الإثنين 30 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قانون الحبس الاحتياطى.. المتهم فى حماية القانون

بعد استجابة الرئيس لتوصيات الحوار الوطنى:

قانون الحبس الاحتياطى.. المتهم فى حماية القانون

استكمالا لنجاحات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فى إطلاق العنان لحرية الكلمة، وسماع الرأى والرأى الآخر، وكما عهدناها لم تحجر قط على رأى؛ سواء كان مؤيدًا لها أو معارضًا، ولم ولن يحدث هذا مطلقًا على أى منصة تابعة لهذا الصرح الإعلامى العملاق، الذى يعمل دومًا لمصلحة هذا البلد، ولمصلحة هذا الشعب العظيم.



وبعد نجاح حلقة برنامج «كلام فى السياسة» عن «تعديلات قانون الإجراءات الجنائية».. وجب علينا أن نوجه كل الشكر للشركة «المتحدة» وللضيوف والمتابعين، والشكر لكل الذين تفاعلوا مع الحلقة الماضية من البرنامج والتى ناقشت تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، سواء من المشاهدين، والصحفيين، أو السياسيين، الشكر لكل من كتب كلمة أو مقالًا، والشكر موصول، لضيوف الحلقة الماضية، فقد قدموا نموذجًا راقيا للحوار رغم الخلاف، والتباين فى بعض وجهات النظر، إلا أن الصالح العام كان هدف ضيوف الحلقة.

 

الشكر مرة أخرى، موصول لإدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فمنذ بداية هذا البرنامج، لم أقدم نفسى مذيعًا تليفزيونيًا، دائمًا ما أقدم نفسى بصفتى الصحفية المهنية، وهذا البرنامج مشروع هدفه دفع عجلة الحوار والنقاش، وأشهد للشركة المتحدة ومجلس إدارتها فى هذا البرنامج، أنها لم تمنع أبدًا موضوعًا أو ضيفًا، استضفنا ضيوفًا من كل التيارات السياسية، ولم نُملِ إرادتنا على أىٍّ منهم، الجميع هنا يناقشون ما يريدون، لكن المهم هو كيفية النقاش وكيفية إدارته.

 الحبس الاحتياطى 

واستكمالًا لنجاح الحلقة السابقة التى لاقت قبولًا كبيرًا لدى متابعينا وفى جميع الأوساط السياسية والاجتماعية، قررنا طرح النقاش فى موضوع الحبس الاحتياطى بعد اعتماد توصيات الحوار الوطنى، الموضوع له سياق دستورى حاكم، وإرادة سياسية وتوجيه سياسى نابع من القيادة السياسية بأن الحبس الاحتياطى لا يجب أن يكون عقوبة فى حد ذاته، الحبس الاحتياطى هو جزء من الإجراءات الجنائية، فهناك متهم، وسلطة التحقيق لديها أسباب تخصها، سواء هذا الموضوع يتعلق بأدلة الاتهام أو سير قضية التحقيق، وهناك مطالب بأن تقل مدة الحبس الاحتياطى، ومطالب بتوفير بدائل.

 استجابة الرئيس السيسى

وفى خضم النقاش عن قانون الحبس الاحتياطى، عرض برنامج «كلام فى السياسة»، الذى يقدمه الإعلامى والكاتب الصحفى أحمد الطاهرى، تقريرا عن استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن تفعيل توصيات الحوار الوطنى فى الحبس الاحتياطى.

وقال التقرير: «بعد أكثر من عامين، على انطلاق جلسات الحوار الوطنى التى دعا إليها الرئيس السيسى وضمت رموزًا متنوعة من التيارات السياسية المختلفة، وبعد أيام من رفع مجلس الأمناء لتوصياته المتعلقة بقانون الحبس الاحتياطى، تم الإعلان عن استجابة الرئيس السيسى للتوصيات المطروحة مكلفًا الحكومة بوضع آليات التنفيذ لتشمل تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطى ووضعه كإجراء وقائى دون أن تتحول إلى عقوبة».

وواصل التقرير: «قانونيون وسياسيون رحبوا بالقرار مؤكدين أن القانون المصرى يشمل بالفعل البدائل التى توفر ضمانة سير التحقيقات فى القضايا مع عدم حبس المتهمين لفترات طويلة». 

