بحضور رئيس الجمهورية وزارة الأوقاف احتفلت بالمولد النبوى وكرمت العلماء الرئيس السيسي: نحن فى حاجة ماسة لمضاعفة جهود مؤسسات الدولة فى مجالات بناء الإنسان
صبحى مجاهد
احتفلت وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوى الشريف، بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث شهد الاحتفال أجواء دينية وروحانية مميزة كما كان له طابع ممميز بتأكيد الرئيس السيسى على أهمية بناء الإنسان ونشر الفكر الوسطى المستنير، ومواجهة الأفكار المتطرفة، حيث أكد الرئيس أننا فى حاجة ماسة، لمضاعفة الجهود التى تقوم بها جميع مؤسسات الدولة، وخاصة المؤسسات الدينية فى مجالات بناء الإنسان، وترسيخ القيم، ونشر الفكر الوسطى المستنير، ومواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة؛ وأن الدولة المصرية؛ لا تدخر جهدًا فى توفير كل الدعم، وتهيئة المناخ المناسب لإنجاح تلك الجهود.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إن الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، يبعث فى قلوبنا، معانى الإنسانية الحقيقية؛ إذ كان مولده (صلوات الله وسلامه عليه) إحياء للإنسانية، وتكريمًا لها.
وأكد الرئيس السيسى أن مهمة بناء الإنسان وتكوينه وإعداده، مسئولية تضامنية وتكاملية، تحتاج إلى تضافر جهود المؤسسات الدينية والعلمية والثقافية والشبابية والإعلامية، ومن قبل كل ذلك الأسرة، لنبنى معًا إنسانًا قويًا واعيًا رشيدًا، يبنى وطنه فى مختلف المجالات، ليكون قدوة ونموذجًا حسنًا لتعاليم دينه، إنسانًا صاحب شخصية قوية سوية؛ قادرة على تخطى الصعاب ومواجهة التحديات؛ وبناء التقدم والحضارة والعمران.
وأشار الرئيس، إلى قول رسولنا الكريم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، مؤكدًا أنه دعوة لنا جميعًا، أن نتحلى بالأخلاق الحميدة فى جميع مجالات حياتنا، متطلعين فى هذا الصدد، إلى مزيد من الجهود فى بناء الإنسان؛ بناء أخلاقيًا، وعلميًا، وثقافيًا، ومعرفيًا، ونوعيًا، من خلال استخدام جميع الوسائل الحديثة، والأساليب المتطورة التى تتســق مــع طبيعـــة العصـــر ومستجداته لينطلق الإنسان فى تعامله مع غيره، من خلال مبادئ سامية؛ يعمها الخير والنفع، والرفق والشفقة والرحمة بجميع الناس، لتعيش كل الشعوب فى أجواء من السلام والأمان، ويكون منهجها عند الاختلاف، قائمًا على أساس من الحوار والإقناع، دون إكراه أو إساءة.
وكان الرئيس السيسى قد استهل كلمته بقوله: «نجتمع اليوم لنحتفل؛ والأمة الإسلامية، بذكرى ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه هذا اليوم المبارك؛ الذى أذن الله تعالى فيه، لشمس الهداية النبوية أن تشرق على الدنيا بمولده (صلى الله عليه وسلم).. ويطيب لى، فى هذه المناسبة الكريمة العطرة، أن أتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم، ولجميع الشعوب العربية والإسلامية سائلًا الله العلى القدير، أن يعيدها على الشعب المصري؛ وعلى الأمتين العربية والإسلامية؛ وعلى العالم أجمع، بالخير واليمن والبركات.
وأضاف الرئيس السيسى، أن احتفالنا اليوم، يمثل فرصة للاطلاع على سيرته العظيمة (صلى الله عليه وسلم)، وتعزيز مفاهيم رسالة الإسلام فى أذهاننـا، التـى بلغـــــت بالإنســـــانية أعـــــــلى درجاتها، فرسمت للبشرية طريق المحبة والإخاء، من خلال منظومة أخلاقية؛ من شأنها أن تجمع ولا تفرق، وتبنى ولا تهدم فهى رسالة تدعو إلى التعايش والبناء والتنمية، حيث بينت آيات القرآن الكريم، أن من أسمى غايات الخلق، بناء الإنسان بناءً قويمًا، ليؤدى مهمته التى كلفه الله تعالى بها، ألا وهى إعمار الكون وتنميته.
وأهدى فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، النسخة الأولى من ترجمة الأزهر لمعانى القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزيَّة، خلال الاحتفال بذكرى مولد النبى محمد، وهى أول ترجمة تصدر عن «مركز الترجمة» بالأزهر الشريف، لتعريف أبناء المسلمين بمعانى القرآن الكريم مِمَّن لا يَتحدَّثونَ اللُّغةَ العربيَّة، ولتعريف كل المهتمين بقراءة معانى هذا الكتاب العظيم دستور المسلمين وهدى السماء للبشرية.
