قبل الهجوم على تل أبيب بـ200 صاروخ كواليس الضربة الصاروخية الإيرانية للرد على اغتيال حسن نصر الله
مرڤت الحطيم
قبل إطلاق إيران نحو 200 صاروخ على إسرائيل، أثارت الخلافات حول كيفية الرد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، رفقة قيادى فى الحرس الثورى انقسامات داخل طهران. طالب المحافظون برد قوى، بينما دعا المعتدلون بقيادة الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان إلى ضبط النفس.
وكان مجلس الشورى الإسلامى الإيرانى قد عقد جلسة حول قضايا المنطقة والأحداث الأخيرة فى لبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وتم بحث سيناريوهات الرد على إسرائيل، على أن ترفع مناقشات اقتراحات المجلس إلى المجلس الأعلى للأمن القومى لمناقشة سيناريوهات الرد على العدوان الإسرائيلى على لبنان.
وقال عضو الهيئة الرئاسية فى مجلس الشورى الإسلامى على رضا سليمى عن الجلسة المغلقة إن هذه الجلسة عقدت عقب استشهاد السيد حسن نصر الله، وتم خلالها بحث أبعاد هذه القضية من زوايا مختلفة.
ووفقا لعضو الهيئة الرئاسية فى مجلس الشورى أحمد نادرين فإن المجلس ناقش فى جلسته غير العلنية أبعاد اغتيال نصر الله، وبحث سيناريوهات الرد على الكيان الصهيونى والانتقام منه، بينما نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن رئيس مجلس الشورى الإيرانى (البرلمان) محمد باقر قاليباف قوله، إن فصائل المقاومة ستواصل مواجهة إسرائيل بمساعدة إيران، وذلك تعليقًا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ودعت إيران إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن تصرفات إسرائيل فى لبنان وفى مختلف أنحاء المنطقة، وذلك فى رسالة وجهها المبعوث الإيرانى لدى الأمم المتحدة أمير سعيد عرفانى إلى المجلس المكون من 15 عضوًا بعد أن اغتالت إسرائيل نصر الله.
وقال محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيرانى، إن أعلى المستويات القيادية ستأخذ القرار، فى حين أرسل نواب البرلمان الإيرانى حزمة من المقترحات إلى مجلس الأمن القومى لتحديد الإجراء الذى تتخذه طهران، وأكد وزير الخارجية، عباس عراقجى، أن طهران سترد على مقتل نائب عمليات الحرس الثورى عباس نيلفروشان.
وأكد الحرس الثورى الإيرانى فى بيان رسمى مقتل نيلفروشان بعد یومین أثناء حضوره اجتماعًا مع أمين عام حزب الله اللبنانى حسن نصر الله، موضحًا أن العميد نيلفروشان قضى فى الغارة الجوية الإسرائيلية نفسها.
وأشار الحرس الثورى فى بيانه إلى أن نيلفروشان من القادة القدامى والجرحى فى الحرب الإيرانية - العراقية، ووصفه بمستشار الحرس الثورى فى لبنان.
وتوجه نيلفروشان إلى لبنان فى أعقاب مقتل الچنرال محمد رضا زاهدى فى قصف على مقر القنصلية الإيرانية فى دمشق، بداية أبريل الماضى مما أسفر عن أولى الضربات المباشرة بين البلدين.
وكانت صحيفة كيهان الرسمية قد نقلت عن مصادر غير رسمية مقتل نيلفروشان. وزادت المؤشرات على مقتله، بعدما نشرت وسائل إعلام محسوبة على الحرس الثورى نبذة عن سيرته، والمناصب التى تولاها.
وأشار بيان الحرس الثورى إلى دوره فى جبهة المقاومة، إشارة إلى محور من الجماعات المسلحة متعددة الجنسيات التى تدين بالولاء لطهران. وقال بيان الحرس «كانت لديه مسئوليات متنوعة، من بينها نائب عمليات فى القوة البرية، ونائب عمليات هيئة الأركان فى الحرس الثورى، ورئاسة الكلية العسكرية التابعة للحرس»، كما دان الحرس الثورى الهجمات الإسرائيلية فى لبنان.