وذكر التقرير، أن سياسيين وحقوقيين أكدوا أن توصيات الرئيس جاءت انتصارًا لحقوق الإنسان فى مصر، مؤكدين أن القانون المصرى لم يجعل حماية التحقيق رهينًا بحبس المتهمين فقط، إذ توفر بدائل أخرى تغنى عن الحجز التحفظى وتتيح الحفاظ على سير التحقيقات أيضا.

 نقاشات موضوعية

أكد الكاتب الصحفى عماد الدين حسين عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أطلق الدعوة للحوار الوطنى فى 26 إبريل 2022، وبدأ مجلس الأمناء عقد الاجتماعات فى يوليو 2022، واستغرق 3 أشهر لتحديد الموضوعات، مضيفًا: «عند تحديد الموضوعات التى يجب أن تدرج فى نقاشات الحوار الوطنى، تجنبنا الموضوعات الإنشائية، فأى موضوع قابل للخروج بتوصيات عملية قابلة للتطبيق منه، فنحن سنتبناها بقدر الإمكان»، مشددًا، على أن نقاشات الحبس الاحتياطى كانت هادئة وموضوعية ومحترمة، ورفع مجلس الأمناء التوصيات بالتوافق للرئيس السيسى، متابعا: «وبالتالى، جرى اختيار موضوعات المحور السياسى، وتخصيص قضية حقوق الإنسان والحريات، وضمن موضوعات هذه اللجنة ملف الحبس الاحتياطى، فقد جرى اختياره على أساس أنه قضية محددة يمكننا المطالبة فيها بمطالبات محددة، وناشدنا الرئيس السيسى بإطلاق أكبر قدر من المسجونين على ذمة قضايا سياسية، واستجاب الرئيس السيسى لنا بشكل جيد جدًا، وتم قطع شوط كبير جدا فى الإفراج عن 2000 شخص».

 الحوار الوطنى ليس جهة تشريع 

كما قال الكاتب الصحفى عماد الدين حسين، إنّ الحوار الوطنى ليس جهة تشريع ولا يأخذ دور أو عمل مجلس الوزراء أو مجلس النواب، مضيفًا إنّ الحوار الوطنى ناقش مواد الحبس الاحتياطى فى قانون الإجراءات الجنائية، بواقع 22 مادة من إجمالى 540 مادة هى قانون الإجراءات الجنائية، ولم يناقش من قريب أو بعيد أى شىء يتعلق بالإجراءات الجنائية: «الحوار الوطنى لم يناقش من قريب أو بعيد أى شىء يتعلق بالإجراءات الجنائية وليس له صلة بهذا القانون، وله صلة فقط بهذه المواد التى ناقشها، وتوصل إلى توصيات ورفعها للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أحالها - مشكورا - لمجلس الوزراء، الذى أحالها بدوره إلى مجلس النواب».

 صياغات مطاطة

كما أكد الكاتب الصحفى عماد الدين حسين على أن من بين التوصيات التى خرج بها الحوار الوطنى فى ملف الحبس الاحتياطى هو عدم جواز حبس المتهم على نفس القضية التى حُبس احتياطيًا بسببها، مناشدًا عدم وجود صياغات مطاطة حتى لا يؤدى هذا الأمر إلى مشكلات فى التطبيق، مضيفًا: «الحبس الاحتياطى فى أحيان قليلة يكون فى مصلحة المتهم، لأنه يحميه، ولكن، هذه جزئية صغيرة جدا»، متابعًا: «عندما نتحدث عن الحبس الاحتياطى، فإن الأمر لا يتوقف عند النصوص والمواد أيضا، ولكن السياسات القضائية والمناخ العام والسياسات العامة، فالقانون متعلق بمجموعة من الأطراف الأساسية، مثل النيابة والقضاء والمحامين والمتهم، ولا نتدخل فى عمل المتهم، وكلما كانت النصوص محكمة كان ذلك فى صالح الأطراف كلها».

