نشر فى العدد رقم 4205 بتاريخ 10/1/2009 .. د. فاطمة سيد أحمد تكتب: إيران تعطى الضوء الأخضر لاغتيال حسن نصر الله: المعلومات الكاملة عن هاشم صفى الدين زعيم حزب الله الجديد

قبل 15 سنة سبقت «روزا» برؤيتها العالم كله: كواليس التنبؤ بخلافة «صفى الدين» لـ«نصرالله» فى 2009!
يظن البعض أننا فى الصحافة نكتب حروفنا بـ«سبرتو» يتطاير بمجرد نشر الموضوع، لكن الحقيقة أن الصحافة الورقية،خصوصًا مجلة «روزاليوسف» تظل سجلاً خالدًا.. يسجل ما روته زرقاء اليمامة.
ففى العام 2009 كتبت الدكتورة فاطمة سيد أحمد تحليلاً مبنيًا على معلومات عن «هاشم صفى الدين» زعيم حزب الله الجديد.. كانت الرؤية وقتها سابقة وسباقة.. فلم يكن «صفى الدين» علا نجمه ولا «نصرالله» قد ظهرت حتى مؤشرات على نهايته.
هكذا كنا على «ورق الورد» شاهدين وشهودًا على كواليس ما يجرى فى المنطقة قبل 15 سنة.. وهو ما نشهد حدوثه الآن.
روزاليوسف
لكل حرب أهداف ومجزرة غزة تحصيل حاصل لأهداف كل من حماس وإسرائيل ولكن الهدف الأهم الذى تم من أجله اجتياح غزة بإيعاز من إيران، هو حزب الله الجديد، وإعلان دولة الفقيه فى لبنان.. ولقد بدأ العد التنازلى لإعلان إيران الشكل الجديد لـ«حزب الله» بعد أن انتهى دور حسن نصر الله على الساحة العربية، وبدا واضحا للعيان المشهد الإيرانى فى المنطقة بذراعيه سوريا - قطر، وأيضا ذيوله الممثلة فى الأحزاب والجماعات الدينية المتطرفة والعنصرية، ولا يهم نوعها سنيا، مسيحيا، أو أى ملة أخرى!

إيران تستخدم المنطقة العربية لنقل مسرح معاركها مع خصومها الذين يهددون بضربها بسبب برنامجها النووى غير معلوم النوايا.. ومخطط إيران لـ حزب الله الجديد بدأ منذ ثلاثة أشهر وتحديدا أكتوبر الماضى، وتريد من خلاله تحويل أنظار العالم إلى مشهد يشغله لإطالة مدة التعجيل بضربها، واختارت بوابة حماس ودفعها لـ «جر» غزة لمجزرة شعبية على يد إسرائيل لتعلن تصورا جديدا لحزب الله، وحتى يصير هناك تفاوض آخر بشأن سلاح حزب الله ودولته المزمعة الإنشاء فى ظل أن لبنان بحاجة إلى قوة هذا الحزب لضعف جيشها أولا، وللتهديدات التى سيعكسها الوضع الإسرائيلى الذى لا يهدأ فى إثارة مشاعر العرب بحصاد أرواح المدنيين الفلسطينيين. وأيا كان الأمر فإن إيران أحكمت حلقات تغيير فى صفوف حزب الله ليساير الخطة الشيعية الجديدة.
