صاروخىّ كاتيوشا استهدفا قاعدة فيكتوريا بمطار بغداد. وكان مصدران عسكريان قد أبلغا «رويترز» بأن قاعدة فيكتوريا التى تستضيف قوات أمريكية استهدفت بصاروخىّ كاتيوشا على الأقل.وأكد مصدر أمنى عراقى داخل مطار بغداد الدولى أن أحد الصواريخ التى استهدفت القاعدة أصاب مدرجًا مدنيًا ثانويًا داخل المطار. ونفت وزارة النقل العراقية فى بيان توقف حركة الملاحة الجوية فى مطار بغداد الدولى بعد الحادث.

فى الوقت نفسه؛ قال مسئولون فى البنتاجون إن الرئيس الأمريكى جو بايدن سيرسل آلاف الجنود إلى الشرق الأوسط، ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسئولين أن إدارة بايدن تحرك قوات لردع أى رد إيرانى.

وأمام خطورة الأوضاع فى لبنان، بدأت عدة دول فى خطة إجلاء رعاياها؛ من بينها فرنسا التى أرسلت سفينة عسكرية إلى سواحل لبنان لإجلاء رعاياها، وفى السياق نفسه؛ قالت الخارجية البريطانية: «سنبدأ بإجلاء الرعايا من لبنان».

 الرد الإيرانى

وفى اليوم نفسه؛ أطلقت إيران نحو 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، وقالت طهران إن الهجوم كان ردًا على اغتيال حسن نصرالله، وقائد كبير فى «الحرس الثورى» الإيرانى فى بيروت، وكذلك إسماعيل هنية.

واستهدفت الصواريخ منشآت عسكرية واستخباراتية فى تل أبيب وحول البلاد، فيما اعترضت القوات الجوية الإسرائيلية معظم الصواريخ بالتعاون مع الولايات المتحدة.

كما أطلق صاروخ باليستى من لبنان تجاه تل أبيب، فيما أصيب 6 إسرائيليين جراء الانفجار، وأعلن حزب الله إطلاق صواريخ من نوع «فادى 4» على قاعدة «جليلوت» التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية «8200» ومقر «الموساد» الإسرائيلى فى ضواحى «تل أبيب».

وأكد أن قصف «جليلوت» ومقر «الموساد» فى «تل أبيب» يأتى فى إطار سلسلة عمليات «خيبر» وردًا على استهداف المدنيين والمجازر التى يرتكبها ‏العدو؛ دعمًا لشعبنا الفلسطينى الصامد فى قطاع غزة.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن قادة إيرانيين أوضحوا، أن الرد الإيرانى جاء عقب أيام من النقاشات على أعلى مستوى فى حكومة طهران؛ حيث نجح كبار القادة العسكريين الإيرانيين، فى فرض رأيهم بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية صوب إسرائيل، الثلاثاء 1 أكتوبر الحالى، بعد أن أقنع كبار القادة العسكريين فى الحرس الثورى الإيرانى المرشد الأعلى على خامنئى، بأنها المسار الوحيد إذا رغبت إيران بأن تظهر بمظهر القوة.

وفى ظل التصعيد الإسرائيلى فى الأيام الأخيرة من هجماته على جماعة «حزب الله»، لم يكن من الواضح كيف، سيكون الرد الإيرانى حال عزمه على فعل ذلك. 

وكان الرئيس الإيرانى الجديد، مسعود بيزشكيان، من بين الذين حثوا على ضبط النفس فى أول الأمر، لكنه عاد وقال، الثلاثاء، بعد تنفيذ الهجمات الصاروخية، إن ذلك كان عملًا مشروعًا من أجل الدفاع عن النفس. محذرًا رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من أن «إيران لا تسعى للحرب، لكنها ستتصدى بحزم لأى تهديدات»، مضيفًا: «هذه لمحة صغيرة من قدراتنا. لا تدخلوا فى حرب مع إيران».

ووفقًا لـ«نيويورك تايمز»، كان بيزشكيان يحث على الحذر بشكل خاص، محذرًا من أن إسرائيل تحاول الزج بإيران فى صراع أوسع، إذ تحدث قبل أيام فقط من اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانى حسن نصر الله.

قنابل فسفورية

وفى فجر الخميس، قصفت إسرائيل مناطق من بيروت والضاحية الجنوبية، فى استئناف لهجماتها المكثفة على أماكن متفرقة من لبنان.