توافق وطنى عام

كما تحدث «عماد الدين حسين»، عن الدور الذى لعبه الحوار الوطنى حتى تخرج بعض القضايا التى تهم الشارع المصرى إلى النور مثل الحبس الاحتياطى، مضيفًا: «الحوار الوطنى ناقش 113 موضوعًا فى 3 محاور، بها معظم القضايا التى يمكن أن تهم المواطنين مثل الحبس الاحتياطى والتضخم وقانون تداول المعلومات والتعليم والزراعة والصناعة»، متابعًا: «هناك فهم خاطئ لدى البعض، بأن قضايا الحوار الوطنى تهم النخبة، لكنها مفيدة للمواطن العادى، لأنه يجعل السياسات أكثر رشدًا وتوافقًا وطنيًا عامًا، وبالتالى، فإن الحوار الوطنى جعل القوى السياسية تجلس لتتحاور بعدما كان هناك شبه انغلاق ولم يكن هناك أى حوار قبل الحوار الوطنى بسبب ظروف كثيرة، خصوصا فيما يتعلق بتحديات الإرهاب».

نموذج محترم ومختلف

كما أشار «عماد الدين حسين» إلى أن مشاركة مختلف القوى السياسية فى الحوار الوطنى أدت إلى خفض منسوب التوتر وجعل الناس أكثر قابلية، موضحا أنّ المجتمع المصرى استفاد بشكل كبير جدا، مضيفا: «أشهد أن ضياء رشوان ومحمود فوزى لعبا دورًا كبيرًا جدًا مع قوى سياسية كثيرة، وكان ذلك مفيدًا جدًا، وهذا الأمر سيقود إلى أجواء تشجع على مناقشة موضوعات مهمة للمواطنين مثل الأسعار»، متابعًا: «على المجتمع المدنى والحوار الوطنى والبرلمان الاجتهاد للخروج بأكبر قانون يلبى مصلحة كل الأطراف، فلا يوجد طرف يجب أن يفوز بمفرده بالضربة القاضية، لأن التوازن سيؤدى إلى أن يكون المجتمع أكثر استقرارا»، مشيرًا، إلى أن نقاش الحوار الوطنى لقانون الإجراءات الجنائية نموذج محترم ومختلف.

 دعوة حكيمة وذكية 

فيما أكد أحمد راغب المقرر المساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطنى، على أن الدعوة الحكيمة والذكية للحوار الوطنى من الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت استباقية، مشيرًا، إلى أنّ اللحظة السياسية قبل الحوار الوطنى اختلفت بعده، مضيفا: «جلسة الحبس الاحتياطى استغرقت 12 ساعة وشهدت عرض كل الآراء التى نتصورها والتى لا نتصورها، وكل الاتجاهات السياسية كانت ممثلة وتعبر عن رأيها بمسئولية شديدة وإدراك لأهمية تقديم مقترح عملى قابل للتطبيق وسعة صدر كبيرة جدا»، متابعًا: «أرى أنّ الحوار الوطنى آلية مؤقتة لمعالجة أمور عاجلة، فهى ليست آلية دائمة، فالحوار يجب أن يكون فى المؤسسات بالمجال العام مثل الصحافة، البرلمان، الإعلام، الأحزاب، والنقابات، لكن الحوار الوطنى عاجل وكان مطلوبا لتشغيل الماكينة»، مشددا على أن الحوار الوطنى كان مبنيا على دعوة محددة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى تحديد أولويات العمل الوطنى، لذلك، فإننا بذلنا مجهودا فى تحديد قائمة الموضوعات والأولويات، واجتهدنا وأصبنا وأخطأنا، لافتًا، إلى أنّ ملف الحبس الاحتياطى- تحديدا- مرتبط بالحوار الوطنى، فإذا نجح فى تعديل الحبس الاحتياطى، فإن الحوار الوطنى سيكون نجح، وإن لم يحدث ذلك، ستكون هناك مشكلة، متابعًا: «كان على رأس الموضوعات التى اجتهدنا فيها موضوع الحبس الاحتياطى، وكانت الدعوة إلى عقد الحوار الوطنى فى إفطار الأسرة المصرية، وشهد خروج الصديق حسام مؤنس بقرار عفو رئاسى، وبالتالى، كان العنوان الرئيسى هو فتح المجال العام للحوار وأن ينجح بضمانات وتطمينات وجدية، ثم توالى خروج آخرين مثل محمد الباقر، ونريد إفراجات أخرى».