اغتيال «حسن نصرالله»
انتهى عصر «حسن نصر الله» المعروف بالمحاور الجيد لدى إيران، لتعلن الأخيرة أن دوره انتهى، والأكثر من ذلك أنها طالبت إسرائيل باغتياله! هذا ليس افتراء من جانبنا، ولكنها الحقيقة التى طالعتنا بها صحيفة إيرانية جديدة أنشأتها طهران خصيصا من أجل القضاء على هذا المغرور، وهى جريدة «خورشید» ومعناها الشمس الإيرانية التى تم إصدارها فى أول أكتوبر الماضى، وهى تتبع وزارة العمل والشئون الاجتماعية الإيرانية. أى أنها جريدة رسمية، حيث تصدرها عنوان كبير بعد أسبوع واحد من إصدارها يقول: مصادر إيرانية تتحدث عن اختيار هاشم صفى لخلافة نصر الله إذا اغتالته إسرائيل. ونشرت صورة لـ صفى الدين الذى يشبه كثيرا ملامح حسن نصر الله لما بينهما من قرابة، فهما ابنا خالة ولم يقف الأمر عند الصحيفة فقط، بل تناقل الموضوع عدد من المواقع الإيرانية، فى حين قالت الصحيفة إنها استقت تقريرها من مصادر إيرانية مطلعة، وكتبت الصحيفة إن اغتيال قائد مادام هناك شبيه له، أى خليفة، لا يخلق مشكلة أو إيذاء للمقاومة المسلحة. والحقيقة تقول إن هذه المطالبة الإيرانية لإسرائيل باغتيال رجلها نصر الله ليس جديدا عليها. فقد سبق أن حرضت أيضا على رجلها السابق فى حزب الله عباس الموسوى الذى اغتالته إسرائيل عام 1992 بعد أن جهزت إيران خليفة له كان هو حسن نصر الله الذى انتهى دوره هو الآخر عند إيران بعد 16 عاما قام خلالها بخدمات جليلة لطهران على أرض لبنان. وقام بتأجيج المنطقة العربية بحسابات خاطئة بمعارك صغيرة مع إسرائيل، ودغدغ مشاعر الشارع العربى تحت مظلة «القومية العربية تتصدى للعدو الصهيونى من جديد»، ونصر الله الذى اشتهر بتكبره بين صفوف حزبه بات ورقة مكررة لا فائدة من ورائها وفقد الكثير من شعبيته بين أرباب حزبه، والأكثر من ذلك أنه خلال الأسبوعين الماضيين حرقته إيران تماما عندما أوعزت له بفتح بوقه لتقديم آخر ورقة له من وجهة نظرها، لتقوم بإعدامه معنويا فى الشارع العربى حتى يقبل اختفاءه من مشهد حزب الله، وذلك عندما قام بالتطاول على مصر، وقام بتحريض جيشها الذى يمثل الركيزة الأهم عند العرب كونه أقدم وأكبر جيش فى المنطقة، وفقد «نصر الله» بذلك أغلب مؤيديه فى الشارع العربى الذين صفقوا له كثيرا، وهو يعتلى جثث القتلى الأبرياء بعد أن أوحى لهم من أساطير حزبه بأن الذى يستشهد فإن «أبا الحسنين» على بن أبى طالب سيكون حاضرا معه فى القبر لحظة الحساب وسيشفع ويساعده فى الإجابة عن أسئلة «ملاك القبر»، وبالتالى سيؤمن لهم دخولهم الجنة بكل تأكيد!
وفى حرب يوليو 2006 قال «نصر الله»: إن هناك ملائكة كانت تحارب مع المقاومين ولم يقنع بذلك العامة فقط، بل جعل المتعلمين فى الحزب يتحدثون عن خوف الإسرائيليين من مقاتلين بلا رءوس كانوا يهاجمونهم بالسيوف، وجعل المثقفين المدروشين لحزب الله يكتبون ذلك فى مقالات لهم، وعلق لافتات عن ذلك فى الضاحية الجنوبية، حيث معقل الحزب، وقام بترويج حكايات عن الإمام المهدى المنتظر الذى ساعد المقاومة وحماهم خلال اقتحام بيروت، وأيضا أنقذ أحد المقاتلين من براثن الاشتراكيين عندما حمله من بين أيديهم!
ولعل ما روجه نصر الله من خرافات وأساطير فى الأوساط الشيعية والسنية على السواء جعل الشيخ «محمد على الحاج» وهو أحد شيوخ الشيعة، لكنه ينتمى إلى مدرسة النجف فى العراق، وليس قم فى إيران مدرسة نصر الله، المهم أن الشيخ الحاج قال إن الشيعة بها تسامح. لكن استخدام نصر الله للعنف اللفظى لا علاقة له بروحية الفقه الشيعى وأصوله، وهناك إحصاءات لمراكز دراسات لبنانية تقول إن شعبية حزب الله منها حوالى %20 يشكل أفرادها تشبثا صلبا بكل ما يصدر عن الحزب، وهؤلاء الذين تمكن الحزب من غسل أدمغتهم عقائديا وانتمائهم الطائفى إلى الحزب كونه قويا وإلهيا وقادرا على مواجهة إسرائيل وأمريكا والداخل اللبنانى، وأن هناك حوالى %30 من الشيعة يحملون الهواجس العقائدية، لكن لا يؤيدون الحزب فى أفعاله. هذه النسبة لم تعد تملأ عين طهران ومن هنا كانت تقارير الاستخبارات الإيرانية تؤكد أن شعبية نصر الله فى تراجع ليس فى الشارع اللبنانى وحسب، لكن فى المنطقة العربية بأسرها، وذلك عندما وجه سلاحه إلى الداخل وفتك ببعض المواطنين وهدد الحكومة والشرعية فى البلاد، وهو أيضا لم يعد مقنعا لفئة كبيرة من الشيعة أنفسهم، وأصبح مؤيدوه هم من يعتلون مراكز فى الحزب أو فقراء يستفيدون من مشاريعه الاجتماعية، ومن هنا كانت الفتوى والقرار الإيرانى بالخلاص من نصر الله والإيعاز لإسرائيل باغتياله فى أقرب فرصة حتى لو مهدت لها الطريق كما فعلت ومهدت لآخرين فى اغتيال «عماد مغنية» رجلها العسكرى الأقوى على مدار عقود عديدة. لكنها وجدت الخلاص منه هو أولى حلقات مخططها.