ولم يتضح أسباب تأخير الحرس الثورى فى تأكيد مقتل نيلفروشان، فى وقت تسارعت ردود المسئولين الإيرانيين على مقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الحليف الأبرز للمرشد الإيرانى على خامنئى فى منطقة الشرق الأوسط.
جاء ذلك بينما كانت طهران لا تزال تعيش وقع الصدمة، فى حين يراقب الإيرانيون بقلق تطورات الأوضاع خشية دخول بلادهم فى حرب مباشرة مع إسرائيل، وأعلنت السلطات الحداد 5 أيام على نصر الله.
من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه فى ظل الأوضاع المضطربة فى الشرق الأوسط، كان المرشد الإيرانى المسن على خامنئى يستطيع دائما الاعتماد على التحالف الوثيق، والولاء الراسخ، والصداقة العميقة التى تربطه بحسن نصر الله، لكن إسرائيل قضت فجأة على قوة فريدة فى التسلسل الهرمى لدائرة المقربين من خامنئى باغتيال زعيم حزب الله.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران دعمت حزب الله على مدى 40 عامًا باعتباره الذراع الرئيسية لشبكة وكلائها من الفصائل المسلحة، لكن خلال الأسبوعين الماضيين، بدأت قدرات حزب الله تقل تحت وطأة موجات متتالية من الهجمات الإسرائيلية التى استهدفت قيادته، وترسانته، وشبكات اتصالاته.
واعتبرت الصحيفة أن ما وصفته بانقسامات داخل الحكومة الإيرانية بشأن كيفية الرد على اغتيال نصر الله، تجعل إيران ومرشدها الأعلى فى موقف ضعف.
ونقلت نيويورك تايمز عن 4 مسئولين إيرانيين، بينهم عضوان فى الحرس الثورى كانوا يعرفون نصر الله شخصيا قولهم إن خامنئى كان متأثرًا بشدة بوفاة صديقه، وكان فى حالة حداد، لكنه تبنى موقفًا هادئًا وعمليًا.
وتحدث خامنئى بنفس النبرة فى العلن، وبدلا من توجيه انتقادات حادة إلى إسرائيل، أصدر بيانين متحفظين، أشار فيهما إلى نصر الله باعتباره شخصية بارزة فى العالم الإسلامى وما يعرف بمحور المقاومة، وأكد أن إيران ستقف إلى جانب حزب الله.
كما أشار خامنئى بوضوح إلى أن حزب الله وليس إيران، هو من سيتولى قيادة أى رد على إسرائيل، فيما ستلعب إيران دورًا داعمًا. مضيفًا إن جميع القوى فى محور المقاومة تقف إلى جانب حزب الله، وحزب الله هو من سيكون فى مقدمة قوى المقاومة وهو الذى سيحدد مصير المنطقة.
واعتبر بعض المحللين أن ذلك يمثل مؤشرا واضحا على أن خامنئى ربما لا يمتلك وسيلة فعالة للرد على الهجوم الإسرائيلى ضد وكلائه فى الوقت الحالى، ومع وجود خيار بين حرب شاملة مع إسرائيل، أو الانكفاء للحفاظ على الذات يبدو أنه يفضل الخيار الثانى.
وفى تعليق على هذا الموقف الإيرانى قالت سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط فى مؤسسة «تشاتام هاوس» البحثية فى لندن: إنهم فى موقف حرج تماما أمام إسرائيل فى هذه اللحظة، فتصريحات خامنئى تعكس خطورة الموقف والحذر إذ إنه لا يلتزم علنا بشىء لا يمكنه تحقيقه.
وقال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران ستواصل مواجهة إسرائيل بمساعدة طهران عقب مقتل نصر الله. وردد نواب البرلمان هتافات: الموت لأمريكا والموت لإسرائيل؛ وقطع قاليباف كلمته الافتتاحية لجلسة البرلمان وردد الشعارات مع النواب، الذين تركوا مقاعدهم وتقدموا إلى منصة الرئاسة. وقال قاليباف، وهو قيادى فى الحرس الثورى: «لن نتردد فى الذهاب إلى أى مستوى من أجل مساعدة المقاومة».