 لا أحد ينازع البرلمان 

كما قال «أحمد راغب»، إنّ الحوار الوطنى وأى طرف آخر لا ينازع البرلمان حقه فى إصدار القوانين، مواصلا: «لا يُتصور أن دور الحوار الوطنى تقديم مشروعات القوانين، لأن هذا الأمر حق البرلمان الذى لا ينازعه أحد فيه، والذى سيحاسبه المجتمع على ما فعله»، مضيفًا: «أشكر الإعلامى أحمد الطاهرى والبرنامج على فتح الباب أمام مناقشة الحبس الاحتياطى، فمنذ أيام قليلة أعلن نادى القضاة عن عقد اجتماع لرؤساء المحاكم الابتدائية والاستئناف وقالوا إن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيه شبهات عدم الدستورية»، متابعا: «أقصد أنّ النقاش المجتمعى جيد جدا، وأحيى مجلس النواب، لأنه أصدر بيانًا ردًا على نقابة الصحفيين فى غاية الاحترام والإحساس بالمسئولية، واستمع لكل الآراء المختلفة والمتنوعة».

 مبادئ وليس نصوصًا

ويرى «راغب» أن قانون الإجراءات الجنائية يتم إصداره لمصلحة المتهم، وليس المجتمع، فهذا القانون يستهدف حماية الطرف الأضعف، وهو المتهم، كما أن توصيات الحوار الوطنى، ليس من المفترض أن تقدم نصوص قوانين، ولكن مبادئ ومقترحات، مضيفا: «من توصيات الحوار الوطنى ألا يتحول الحبس الاحتياطى إلى عقوبة، وهذا مبدأ، ولكن صياغة النص ليست من اختصاصات الحوار الوطنى، فنحن نتحدث عن الفلسفة التى يقوم عليها، وفلسفة مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليست مبادئ الحوار الوطنى».

 مقترحات الصحفيين

وعن مدى الاستجابة لمقترحات نقابة الصحفيين على قانون الإجراءات الجنائية، ثمّن «راغب»، دور البيان الصادر عن مجلس النواب فيما يتعلق بمشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية، مشيرًا، إلى أنه تعاطى مع ملاحظات نقابة الصحفيين وغيرها من الملاحظات.

وواصل المقرر المساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطنى: «مجلس النواب شكّل لجنة ودرس الملاحظات وكتب ردًا محترمًا جدًا، وندرس المقترحات فى إطار لجنة مشكلة من نقابة الصحفيين». وأكمل: «المقترحات فيها بعض الأمور التى جرى توضيحها، وهناك مقترحات أخرى ما زال بها مشكلة على مستوى الفلسفة، ونحن سنقدم لنقابة الصحفيين أفكارًا أو آراءً، وللنقابة حرية تبنيها من عدمها».

 التعديلات الجديدة

وعن سؤال «ما هى الجهات المنوط بها تحريك الدعاوى القضائية فى التعديلات الجديدة؟».

قال «راغب»: «هذا الأمر من القضايا الكبرى فى مشروع القانون الحالى، لأنّ قانون الإجراءات الجنائية الحالية صدر فى ظل دساستير متعاقبة على مصر، وفلسفة هذا القانون مختلفة عن الفلسفة التى يجب أن يصدر بها تشريع جديد يتوافق مع الدستور الحالى»، متابعا: «لماذا؟ حدث تغيير مهم فى الدستور السابق، الأول متعلق بحسم مسألة جمع النيابة العامة بين سلطتى الاتهام والتحقيق، وأرى أنّ هذا الأمر مخالف لقواعد الحياد، ولكن الدستور حسم هذه المشكلة، وبالتالى سنلتزم بأحكام الدستور»، مؤكدا أن النيابة العامة هى السلطة الأصيلة والمختصة بسلطة الاتهام والتحقيق، وعند التحقيق، لا تكون خصمًا للمتهم، لكنها جهة محايدة، وعند المحاكمة تكون خصما للمتهم لأنها فى هذه الحالة الحالة تكون نائبا للمجتمع الذى ارتُكبت الجريمة على أرضه.

وواصل: «أمر آخر، هناك تعديل ثانٍ وهو تعديل المادة 99 من الدستور، وهو نص مستحدث وتقدمى جدا، وجاء فيه أن كل اعتداء على الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور جريمة لا تسقط بالتقادم، وللمضرور حق فى إقامة الدعوى الجنائية مباشرة، وهذا تغيير مهم جدا فى فلسفة تحريك الدعوى الجنائية، فالمشرع الدستورى جعل للمضرور حق رفع الدعوى الجنائية بشكل مباشر أمام القانون».