«صفى الدين» الرجل الجديد
من هو هاشم صفى الدين الخليفة المنتظر لحسن نصر الله وكيف قامت إيران بإعداده لهذه المرحلة؟!
هو رئيس المجلس التنفيذى لحزب الله. وهو أيضا الرجل الثانى فى الحزب وبمثابة رئيس حكومة دولة حزب الله، حيث يمسك بكل الملفات الحساسة من إدارة مؤسسات الحزب إلى إدارة أمواله واستثماراته فى الداخل والخارج، تاركا الملفات الاستراتيجية لـ نصر الله.. أما عند تخلص إيران من «حسن» فإن صفى الدين هو المرشح لتولى حزب الله، حيث تربطه علاقات وثيقة مع الجناح العسكرى للحزب وأيضا إيران حيث قضى سنوات فى حوزة «قم» العلمية، حتى استدعاه نصر الله لبيروت لتحمل مسئوليات الحزب.
ويرجع اختيار صفى الدين لخلافة نصر الله إلى 14 سنة مضت وذلك عندما استدعى عام 1994 من إيران لتسلم مركزه الذى مكنه من السيطرة على كل التفاصيل المالية والإدارية والتنظيمية فى الحزب، ويذكر بعض المراقبين السياسيين اللبنانيين أن السبب الأساسى فى إطلاق المعلومات المتعلقة بتولى «صفى الدين» الحزب، هو تأكيد إيران على أن الحزب باق ومستمر لأنه مؤسسى ويشبه الدولة فى الحجم.
ومع أن صفى الدين مجهول لدى الأوساط السياسية اللبنانية ولا يقوم بزيارات كثيرة ولا يستقبل أحدا من غير المسئولين الحزبيين، لكن المعلومات المتوافرة عن صفى أنه من مواليد عام 1964 أى أنه يصغر نصر الله بأربعة أعوام، وهو من بلدة دير قانون فى منطقة صور جنوب لبنان. وينحدر من عائلة لها حضور قوى بالمعيار الاجتماعي. فمنها أشهر نواب المنطقة فى الستينيات والسبعينيات «محمد صفى الدين»، بالإضافة إلى العديد من رجال الدين البارزين، وقد سعى صفى الدين وهو لايزال صغيرا نسبيا إلى الزواج قبل السفر للدراسة الدينية بإيران فتزوج من ابنة محمد على الأمين عضو الهيئة الشرعية فى المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى وعم زوجته مهدى الأمين مفتى بعبدا حتى أواخر عام 1983 ويذكر أنه عديل وزير التنمية الإدارية الحالى إبراهيم شمس الدين نجل محمد مهدی شمس الدين غير أن العلاقات مقطوعة بين العديلين بسبب اقتراب شمس الدين من فريق 14 آذار.
وكان صفى الدين موضع عناية ضمن ثلاثة كان يهتم بهم عماد مغنية المسئول الأمنى البارز لحزب الله الذى اغتيل فى دمشق العام الماضى فى ظروف مازالت غامضة، ومغنية هو من أرسل هذا الثلاثى المكون من نصر الله، صفى الدين، نبيل فاروق إلى قم. ورتب لهم أمورهم هناك، وكتب للثلاثة أن يكونوا من أبرز قادة حزب الله بعد الانتفاضة التى سميت بـ«البيضاء» فى أوائل التسعينيات، فأصبح نصر الله أمينا عاما. وصفى الدين مديرا تنفيذيا بالمقياس المؤسساتى للحزب، أما فاروق فأصبح قائدا لمنطقة الجنوب التى يتمركز فيها الحزب وموقع قوته العسكرية.