وشنت إسرائيل غارة على منطقة داخل مدينة بيروت قرب وسط العاصمة اللبنانية- حسبما أفاد مصدر أمنى وشهود عيان.

وقال مصدر مقرّب من حزب الله إن غارة إسرائيلية استهدفت مركز إسعاف تابعًا للحزب «فى قلب بيروت»، فى إشارة إلى الهجوم على الباشورة.

وأكدت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية فى لبنان، أن الجيش الإسرائيلى استخدم القنابل الفسفورية المحرمة دوليًا فى غارته على الباشورة.

وفى حصيلة أولية، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 6 أشخاص وإصابة 7، فى الغارة الإسرائيلية على الباشورة.

وأفادت أنباء أن البناية المستهدفة فى الباشورة تعود ملكيتها للنائب عن حزب الله أمين شرى، كما استهدفت الغارات الإسرائيلية أحياء معوض والأمريكان والزغلول فى الضاحية الجنوبية، مما أدى إلى انفجارات ضخمة متتالية فى المنطقة.

وتعد الغارات ثالث استهداف إسرائيلى للضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبنانى، فى أقل من 24 ساعة.

وأصدر الجيش الإسرائيلى فجر الخميس إنذارًا لسكان 5 مبان فى الضاحية الجنوبية لبيروت والمقيمين قربها بإخلاء بيوتهم «فورًا»، فى رسالة نشرها على منصة «إكس» وأرفقها برسوم بيانية تحدد موقع المبانى المَعنية.

 وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى: «إنذار عاجل إلى سكان الضاحية الجنوبية وتحديدًا المتواجدين فى المبانى الخمسة المحددة فى الخرائط المرفقة فى الأحياء التالية: حارة حريك وبرج البراجنة وحدث غرب: أنتم متواجدون قرب منشآت خطيرة تابعة لحزب الله».

أضاف: «من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم نطالبكم بإخلاء هذه المبانى فورًا، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت مقتل 46 شخصًا وإصابة 85، الأربعاء، من جراء غارات إسرائيلية استهدفت مناطق مختلفة من لبنان.

وقالت الوزارة فى بيان إن «غارات العدو الإسرائيلى فى الساعات الـ24 الماضية على بلدات وقرى جنوب لبنان والنبطية والبقاع وبعلبك الهرمل وجبل لبنان، أدت فى حصيلة إجمالية إلى استشهاد 46 شخصًا وإصابة 85».

وتكثف إسرائيل غاراتها على لبنان فى الأيام الأخيرة، قائلة إنها تستهدف مواقع لحزب الله.

 مقتل صهر حسن نصرالله

فى السياق نفسه؛ أعلنت وسائل إعلام لبنانية، عن اغتيال إسرائيل حسن جعفر قصير، صهر حسن نصرالله، فى غارة على حى المزة بدمشق.

واستشهد ثلاثة سوريين وأصيب آخرون جراء عدوان إسرائيلى استهدف أحد الأبنية السكنية بدمشق.

وذكر مصدر عسكرى - فى تصريح أوردته وكالة الأنباء السورية، الأربعاء- أن قوات الاحتلال الإسرائيلى شنت عدوانًا جويًا من اتجاه الجولان السورى المحتل مستهدفًا أحد الأبنية السكنية فى حى المزة بدمشق.

وأوضح المصدر أن العدوان أدى إلى «استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح ووقوع أضرار مادية بالممتلكات الخاصة المحيطة بالمكان».

 خروج الغرب من الشرق الأوسط

وعقب الضربة الإيرانية على إسرائيل، دعا المرشد الإيرانى على خامنئى، الغرب إلى مغادرة الشرق الأوسط، معتبرًا أن ذلك من شأنه أن يخلص المنطقة من الحروب والاشتباكات بشكل نهائى.

وقال خامنئى الذى كان يتحدث أمام مجموعة من النخب فى العاصمة طهران، إن أساس المشاكل فى المنطقة يكمن فى وجود أطراف «تتحدث زيفًا عن السلام والأمن كأمريكا وبعض الدول الأوروبية»- حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وأضاف خامنئى: إن الأطراف الغربية «تقوم بإشعال الفتن بين شعوب وحكومات المنطقة كما حصل حين أوقعوا صَدّام حسين فى شركهم، ودفعوه لشن حرب على إيران»، وتابع موضحًا أن ذلك «أدى إلى خَلق أوقات عصيبة ومريرة للبلدين، وبعد أن رحل عَمَّ السلام والهدوء والمودة بين إيران والعراق حكومة وشعبًا».