 أولويات العمل الوطنى

فيما أوضح النائب محمد عبدالعزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أنه منذ اللحظة الأولى التى أطلق فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى الحوار الوطنى، فُهم رسالة أن المجتمع ككل يجب أن يكون شريكا فى تحديد أولويات العمل الوطنى، وبما أنه شريك مجلس النواب ينظر للحوار الوطنى باعتباره أحد المرتكزات الرئيسية التى نأخذ توصياتها بعين الجد والاعتبار والاهتمام الشديد، متابعا: «لا يوجد بأى شكل من الأشكال تنازع الاختصاصات بين مجلس النواب صاحب سلطة التشريع بحكم الدستور، والحوار الوطنى يمثل تعددية كبيرة للغاية سياسية وفكرية وقامات من مختلف التيارات السياسية والفكرية، والذى من شأنه إثراء عملية النقاش العام، وهذا أمر مطلوب فى كل حال من الأحوال».

 المسودة الأولى للقانون 

كما  قال وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن المسودة الأولى لقانون الإجراءات الجنائية صدرت فى اللحظة التى جاءت بها توصيات الحوار الوطنى المتعلقة بالحبس الاحتياطى، ولا يوجد مؤامرة فى ذلك، مردفًا: «من كان متابعا من الزملاء الصحفيين البرلمانيين تشكيل اللجنة الفرعية منذ اللحظة الأولى، كان يعرف أن هذا هو التوقيت الذى سيتم الإعلان فيه المسودة الأولى، ولم يكن سرًا»، مضيفا: «اللجنة شُكلت فى ديسمبر 2023، وأعلن عن تشكيلها وعقدت اجتماعات لمناقشة قانون جديد للإجراءات الجنائية»، متابعا: «رئيس مجلس النواب نفسه فى ختام دور الانعقاد وجه الشكر للجنة الفرعية، فى جلسة علنية نشرت ونقلت على قناة إكسترا نيوز وكل الصحفيين البرلمانيين غطوها، وقال بالنص (إن هذه اللجنة عملت منتج جيد وستستمر اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب فى المناقشة فيه فى سبتمبر) أى فى الإجازة البرلمانية، بالتالى لم يكن هناك سر بأن اللجنة ستناقش المسودة التى خرجت».

 خفض مدد الحبس الاحتياطى 

كما أكد «عبدالعزيز»، أن توصيات الحوار الوطنى التى نشرت كانت محددة فى موضوع الحبس الاحتياطى، مردفا: «أجد أن المشروع أخذ بها أو بمعظمها بنسبة أكبر من 90%، فهناك توصيات من الحوار الوطنى موجهة للمجتمع سواء موجهة للنائب العام أو الممارسة الفعلية، والتوصيات الموجهة لمجلس النواب تتعلق بالتشريع»، مضيفا: «الحوار الوطنى قدم 5 مقترحات، وعلى مجلس النواب أن يأخذ منها، ومن المستحيل أن يأخذها كلها، نظرا لاختلافها، المقترح الأول تحدث عن تخفيض المدد من 6 أشهر لـ4 فى الجنح، وللجنايات من 18 شهرا بدلا من 24 شهرا، بينما الجنايات المستأنفة 30 شهرا»، متابعًا: «مجلس النواب خفض المدد أكثر من هذا المقترح الذى قدمه الحوار الوطنى، فأصبح 4 أشهر بدلا من 6 أشهر فى الجنح، وفى الجنايات أصبح 12 شهرا بدلا من 18 شهرًا، وفى الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أصبحت 18 بدلا من 24 شهرا، وفى المستأنف أصبحت عامين بدلا من عدم التقيد بمدد أو 30 شهرا».

 سقف زمنى 

وأشار «عبدالعزيز» إلى أن الحوار الوطنى قدم 3 مقترحات حول بدائل الحبس الاحتياطى، الاقتراح الأول هو ضرورة إعادة المشرع للنظر فى قانون العقوبات والأخذ بالمراقبة الإلكترونية، والمقترح الثانى يتمثل فى عدم مبارحة الشخص مسكنه المدة التى يقررها القاضى أو جهة التحقيق كبديل للحبس الاحتياطى، والمقترح الثالث يتمثل فى تسليم الشخص نفسه فى مقر الشرطة كبديل للحبس الاحتياطى، وهذا موجود فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، متابعا: «التوصيات المتعلقة بالجرائم وتعددها، وهذه إشكالية قدم فيها الحوار الوطنى 8 مقترحات، منها اقتراح بإلغاء التعديل الذى أدخل على قانون الإجراءات الجنائية بقانون رقم 3 لسنة 2013، الذى سمح بفتح المدد فى الحبس الاحتياطى كضمانة، لأنه من الممكن أن يحدث تعدد ويظل الحبس الاحتياطى مستمرًا مُددًا أطول من المدد التى أقرها القانون، ومجلس النواب أخذ بهذه التوصية، وتم إلغاء هذا التعديل، وأصبح هناك سقف زمنى لأى مدد للحبس الاحتياطى لا يتجاوز عامين حتى وإن كانت العقوبة هى الإعدام، وبالتالى تم الاستجابة لهذا المقترح».