وكانت الانتفاضة البيضاء فى التسعينيات هى الافتراق الكبير بين حزب الله الموالى لإيران وحزب الدعوة ذى الأصول العراقية والتى تم فيها دفن مرحلة الثمانينيات التى ارتبط فيها الحزب بالكثير من العمليات غير المقبولة حيث كانت تبيح قتل المسلمين السنة ومسيحيين ومسلمين شيعة من خط مغاير لهم، كذلك فتاوى سرقة البنوك وغسيل الأموال، علاوة على أنها مرحلة كانت حافلة بالأحداث العنيفة كتفجير مقرى قوات المارينز والمظليين الفرنسيين فى بيروت، وعمليات خطف الأجانب والطائرات، وأطيح بالأمين العام للحزب صبحى الطفيلى، وتم تحجيم قيادات بارزة فى الحزب لم يقبلوا أن تكون إيران قبلتهم الروحية، وتغير شكل الحزب وأصبح أكثر انفتاحا على الأطراف السياسية فى لبنان، بل إنه تم اتخاذ قرار بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية عام 1992 بعد أن كان يكفر النظام اللبنانى ويجده غير شرعى، وفقا لمقولة «آية الله الخوميني» وهي عبارة كتبت على شوارع الضاحية طوال فترة الثمانينيات حيث انتخبت عباس الموسوى أمينا عام للحزب، واستدعى تلميذه حسن نصر الله فوراً لتسليم منصب منطقة بيروت ثم استحدث بعد ذلك منصب المسئول التنفيذى العام المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى فشغله وظل فيه حتى اغتيال الموسوى فتم انتخابه أمينا عاما للحزب كما تم بعد سنتين استدعاء صفى الدين من قم ليشغل منصب مسئول قطاع العاصمة فى الحزب ثم تكليفه بمنصب رئيس المجلس التنفيذى فى سيناريو يشبه سيناريو وصول نصر الله.

ويرى أرباب الحزب أن صفى الدين يتميز بتلقائيته رغم أنه من أعضاء مجلس الشورى وهى قيادة منتخبة ولايتها 3 سنوات قابلة للتجديد، ومكونة حاليا من سبع شخصيات على رأسهم نصر الله ويتولى كل من الـ6 ملفا خاصا، ويدير قطاعا بالحزب.
ويتخذ أعضاء الشورى القرارات الكبرى فى الحزب بدءا من انتخاب الأمين العام علما بأن القرارات داخل المجلس تتخذ بالأكثرية ويتم انتخاب أعضاء المجلس من هيئة ناخبة، وأعضاؤها بالمئات وتسمى المؤتمر العام وهؤلاء منتخبون بدورهم من المؤتمرات التمهيدية التى تعقد فى كل هيئات ومؤسسات الحزب.
ويدير المجلس التنفيذى الذى يرأسه صفى الدين مجموعة استثمارات هائلة الحجم تهدف إلى تأمين الاستقلالية المالية للحزب وتأمين تمويله التنظيمى الذى لا يخضع لتمويل الأموال الشرعية المرصودة أساسا لعمل المقاومة وتقدر بمليارات الدولارات علاوة على 500 مليون دولار شهريا من إيران المهم أن هذه الاستثمارات التى يديرها صفى الدين تنتشر فى لبنان والعالم العربى وإفريقيا وأوروبا وأمريكا ولكن وسط تكتم شديد عليها فى ضوء مراقبة الإدارة الأمريكية على كل ما يرتبط بعلاقات مالية مع حزب الله، إلا أن إيران وجدت للحزب مخرجا لاستثمار أمواله بشكل آمن عبر الحليف قطر الذى لا مانع عنده من أن يكون ستاراً لاستثمارات إسرائيلية أو إيرانية أو إخوانية أو حزب الله. المهم أن يأتي المال ويجد لنفسه دوراً يزيح عنه صفة الدولة «القزم» بالمنطقة.
ويضطلع صفي الدين ضمن مجلسه التنفيذي بإدارة العمل العسكري قبل أن يتم إنشاء «المجلس الجهادي» المختص بالشئون العسكرية وفصلت صلاحياته عن المجلس التنفيذي.
