الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإرهاب لا يكون أمريكيًا!

الإرهاب لا يكون أمريكيًا!

هناك سؤال يطرح نفسه عند الحديث عن وصف الأعمال الإرهابية التى تشهدها كثير من دول العالم، وهو: هل وصف الإرهابى يطلق على الشخص الموصوف بالإرهابى بناء على مواصفاته العرقية أو العقائدية، أم بناء على طبيعة الفعل الذى يرتكبه؟ وبالتالى: هل كل من يقوم بعمل يرهب فيه فردًا أو جماعة يُعدّ إرهابيًا بالضرورة، أم يجب أن يكون من يقوم بالعمل الإرهابى منطلقًا من قناعات فكرية تسوقه إلى تنفيذ العمليات التى تؤدى إلى القتل كما يقول بعضهم؟



فى الولايات المتحدة، هناك حذر كبير -وربما بتوجيه ذاتي- بألا يستخدم وصف إرهابى على أى مجرم أو قاتل جماعى، إن كان من عرقية غير تلك التى توصف بالغالب بالإرهاب، أى «المسلمون أو الشرق أوسطيون»، فخلال الأشهر والسنوات الماضية شهدت الولايات المتحدة الأمريكية عددًا غير مسبوق من عمليات القتل الجماعى التى أودت بحياة عدد كبير من الضحايا، دون أن نشهد فى الإعلام أو خلال تصريحات المسئولين أى وصف لتلك الأعمال بأنها إرهابية، إلا تلك التى كان منفذها من خلفية «إسلاماوية» أو منضمًا لجماعات التطرف الدينى. عمليات القتل الجماعى عندما تصبح لها وتيرة تتزايد فيها الأحداث مع مرور الوقت، فذلك يعنى أن هناك مشكلة إرهاب يتم التعامل معها فقط باعتبارها جرائم متفرقة تحركها مشكلات نفسية وينفذها مجرمون مختلون، تمامًا كما كان يحدث فى بعض دولنا فى الماضى، من اتهام أى جريمة يقوم بها مواطن أنها الاستثناء، أو أنه مختل يعانى أمراضًا نفسية.

حالة الإنكار هذه - فى تقديرى - تعيشها أمريكا اليوم، خوفًا أو هربًا من الاعتراف بأن الإرهاب هو الوصف الدقيق للفعل وليس لعرقية الفاعل، وأن من يوصفون بالإرهابيين من المحسوبين على الدين الإسلامى، لا يختلفون عن الإرهابيين الذين تحركهم عقائدهم أو مسبباتهم أو دوافعهم، فالإرهابى هو من يقوم بإرهاب الآمنين فى مساجدهم، تمامًا كما فى كنائسهم أو أسواقهم أو مدارسهم.

حوادث القتل الجماعى فى أمريكا تزايدت فى السنوات الأخيرة لمعدلات مخيفة وهو مؤشر أن الداخل الأمريكى يعانى بشكل حقيقى من تزايد حالات الترهيب الجماعى، وهو الوصف الذى ذكره لى أحد الأمريكان قائلًا: إنه أصبح يتجنب الوجود فى أماكن التجمعات الغفيرة، خوفًا من الوقوع ضحية عمل إرهابى، يقوم به إما متطرف إسلامى، أو يمينى متعصب، أو مسيحى انتحارى.

إليكم نماذج من التاريخ الحديث لبعض الأحداث والتواريخ لأعمال أرهبت المواطنين فى أمريكا، والتى لا يمكن وصفها إلا بأنها إرهابية، نظرًا لعدد الضحايا.

ففى عام 1966 قتل 16 شخصًا على يد جوزف ويتمان، بعد أن أطلق عليهم النار من أعلى برج فى جامعة تكساس، وفى عام 1984 قتل جيمس هوبرتى 21 شخصًا فى أحد مطاعم ماكدونالد فى كاليفورنيا، وفى عام 1986 قتل 14 شخصًا فى أوكلاهوما عندما قام باتريك شيريل بإطلاق النار عليهم فى مقر مكتب البريد الذى كانوا يعملون فيه.

هناك مشكلة تعانيها أمريكا بشكل لا يقبل الجدال، فهى ترفض بشكل جمعى الاعتراف بأن الإرهاب ليس صفة مقيتة حصرية لعرق أو دين، كما يُمنّون أنفسهم، بل هو مرض يصيب كل من تطرف فى قناعاته، مؤمنًا كان أو ملحدًا، شرقيًا كان أم غربيًا. وما دامت أمريكا مستمرة فى حالة الإنكار الذاتى هذه، فربما لن تتمكن من إيقاف مرض الإرهاب المحلى الذى يبدو أنه استوطن فى كل اتجاه، إلا بشكل جزئى!