 النقاش ما زال مفتوحا 

كما أكد وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، على أن الذى توافق عليه الحاضرون فى الحوار الوطنى أو التسعة مبادئ، كلها مبادئ عامة تتعلق بتحقيق حقوق الإنسان أو ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، «انعكاس مواد قانون الإجراءات سنجدها محققة، سواء التى لها علاقة بالحبس الاحتياطى أو بشكل عام ضمانات المحاكمة العادلة أو المنصفة»، مضيفا: «هناك وجهة نظر بها خلاف حول مبررات الحبس الاحتياطى من قانون 1950 وهى لم ترد ضمن مقترحات الحوار الوطنى»، متابعا: «لا يزال النقاش مفتوحا فى قانون الإجراءات الجنائية، والجلسة العامة ما زالت أمامنا، وننظر فى كل الآراء الموجودة، والهدف من الحبس الاحتياطى هو إجراء احترازى تلزمه سلامة التحقيق، وليست عقوبة، وتحكمنا فى ذلك نص المادة 54 من الدستور ونص المادة 96 من الدستور، وأؤكد للجميع أنه لن يخرج قانون الإجراءات الجنائية به مخالفات دستورية»، مواصلا: «إن المبادئ العامة التى أقرها الحوار الوطنى فى أن يكون الحبس الاحتياطى تستلزمه ضرورة التحقيق متحققة فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ولم يتجاوزها فى رأى البرلمان، لأنه قد يهدد سلامة الجهات القائمة على التحقيق أو سلامة الأمن العام فى بعض القضايا المتعلقة بالإرهاب على سبيل المثال»، وأن المادة المتعلقة بمبررات الحبس الاحتياطى لم تتغير من القانون، فهذا لا يعنى أن الفلسفة واحدة، ولكن بأن القانون يقرأ ككل، بمعنى أن القانون القديم لم يكن به تعويض عن الحبس الاحتياطى الخاطئ، متابعًا: «المشروع الجديد به تعويض بالتالى ذلك يحقق أن الحبس الاحتياطى ضرورة لمستلزمات التحقيق، وإذا تجاوزها المحقق بأى سبب من الأسباب أدت إلى ظلم يستحق التعويض، وهذه فلسفة مختلفة».

 مطالب الصحفيين تحققت 

وأشار «عبدالعزيز» إلى أنه كانت هناك 3 اعتراضات رئيسية حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية، متمثلة فى نقابة المحامين، نقابة الصحفيين، نادى القضاة، وكلٌّ له وجهة نظر تحترم، تم النقاش مع نقابة المحامين، وانتهى إلى هذا النص الذى أقرته نقابة المحامين، والتى تراه أنه يحقق ضمانات الدفاع، وهذا أعلنه نقيب المحامين أكثر من مرة، مضيفا: «هناك حالة نقاش مستمرة مع نقابة الصحفيين، فهى أرسلت مذكرة بها 41 مادة، والبرلمان قرأ هذه المذكرة بشكل تفصيلى، وحدد بأن هذه المقترحات ما بين 3 أشياء، بعض المقترحات تحقق بالفعل بالنقاش داخل اللجنة الدستورية والتشريعية، وبعض المقترحات، وهذا أرسلناه فى جدول موجود فيه تخالف الدستور، لا تصلح للواقع العملى»، متابعا: «نادى القضاة لديه اعتراضات تتعلق بحق الدفاع فى وجهات النظر المختلفة بين المحامين والقضاة، انحاز البرلمان لحق الدفاع».