ويعتبر صفى الدين من الداعمين الأساسيين لفكرة ولاية الفقيه بالرغم من أن الكثير من شيعة لبنان لا يؤمنون بها فهو دائما ما يتطرق لتجربة العلماء الشيعة فى «قم» وأهميتها مقارنة بتجربة النجف وتأثيرها على الفكر السياسى لدى الشيعة بلبنان، ويرى أن نظرية ولاية الفقيه من أهم النظريات التى أخرجها الإمام الخومينى من الأدلة الشرعية والعقلية لتكون مشروعا كاملا يعالج أهم المشاكل التى واجهت الحركات الإسلامية والتى أدت إلى التشرذم، معتبرا أن النظرية تتضمن أمرين أساسيين، أولهما الولاية وثانيهما الفقيه الجامع للشرائط، وهذا ما يقدمه حزب الله على المستوى الثقافى والتأكيد عليه كونه تتولد منه الشرعية الدينية لكثير من الأعمال والأنشطة التى يقوم بها ويحتاج إلى غطاء شرعى والولاية فى فهم حزب الله ليست جناحا للاحتماء والتستر فقط، بل هى المنشأ الأساسى للخيارات فى إطاراتها الكلية.
ويرى صفى الدين أن ولاية الفقيه التى يؤمن بها يجب ألا تفرق بين الحزب وآخرين. ولكنه ينادى بجمع وصهر كل الأفكار فى خدمة مشروع الدولة الدينية، ومنها يتم إقناع الآخرين بولاية الفقيه، فهل سيتمكن صفى الدين من هذا كما تتصور إيران؟
النساء «نيو لوك» حزب الله
يجهز الحزب لشكله الجديد ما بعد نصر الله صورة جديدة للنساء اللاتى ظللن لفترات
طويلة بعيدات عن المشهد العلنى للحزب. اللهم إلا النموذج الذى كان يطلق عليه أم الشهيد، حيث كانت تمثل العنصر النسائى الأبرز للحزب، وكان دورها هو النداء بالحرب، لأنه حسب البث الدماغى لأم الشهيد عند الحزب أن تظل تردد «إن تبجيل سيرة ابنها بأن تظل الحرب متواصلة؛ إذ يبدو السلام، وكأنه خيانة للشهيد».. إلا أن الأمر تعدى ذلك فى المؤتمر الأخير للحزب فى أواخر عام 2004 عندما أقر المؤتمرون توصية تقضى بتعزيز مشاركة النساء فى العمل السياسى المباشر عبر تمثيلهن بالمؤسسات السياسية، وتم تعيين ريما فخرى أول عضو فى المجلس السياسى للحزب، وهى مهندسة زراعية من خريجى الجامعة الأمريكية ببيروت وتبلغ من العمر الآن 43 عاما. وكانت تشغل قبل ذلك مسئول الهيئات النسائية فى بيروت، ولها قرابة الـ25 عاما تعمل فى نشاط حزب الله ويذكر الحزب فى لائحته الجديدة التى خرج بها هذا المؤتمر أنه لا مشكلة تنظيمية تمنع المرأة من التصدى المسئوليات قيادية، ولكن كانت هناك اعتبارات أمنية لها علاقة بالمرحلة، أما الآن فالأولويات باتت للاهتمام بالمرأة، وعلى هذا الأساس ذهب الحزب إلى ترشيح نساء فى الانتخابات البلدية. كما قامت النساء بدور جديد أيضا، فقد قامت بجذب النساء فى المناطق ذات الوزن الشعبى للاقتراع. والبعض الآخر منهن كان يتولى توجيه الناخبين وحشدهم إلا أن فتح الباب أمام مشاركة النساء فى العمل السياسى الذى انعكس حضورا أشد بروزا للنساء لم يبلغ بعد حد ترشيحهن للانتخابات البرلمانية. ولكن يتم الإعداد لذلك حيث يذكر الحزب أن الدور الذى تقوم به النساء هو سياسى بامتياز خصوصا كونه عملا تطوعيا، أى أن المتطوعات يعملن على نقل أفكار الحزب، كما، أن قيادة الحزب تعترف بأهمية هذا الدور.