واستغرقت الترجمة، التى صدرت عن مركز الأزهر للترجمة، عدة سنوات من علماء متخصصين فى اللغة الإنجليزية وعلوم الشريعة الإسلامية، لتقديم ترجمة دقيقة لمعانى القرآن الكريم تبرز جماليات القرآن ومعجزاته وما فيه من مصلحة للبشرية جمعاء.
كما قدم وزير الأوقاف كتاب الله (عز وجل) هدية للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، حيث قام الرئيس بتقبيل كتاب الله.
شيخ الأزهر وتجديد الوعى
وفى كلمته أكد د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن المتأمل فى صفات رسول الله محمد؛ يحار فلا يدرى بأيها يبدأ ولا بأيها يختم، ولا ماذا يأخذ من هذا الوابل الصيب من صفات الجمال وصفات الجلال، ولا ماذا يدع... وكيف لا! وقد وصف الله سعة أخلاقه الشريفة بوصف العظم،
وأوضح أن المطابقة بين أخلاق القرآن الكريم وأخلاقه هى السر فى اختصاص نبى الإسلام برسالة تختلف عن الرسالات السابقة، حيث جاءت رسالة خاتمة للرسالات الإلهية، ورسالة عامة تتسع للعالمين جميعا: إنسا وجنا، وزمانا ومكانا؛ بينما جاءت الرسالات السابقة رسالات محدودة بأقوام بعينهم وفى زمان معين ومكان محدد لا تتجاوزه لمكان آخر.
وبين فضيلته أن أخلاق محمد وإن تنوعت عددا ومنزلة وعلو درجة وكمال شأن، حتى وصف بالإنسان الكامل - فإن صفة من صفاته هذه قد انفردت بالذكر فى القرآن الكريم، وهى: صفة «الرحمة» التى وصف بها فى قوله تعالى فى أواخر سورة التوبة، فى معرض الامتنان الإلهى على المؤمنين، حيث بعث فيهم رسولا منهم، وصفه بأنه حريص على هدايتهم، وأنه «رؤوف رحيم» بهم، ثم ذكرت صفة «الرحمة» مرة ثانية فى قوله تعالى فى آواخر سورة الأنبياء: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وجاءت بأسلوب القصر الذى يدل على أن هذا الرسول اتحد ذاتا وأفعالا بصفة: «الرحمة» حتى صارت سجية راسخة متمكنة فى مشاعره، ومتغلغلة فى أطوائه، ومسيطرة على تصرفاته.
وأشار إلى أن أول ما يطالعنا من تجليات الرحمة النبوية فى مواطن الحروب والاقتتال هو: أن القتال فى شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد عدوان على حياتهم أو دينهم أو أرضهم أو عرضهم أو مالهم، أو غير ذلك مما يدخل تحت معنى: «العدوان» بمفهومه الواسع، أما القتال نفسه، أو حرب العدو، أو: الصراع المسلح، فله فى شريعة الإسلام خطر وأى خطر، وله قواعد وضوابط وتشريعات شرعها الله تعالى!، وطبقها رسوله تطبيقا عمليا وهو يقود بنفسه جيوش المسلمين فى معاركهم مع أعدائهم، وأمر أمته بالتقيد بها كلما اضطرتهم ظروفهم وألجأتهم إلى مواجهة عدوهم.
وأوضح فضيلته «ما أظننى فى حاجة بعد ما سمعناه فى شأن الحرب فى الإسلام، وهو قليل من كثير - إلى عقد مقارنة أو مناظرة بين الحرب فى شريعة الإسلام ونموذجها الإنسانى الرفيع، وبين الصورة البشعة للحرب الحديثة فى القرن الواحد والعشرين، والتى آل أمرها إلى إبادات جماعية ومجازر همجية وجرائم منكرة، ترتكب ضد شعوب مضطهدة تخلى عالمنا القوى المتحضر عن نصرتها، والوقوف إلى جوارها، وصمت صمت القبور عن آلامها وصرخاتها، ثم راح يشمر عن ساعد الجد ليتصدق على هذه الشعوب البائسة بكلمات عزاء فارغة لا تقول شيئا، أو بمشاعر باردة تذكر بمشاعر القاتل الذى يمشى فى جنازة قتيله ويتقبل عزاء الناس فيه، فالمقارنة فى هذا المقام مضللة ومزيفة لكل نتيجة تنتجها مقدماتها».
رسائل وزير الأوقاف
وفى كلمته هنأ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية بذكرى المولد النبوى الشريف، ووجه خلال كلمته عددا من الرسائل حيث إن النبى صلى الله عليه وسلم جاء بالعمران ونهى نهيا شديدًا عن الفساد فى الأرض وإهلاك الحرث والنسل وأمر أصحابه بالحرف والمهن وحضهم على ذلك.