كما أصدر تحذيرًا للولايات المتحدة، واتهم واشنطن بتقديم الدعم المالى والاقتصادى والعسكرى والاستخباراتى. وقال: إن الولايات المتحدة متواطئة فى كل هذه الجرائم وعليها أن تقبل العواقب ما دامت لم تلزم إسرائيل باحترام القواعد الدولية.
وقبل الضربة التى استهدفت نصر الله، كانت ثلاثة مصادر إيرانية قد قالت إن طهران كانت تخطط لإرسال مزيد من الصواريخ إلى حزب الله تأهبًا لحرب يطول أمدها. وذكر أحد المصدرين أن الأسلحة التى كان من المقرر إرسالها تشمل صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى منها صواريخ زلزال الإيرانية ونسخة مطورة تتميز بالدقة تعرف باسم فاتح 110.
ورغم استعداد إيران لتقديم الدعم العسكرى فإن المصدرين الإيرانيين الآخرين أكدا أنها لا ترغب فى التورط بشكل مباشر فى مواجهة بين حزب الله وإسرائيل. وربط على لاريجانى العضو البارز فى مجمع تشخيص مصلحة النظام ومستشار المرشد الأعلى على خامنئى، بين دعم طهران لمحور المقاومة والأمن القومى الإيرانى معتبرًا أن إسرائيل تتخطى الخطوط الحمراء لطهران.
فى حين اعتبر إبراهيم عزيزى رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيرانى أن الكيان الصهيونى قد فتح أبواب جهنم على نفسه بارتكابه جريمة الضاحية الجنوبية.
وعلى جانب آخر فقد أفرز التصعيد الإسرائيلى الأخير انقسامًا كبيرًا فى إيران، فهناك من يرى أن سياسة ضبط النفس الإيرانية منحت العدو جرأة على التمادى فى عدوانه، لأنه أيقن أن الجمهورية الإسلامية التى تحاول حاليا حلحلة قضاياها الشائكة مع الدول الغربية لا تنوى القيام بأى ردة فعل على المدى القريب أو على الأقل تتجنب الحرب فى الوقت الراهن.
وعلى وقع الآراء التى تقول بأن الهدف الأساسى من التصعيد الإسرائيلى للاغتيالات فى لبنان وسوريا والعراق وإيران هو جر طهران إلى الحرب، تعتقد شريحة أخرى أنه لا يجب للجمهورية الإسلامية اللعب وفق إرادة العدو.
فى غضون ذلك، تشبه السياسية المحافظة زهرة إلهيان، النائبة السابقة فى البرلمان الإيرانى، الجنون الإسرائيلى فى غزة ولبنان برقصة الطير المذبوح، مضيفة إن الكيان الصهيونى سيتلقى ردًا مؤلمًا على ما ارتكبه فى الضاحية الجنوبية قريبا، وأن هذه الجرائم ستسرع زواله من الخريطة، وفق تعبيرها.
فى المقابل، رأى الدبلوماسى السابق فريدون مجلسى، أن الجمهورية الإسلامية استدرجت بالفعل إلى حربين طاحنتين هما الحرب الروسية على أوكرانيا والعدوان الإسرائيلى على غزة وحزب الله اللبنانى، وأن شعبها يدفع ضريبة هذه التطورات.
ورأى أن تاريخ الصراع الإسرائيلى العربى يعود إلى 76 عامًا، وأنه لا ناقة لإيران به ولا جمل، ومع ذلك فإنه لا مانع من مساعدة إيران للقضية الفلسطينية على الصعد القانونية والمالية وتنفيذ القرارات الأممية لصالح فلسطين ودعم إقامة دولة فلسطينية. وأضاف مجلسى أنه لا يجب على طهران توريط البلاد فى الحرب والدمار بسبب أنه لم يبق شيء من غزة بعد دمارها خلال العدوان الأخير، وأن حزب الله مخترق وأن ارتفاع عدد الاغتيالات وتزايد أعداد الشهداء يشير إلى عزم إسرائيل إبادة لبنان على غرار غزة بما يضعف قدرات حزب الله الردعية بالنسبة لإيران.