حلمى التونى حارس الهوية المصرية
كل رحيل هو خصم من ثراء إنسانيتنا.. ورحيل الفنان الكبير حلمى التونى هو خسارة كبيرة للفن المصرى؛ الذى خدمه يوميا على مدار 90 عاما، يحرسه ويحييه ويجدده. فصار حارسا للهوية المصرية.
يؤكد ذلك حالة الاحتفاء التى شهدتها مواقع التواصل الاجتماعى بلوحات الفنان الذى رحل بجسده وبقى فنه شاهدا ومؤثرا ومتفاعلا مع المجتمع ومشتبكا معه. يحتفى بالمرأة المصرية. ويناصر القضية الفلسطينية، ويصور الحياة الريفية فى أبهى صورها.
هكذا صارت مواقع التواصل الاجتماعى معرضا مفتوحا لمئات اللوحات. ودعه محبوه بنشر فنه. ليؤكدوا أن الفنان المصرى حى يرزق ويمتع حتى وإن وارى جسده التراب.
التونى هو ابن الثقافة المصرية وأحد صناعها وفاعليها الكبار. مثقف أمسك بريشة الفنان. وراوٍ للحكايات بريشته. ابن للفنان الذى خلد الحكايات على جدران المعابد. وابن للقضايا العربية الكبرى.
ولد التونى فى محافظة بنى سويف عام 1934، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحى، كما درس فنون الزخرفة.
عمل فى مؤسسة دار الهلال مشرفا على المجلات، وظهرت رسومه فى مجلتى «سمير» و«ميكى» للأطفال. كما ساهم فى إخراج مجلة «المسرح والسينما».
وتعاون مع كبرى دور النشر فى تصميم أغلفة الكتب وإخراجها فنيا، لا سيما مؤلفات أديب نوبل نجيب محفوظ.
ورأس تحرير مجلة «وجهات نظر» الشهرية، وأقام عشرات المعارض الفردية فى معظم الدول العربية، وشارك فى معارض جماعية عربيا ودوليا.
ونال جائزة معرض بولونيا لكتب الأطفال عام 2002، وجائزة منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» عن ملصقه للعام الدولى للطفل عام 1979، وتقتنى العديد من المتاحف والمؤسسات لوحاته. وقبل وفاته، كتب عن المرأة الفلسطينية: «هى. شامخة مثل الجبال.. هى أمى. هى وطنى. هى فلسطين». ونحن اليوم، بينما ننعى رحيل الفنان الكبير نحتفى أن حلمى التونى مر من هنا فى روزاليوسف كعادة كل الكبار. ففى عام 2003 قدمت له روزاليوسف وسام الاحترام تحت عنوان «نور على علم»: الذى جاء نصه: «كان المشهد مثيرا للفخر ومحفزا للاهتمام، حين وقف واحد من أهم خبراء كتب الأطفال فى العالم فى افتتاح معرض القاهرة الدولى لكتب الأطفال، ويخصص جانبا كبيرا من كلمته للإشادة بفنان مصرى بارز وله باع كبير فى هذا المجال الصعب الذى يخاطب عقولا صغيرة لا يمكن إرضاؤها ببساطة ويسر.
لقد كان هذا هو جيفرى جاريت رئيس لجنة تحكيم جائزة هانز كريستيان أندرسون- نوبل فى أدب الأطفال متحدثا عن الفنان المصرى الرائع حلمى التونى.
حلمى التونى الصعيدى المولود فى بنى سويف عام 1934 والذى يعود اسمه نسبة إلى قرية «تونة الجبل». ضوء ثابت على علم يرفرف. درس فى كلية الفنون الجميلة. وواحد من أهم وأبرز مصممى الكتب والرسم الجرافيكىوأكثرهم تميزا وانفرادا وتفردا.
حلمى التونى الذى يبنى منذ زمن، وبلا انقطاع رصيدا هائلا وثريا فى مجال كتب الأطفال والفائز بجائزة معرض بولونيا الدولى لكتب الأطفال فى عام 2002، والمرشح لـ نوبل أدب الأطفال فى العام القادم، اكتسب تميزه من إخلاصه لثقافته وبيئة أمته وتعبيره المتواصل عنها، فى مزيج من صوفية إسلامية ومفردات قبطية وفنون صعيدية فطرية وروح شعبية استوحاها من حيث عاش وتربى فى حى السيدة زينب.. فصار له أسلوبه المدهش والمثير للانتباه. سواء كان فنه للكبار.. أو إبداعه للصغار.
حلمى التونى الفائز بعديد من الجوائز الدولية ومنها ميدالية معرض لايبزج الدولى والمنشورة أعماله بلغات عديدة عبر منظمات الأمم المتحدة. فنان له رؤية، لا يبدع فى الفراغ، ويؤمن أنه يتصدى لنوع خاص من الفن يتوجه إلى عقول شفافة سوف تتطور إلى ضمائر بناءة، ويدرك أن عليه أن يبدع ويتقن فى عمله لكى يتعلم أبناؤنا الإتقان والابتكار.
الفنان حلمى التونى صاحب الإبداعات المتنوعة فى الفنون البصرية رسم اللوحات والتصميم الجرافيكى. والنشر، وتصميم الأثاث ومسرح العرائس»، مختلف، وهو نيشان» فخر على صدر الإبداع المصرى، لذلك كله ولكثير غيره.. نحن نقدم له وسام الاحترام».
هذا كان احتفاءنا بـ«التونى» على صفحات روزا قبل 20 سنة. كما كانت مجلة صباح الخير أحد أهم المجلات التى احتفت بأعماله فصارت توثيقا لها وتوثيقا لتاريخنا.
احتفى الرجل على مدار تاريخه بالمرأة المصرية فصارت أيقونة خالدة يحكى بوجوهها المختلفة حكايتنا جميعا.
ونحن هنا فى هذه المساحة نعزى أنفسنا فى رحيل واحد من أهم المبدعين. وأحد أهم الفنانين. وابنا للحكائين.
رحل التونى. وتبقى الحكاية خالدة.