وتشبه نساء الحزب بأنهن يماثلن صورة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة زينب لما لهما من دور أساسى فى سيرة عاشوراء، وعلى هذا الأساس بات حضور نساء حزب الله أكثر وضوحا فى العامين الأخيرين فأصبحن يقمن بدور جديد وهو زيارة مؤسسات مسيحية فى المناسبات والأعياد، وهن يرتدين اللباس الشرعى للحزب، وهو أمر لم يكن معهودا فى السابق. ولكنه ترتيب أوضاع حسب أفكار صفى الدين القائد المنتظر لحزب الله . الذى يهتم أيضا بالنساء منذ التنشئة الأولى. وذلك عندما وضعهن على خريطة فريق الكشافة للحزب المعروف بـ«المهدى» وجعل لذلك مسئولة تدعى منيرة حلاوى فقد أعد الحزب عن طريق تخطيط «صفى الدين إعداد كوادر نسائية بالغة الأهمية منذ الطفولة، فى خلق ما يسمى بـ الجو الجهادى بين الأطفال، حيث تردد «حلاوى» دائما للبنات الصغيرات وهن يلبسن الكشافة وأعمارهن لا تتعدى الـ 8 سنوات «إنكن بزى ملائكي» و«حلاوى التى تبلغ من العمر 23 عاما، وهى عضو فاعل بحزب الله ومن الذين أعطاهم صفى الدين الثقة، فجعلها مدرسة الطقوس الشرعية المعروفة باسم تكليف شرعى، وفيها ترتدى حوالى 300 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين 8 و 9 سنوات الحجاب، وبالنسبة للفتيات يعتبر هذا الطقس الدينى لحظة ذات أهمية رمزية كبرى، إذ يعتبر بداية التزام دينى أكثر عمقا. وأصبحت تلك الطقوس الدينية أمرا شائعا خلال السنوات الأخيرة رغم ندرتها في السابق، وتعتبر «حلاوى» نموذجا لجيل حزب الله الجديد من الشابات . فقد نشأت بعد أن بدأ حزب الله وحلفاؤه فى تأسيس «الهالة الإسلامية» بين شيعة لبنان. وسرعان ما أصبحت تلك الفتاة أكثر تشددا من والديها اللذين عاصرا القومية العربية والأيديولوجيات العلمانية حسب المراقبين لأحوال حزب الله.
ويذكر أن «منيرة حلاوى» تزوجت مبكرًا للغاية وأنجبت طفلها الأول قبل أن تبلغ السابعة عشرة.
وبعد أن تتم حلاوى اعتماد البنات الصغيرات لإعدادهن في صفوف الكشافة تقوم بعمل حفل كبير في مدينة «جيشيت» بالجنوب اللبنانى، حيث تمشي الفتيات علي مسرح أعد لهن خصيصا، وهن . مرتديات: عباءات بيضاء حريرية، وأغطية رأس من الفرو، وعند ذلك يتصاعد دخان أبيض من أجهزة الدخان حولهن فى الوقت نفسه يكون فى الخلفية نشيد حزب الله على إيقاع موسيقى عسكرية، عند ذلك يفرح أهالى الفتيات الذين يحضرون هذا التقليد، فيصفق الآباء وتزغرد الأمهات لتعلن «حلاوى عبر مكبر الصوت إنه جهاد المرأة منذ الصغر»، ولا يفوت حلاوى أن تجعل كل فتاة ممسكة بصورتين لكل من نصر الله، وآية الله الخومينى أثناء هذا العرض.
دعم الإخوان لدولة الفقيه في لبنان
طلبت إيران من الإخوان المسلمين فى مصر أن تجد لها شريكا من السنة السلفيين فى لبنان ليتقدم بتوقيع ما يسمى بـ«وثيقة تفاهم» مع حزب الله حتى تدعمه عندما يعلن «دولة الفقيه»، حيث إن إخوان لبنان بقيادة فتحى يكن كانوا قد انشقوا عن الإخوان المسلمين، وكونوا ما يسمى بـ«الجماعة الإسلامية» ويترأسها الآن فيصل المولوى. وعند ذلك لم يعد لإخوان عاكف فرع فى لبنان، وكان لزاما عليه طاعة حليفته إيران.