وشدد على أن احتفالنا بالمولد النبوى الشريف هو فى حقيقته إحياء مقاصد رسالته وبعثته ودعوته، وأخلاقه وشمائله حتى نتخلق بها، ونترجمها إلى واقع وعمل يبرهن على صدق حبنا له وإيماننا به. وطالب بتحويل هدى النبى صلى الله عليه وسلم ووصيته فى إطعام الطعام من مسلك فردى إلى دور مؤسسى جماعى يقوم به المسلمون فى جميع دولهم ومجتمعاتهم وشعوبهم، حتى لا يبقى على ظهر الأرض جائع وحينئذ يلتقى وحى السماء وهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما انتهى إليه تفكير البشر فى الأمم المتحدة التى اعتمدت فى سنة 2015 م خطة التنمية المستدامة لسنة 2030 فأقرت سبعة عشر هدفا وجعلت على رأسها شعار: (لا) للجوع.
وقال د. أسامة : «إذا كان الهدى النبوى الشريف لأمته أن تطفئ نيران الحروب فى العالم أجمع، فلهذا نبذل كمصريين بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى كل جهودنا لإطفاء نيران الحرب فى غزة وفى الضفة الغربية، ونأبى لأشقائنا أن يهجروا من أرضهم، وندعوهم للتمسك التام بأرض وطنهم مهما كانت التضحيات الفادحة وأنه لا حل للأزمة إلا بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية».
المكرمون بالاحتفال
خلال احتفالية وزارة الأوقاف بمناسبة المولد النبوى الشريف كرَّم الرئيس عبدالفتاح السيسى، عددًا من علماء الدين من داخل مصر وخارجها؛ تقديرًا لدورهم وجهودهم الكبيرة فى نشر الإسلام الوسطى والتعاليم السمحة، وكان العلماء الذين تم تكريمهم من داخل مصر، هم: الدكتور شوقى إبراهيم عبدالكريم علّام، مفتى جمهورية مصر العربية السابق، والشيخ سامى محمد متولى عبدالحافظ الشعراوى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، ونجل الشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى، والشيخ منصور الرفاعى محمد عبيد، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، والدكتور هشام عبدالعزيز على عبدالرحمن، رئيس مجموعة الاتصال السياسى والتواصل المجتمعى بوزارة الأوقاف، والمهندس مجدى عبدالله محمد أبو عيد، مدير عام الإدارة العامة للشئون الهندسية بوزارة الأوقاف سابقًا، والدكتورة فاطمة عنتر محمد بدرى، واعظة معتمدة بوزارة الأوقاف.
ومن خارج جمهورية مصر العربية، كلًا من الدكتور زاميير راكييف، رئيس مجلس العلماء بجمهورية قرغيزستان، والشيخ عبدالقادر شيخ على إبراهيم، وزير الأوقاف والشئون الدينية سابقًا بجمهورية الصومال.
وسام العلوم للمفتى السابق
أوضحت دار الإفتاء أن الرئيس السيسى منح فضيلةَ الأستاذ الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية السابق، وسام العلوم من الطبقة الأولى؛ تقديرًا لدَوره البارز فى خدمة الدين والوطن، وجهوده فى تجديد الخطاب الدينى ونشر صحيح الدين وقِيَم التسامح والاعتدال.. وعقب تكريمه، أعرب الدكتور شوقى علام عن شكره العميق للسيد رئيس الجمهورية على هذا التكريم، مؤكدًا أن هذه اللفتة الكريمة تعكس الاهتمام الكبير الذى يوليه السيد الرئيس بالعلم والعلماء، ودوره الريادى فى تعزيز مكانة المؤسسات الدينية فى مصر.
وقال فضيلته: «إن هذا التكريم ليس لى فقط، بل هو تكريم لكل عالم يحمل رسالة الإسلام السمحة ويسعى لنشر قيمه السامية التى تدعو إلى الرحمة والعدل والسلام».
وأضاف الدكتور شوقى علام فى كلمته: «لقد حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه المسؤولية على دعم كل جهد يساهم فى تعزيز الفهم الصحيح للدين، ويواجه الأفكار المتطرفة التى تسعى إلى تزييف صورة الإسلام. وقد كان لتوجيهات السيد الرئيس المتواصلة أثر كبير فى تجديد الخطاب الدينى وترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش بين أبناء الوطن الواحد».
وأكَّد أن هذا التكريم يشكل حافزًا لكل العلماء والدعاة إلى الاستمرار فى أداء رسالتهم بكل أمانة وإخلاص، مشددًا على أن مصر ستظل دائمًا قِبلة العلم والمرجعية الصحيح للإسلام الوسطى فى العالم الإسلامى، بفضل دعم القيادة الحكيمة وتكاتف مؤسساتها الدينية.
جدير بالذكر أن وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى يُمنَح لمن يؤدون خدمات ممتازة للوطن فى العلوم أو الفنون أو الآداب، وقد أنشئ بعد صدور القانون رقم 528 لسنة 1953 المُعدَّل بالقانون رقم 12 لسنة 1972.