 دور النيابة

ويرى وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن هناك مدارس قانونية مختلفة، حول دور النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام، فعلم القانون ليس كباقى العلوم المُسلم بها مثل الفيزياء والكيمياء، لكن بها مدارس البعض يأخذ بها ومدرسة البعض يختلف معها، فهناك مدرسة ترى ضرورة الفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق، وهناك مدرسة أخرى ترى أن الفصل يضر بسلامة التحقيقات، لأن الشخص الذى يوجه الاتهام لا يعرف ماذا حدث فى التحقيق، لكن الدستور المصرى انحاز للمدرسة التى تقول إن النيابة العامة تتولى تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام، متابعا: «هذا الجدل أصبح محسوما، لا يستطيع المشرع أن يخالف النص الدستورى فى هذا الأمر، لأن هناك بعض الآراء التى قيلت فى نقاش قانون الإجراءات الجنائية بأنه يخل بالمحاكمة الجنائية والعادلة والمنصفة لأنه أعطى للنيابة العامة سلطة تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام، والمشرع إذا لم يفعل ذلك فإنه يخالف الدستور، بالتالى يجب أن تتولى النيابة العامة سلطة تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام وفقا للدستور».

 أبعاد سياسية

فيما أكد الدكتور محمد فايز فرحات، رئيس مجلس إدارة الأهرام وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن قانون الإجراءات الجنائية قضية إشكال كبير وحتى وقت كبير كانت من المحظورات، متابعًا: «هل كان يتخيل أحد أن يتم مناقشة هذه القضايا بهذه الحساسية وبهذا التعقيد أيضا»، مضيفا: «هذه القضية لها أبعاد فلسفية غير الأبعاد المتعلقة بالنص.. خلف النصوص تقف فلسفة يعبر عنها كل التيارات ويتعامل مع هذه القضايا حقوقيون لهم ضوابط محددة ولكنهم متأثرون بفلسفات سياسية، والموضوع شديد التعقيد». وواصل: «الموضوع شديد التعقيد ويعبر عن إشكال ونحن إزاء تحول ضخم فى النقاش العام وفى التعامل مع قضايا كانت حتى وقت قريب قضايا مغلقة».

 تفكير علمى ومنهجى

كما أكد رئيس مجلس إدارة الأهرام وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أنه لم يكن من المتوقع أبدًا أن يخرج تصور ورؤية البرلمان بشأن قانون الإجراءات الجنائية بشكل يتطابق مع مخرجات الحوار الوطنى؛ لأن كل كيان له اعتباره وله وضعه وتقديره الكبير ويقف وراءه قامات وكان من الطبيعى أن يحدث هذا الاختلاف، متابعًا: «فى النهاية هذا النقاش مخرجات وتوصيات محددة عن الحوار الوطنى بشأن هذا القانون»، مضيفا: «توصيات الحوار الوطنى استندت إلى تفكير علمى ومنهجى ونقاش وجهد عميق وكانت هناك جلسات مكثفة وكانت تعبيرا شديدا عن تلاحم وطنى ليكون هناك تصور محدد وهي محكومة بضوابط بالدستور وحقوق الإنسان والأرضية الوطنية».

وواصل: «نفس الأمر التصور بشأن القانون عن مجلس النواب.. كل هذه الرؤى محكومة بضوابط أولها الدستور ولا يمكن لأحد أن يناقض الدستور أو يطرح رؤى تختلف وتتناقض مع الدستور، وهناك إرادة سياسية قوية تقف وراء عملية الإصلاح».

 مصدر مهم للبرلمان

وأشار «فرحات»، إلى أنه معنىّ أكثر بما سينتهى إليه مشروع قانون الإجراءات الجنائية والمنتج النهائى الذى سيأتى فى شكل تشريع، والذى سيكون محكومًا بعوامل محددة، موضحًا أن مخرجات الحوار الوطنى بشأن الإجراءات الجنائية رافد ومصدر مهم فى عمل البرلمان فى هذا الإطار، مضيفا: «البرلمان يأخذ فى الاعتبار مخرجات الحوار الوطنى باعتبار أنها مرجع مهم فى عملية التشريع»، موضحًا أن بيان الحكومة أشار إلى هذا الأمر وأن الحوار الوطنى رافد مهم فى عملية التشريع.

وتابع: «عندما يكون هناك مشروع للقانون، ستكون هناك صلاحيات دستورية للرئيس عبدالفتاح السيسى وسيكون هناك مرجعية نهائية ستطمئن لما خرج عن البرلمان من التشريع بما يتوافق مع الدستور ويعبر عن رؤية سياسية إصلاحية لدى القيادة السياسية»، موضحًا أننا فى مراحل التعامل مع القضية المعقدة والحساسة ويجب أن نكون منشغلين بما ستنتهى اليه هذه العملية».