ولقد اتفق الإخوان المسلمون فى مصر مع جمعية دعوة العدل والإحسان السلفية بأن تقوم بهذا الدور ممثلة عن سبعة تيارات سلفية، ولكن ظلت هذه الجمعية تؤجل التوقيع على هذه الوثيقة حتى يتم لها شرح حيثيات هذه الخطوة للقاعدة السنية فى طرابلس التى تعتبر معقلا للإسلاميين السنيين، ولكن الإخوان أكدوا للسلفيين بأنهم سوف يكون لهم دور فى دولة الفقيه المزمعة وعليه قام بالتوقيع على الوثيقة من حزب الله إبراهيم أمين السيد وعن الجماعات السلفية حسن الشهال رئيس جمعية العدل والإحسان، وصرح بلال شعبان رئيس حركة التوحيد الإسلامى والمحسوبة على 8 آذار أن اللقاءات والنقاشات بين الحركات الإسلامية السنية وحزب الله لم تتوقف، إنما هى تدور بعيدا عن الإعلام وهناك ما يسمى باللجنة السباعية التى تعقد اجتماعات شهرية، وتضم الجماعة الإسلامية المنشقة عن الإخوان وحزب التحرير وجبهة العمل الإسلامى، وكذلك حركة التوحيد وآخرين، وأن هذه الاجتماعات يحضرها ممثلون عن حزب الله والجماعة الإسلامية القريبة من قوي 14 آذار.
وأن هناك لجنة تنسيق مستمرة بين الأطراف السلفية وحزب الله، وأضاف أن السلفيين خارج هذه اللجنة السباعية والتفاهم الذى تم توقيعه سيعمل على إدخال هؤلاء فى مجال الحوار، أما المعترضون بحسب رأيه فهم ليسوا بعيدين تماما كما يتصور البعض.
على الجانب الآخر نفى مهدى عاكف للصحافة اللبنانية أنه وراء هذا التقارب.
وقال إنه شرف لا يدعيه فى حين نفى حبيب ذلك جملة وتفصيلا.. وفى كل الأحوال إيران تؤكد مساعدة الإخوان لها فى هذا الشأن فى شكل تقارير سرية، وفيما يقدم الإخوان هذا العون للحليف الفارسى تتركه يقضى على جماعة «جند الله السنية الإيرانية» وتفتك به حيث صرحت وكالة الأنباء الإيرانية «ارنا» عن مسئول عسكرى إيرانى بأن 48 متمردا سنيا قتلوا وجرح آخرون على أيدى قوات الأمن الإيرانية.
ومع أن بنود وثيقة التفاهم التى تم توقيعها بين السلفيين اللبنانيين وحزب الله منذ أربعة أشهر فى إطار تحفيز إيران لشكل حزب الله الجديد لم تنص صراحة على إقامة دولة الفقيه أو الدعم لها. لكن فى الوقت نفسه تدعم شكلا من الاتفاق الضمنى بألا يتعرض أى من الطرفين للإساءة للآخر عند أى منهم يعمل ما، وتنص البنود على الآتى:
1 - انطلاقا من حرمة دم المسلم فإننا نحرم وندين أى اعتداء من أى مجموعة مسلمة على أى مجموعة مسلمة أخرى، وفى حال تعرض أى مجموعة إلى اعتداء فمن حقها اللجوء إلى الوسائل المشروعة للدفاع عن نفسها.
2 - الامتناع عن التحريض وتهييج العامة لأن ذلك يساهم فى إذكاء نار الفتنة ويخرج القرار من أيدى العقلاء فيتحكم بالساحة السفهاء وأعداء الأمة الإسلامية.
3 - الوقوف فى وجه المشروع الأمريكى الصهيونى الذى من أبرز أبر أدواته إثارة الفتنة وتجزئة المجزأ وتقسيم المقسم.
4 - السعى بجد وجهد للقضاء على الفكر التكفيرى الموجود عند السنة والشيعة الذى يحرمه كل من السلفيين وحزب الله.
5 - فى حال تعرض حزب الله أو السلفيين لأى ظلم ظاهر وجلى من أطراف داخلية أو خارجية على الطرف الآخر الوقوف معه بقوة وحزم ضمن المستطاع.
6 - تشكيل لجنة من كبار المشايخ عند الطرفين للبحث فى النقاط الخلافية عند السنة والشيعة مما يساهم في حصر الخلافات ضمن هذه اللجنة ويمنع انتقالها إلي الشارع.
7 - كل جهة حرة فيما تعتقد ولا يحق لأى جهة أن تفرض أفكارها واجتهاداتها على الجهة الأخرى.