توافق يصل لـ40%

وأكد «فرحات»، أن درجة التوافق عن ما خرج من الحوار الوطنى وما خرج عن مجلس النواب بشأن قانون الإجراءات الجنائية هي أكثر من 40%، متابعًا: «بعض التعديلات جاءت أفضل مما جاءت فى التوصيات»، مضيفا أن بعض النصوص كانت أكثر تقدمًا من بعض البدائل التى طرحت من الحوار الوطنى، مشددًا على أن الحوار الوطنى فى كل محور من المحاور الـ5 قدّم بدائل عديدة، إذ إنه كان فى 8 بدائل ببعض المحاور. وشدد على أنه فى النهاية سيكون هناك انحياز لبديل من البدائل فى المحاور الـ5 بالإجراءات الجنائية.

 تطبيق الإصلاح

كما أكد، رئيس مجلس إدارة الأهرام وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، على أن هناك طموحا بالإصلاح لدى الدستور والقوى السياسية والأطراف التى تعاملت مع قضية الحبس الاحتياطى وهى أطراف الحوار الوطنى والبرلمان وأيضًا الأطراف ذات الصلة، موضحًا أن لدى القيادة السياسية وهذه الأطراف طموحا بدعوة للحوار الوطنى لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية، متابعا: «يقينى أن الذى طرح فكرة الإصلاح السياسى كانت مبادرة من القيادة السياسية.. للقيادة السياسية إدراك وفهم عميق لكيف يمكن عملية الإصلاح؟.. حماية عملية الإصلاح مسئولية القيادة السياسية والنخبة والمجتمع.. يجب أن نحمى هذا المشروع».

وشدد على أن الدولة المصرية أثبتت مرونة فى التعامل مع التحديات والحزم الاجتماعية التى وضعتها الدولة المصرية أثبت أن الدولة لها قدرة على المرونة والتعامل مع مثل هذه الطموحات الكبيرة.

 

 نموذج عبقرى

ويرى «فرحات» أن العملية الإصلاحية هى عملية تدريجية وتتم بشكل تراكمى، موضحًا أن نموذج الإصلاح المصرى يمتلك رؤية عبقرية فى مشروع الإصلاح فى مصر؛ لأن مشروع الإجراءات الجنائية مبنى على واقع وخبرات كبيرة تكونت لدى المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة، مضيفا: «نحن إزاء نموذج مصرى فى الإصلاح.. الإصلاح بالثورة لا يؤدى لأى نتيجة، يؤدى لضياع المجتمع والدولة مثلما حدث فى مناطق ودول أخرى.. وهذا الدرس الكبير الذى تعلمه المجتمع المصرى عام 2011 وما بعد ذلك»، متابعا: «إن الانتصار يكون لمفهوم الإصلاح وتطبيق تجربة إصلاحية يسندها ويدعمها الواقع.. لا بد أن تكون التوقعات من القوى السياسية والمجتمع وكل الأطراف والفاعلين الذين لهم علاقة بعملية الإصلاح سواء فيما يتعلق بالقضايا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية مرتبطة بالواقع»، مشددا على أن مسألة ضبط العلاقة بين الطموح والواقع والتوقعات مسألة فى منتهى الأهمية ولا بد أن نعى جيدا هذه العلاقة، والهدف الرئيسى والمتوقع من الحوار الوطنى أن كل ما يخرج عنه من توصيات بشأن الإجراءات الجنائية يتحول لتشريعات أو سياسات، موضحًا أن تطوير ما خرج من الحوار الوطنى هو الذى سيضمن سد الفجوة بين ما جاء فى الحوار الوطنى والبرلمان، وأنه منذ خروج توصيات مجلس النواب بشأن الإجراءات الجنائية وما تبعه من نقاش من مجلس أمناء الحوار الوطنى وكيانات أخرى لها صلة بهذا الموضوع، كل ذلك سيؤدى إلى إنهاء الفجوة فى التوافق بين مجلس النواب والحوار الوطنى، ويجب ألا ننسى أن هناك إرادة وقيادة سياسية هى التى ستصدق على القانون الذى سيصدر من البرلمان».